البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

من دفتر السرطان.. حكايات عن الألم ونقص الدواء.. فايزة: نعيش مأساة.. إيمان: روتين المجالس الطبية أشد من "الوجع".. وخبراء: مؤشر الإصابة في تصاعد مع استمرار أزمة العلاج

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

حالة وجع مستمر في صفوف مرضى السرطان اللعين، مؤشر المرض في تصاعد، وآهات لا تهدأ من شدة الألم في غياب مَن يُخفف هذا الوجع ويوفر الدواء الذي صار مختفيًا وناقصًا في بعض الحالات بصورة مقلقة ومزعجة. 

وتشير إحصائيات صندوق أبحاث السرطان أن المرض عالميا زاد بنسبة 20% خلال السنوات العشر الماضية، وارتفع بنسبة 30% في مصر. 
فايزة السيد، من محاربات سرطات النخاع، قالت إن ثلاثة أرباع أدوية علاج السرطان غير موجودة بالأسواق أو موجودة وبصورة نادرة، فيضطرون للتعاون فيما بينهم في الحصول على الأدوية وتبادلها مع بعضهم البعض، تابعت: "على سبيل المثال هناك نقص في دواء الأندوكسان وهو دواء مهم بالنسبة لمرضى الأورام وكان يبلغ سعره الطبيعي 48 جنيهًا ويتم شراؤه من السوق السوداء بسعر لا يقل عن 52 جنيهًا وانوكسان الأقراص يبلغ سعره 35 جنيهًا في حين يباع بالسوق السوداء بمبلغ يصل إلى 150 جنيهًا ويتوفر في العيادات الخاصة.
وأضافت: "دوائي كنت أشتريه بـ800 جنيه ولم يكن هناك استطاعة إلا إني كنت أجاهد للحصول علىيه في ظل عدم تحمل ميزانية اسرتها للغلاء الشديد الذي نعيشه حاليًا"، لافتة إلى أن الطامة الكبرى هو أنه بعد ارتفاع سعر الأدوية أصبح عليها حاليًا أن توفر 4000 جنيه شهريًا لشراء الدواء فقط ولكن بعد ارتفاع سعر الأدوية أصبح هناك صعوبة أيضًا في الحصول عليه، لافتة إلى أن شقيقتها تشتري علبة دواء فقط بـ 13 ألف جنيه شهريًا.

وتابعت أنها استبعدت إجراء عملية جراحية في النخاح لارتفاع تكاليفها "200 ألف جنيه" ولكن الطبيب طلب منها علاجًا موجهًا وهو علاج يبلغ ثمنه 7500 في الأسبوع الواحد، وحينما لم تستطع أيضا طالبها الطبيب بالعلاج الكيماوي وبالفعل تم التقدم بطلب للعلاج على نفقة الدولة إلا أن المجالس الطبية رفضت طلبها لأكثر من مرة لعدم وجود بروتوكول علاجي لمن يرتد عليه المرض مرة أخرى على حد وصفها، مطالبة بتغيير البروتوكول العلاجي قائلة "لما حكومتنا ترفض تعالجنا يبقى إيه لازمتها". 
ولفتت فايزة، إلى أن ما يتحكم فيهن كمحاربين ومحاربات للسرطان داخل الدولة هو نقص العلاج وعدم الحصول عليه في وقته وهو أمر يتعرض له الكثير من المرضى في ظل ارتفاع سعر الأدوية واختفائها من الأسواق، لافتة إلى أنها تتأخر دائما 10 أيام و15 يومًا في الحصول على علاجها، وذلك لارتفاع أعداد المرضى داخل معهد ناصر وعدم وجود أسِرة متوفرة وهو ما يجعلها تضطر للحجز قبل الذهاب إلى المستشفى بفترة كبيرة، وخلال هذه الفترة قد تحدث مضاعفات ووفيات لعدم تحمل الحالة المرض. 

وأضافت إيمان جميل، محاربة سرطان الثدي، أنها تعافت من المرض منذ عام ونصف العام، واستأصلت الورم وقامت بالعلاج الكيميائي والإشعاعي ولكنها الآن في مرحلة العلاج الهرموني لمدة 10 أعوام، قائلة: "العام القادم هيكون فيه ميزانية تانية ربنا يقدرني عليها في ظل ارتفاع أسعار الدواء المستورد".
مشيرة إلى أن المشكلة تتمثل في معاناة قطاع كبير من مرضى السرطان حاليًا للعديد من الأسباب بينها العلاج على نفقة الدولة، فرغم أن الدستور المصري يكفل العلاج لكل مواطن إلا أن هناك قوانين أخرى داخلية تنص على عدم علاج المرضى على نفقة الدولة للمرة الثانية، قائلة: "العلاج مكلف جدا وهو أمر لا يستطيع عليه حتى من هو فوق الطبقة الممتوسطة على حد وصفها"، متسائلة: لماذا لا تتبنى مصر مرض السرطان كما تبنت مرض شلل الأطفال وفيروس سي، خاصة أن المرض أصبح منتشرًا داخل مصر".
لفتت هبة اسماعيل، محاربة في المرحلة الثالثة من سرطان الثدي، إلى أن العلاج مكلف جدا وارتفعت الأسعار بشكل كبير خلال الفترة الحالية عن الفترة الماضية، وتابعت أن من يعالج على نفقة الدولة يوجد منهم من لا يجد أماكن للعلاج نظرًا لارتفاع أعداد المرضى، وفي ذات الوقت لا يستطيع أحد أن يتحمل تكاليف العلاج على نفقته الخاصة لاسيما في ظل ارتفاع الأسعار والغلاء".
وأوضحت أنه في ظل غياب ونقص أدوية السرطان في السوق فإنه يتم التعاون بين المرضى فيما بينهم من خلال عمل ما يشبه بنك دواء يتم توفير فيه الأدوية ومن يستطيع المساعدة في العلاج أو من يجد الدواء فيتم توفيره للمريض، مشيرة إلى أنهم يسعون وراء مساعدة بعضهم البعض، لافتة إلى أنهم ينزلون للصيدليات للبحث ويقومون بالنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على الأدوية قائلة: "فيه ناس بتموت بسبب عدم توافر علاجهم".


ويؤكد الدكتور محمد عز العرب، مؤسس وحدة الأورام بالمعهد القومي للأورام والمستشار الدوائي لمركز الحق في الدواء، أن هناك أزمة كبيرة داخل مصر فيما يتعلق بتوفير أدوية مرضى الأورام، لافتًا إلى أنه هناك زيادة كبيرة في نسبة الإصابة بسرطان الأورام لعوامل بيئية وتلوث واستخدام المبيدات والنفايات الخطرة وعوامل أخرى تتعلق بتدني الثقافة الصحية والغذائية لدى المواطنين.
وأكد عز العرب، أن مصر من أخطر الدول التي يوجد بها ارتفاع في معدلات مرضى أورام الكبد وتابع: "حتى الـ15 عامًا الماضية كنا في "المنطقة الرمادية" أي أنه يصاب 10 لكل 100 ألف ولكن آخر إحصاء عن معدلات السرطان في مصر، كان نهاية 2014 وكشف أن النسبة زادت إلى 27.5 لكل 100 ألف من السكان وهو مؤشر خطير على ارتفاع معدلات الأورام، لافتًا إلى أن مصر تعد في المرتبة الثانية في معدل ارتفاع الإصابة بسرطان الكبد.
وأوضح أن إمكانيات مصر محدودة سواء في التأمين الصحي أو مستوى العلاج وقدرة المستشفيات أو في قرارات العلاج على نفقة الدولة في ظل وجود أزمة في نقص أدوية الأورام مثل الإندوكسان والهولكسان واللبيدود صبغة وعلاج بعض أورام الكبد كذلك، وللأسف هي مسعرة بـ86 جنيهًا ولكنها تباع في السوق السوداء 1750 جنيهًا، وهو أمر يرجع للسياسة الخاطئة في التعامل مع أزمة الدواء، الأمر الذي أسفر عن وجود سوق سوداء وتدني معدل الأدوية، مشددًا على ضرورة الرقابة على الأدوية، مؤكدًا على خطورة نقص أدوية مرضى الحالات الحرجة.