قال الدكتور أحمد راوي، أستاذ ورئيس قسم اللغة العبرية بجامعة حلوان، إن الخلاف الحالي بين دول منابع النيل ودول المصب هو نتاج تصاعد التدخل الصهيوني في الأزمة عبر إغراء دول المصب بمشاريع وجسور وسدود بتسهيلات غير عادية تشارك فيها شركات أمريكية.
وأضاف راوي، في حواره مع "البوابة نيوز" أن إسرائيل تعمل على أن تكون إحدى دول حوض النيل المتحكمة فيه أو بمعنى آخر: الدولة "رقم 11" في منظومة حوض النيل.. وإلى نص الحوار:
متى بدأت إسرائيل في التغلغل بأفريقيا؟
تعود علاقة إسرائيل مع الدول الأفريقية الى خمسينيات القرن المنصرم، وذلك عندما اكتشف قادة دول الاحتلال أهمية القارة السمراء وأدركوا قوتها وتأثيرها فى صراعها مع مصر والدول العربية.
لذلك بدأت إسرائيل في غزو أفريقيا بقواتها الناعمة، وقامت جولدا مئير عام 1958 وكانت تشغل منصب وزيرة الخارجية بزيارة العديد من الدول الأفريقية مثل نيجيريا والسنغال.
والعلاقات الإسرائيلية الأفريقية هى علاقات قديمة ومرت بمراحل نمو عدة، ففى أوغندا على سبيل المثال عام 196، قامت شركة البناء الإسرائيلية "سوليل بونيه" ببناء مستشفى كمبالا مولاغو. وهي الأكبر والأكثر أهمية في البلاد.
2 – كانت أفريقيا الداعم للعرب لكن نجحت إسرائيل أن تكون مراقبا، ما الأسباب؟
أدى تراجع الدور المصري خلال السنوات الأخيرة في القارة الأفريقية إلى دفع عدد من دولها إلى البحث عمن يسد الفراغ، إذ كانت مصر تهيمن في عدة صناعات تكنولوجية في القارة، ولكن "غيابها مؤخرا، جعل الأعين تتوجه إلى إسرائيل".
ولعبت إسرائيل دورا مهما في المجال التكنولوجي والخدمات الأمنية جعل منها شريكا لدول أفريقيا التي تحتاج إلى بنية تحتية أساسية لتطوير اقتصادها.
ما سر وجود إسرائيل في دول حوض النيل؟
يكمن هدف إسرائيل الثابت من وجودها بمنطقة حوض النيل في عدة نقاط:
- رغبتها الحصول على مياه النيل والضغط على صانع القرار المصري نظرا لحساسية وخطورة (ورقة المياه) في الإستراتيجية المصرية، حيث تلعب إسرائيل دورا غير مباشر فى صراع المياه بين دول حوض النيل استفادة من نفوذها الكبير فى دول (إثيوبيا – كينيا – رواندا).
- ارتباط القرن الإفريقي بالبحر الأحمر والخليج العربي، ومن ثم فهو يرتبط تقليديًا بمنظومة الأمن الإسرائيلي والسعي من أجل تحقيق اعتبارات التفوق العسكري والاقتصادي.
- إنشاء سدود على نهر النيل الأمر الذي سيحرم مصر من استلام كامل حصتها من المياه، وهو ما يدل على أطماع كل من إثيوبيا وإسرائيل بمصادر المياه فى القرن الأفريقي.
- تهديد الأمن القومي العربي، وذلك من خلال تحفيز الصراع المائي بين دول الحوض، حيث انها تعمل وفقا لخطة محددة في أفريقيا لذلك هي بدأت بدول حوض النيل مما يعطي لها القدرة في الضغط على مصر ومنها تهديد الأمن القومي العربي وحماية أمنها المائي، كما أن إثيوبيا تعتمد على إسرائيل في ضرب التواجد المصري بالقارة إلى جانب الاستفادة الاقتصادية من إسرائيل.
ما هي طبيعة الدور الإسرائيلي في صراع مياه النيل؟
الخلاف الحالي بين دول منابع النيل ودول المصب هو نتاج تصاعد التدخل الصهيوني في الأزمة عبر إغراء دول المصب بمشاريع وجسور وسدود بتسهيلات غير عادية تشارك فيها شركات أمريكية، بحيث تبدو الدولة الصهيونية وكأنها إحدي دول حوض النيل المتحكمة فيه أو بمعنى آخر الدولة "رقم 11" في منظومة حوض النيل، والهدف بالطبع هو إضعاف مصر التي لن تكفيها أصلا كمية المياه الحالية مستقبلا بسبب تزايد السكان والضغط علي مصر عبر فكرة مد تل ابيب بمياه النيل عبر أنابيب وهو المشروع الذي رفضته مصر عدة مرات ولا يمكنها عمليا تنفيذه حتي لو أردت لأنها تعاني من قلة نصيب الفرد المصري من المياه كما ان خطوة كهذه تتطلب أخذ أذن دول المنبع.
والحقيقة أن الدور الصهيوني الخفي في أزمة مياه النيل له أبعاد تاريخية قديمة، إذ تعد محاولة الحركة الصهيونية للاستفادة من مياه النيل قديمة قدم التفكير الاستيطاني في الوطن العربي، وظهرت الفكرة بشكل واضح في مطلع القرن الحالي عندما تقدم الصحفي اليهودي تيودور هرتزل ـ مؤسس الحركة ـ عام 1903م إلى الحكومة البريطانية بفكرة توطين اليهود في سيناء واستغلال ما فيها من مياه جوفية وكذلك الاستفادة من بعض مياه النيل، وقد وافق البريطانيون مبدئيًا على هذه الفكرة على أن يتم تنفيذها في سرية تامة.
ثم رفضت الحكومتان المصرية والبريطانية مشروع هرتزل الخاص بتوطين اليهود في سيناء ومدهم بمياه النيل لأسباب سياسية تتعلق بالظروف الدولية والاقتصادية في ذلك الوقت.
ماذا تريد إسرائيل من أفريقيا؟
التغلغل وتوطيد دورها والسيطرة على نهر النيل عن طريق دول المنبع والذى بمثابة شريان الحياة لمصر.
تحاول إسرائيل ترسيخ تواجدها داخل القارة الافريقية وذلك عبر العلاقات مع الدول الأفريقية ومنها إثيوبيا والتحالف بشكل استراتيجي مع دول أفريقيا لدعم تواجدها في القارة ودعم مصالحها والضغط على مصر. واستخدام أفريقيا كورقة ضغط على مصر.
لماذا تسعى دول أفريقيا لإقامة علاقات مع إسرائيل؟
تسعى الدول الأفريقية لإقامة علاقات مع إسرائيل لعدة أسباب منها:
ـ العلاقات الوطيدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل مما يعنى أن إسرائيل هى بوابة الدول الأفريقية إلى الولايات المتحدة
ـ النهضة الاقتصادية والتكنولوجية لدى إسرائيل مما يعنى أن استفادة الدول الأفريقية فى حالة وجود علاقات طيبة مع إسرائيل وبالفعل تتمحور العلاقات الإسرائيلية الأفريقية اليوم حول التنمية المستدامة منها ضمان الأمن الغذائي وسلامة مياه الصرف.
كما قامت إسرائيل بتطوير جهاز يجمع المياه من خلال الرطوبة، والآن تعمل على تصديره لدول أفريقية كبيرة، خاصة أن الحاجة لمياه الزراعة هو من أهم ما تصبو إليه هذه الدول.