الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مات أبو اليسر!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
آيات الله تحاوطنا مع كل أنفاسنا ولفتاتنا، ورغم ذلك نغتر بما لدينا من نِعَم الله، ولا نلتفت ونستقيظ ونستقيم.. مات كابتن أبو اليسر صاحب القضية الشهيرة مع الممثل محمد رمضان، والقضية كانت بسبب سماح كابتن أبو اليسر بدخول محمد رمضان قمرة القيادة والتصوير داخلها، وهى مخالفة جسيمة أدت إلى صدور قرار من وزارة الطيران بسحب ترخيص أبو اليسر مدى الحياة، وفصله نهائيا من عمله.. ومنذ أسابيع قليلة حكم على محمد رمضان بتعويض أبو اليسر بمبلغ ستة ملايين جنيه تعويضا عما أصابه من أضرار، ومع وفاة كابتن أبو اليسر وجدتنى أنظر إلى الموضوع ككل بمنظور آخر، وهو أن ما حدث للرجل وما ظنه بلاء وابتلاء هدمه نفسيا وجسديا ما هو إلا منحة ربانية، ورحمة به وبأسرته، فالرجل رب أسرة، زوج لسيدة فى مقتبل العمر وأب لطفل جميل، ما زال أمامه الكثير ليستكمل دراسته وحياته، ولأن الأجل مكتوب فعمر أبو اليسر مقدر لا يقدم ولا يؤخر، فالموت كان قدره وإن استمر فى عمله، لذلك أرى أن رحمة الله وجميل قدره خلق من محنة الرجل المنحة التى تساعد ولده وتقوى زوجته على أداء دورها فى تربية وتعليم ابنهما، فقطعا وفاة الرجل وهو يمارس عمله الأصلى لن توفر لأسرته تلك القيمة التى حصل عليها بالحكم القضائى بالتعويض عن فقد عمله، وهو مبلغ لا يشكل أهمية لفنان فتح له الله أبواب الرزق على مصراعيها، فلن يؤثر فيه أو عليه انتقاص القليل مما يمتلك، ونقطة أخرى لافتة للطف الله وجميل أقداره، وهى توقيت الحكم، ماذا لو تأخر الحكم وصدر بعد وفاة أبو اليسر؟! أليس بالموت تغلق القضية وتسقط بالوفاة؟ ولهذا يجب النظر لما حدث من بدايته أنه منحة ربانية للرجل وأسرته، ويجعلنا نتقبل ما يمر بنا من محن لا ندرك سببا لها وتصيبنا بالحزن، وربما بالقهر. ولا نعلم أن ربما ما وراءها لطف كبير وعطاء كثير، وقد تذكرت موضوع مقال كتبته من سنوات تحت عنوان (يا وارث مين يورثك) وكان عن أم مرضت وأثناء الاحتضار دخل عليها أحد أولادها ومن شدة حزنه وقهرته على أمه مات على صدرها، وماتت أمه! ولا يعلم أحد من سبق الآخر فى الوفاة! وأصبحت مشكلة ميراث لأن للابن أسرة وأطفال، فإن ماتت الأم أولا يرث فيها الابن وبالتالى ماله وميراثه من حق أولاده وزوجته، أما إن مات الابن فترث أمه فيه، وبموتها تحرم أسرة الابن من ميراثها إلا بقدر للأبناء بالوصية الواجبة والتى يتغافل عنها البعض، وهو ما يذكرنى أيضا بأقرباء لى، رزقا بطفل ملائكى منحة واختبار لهما، طفل لم يقف أو يجلس ولا يتحرك إلا فى مكانه، وظن البعض أنه لن يبق إلا سنوات قليلة، ولكن إرادة الله منحته عمرا تعدى العشرين، وكان هذا الطفل المسلوبة إرادته هو آية من آيات الله لحماية أمه وشقيقته، فقد توفى والده قبل وفاته بيومين، فورث هذا الملاك فى والده ليحجب الأعمام، ثم توفى وورثته أمه وشقيقته إلا القليل للتعصيب.. حكايات كثيرة تمر أمامنا، فيها العظة والرحمة والدروس التى يجب أن نتعلمها وتكون لنا مددا أمام صعوبات الحياة، فلا سعادة دائمة ولا حزن مستمر، الكل متغير والكل يمر بلا مرار بالرضا والثقة فى قدرة الله وميزان العدل الذى لا يخطىء، فطالما نحيا يجب أن نظل متفائلين معطائين حريصين على أداء دورنا بثقة وحب وارتقاء، وأن يكون كل منا عونا للآخر، لا نهتز لنوائب الدهر ولا نيأس يوما من رحمة الله.. ومن هنا نتعلم أن لكل شىء حكمة، ولكل نفس من أنفاسنا دور وأهمية فى دورة الحياة، فالمنح منحة والمنع أيضا منحة، ولا كرب ولنا رب بالقرب.