الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

تعرف على صلاة "الهجمة"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتساءل المسيحيّون الأرثوذكس عن معنى خدمة صلاة "الهجمة" التي تُقام صباح أحد الفصح المجيد المقدّس، وكثيرًا ما نسمع المؤمنين يقولون: نحن ذاهبون إلى الكنيسة "لنهجم". فعلى مَن يريدون أن يهجموا، أو بالاحريّ لماذا هذه الهجمة.

ما هو رمزها
الكتاب المقدّس يجيبُ عن تساؤلاتنا في ما يختصّ بالهجمة، إذ نجد في موقعين صريحَين أمورًا تتعلّق بهذه الصلاة هما:

- الإصحاح السادس من سفر يشوع بن نون الذي يتكلّم على الدخول إلى أريحا بعدما كانت "مُغَلَّقة مُقَفَّلة". لقد حصل الدّخول إلى أريحا بوساطة تابوت العهد الذي دارَ به الكهنة حول المدينة ستّة أيّام وهم صامتون، على حسب ما أمرهم يشوع قائلًا: "لا تهتفوا ولا تسمّعوا صوتَكم ولا تخرج من أفواهكم كلمة حتّى يوم أقول لكم اهتفوا فتهتفون"، ثمّ في اليوم السابع تمّ الدخول إلى أريحا والهتاف باسم الربّ وكان كلّ ما في المدينة "محرَّمًا للربّ" (يشوع 6: 1-17). إنّ هذا النّص يمثّل لنا انتصار الربّ، الذي يُرمَز إليه بتابوت العهد، وقد تمّ هذا النّصر في اليوم السابع، حيث أنّ العدد 7 يرمز إلى الكمال والنّصر، الأمر الذي تتمّ الإشارة إليه في زماننا الحاضر باعتبار يوم الأحد (أي اليوم السابع بحسب ترتيبنا البشري) أنّه يوم الربّ، وهو أيضًا اليوم الذي نقيم فيه القدّاس الإلهي متذكّرين الحدث الفصحي.

وفي نصّ يشوع أيضًا نجد أنّ كلّ شيء أصبح للربّ، الأمر الذي حدث عند نزوله إلى الجحيم واسترجاعه كلّ الذين كانوا فيها على حسب ما نرتّل في خدمة السبت العظيم (سبت النور) مصوّرين انهزام الجحيم التي قالت:
"لأنّه لمّا أقبل نحوي حلّ اقتداري وسحق أبوابي النّحاسيّة، وأنهض النفوس التي كنتُ استوليتُ عليها بما أنّه الإله" و"لقد تلاشت سلطتي لأنّي قبلتُ ميتًا كأحد الأموات إلاّ أنّي لم أستطع أن أضبطه بالكليّة بل فقدتُ معه الذين كانوا تحت سلطتي. أنا كنتُ مستوليةً على الأموات منذ الدّهر إلاّ أنّ هذا أنهض الكلّ" و"قد انكسرت شوكتي لأنّ الراعي صُلِبَ وأنهض آدم، والذين كنتُ مستوليةً عليهم فَقَدتُهم والذين ابتلعتُهم باقتداري تقيّاتُهم بالجملة، لأنّ المصلوب أخلى القبور

في تقليدنا نقول إنّ القيامة العامّة تمّت عند إسلام يسوع الروح على الصليب، أمّا قيامة الربّ بالجسد فلا نعرف متى حصلت إلاّ أنّها ظهرت من خلال النسوة في غلس السبت وبذلك أصبح اليوم السابع يومًا للتعييد لانهزام الجحيم وللهتاف بالتماجيد والتسابيح نحو المسيح القائم من بين الأموات.

- الموضع الثاني الذي يدخل مباشرة في ترتيب خدمة الهجمة فهو (مزمور 24: 7-10) الذي يقول: "إرفعن أيّتها الأرتاجُ رؤوسكنّ وارتفعن أيّتها الأبواب الدّهريّات فيدخل ملك المجد. من هو هذا ملك المجد؟ الربّ القدير الجبّار الربّ الجبّار في القتال... ربّ الجنود هو ملك المجد". في هذا المزمور يعترف النبيّ والملك داود بأنّ الأرض وملأَها والمسكونة وكلّ ساكنيها للربّ، وهنا تأتي "الهجمة" لإخبار كلّ هذه المسكونة وسكّانها بأن يفتحوا الأبواب ويستقبلوا الربّ، الملك الجبّار الذي انتصر في القتال، قتاله ضدّ ملك مملكة الظّلام، ضدّ إبليس وجنوده، ضدّ الموت وظلاله.


إضافةً إلى الموضعَين المذكورَين سالفًا، نجد موضعًا آخر مهمًّا لمعرفة معنى الهجمة، هذا الموضع هو الخاتمة الأساسيّة للإنجيل بحسب مرقس البشير، أي النصّ الإنجيلي (مرقس 16: 1-8) الذي يُقرأ على مسامعنا في خدمة الهجمة. ينتهي هذا المقطع بعبارة:
"ولم يقلنَ لأحدٍ شيئًا لأنّهنّ كنّ خائفات"، ثمّ نرتّل نحن فور انتهاء قراءة الإنجيل طروباريّة القيامة "المسيح قام..." وبعد ذلك "نهجم".
هذا الموقف كلّه يحدّد المعنى الرّئيس للهجمة. مريم المجدليّة ومريم أمّ يعقوب وسالومة أخذتهنّ الرّعدة والدّهش وصَمَتْنَ تجاه حدث القيامة العظيم، أمّا نحن فنبتهج ونعلن قيامة المسيح ونهجم حتّى لا نُبقي خبر القيامة لأنفسنا فقط بل لكي نُعلنه للجميع ونقاسم فرحنا معهم، وهذا ما نعبّر عنه بترتيلنا قانون الفصح "اليوم يوم القيامة..." فور فتح الأبواب ودخولنا إلى الكنيسة، وهذا ما تعبّر عنه أكثر تسمية إثنين الفصح بـ"إثنين الباعوث" أي انتشار خبر القيامة إلى "كلّ القبائل واللغات".