وجه البطريرك الماروني اللبناني، الكاردينال بطرس الراعي، اتهامات لحزب الله اللبناني بمحاولة جر لبنان إلى الحرب، مؤكدا أن البطولة ليست في إشعال الحرب بل البطولة في صنع السلام.
ومنذ اندلاع التصعيد الحالي بين حزب الله اللبناني ودولة الاحتلال الإسرائيلي، لا تكف الطائفة المسيحية في لبنان، عم توجيه الانتقادات إلى حزب الله اللبناني بمحاولة الاستحواذ على القرار السياسي للبلاد وجرها إلى حرب مع إسرائيل، رغم معارضتها لهذه الحرب، بحسب ما نقلت شبكة “فاتيكان نيوز” الأوروبية.
وجاءت تصريحات البطريرك، الذي يعد أكبر شخصية دينية مسيحية في لبنان، عقب الزيارة التي قام بها إلى جنوب لبنان للتعبير عن التضامن مع المواطنين الذين يعانون من ويلات التصعيد بين حزب الله دولة الاحتلال، واضطرارهم لمغادرة مدنهم وبلداتهم وقراهم تاركين كل شيء.
وأوضح البطريرك، “ليست البطولة في إشعال الحرب بواسطة أسلحة فتّاكة لا قلب لها ولا عقل، بل البطولة في صنع السلام، الحرب تهدم وتقتل بقوة الحديد والنار، أما السلام فيُبنى بمحبة القلب ونور العقل بالحقيقة. الحرب تستهلك الأموال الطائلة من أجل لا شيء”، منتقدا حزب الله على محاولة إدخال البلاد في حرب جديدة في وقت يعاني المواطنون من أزمات اقتصادية.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يوجه البطريرك اتهامات مستترة لحزب الله، إذ سبق وحذر من مغبة جر لبنان إلى حرب ليس طرفا فيها.
والشهر الماضي، قال البطريرك إن حزب الله يحاول جر لبنان إلى حرب ليست طرفا فيها، مطالبا بالتوقف عن جر لبنان الذي يعاني من أزمات اقتصادية وغياب المؤسسات إلى تلك الصراع.
وعلى مدار أكثر من 70 يوم يتبادل حزب الله اللبناني المدعوم من إيران الضربات والصواريخ مع القوات الإسرائيلية، الأمر الذي تسببت في نزوح عشرات الآلاف من اللبنانيين من قراهم ومدنهم الحدودية، تاركين المدارس والمتاجر ومزارعهم خاوية.
وبحسب بيانات الأمم المتحدة، فإن عملية النزوح الحالية مع اشتداد الاشتباكات بين الطرفين هي أكبر عملية نزوح منذ عام 2006، موضحة أن العديد من المواطنين يحبسون أنفاسهم خوفا من اندلاع حرب مفتوحة بين الطرفين.
ودعا البطريرك الماروني، للعمل على إبعاد لبنان من هذه الحرب، والاستمرار في لعب دور سياسي ودبلوماسي لدعم القضية الفلسطينية، موضحا أن الدور السياسي سيكون أكثر فاعلية.
ورغم وجود كتلة مسيحية كبيرة في جنوب لبنان، لاسيما على القرى الحدودية، إلا أن غالبيتها اضطرت للمغادرة من قراهم بسبب تبادل الضربات بين حزب الله وإسرائيل.
وفي قرية ألما الشعب، التي يقطنها أغلبية مسيحية، يرتفع الاستياء ضد حزب الله اللبناني الذي جر الجنوب إلى حرب مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، بحجة إشغالها عن الضربات في غزة، لكن باتوا هم يدفعون ثمن القرار الأحادي المتخذ من حزب الله للدخول في الحرب، رغم رفض غالبية المواطنين هذه الحرب.
وبحسب صحيفة “ذا تايمز” البريطانية فإنه في ألما الشعب، يوجه المسيحيون اللوم إلى حزب الله، ويشعرون بأنهم مواطنون درجة ثانية في الجنوب اللبناني، منددين بقرارات حزب الله على حساب معيشتهم ومؤكدين أنهم يدفعون ثمنا باهظا لسياسات حزب الله وإيران.
وقال أحد القساوسة في القرية للصحيفة، “نستيقظ كل يوم ولا نعرف هل سيكون أسوأ من اليوم السابق أم لا، بسبب الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله، على الأراضي الحدودية”.
وتابع، “لم يطلب أحد رأينا، هل نريد الحرب أم السلام، لقد وجدنا انفسنا ندفع ثمن قرارات تم اتخاذها”، موضحا أن العديد من الانفجارات وقعت في القرية.
وبحسب الصحيفة، فإن هناك استياء أيضا لدى المسيحيين في الجنوب، إذ أن التعويضات التي يدفعها حزب الله مقابل الخسائر للمدنيين، دائما ما تذهب إلى الشيعة والداعمين له، بينما هم مهمشون من أي تعويضات عن عملية النزوح أو الدمار الذي وقع في منازلهم أو مزارعهم.
ووفقا للصحيفة فإن 60٪ من القرى المسيحية في جنوب لبنان قد غادروا المنطقة على وقع الاشتباكات بين حزب الله وإسرائيل.