البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الرحمة حلوة.. وتطبيق الدستور أحلى


مع إشراقة فجر كل يوم جديد، يسعى الناس فى الأرض، جريًا وراء الرزق الحلال، داعين المولى أن يكفيهم شر أولاد الحرام، ويعينهم على احتمال الحياة، فى ظل قرارات حكومية تثقل كاهل الإنسان بشكل لا مثيل له، وبأسلوب يفتقد أبسط قواعد المسئولية، وبتصريحات تستفزك وتجعلك تخرج عن شعورك، وأنت تعانى وتلف وتدور حول نفسك، وتدعو الله أن يجملها بالستر.
أبحث عن طاقة نور وسط عتمة الأشياء.. أحاول أن أبتعد كثيرًا عما يبعث على اليأس، إيمانًا بأن الكلمة مسئولية، وعلينا أن ننشر التفاؤل بين البشر مهما كان حجم الخطر، وبينما أسرح بخيالى يفاجئنى أحدهم بسؤال بلا أية مقدمات: «هو ليه محدش بيتكلم عن الضريبة التصاعدية؟».. فكان من الطبيعى أن يكون الرد: «إعدل سؤالك، واجعله: «هم ليه مش عايزين يطبقوها رغم نص الدستور؟».
تعالوا نتفق على أننا جميعًا لسنا ضد الخفض التدريجى فى عجز الموازنة العامة، لكننا بالطبع سوف نختلف كثيرًا حول طريقة الخفض.. فالدولة لا تقترب إلا من جيوب الغالبية المطحونة، بينما ترفع شعار «ممنوع اللمس» أمام كبار القوم، وتتخذ العديد من القرارات التى تفتقد العدالة فى توزيع الأعباء، ثم تتكلم عن «الإصلاح الاقتصادى»، بينما الذى يحدث هو إصلاح مالى فقط، وليس صحيحًا ما يردده المسئولون، وقولهم أكثر من مرة أن «الإصلاح» «برنامج مصرى ١٠٠٪»، ذلك أن أية زيادات فى الأعباء على المواطنين، ارتبطت بقرارات صدرت بالاتفاق مع الصندوق، وتسلمت مصر بناء عليها، دفعات من القرض، وما زلنا ننتظر دفعات أخرى، وربنا يستر ألا ترتبط بزيادات جديدة فى أسعار السلع والخدمات. 
لقد فقدت الكلمات مدلولها عندما ترى انعكاسها على حياة الناس، فالإصلاح ليس مجرد كلمة «حلوانة فى سلوانة»، ولا يعنى أيضًا أن تتجه فقط لتزيد حرمان المحرومين وتثقل كاهل الشقيانين وتنشر اليأس بين المواطنين.
ماذا تنتظر من رب أسرة تحاصره بزيادة فى «تكلفة الحياة» يومًا بعد يوم، وفاتورة كهرباء «تضلم» عليه عيشته؟.. انظروا فى وجوه البشر، وقد ضاعت الابتسامة الحلوة من على معظم الوشوش، وصار شرود الذهن ظاهرة، وزوغان البصر مشكلة، وعبوس الملامح مأساة، ولا ترى إلا مسئولين لا يريدون أن يعترفوا بأن ما يحدث هو النتيجة الطبيعية لتنفيذ روشتة الصندوق، الذى ما أصلح وطنا من الأوطان على مر الزمان، والذى إذا دخل دولة أفسدها وجعل أهلها حيارى يندبون حظهم مع حكومات، لا تملك أى حس اجتماعى ولا تعرف إلا أساليب الجور على الفقراء ومحدودى الدخل وما تبقى من الطبقة الوسطى.
نعم.. هذه هى الحقيقة حتى لو كانت مُرة، فدرس التاريخ الذى لا يريد أن يدركه أهل الحكم، يمكن تلخيصه فى عدة كلمات: «لا أحد من الخارج يمكن أن يحل مشاكل الداخل»، وكما تقول الحكمة العربية المتوارثة: «أهل مكة أدرى بشعابها»، لكننا فى دولة لا تهتم برأى أهلها وتنحاز لروشتة عمياء.
وبالمناسبة، لا ندرى أين ذهبت الدراسات التى تؤكد أن تطبيق الضريبة التصاعدية سوف يضخ فى خزينة الدولة، مليارات تفوق ما جرى توفيره من «اللحم الحى» للغلابة، تحت مسمى «سد عجز الموازنة»؟.. ألا يدرك أصحاب هذا التفكير مدى معاناة الناس؟.. ألا يعلمون أن تصريحات الوزراء عن «الإصلاح» تستفز الجميع؟.. الرحمة حلوة.. وسلام على الصابرين.