تتعدد الجوائز الأدبية في الجزائر وفي الوطن العربي؛ خاصة تلك التي تمولها جهات حكومية ومالية؛ حتى بات بعضها يمنح مبالغ تسيل لعاب كثيرين؛ لكن التي تحظى منها بالثقة والمصداقية قليلة جدا.
واقترح نشطاء ثقافيون جزائريون مستقلون باسم جمعية "فسيلة الثقافية" في مدينة برج بوعريريج، عام 2021 جائزة وطنية في القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا باسم القاص عمار بلحسن الذي توفي بالسرطان عام 1993، تاركا تجربة قصصية موصوفة بكونها متميزة وحافرة ومختلفة ومؤسسة.
ما يميز هذه الجائزة أنها لا تقدم مقابلا ماليا لمن يفوز بها لأن الجمعية التي اقترحتها وتشرف عليها لا تملك القدرة على ذلك بحكم أنها تطوعية ولم تجد في المقابل جهة تمول الجائزة بما فيها وزارة الثقافة والفنون في الجزائر التي تعتبر من أكثر وزارات الثقافة ميزانيةً في أفريقيا والوطن العربي.
رغم غياب المقابل المالي لجائزة عمار بلحسن للإبداع القصصي، إلا أنها فرضت نفسها في المشهد الجزائري بصفتها جائزة وازنة ومشرِّفة وموثوقا بها. نلمس ذلك من خلال عدد المشاركات التي وصلت المشرفين عليها (110) في دورتين، ومن خلال قبول أسماء كبيرة ومؤثرة؛ من داخل الجزائر وخارجها، بأن تكون ضمن لجنة التحكيم، رغم أنها لا تتلقى هي الأخرى مستحقات مالية.
غير أن القائمين على الجائزة يوفرون امتيازات معنوية للفائزين بها منها نشر المجموعتين القصصيتين الفائزتين في طبعة عربية وجزائرية مشتركة؛ مثلما حدث في الدورة الأولى حيث تولت دار ضمة في الجزائر ودار خطوط في عمان ذلك، وأوصلتا المجموعات القصصية إلى معظم معارض الكتاب العربية، بالإضافة إلى تحويل إحدى قصص المجموعة الفائزة إلى فيلم قصير، وضمان مشاركة القاص الفائز في معرضين عربيين للكتاب، وترجمة المجموعة الفائزة؛ والحصول على درع للتميز الإبداعي.
ويقول أمين الجائزة الكاتب والإعلامي والناشط الثقافي عبد الرزاق بوكبة إن روح المبادرة المتحررة من مراعاة العراقيل والمثبطات هي التي تقف وراء هذه الجائزة؛ "فنحن في جمعية فسيلة لا نتحرك بناءً على توفر الإمكانيات المالية فقط؛ فذلك تحصيل حاصل، بل نتحرك ونبادر ونقترح حتى في ظل غياب ذلك، فلا نبقى حبيسي الظروف".
ويقول صاحب رواية "رقصة اليعسوب": لقد أطلقنا بالإضافة إلى جائزة عمار بلحسن للإبداع القصصي؛ جائزة الحسين الورثيلاني في أدب الرحلة بالدينار الرمزي ونجحت هي الأخرى. بالإضافة إلى العديد من المشاريع الثقافية والقرائية التي استطاعت أن تردم الهوة بين ما هو ثقافي وشعبي.
وعن تقييمه لمدى التبادل الثقافي بين مصر والجزائر، في الآونة الأخيرة، قال في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز" إن هذا التبادل بين البلدين يجب ألا يبقى حبيس وزارتي الثقافة، على أهمية ذلك في سياقه، بل يجب أن يصبح خاضعا أيضا لروح المبادرة لدى النشطاء الثقافيين من الجهتين.
من هنا، اقترح عبد الرزاق بوكبة مشروع جائزة أدبية مشتركة بين مصر والجزائر تحمل اسمَي كاتبين جديرين مصري وجزائري، فتكون منصة لتأكيد العمق الثقافي والحضاري والتاريخي والإنساني المشترك.
وقال "بوكبة": "نحن مستعدون في جمعية فسيلة الجزائرية؛ لاقتراح أرضية هذه الجائزة بالشراكة مع جهة مصرية نظيرة لنا؛ وعرض المشروع على الجهات الديبلوماسية المختصة في العاصمتين، ليصبح حقيقة في الميدان".