أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن مصر ستبذل كل ما في وسعها بالتعاون مع كافة الأطراف لوقف نزيف الدم السوداني الغالي، مطالبا الأطراف السودانية المتحاربة بوقف التصعيد والبدء في مفاوضات لوقف إطلاق النار، وإطلاق حوار جامع للأطراف السودانية بمشاركة القوى السياسية والمدنية وممثلي المرأة والشباب، وتشكيل آلية اتصال منبثقة عن مؤتمر "قمة دول جوار السودان" لوضع خطة عمل تنفيذية للتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية.
جاء ذلك في كلمة الرئيس السيسي خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر قمة دول جوار السودان بقصر الاتحادية في القاهرة.
وقال الرئيس السيسي: لقد بادرنا فور اندلاع الأزمة في السودان باستقبال مئات الآلاف من الأشقاء السودانيين وقدمنا مساعدات إغاثية عاجلة ومستلزمات طبية للمتضررين من النزاع مطالبا الأشقاء في السودان إعلاء مصلحة بلادهم والحفاظ على وحدتها بعيدًا عن التدخلات الخارجية
وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن مؤتمر قمة دول جوار السودان تنعقد في لحظة تاريخية فارقة من عمر السودان الشقيق الذي يمر بأزمة عميقة لها تداعياتها السلبية على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم وعلى دول جوار السودان بشكل خاص.
وأضاف الرئيس السيسي، أن دول جوار السودان تعد الأشد تأثرًا بالأزمة والأكثر فهمًا ودراية بتعقيداتها مما يتعين على دولنا توحيد رؤيتها ومواقفها تجاه الأزمة واتخاذ قرارات متناسقة وموحدة تسهم في حلها بالتشاور مع أطروحات المؤسسات الإقليمية الفاعلة وعلى رأسها الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية؛ حفاظًا على مصالح ومقدرات شعوب دول الجوار.
وتابع: أنه ليس خافيا على أحد خطورة الأزمة الراهنة التي يواجهها السودان الشقيق وتداعيات الاقتتال الدائر منذ ما يزيد على 3 أشهر والذي نتج عنه إزهاق أرواح المئات من المدنيين، ونزوح الملايين من السكان إلى مناطق أكثر أمانا داخل السودان أو اللجوء إلى دول الجوار، فضلا عن الخسائر المادية الجسيمة التي تعرضت لها الممتلكات العامة والخاصة وتدمير العديد من المرافق الحيوية في البلاد، بالإضافة إلى ذلك فإن الموسم الزراعي في السودان يواجه عقبات ما يترتب عليه نقص حاد في الأغذية كما أدى الصراع وتداعياته السلبية إلى تدهور المؤسسات الصحية ونقص في الأدوية ومستلزمات الرعاية الصحية، وهو الأمر الذي كانت له تداعيات كارثية على مجمل الوضع الإنساني.
ورحب الرئيس السيسي في بداية كلمته بالوفود المشاركة لحضور قمة دول جوار السودان وقال إن التدهور الحاد للوضع الإنساني، والتداعيات الكارثية للأزمة تتطلب الوقف الفوري والمستدام للعمليات العسكرية، حفاظًا على مقدرات الشعب السوداني الشقيق وعلى مؤسسات الدولة، لتتمكن من الاضطلاع بمسئوليتها تجاه المواطنين وهو ما يتيح الاستجابة الإنسانية الجادة والمنسقة والسريعة من كافة أطراف المجتمع الدولي بما يرتقي لفداحة هذه الأزمة الخطيرة التي تتطلب معالجة جذورها، عبر التوصل إلى حل سياسي شامل يستجيب لآمال وتطلعات الشعب السوداني.
وأشاد بالجهد الكبير والموقف النبيل الذي اتخذته دول جوار السودان التي استقبلت مئات الآلاف من النازحين وشاركت مواردها المحدودة في ظل وضع اقتصادي عالمي بالغ الصعوبة وطالب كافة أطراف المجتمع الدولي بالوفاء بتعهداتها التي تم الإعلان عنها في المؤتمر الإغاثي لدعم السودان، الذي عقد خلال شهر يونيو 2023 من خلال دعم دول جوار السودان الأكثر تضررا من التبعات السلبية للأزمة بما يعزز قدرتها على الصمود ويرفع المعاناة عن كاهل الفارين من النزاع إلى دول الجوار.
وقال الرئيس السيسي إن مصر بادرت فور اندلاع الأزمة في السودان باستقبال مئات الآلاف من الأشقاء السودانيين الذين انضموا إلى ما يقرب من خمسة ملايين مواطن سوداني يعيشون فوق الأراضي المصرية منذ سنين عدة كما قدمت الحكومة المصرية مساعدات إغاثية عاجلة تضمنت مواد غذائية وإعاشية، ومستلزمات طبية للأشقاء السودانيين المتضررين من النزاع داخل الأراضي السودانية.
وأكد أن مصر ستبذل كل ما في وسعها بالتعاون مع كافة الأطراف لوقف نزيف الدم السوداني الغالي والمحافظة على مكتسبات شعب السودان العظيم، والمساعدة في تحقيق تطلعات شعبه التي عبرت عنها الملايين من أبنائه، خلال ثورته المجيدة في العيش في وطنه بأمن وحرية وسلام وعدالة كما ستعمل على تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية، المقدمة من الدول المانحة للسودان عبر الأراضي المصرية وذلك بالتنسيق مع الوكالات والمنظمات الدولية المعنية.
وطرح الرئيس السيسي تصور مصر لخروج السودان من مأزقه الراهن على الوفود المشاركة في المؤتمر والتي ترتكز على العناصر التالية:
أولًا - مطالبة الأطراف المتحاربة بوقف التصعيد، والبدء دون إبطاء، في مفاوضات جادة تهدف للتوصل لوقف فورى ومستدام، لإطلاق النار.
ثانيًا - مطالبة كافة الأطراف السودانية، بتسهيل كافة المساعدات الإنسانية، وإقامة ممرات آمنة، لتوصيل تلك المساعدات، للمناطق الأكثر احتياجا داخل السودان ووضع آليات، تكفل توفير الحماية اللازمة لقوافل المساعدات الإنسانية، ولموظفي الإغاثة الدولية لتمكينهم من أداء عملهم.
ثالثًا - إطلاق حوار جامع للأطراف السودانية، بمشاركة القوى السياسية والمدنية، وممثلي المرأة والشباب يهدف لبدء عملية سياسية شاملة، تلبى طموحات وتطلعات الشعب السوداني في الأمن والرخاء والاستقرار والديمقراطية.
رابعًا - تشكيل آلية اتصال منبثقة عن هذا المؤتمر، لوضع خطة عمل تنفيذية للتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية على أن تضطلع الآلية بالتواصل المباشر مع أطراف الأزمة والتنسيق مع الآليات والأطر القائمة.
ووجه الرئيس السيسي حديثه -في ختام كلمته- إلى الشعب السوداني قائلًا: "إن مشاهد الخراب والدمار والقتل التي نطالعها، تدمي قلوب كل المصريين.. نشعر بمعاناة أشقائنا في السودان، ونتألم لآلامهم.. وندعو الله العلي القدير أن يزيل هذه المحنة في أسرع وقت ".
وأكد ضرورة إعلاء كافة الأشقاء في السودان للمصلحة العليا، والعمل على الحفاظ على سيادة ووحدة السودان، بعيدًا عن التدخلات الخارجية التي تسعى لتحقيق مصالح ضيقة، لا تخدم استقرار أو أمن السودان، بل والمنطقة وأشدد مرة أخرى على أن مصر لن تدخر جهدًا، للمساعدة في استعادة الأمن والاستقرار والسلام في ربوع هذا البلد الشقيق، بالتعاون مع كل الأطراف الجارة والصديقة.
وكرر الرئيس السيسي في ختام كلمته للقادة المشاركين، على تلبية الدعوة لحضور هذه القمة معربًا عن أمله أن تنجح المهمة النبيلة للدول المشاركة في مساعدة جار عزيز ودعم شعب شقيق، في تجاوز محنته الحالية في أسرع وقت.
ومن جانبه أكد رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد، أن دول جوار السودان سوف تعاني إذا استمرت أطراف النزاع في السودان التصلب لمواقفها وعدم التجاوب مع الجهود التي تبذل لحل هذه الأزمة والصراع العنيف مشيرا إلى أن الآثار المترتبة على النزاع في السودان استشعرتها كل دول الجوار خاصة منطقة القرن الافريقي التي عانت من موجات النزوح.
ودعا آبي أحمد إلى وقف إطلاق النار بشكل فوري ومستدام، مؤكدا ضرورة وجود حوار يساهم في استقرار السودان والتحضير لعملية انتقالية للوصول إلى السلام في السودان مؤكدا أن أثيوبيا تبذل قصارى جهدها لمساعدة السودان .
ووجه آبي أحمد شكره للرئيس عبد الفتاح السيسي على عقد القمة من أجل إيجاد حل لأزمة السودان، معربا عن امتنانه وتقديره للجهود السعودية في الأيام الأولى للنزاع .
كما أعرب آبي أحمد عن امتنانه للرئيس عبد الفتاح السيسي على حرارة الاستقبال وكرم الضيافة، قائلا أنه كان يرغب في عقد مقابلة لبحث التنمية وأنه لتنفيذ ذلك لابد من أن ننظر للنزاعات الموجودة.
وأضاف آبي، أن السودان تنزف، موضحا أنه في عام 2020 احتفلنا ببداية جديدة للديمقراطية لكن فرحتها تلاشت الآن خاصة وأننا نشهد نزاعا سياسيا عنيفا أدى إلى خسارة مئات الأرواح والدمار والكثير من النزوح.
وأضاف آبي أن النزاع مستمر نظرا لغياب المنصات الخاصة بالحوار، متمنيا ألا يتم ترك الأمور تتدهور بالخرطوم، ولابد من احتواء هذا النزاع بشكل أو بآخر.
وأكدا أن هذه العملية بما فيها قمة اليوم لابد أن تنضم إلى الآليات والمبادرات التي يقودها الاتحاد الأفريقي والتي قد توجد ممرات وقنوات تنجح كل هذه الجهود .
وقال آبي إن أزمة السودان ومثيلاتها لا يمكن حلها إلا عن طريق التضامن والوحدة، ولابد من تخطي التحديات التي نواجهها في بلداننا، مؤكدا ضرورة استلهام الدروس والعبر لحل الأزمة.
ومن جانبه أكد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقيه، أن الأزمة السودانية تؤثر على الأمن والاستقرار في المنطقة وأن مجموعة من العوامل السلبية داخليا وخارجيا أدت إلى أمور سيئة منذ شهر أكتوبر الماضي وحتى الآن بالسودان.
وقال فقيه، إنه تم وضع آلية مكونة من الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة مع شركاء آخرين للوصول إلى اتفاقية سياسية في الوقت الذي ظهر فيه الصراع في السودان بين القوات التي تناحرت، مشيرا إلى أن الاتحاد الإفريقي طالب بوقف إطلاق النار بشكل سريع والعودة إلى طاولة المفاوضات من أجل الوصول إلى حل سلمي للأزمة بالسودان.
وأضاف أن الآلية السياسية يجب أن تكون نابعة من الشعب السوداني والدولة السودانية دون أي تدخل، لافتا إلى أنه في 20 أبريل الماضي تم عقد اجتماع دولي رفيع المستوى بحضور كل الشركاء المعنيين وتم خلال المطالبة بالتعاون الملح لكل الجهات المعنية للوصول إلى حل، موضحا أنه في 27 مايو الماضي تم وضع خارطة طريق بها آليات مهمة تشمل وقف إطلاق النار، والمساعدات الإنسانية وإقامة حوار سياسي شامل.
وشدد فقيه على أنه يجب أن نتوجه بكل جدية على الجذور الأساسية للأزمة السودانية من أجل الوصول إلى حلول لها، مؤكدا أن الدور الذي تلعبه دول جوار السوادان مهم جدا، مشيرا إلى أن الاتحاد الإفريقي تفاوض مع هذه الدول للوصول إلى حل من أجل التصدي لآثار هذه الأزمة وعلى رأسها لجوء مئات الآلاف من الفارين والهاربين الذين يتوقون إلى السلام.
وطالب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي بضرورة تنسيق الجهود مع المؤسسات الإقليمية ودول الجوار للسودان والعمل معا في سيمفونية لمساندة السودان والحفاظ عليه من الضياع، مشددا على أن الاتحاد الإفريقي جاهز للقيام بعمله وكل الجهات على أهبة الاستعداد للقيام بدورها.
ومن جانبه حذر رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى فوستان آرشانج تواديرا، من خطورة الصراع الدائر في السودان لما له من تداعيات على المنطقة ومساهمته بشكل كبير في انتشار الأسلحة وخاصة الخفيفة منها جراء ضعف السيطرة على الحدود، داعيا الأطراف المتنازعة إلى اللجوء إلى الحوار من أجل تحقيق السلام، مشيدا بأهمية توقيت انعقاد قمة دول الجوار لإيجاد حل سلمي.
وأكد تواديرا في كلمته خلال قمة جوار السودان المنعقدة في القاهرة على ضرورة تفادي أي تدخلات خارجية في الموقف السوداني، مطالبا من دول الجوار بلعب دور الوساطة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في السودان.
وأشار تواديرا إلى استقبال بلاده في وقت سابق اليوم موجة نزوح تشمل حوالي 14 ألف شخص من الخرطوم بسبب سوء الأوضاع الراهنة في السودان، مما قد يساهم بشكل كبير على الاستقرار في المنطقة بسبب نقص المواد الغذائية والمحروقات، مؤكدا أن بلاده تربطها علاقات تعاون وصداقة قوية مع السودان.
وقال تواديرا إن "هذه القمة تطرح لنا فرصة نتشارك فيها أفكارنا تجاه الموقف في السودان والسعى سويا لإيجاد حل سلمي لهذا الصراع الذي يؤثر بشكل سلبي على الاستقرار والتنمية في المنطقة".
وحذر رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى من عواقب استمرار هذا الصراع في ظل مواجهة كافة التحديات الراهنة ومعالجة الآثار السلبية الناجمة عن جائحة كورونا "كوفيد ـ 19" سواء أكانت اقتصادية أو مالية أو اجتماعية على استقرار المنطقة بأكملها.
ورحب تواديرا بالدعوة إلى تلك القمة التي تضم كافة دول الجوار السودان، مما يؤكد على الأهمية القصوى التي توليها هذه الدول لتحقيق الاستقرار والعودة إلى السلام في الخرطوم، واصفا في الوقت نفسه الصراع في السودان بـ"الحرج".
وقال رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، إن الأوضاع الحالية في السودان تشكل تهديدا وتحديا لاستقرار المنطقة، معربا عن قلق بلاده البالغ من مصير هذه الأزمة التي أثرت بشكل سلبي على دول الجوار خاصة على جمهورية أفريقيا الوسطى الواقعة غرب السودان.
كما وجه رئيس تشاد الانتقالي محمد ديبي، تحية خاصة للقيادة المصرية بزعامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، على تلك المبادرة لإخراج السودان من أزمته الراهنة، مشيدا بحسن التنظيم وكرم الضيافة من الجانب المصري لهذه المبادرة وحكومته وشعب مصر منذ وصوله إلى القاهرة.
وأعرب ديبي في كلمته عن تحية بلاده لعقد هذه القمة في مثل هذا التوقيت المهم للوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، مؤكدا أن بلاده ستفعل كل ما في وسعها لتسوية الأزمة في السودان.
وقال ديبي إن المواجهات التي تدور في السودان مصدر قلق بالغ لكافة دول الجوار ومن بينها تشاد التي هي على الحدود مع السودان، مشيرا إلى أن بلاده لم تكف عن المعاناة من تدهور الموقف السوداني.
وناشد الرئيس التشادي جميع الأطراف الدولية بضرورة التدخل لحل الأزمة في السودان بسبب نقص الغذاء ونقص المواد الطبية التي تضرر منها المدنيين، داعيًا إلى تفعيل ودعم المبادرات الدولية لحل الأزمة السودانية عبر الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية.
وأشار إلى أن بلاده تعاني من العواقب الوخيمة جراء الحرب في السودان، موضحًا أن بلاده استقبلت خلال الأيام الماضية أكثر من 150 ألف شخص من السودان معظمهم من النساء والأطفال، فروا إلى تشاد بسبب أعمال القتال، فضلًا عن وجود 600 ألف سوداني كانوا متواجدين بشكل مسبق مما يثقل كاهل دولة تشاد بشكل كبير ويضر بمواردها.
وأوضح ديبي أن بلاده توسطت بين الأطراف المتحاربة في السودان قبل ذلك في محاولة لحل الأزمة، مناشدًا المجتمع الدولي بضرورة اتخاذ الإجراءات الضرورية لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان.
ودعا رئيس تشاد الوكالات الإغاثية الدولية لتقديم كل الدعم لهؤلاء اللاجئين، مؤكدا في الوقت ذاته على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق نار، معربًا عن تمنياته بالنجاح والتوفيق لهذه القمة.
ومن جانبه أكد رئيس جمهورية جنوب السودان، سلفا كير ميارديت، أن قمة دول جوار السودان تأتي من أجل مناقشة سبل إنهاء الأزمة في السودان، لافتا إلى أنها عقدت في وقت حرج لجميع دول الجوار.
وقال سلفا كير في كلمة " إن هذه القمة تعطى لنا الفرصة لتباحث الوضع في السودان، وإنهاء الأزمة السودانية والتغلب على آثارها الجسيمة"، لافتا إلى أن الهيئة الحكومية للتنمية (إيجاد) والاتحاد الإفريقي يعملان أيضا على ذلك.
وطالب رئيس جمهورية جنوب السودان، بوقف إطلاق النار بصورة فورية، مؤكدا أنه يعلم أن حال الحرب سيكون له تداعيات علي الوضع الأمني في السودان، كما سيكون لتلك الحرب تداعيات على الوضع الأمني والاجتماعي والاقتصادي علي دول الجوار.
وأشار إلى أن الخطوات التي اتخذتها العديد من الأطراف المعنية بالأمر يجب أن تصل لوقف إطلاق نار مستدام، لافتا إلى أن دول السودان تشهد أوضاعا حرجة من حيث الصحة، كما أن انتشار الدمار يؤثر على جميع المناحي في السودان، لذلك تركز دولة جنوب السودان على إيجاد حلول لهذه الأزمة القائمة، ونرى أن دول الجوار والمنطقة بأكملها يجب أن يجتمعوا ويجدوا حلا لهذه المشكلات.
وقال سلفا كير، إن الأولوية لنا الآن هي إيجاد حلول للمشكلات الإفريقية، وأن نضمن نجاح هذه المبادرات، ونؤكد على أهمية معرفة سياق الصراع، فخبرتنا مع الصراع السوداني يجب أن تصل بنا فى النهاية لإيجاد الحلول.
وأضاف أن وساطة هيئة (إيجاد) التي حضرناها في وقت سابق، وقمة القاهرة وأي مبادرات أخرى يجب أن تسعى إلى بذل الجهود للوصول إلى حل سلمي للصراع في السودان، كما يجب علينا جميعا السعي نحو فهم سياق الأزمة السودانية والتاريخ السوداني عند مناقشة وبحث سبل لإنهاء الحرب.
وأشار إلى أننا نستخدم الكثير من الصفقات في مسعانا لإيجاد حلول السلام لدولة السودان ونضع مصلحة الشعب السوداني أولا، فلا يجب تجاهل صوت الشعب السوداني عند بحث السبل لإنهاء هذا الصراع بشكل مستدام، ولذلك أطالب بتوسيع نطاق مبادرة (إيجاد) لضم ممثلين عن الشعب السوداني ودول الجوار السوداني الذين يعانون من آثار الأزمة الإنسانية التي ولدها الصراع.
وأكد سلفا كير، أن مباحثات القاهرة لا يمكن أن تكتمل دون الحديث عن الوضع الإنساني، فجميع البلدان الممثلة هنا قد واجهت تدفقا عظيما من اللاجئين، الذي يضغط على الموارد الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات في دول الجوار، ولذلك أود أن انتهز هذه الفرصة وأدعو المجتمع الدولي للاستجابة لهذه الأزمة عن طريق إتاحة الموارد لمعالجة هذه الأزمة الإنسانية.
واختتم رئيس جمهورية السودان كلمته بتسليط الضوء على ضرورة أن تستهدف جميع المحاولات لإيجاد سبل لحل هذا الصراع، لتحقيق وقف إطلاق نار مستدام، وإيقاف جميع أشكال العداء بشكل مستدام، وإيصال المساعدات الإنسانية، ووضع إطار عمل لبحث تسوية سلمية وسياسية واحترام سيادة الشعب السوداني وسلامة أراضيه.
ووجه رئيس جمهورية جنوب السودان كل الشكر والتقدير للرئيس عبد الفتاح السيسي لتنظيم هذه القمة واستضافة فعاليتها.
ومن جانبه أكد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية، ومنع انهيارها ومساعدتها قدر الإمكان على الاستمرار في أداء مهامها بشكل طبيعي وتجاوز الصعوبات التي تواجهها.
جاء ذلك في كلمة الأمين العام للجامعة العربية، وأكد معارضة الجامعة العربية لأي تدخل خارجي في الشأن الداخلي السوداني، والتضامن الكامل مع السودان في صون سيادته واستقلاله ووحدة أراضيه، ودعم مسار جدة الساعي إلى تحقيق شروط وقف إطلاق نار شامل ومستدام وفوري يسمح باستئناف العملية الانتقالية.
كما أكد أهمية دور دول الجوار التي تواجه الأعباء الإنسانية الأمنية الكبيرة للأزمة، ودعم مسار سياسي سوداني شامل لكل الأطياف السودانية، يحقق تطلعات الشعب السوداني في السلام والأمن والتنمية، ويؤدي إلى تشكيل حكومة انتقالية قادرة على تحقيق التوافقات المطلوبة لمعالجة القضايا الأساسية وعلى رأسها الأوضاع الاقتصادية والإنسانية وإصلاح قطاع الأمن.
وقال إن الجامعة العربية تحرص في جميع جهودها اتجاه الأزمة في السودان على التنسيق والتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، وأيضاً المنظمات الإنسانية ذات الصلة؛ لما يمثله الوضع من تحدٍ كبيرٍ للسلم والأمن في هذا البلد العربي الأفريقي المهم.
وتوجه أبو الغيط بالشكر على عقد هذا الاجتماع المهم والأول من نوعه لدول جوار السودان؛ لبحث سبل إنهاء الأزمة الحالية وتداعياتها السلبية وغير المسبوقة على مستقبل السودان وأمن واستقرار جواره.
كما أكد اهتمام مجلس الجامعة منذ اندلاع الأزمة ببحث سبل استعادة السلم والاستقرار في السودان كإحدى أهم أولويات الجامعة العربية، وكررت اجتماعات مجلس الجامعة المنعقدة بشأن السودان بما في ذلك اجتماعات القمة العربية الأخيرة في جدة مطالباتها بضرورة وقف جميع الاشتباكات المسلحة حقناً للدماء وحفاظاً على أمن وسلامة المدنيين ومقدرات الشعب السوداني ووحدة أراضيه وسيادته.
وأشار إلى الاستمرار في التنسيق والتعاون بين الجامعة والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي للمساهمة في جهود علاج الأزمة على أساس احترام سيادة السودان ووحدة أراضيه، والتأكيد على أهمية مشاركة الدولة السودانية في المبادرات التي يجري إطلاقها، جنباً إلى جنب مع آلية دول جوار السودان، تفادياً لأية مقاربات مجتزأة.
وطالب الأمين العام بتعزيز الاستجابة الإنسانية العاجلة للوضع في السودان، وتكثيف الجهود العربية والإقليمية والدولية للحيلولة دون تدهور الأمن الغذائي المتردي أصلاً - في السودان وآثاره السلبية على عدد من دول جواره.
وقال إن في هذا الشأن الجامعة العربية قد أطلقت مبادرة عاجلة لإنقاذ الموسم الزراعي السوداني، ويجرى حالياً بحث خطوات تنفيذها مع الجانب السوداني وكافة الجهات المعنية والمنظمات الشريكة.
وجدد أبو الغيط في ختام كلمته التزام جامعة الدول العربية بالاستمرار في بذل كافة الجهود التي من شأنها تعزيز الجهود العربية وأيضاً الإفريقية؛ لحل الأزمة حقناً لدماء السودانيين وانقاذاً لمستقبل السودان.
ومن جانبه قال رئيس دولة إريتريا أسياس أفورقي، إن المبادرة التي تبنتها مصر لعقد قمة لدول جوار السودان هي فرصة لتأمين المناخ هناك لتحقيق الاستقرار فيه والمنطقة بأكملها.
وأضاف أفورقي في كلمته أن القمة تعد أيضا فرصة سانحة لدعم السودان وإيجاد حل للأزمة الراهنة، مؤكدا أن هناك حاجة ملحة لمنع التدخلات الداخلية والخارجية تحت أي مسمى وكذلك التدخلات العسكرية التي تهدف لتأجيج الحرب.
وأوضح أن المبادرة التي تبنتها مصر يجب أن تكون بداية لمسيرة كبيرة لنقل الشعب السوداني لبر الأمان، عن طريق وضع آلية واضحة ذات مراجع عملية لكي يتمكن الشعب السوداني من الوصول لبر الأمان.
وأشار إلى أن دول جوار السودان قادرة على دعم المبادرة ، مؤكدا أنه لا حاجة ولا مبرر للحرب في السودان ، مشددا على أن المبادرة قادرة على حل المشكلات في أفريقيا وأن هناك حاجة ملحة لإنجاحها.
كما صدر عن القمة بيان ختامي جاء كالتالى
بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، شارك رؤساء دول وحكومات جمهورية أفريقيا الوسطى، وتشاد، وإريتريا، وإثيوبيا، وليبيا، وجنوب السودان، في قمة لدول جوار السودان بالقاهرة يوم ۱۳ يوليو ،۲۰۲۳، بحضور رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي وأمين عام جامعة الدول العربية، لبحث كيفية معالجة الأزمة السودانية حيث توافق المشاركون على ما يلي:
1. الإعراب عن القلق العميق إزاء استمرار العمليات العسكرية والتدهور الحاد للوضع الأمني والإنساني في السودان، ومناشدة الأطراف المتحاربة على وقف التصعيد والالتزام بالوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار لإنهاء الحرب، وتجنب إزهاق أرواح المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب السوداني وإتلاف الممتلكات.
2. التأكيد على الاحترام الكامل لسيادة ووحدة السودان وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شئونه الداخلية، والتعامل مع النزاع القائم باعتباره شأناً داخلياً، والتشديد على أهمية عدم تدخل أي أطراف خارجية في الأزمة بما يعيق جهود احتوائها ويطيل من أمدها.
3. التأكيد على أهمية الحفاظ على الدولة السودانية ومقدراتها ومؤسساتها، ومنع تفككها أو تشرذمها وانتشار عوامل الفوضى بما في ذلك الإرهاب والجريمة المنظمة في محيطها، وهو الأمر الذي سيكون له تداعيات بالغة الخطورة على أمن واستقرار دول الجوار والمنطقة ككل.
4. أهمية التعامل مع الأزمة الراهنة وتبعاتها الإنسانية بشكل جاد وشامل يأخذ في الاعتبار أن استمرار الأزمة سيترتب عليه زيادة النازحين وتدفق المزيد من الفارين من الصراع إلى دول الجوار، الأمر الذي سيمثل ضغطاً إضافياً على مواردها يتجاوز قدرتها على الاستيعاب، وهو ما يقتضي ضرورة تحمل المجتمع الدولي والدول المانحة لمسئوليتهما في تخصيص مبالغ مناسبة من التعهدات التي تم الإعلان عنها في المؤتمر الإغاثي لدعم السودان، والذي عقد يوم 19 يونيو ۲۰۲۳ بحضور دول الجوار.
5. الإعراب عن القلق البالغ إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، وإدانة الاعتداءات المتكررة على المدنيين والمرافق الصحية والخدمية، ومناشدة كافة أطراف المجتمع الدولي لبذل قصارى الجهد لتوفير المساعدات الإغاثية العاجلة لمعالجة النقص الحاد في الأغذية والأدوية ومستلزمات الرعاية الصحية، بما يخفف من وطأة التداعيات الخطيرة للأزمة على المدنيين الأبرياء.
6. الاتفاق على تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية المقدمة للسودان عبر أراضي دول الجوار، وذلك بالتنسيق مع الوكالات والمنظمات الدولية المعنية، وتشجيع العبور الآمن للمساعدات لإيصالها للمناطق الأكثر احتياجاً داخل السودان، ودعوة مختلف الأطراف السودانية لتوفير الحماية اللازمة لموظفي الإغاثة الدولية.
7. التأكيد على أهمية الحل السياسي لوقف الصراع الدائر، وإطلاق حوار جامع للأطراف السودانية يهدف لبدء عملية سياسية شاملة تلبي طموحات وتطلعات الشعب السوداني في الأمن والرخاء والاستقرار.
8. الاتفاق على تشكيل آليه وزارية بشأن الأزمة السودانية على مستوى وزراء خارجية دول الجوار، تعقد اجتماعها الأول في جمهورية تشاد، لاتخاذ ما يلي:
▪ وضع خطة عمل تنفيذية تتضمن وضع حلول عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال والتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية عبر التواصل المباشر مع الأطراف السودانية المختلفة، في تكاملية مع الآليات القائمة، بما فيها الايجاد والاتحاد الأفريقي.
▪ تكليف آلية الاتصال ببحث الإجراءات التنفيذية المطلوبة لمعالجة تداعيات الأزمة السودانية على مستقبل استقرار السودان ووحدته وسلامة أراضيه، والحفاظ على مؤسساته الوطنية ومنعها من الانهيار، ووضع الضمانات التي تكفل الحد من الآثار السلبية للأزمة على دول الجوار، ودراسة آلية إيصال المساعدات الإنسانية والاغاثية إلى الشعب السوداني.
▪ تعرض الآلية نتائج اجتماعاتها وما توصلت إليه من توصيات على القمة القادمة لدول جوار السودان.