الأحد 29 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

هزيمة أكتوبر.. جرح غائر في الوجدان الأدبي والثقافي الإسرائيلي

ذكرى انتصارات حرب
ذكرى انتصارات حرب أكتوبر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد الدكتور سامح عباس أستاذ اللغة العبرية بجامعة قناة السويس، أنه رغم مرور 41 عاما على انتصار حرب السادس من أكتوبر المجيدة عام 1973، فان جرح الهزيمة الغائر لم يندمل على جبين الكيان الإسرائيلي الذي يسعى حتى يومنا هذا لإستخلاص الدروس والعبر من مرار الهزيمة.
وأضاف أنه من أثر ذلك على الأدب الإسرائيلي الحديث، أن برز اتجاه جديد فيه اتسم بالتخبط الفكري من ناحية، ويعكس واقع الحياة الإسرائيلية من ناحية أخرى. هذا الاتجاه الجديد في الأدب الإسرائيلي انشغل بطرح التساؤلات حول البديهيات التي لا يريد الكيان الصهيوني طرحها على أنها منتهية ويعكس المجال الفكري الذي يرفض قبول هذه البديهيات.
وأوضح عباس، أن موضوع الحرب يحظى بمكانة بارزة في الأدب الإسرائيلي، حيث أن التعايش مع الحرب ولا يزال يمثل جزءا رئيسيا من حياة الإسرائيليين، ومصدرًا أساسيًا يستلهم منه الأدباء الإسرائيليون إنتاجهم الأدبي. ومن هنا فلم تكن هناك غرابة في تعرض نحو نصف الإنتاج الأدبى الذي نشر في إسرائيل، منذ قيامها وحتى الآن، للحروب العربية الإسرائيلية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر؛ وحسبما يقول الأديب الإسرائيلي أ.ب يهوشوع:" الحرب تغذي الأدب وتنتج أدبًا مقنعًا، فعلى سبيل المثال لا يمكن للبطل في أي عمل أدبي أن يموت من خلال حادثة طريق أو مرض أو ما شابه ذلك، لكن من الممكن وبصورة أوقع في حرب ما".
وأشار عباس إلى أن نغمة الحرب العامة في الأدب الإسرائيلي في جانب منها نغمة عزوف واشمئزاز مثلما هي نغمة فخـر وتمجيد، وتتميز بسلبية غرائزية كثيرا مـا تتجلى فيها الرغبة فـي فهم ( العدو ) والمشاركة في مشاعره إلى حد إن بعض النقاد رأوا ضرورة الحذر من ( الميل إلى الانتحار في الأدب )، ومن أبرز ممثلي هذا الاتجاه أ. ب. يهوشوع وساميخ يزهار وعاموز عوز ويهودا عميحاي وأهارون ميجد وداليا رابيكوفيتش ويورام كنيوك وحانوخ برطوف وبنيامين تموز وبنحاس ساديه ويتسحاق اورباز.
وأكد عباس أنه بعد حرب أكتوبر 1973 حدث تحول في هذه النظرة، إذ أدرك الإسرائيليون فداحة الثمن الذي دفعوه في هذه الحرب من الضحايا والآثار التي ترتبت عليها بالنسبة للكثير من قضايا الوجود اليهودي،والدليل على ذلك ماقالته الأديبة الإسرائيلية عينات كوهين: "أن حرب أكتوبر، كانت نقطة تحول درامية مباغتة، ومذهلة، وكأنها مأخوذة من حبكة مميزة فقد كانت حرب أكتوبر بحسب رؤية هذه الأديبة زلزالا حقيقيا هز أركان المجتمع الإسرائيلي، لكنه كان زلزالا متوقعا.

وتابع عباس أنه تمخض عن هزيمة إسرائيل على يد الجيش المصري، ظهور موجة أدبية جديدة، وهي "موجة الواقعية"، التي ثارت على عقيدة وإيديولوجيات التيارات والموجات الادبية العبرية التي كانت سائدة قبل حرب أكتوبر المجيدة. ومن أبرز أدباء تلك الموجة، يعقوب شفتاي، إسحاق بن نير، ودافيد شايتس وغيرهم.
وقال عباس، إنه من أهم الأعمال الأدبية النثرية الإسرائيلية التي نُشرت في إسرائيل عقب حرب أكتوبر وتأثرت بها، رواية " العاشق" للأديب أ.ب يهوشوع، التي تدور فكرتها الرئيسية عن انعكاسات هزيمة الجيش الإسرائيلي في حرب السادس من أكتوبر على المجتمع الإسرائيلي، حيث سيطرت الحرب على أحداث الرواية من بدايتها حتى نهايتها، وحذر كاتبها من ذهاب الشعب الإسرائيلي لتدمير نفسه ذاتيًا إذا ما قرر الدخول في حرب جديدة مع مصر.
كما تمخض عن هزيمة حرب أكتوبر ظهور بعض الأدباء ينتقدون فكرة إنشاء دولة إسرائيل أصلًا وينتقدون النزعة العسكرية الصارمة التي تبسط هيمنتها على إسرائيل وتحولها إلى ترسانة عسكرية.

هزيمة أكتوبر..إنكسار لصورة التغطرس في القصة والشعر العبري

واستطرد عباس أنه على مستوى القصة القصيرة العبرية، فقد عبرت بإيجازها وإجمالها الفني الأدبي عن الأوضاع المتدنية داخل المجتمع الإسرائيلي عقب هزيمة السادس من أكتوبر، ومن أهم القصص العبرية في هذا الصدد قصة "نيكول" للأديب الإسرائيلى، إسحاق بن نير، والتي عبرت عن الشعور بالذنب الذي سيطر على الجنود الناجين من حرب أكتوبر مثل شبح الموت.

وأضاف عباس أنه من سرعان ما عبر الشعر العبري عن صدمة معارك أكتوبر73، والشعر دائما يتقدم أشكال التعبير.
وأشار عباس إلى أن أبرز الظواهر بعد معارك أكتوبر73، ظاهرة التعبير عن رفض التورط في حرب، كان من الممكن تلافيها، عن طريق القيام ببذل بعض الجهد. وقد عبر بعض الجنود عن هذا الرفض، أثناء الحرب 73 نفسها، بشكل أدبي. وربما كان أبرز ما نشر، في أثناء الحرب، قصيدة قصصية، أرسل بها أحد الجنود الإسرائيليين، من موقع في منطقة عيون موسي، إلى مجلة "باماحانيه" الناطقة بلسان الجيش الإسرائيلي، ونشرت بتاريخ 8/11/ 1973 كأول رد فعل ابداعي ينشر حول المعركة.
جاءت هذه القصيدة كتعليق ساخر على أغنية إسرائيلية، تقول كلماتها:

أعدك يا طفلتي الصغيرة أن هذه ستكون الحرب الأخيرة. وكتب الجندي على نفس النمط يقول:
"كنت طفلة صغيرة وكنا في حرب 1948،عندما غنيت لي:
أعدك أن الأمور ستكون على ما يرام. ارتديت الزى العسكري. وألفت لي أغنية.
ووعدتني أن هذه هي الحرب الأخيرة. قلت لي وقتها.
سترين يا صغيرة، أن هذه ستكون الحرب الأخيرة.
ومرت بضع سنين. وعدت مرة أخرى للحرب. في معارك سيناء وحرب 1956."