البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

القدس والأقصى.. هذا هو الرَّد!


ما تفعله إسرائيل فى المسجد الأقصى بالقدس الشريف هو استغلال لظروف دولية وعربية خطيرة وصعبة، إذ انشغل العالم، وأوروبا على وجه الخصوص، بأمواج الهجرة المتلاحقة التى باتت تؤرق كل الدول الأوروبية، وإذ انشغل العرب بكل هذا الذى يجرى فى العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا، وإذ انشغلوا أيضا ولو ذهنيا بتمدد إيران فى هذه المنطقة وبتطلعاتها المدعومة بتدخل عسكرى على الأرض لتحويلها إلى مجالٍ حيوى لإمبراطورية جديدة تعيد ما يُعتبر أمجاد فارس القديمة!
والواضح بل المؤكد أنَّ إسرائيل وجدت أن الفرصة غدت لائحة وملائمة، فى ضوء انشغال العالم والعرب بكل هذه التطورات الخطيرة فعلاً، لإيجاد أمرٍ واقع فى الأقصى الشريف وفى المدينة المقدسة، كما استغلت ظروفا سابقة وأوجدت أمرا واقعا فى الحرم الإبراهيمى فى الخليل، حيث فرضت «تقاسما» زمنيا بين المسلمين واليهود، غدا وكأنه مسألة لا نقاش فيها حتى بالنسبة للجهة المعنية مباشرة، أى منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية.
إنه لا يجوز ولا يجب إطلاقاً أن تمر هذه المؤامرة التى إن مرت فإنها ستخلق واقعاً قد يستغرق تغييره سنوات طويلة، فالمطلوب هو غير البيانات الإنشائية التى اعتاد الإسرائيليون سماعَها مع الاستمرار فى خلق وقائع جديدة على الأرض فى مدينة الخليل، خليل الرحمن، وفى الضفة الغربية من أقصاها إلى أقصاها، وهذا حدث مثله فى الأرض المحتلة منذ عام ١٩٤٨.
إنَّ المطلوب هو وقفة جدية وجادة عربيا وإسلاميّا، وهو إفهام إسرائيل أنه من غير الممكن صمود واستمرار الاتفاقيات التى أبرمت معها ما لم تضع حدّا لكل هذا الذى تقوم به فى الأقصى وفى القدس وفى الضفة الغربية، فهذه أراضٍ محتلة من المفترض أنها محمية بالقوانين الدولية، ومن المفترض أنه لا يحق للمحتل إجراء أى تغييرات فيها لا بحكم الأمر الواقع ولا بغيره.
لقد عود الإسرائيليون الأمم المتحدة والعرب والعالم بأسره أنهم يمدون ألسنتهم استهزاءً فى وجه البيانات العربية العرمرمية، وأنهم يواصلون خلق الوقائع التى يريدونها على الأرض، ولذلك فإنه كان يجب إفهام إسرائيل سابقا ولاحقا والآن أن كل الاتفاقيات التى وُقِّعتْ معها لا يمكن لها الاستمرار والصمود إنْ هى لم تضع حدّا لكل هذه السياسات العدوانية فعلاً، وإن هى لم توقف محاولات خلق أمرٍ واقع فى الأقصى الشريف كما خلقت أمرا واقعا فى الحرم الإبراهيمى فى مدينة الخليل العربية المقدسة.
ثم ألمْ يكن على منظمة التحرير وعلى الجامعة العربية وكل العرب المعنيين استغلال كل هذه الظروف المستجدة لإقناع العالم والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى بأن مكان هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين الذين اقتُلعوا من مخيماتهم فى سوريا ليس الأردن ولا لبنان ولا الدول الأوروبية القريبة والبعيدة، وإنما فلسطين فى الضفة الغربية التى هناك اعتراف دولى بها كدولة فلسطينية تحت الاحتلال سيُرفع علمها فى نهاية هذا الشهر فوق مبنى المنظمة الدولية فى نيويورك.
لا يجوز أنْ تكتفى الجامعة العربية ببيان الشجب والشتم الذى أصدرته مع بداية دورتها الـ«١٤٤»، ولا يجوز أن تبقى منظمة المؤتمر الإسلامى صامتة صمت أهل القبور، وكذلك فإن المفترض أن تتحرك لجنة القدس، فما يجرى فى الأقصى الشريف أمرٌ فى غاية الخطورة، ولعل الأخطر هو أنْ يتعايش العالم ونتعايش نحن مع رؤية الجنود الإسرائيليين وهم يدنسون بـ«بساطيرهم» ثالث الحرمين الشريفين ورؤية إسرائيل وهى تقوم بخلق أمرٍ واقع فى أماكننا المقدسة.
نقلا عن «الجريدة الكويتية».