الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

عواصم مصر| منف.. شاهد على عصر الأسرات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خلال شهر رمضان الفضيل تصحبكم "البوابة نيوز" في رحلة إلى عواصم مصر القديمة، حيث التاريخ العتيد، والحضارة السامقة، والمجد الضارب بجذوره في أعماق التاريخ، تلك المدينة التى لم تعرف البداوة منذ نشأتها، حيث حباها الله بنهر النيل المتدفق منذ فجر التاريخ، ذلك النهر الذى لم يمنعه عائق طبيعى أو بشر من الجريان، ليكتب على ضفافه مجد أمة كانت سابقة لكل الأمم في مختلف العلوم، وستظل سابقة ما ظل النيل يجرى من أقصى جنوبها لشمالها، مسطرًا ملحمة الخلود والبقاء بأيدى أبنائها الذي حملوا رايتها وحموها بدمائهم منذ فجر التاريخ، متخذين من "حابى" مثالًا على العطاء، لذا قدسوه، وحرصوا على حمايته والزود عنه إن إعترضه عارض يهدد جريانه، لأنه بذلك يهدد بقاء هذه الحضارة المجيدة.
وكما بنى قدماء المصريون العديد من عواصم مصر التى شهدت على مجدها، وشيدت على جدران معابدها ملاحم البطولة والنصر، ووقائع التضحية والفداء، فها هم أبناء مصر يبنون الآن عاصمتهم الجديدة، لتكون امتدادًا لما شيده الأجداد.
وشهدت جدران عواصم مصر القديمة القوية الصامدة في وجه الزمان على براعة المصرية القديم في مختلف العلوم من طب إلى فلك وهندسة بناء وفلسفة، كما كانت هذه العواصم الخالدة شاهدة على الشعب الموحد الذي عرف الإله وعبده ومجّده ولم يتخذ من دونه آلهة، وهو ما جعل مصر من أول عواصم التوحيد، ليخرج من شعبها أوائل المؤمنين.
وفى اليوم الأول من رمضان، نتناول قصة أقدم عاصمة مصرية قديمة وهي مدينة "منف"، والتى تُعرف باسم منفر أو ممفيس، إضافةً لاسمها الشهير منف، صنفت كإحدى المدن التراثية العالمية، وأسست في العام 3200 لما قبل الميلاد، على يد "الملك مينا" وقد اتخذها عاصمةً له ولمصر بأكملها، تحديدًا خلال الدولة القديمة التى عرفت باسم الأسرات، وكان سكانها يعبدون الإله بتاح.
تقع "منف حاليًا" على مقربة من منطقة سقارة، في الجهة الجنوبية من العاصمة القاهرة على بعد تسعة عشر كيلومترًا منها، وكانت المدينة تُعرف باسم الجدار الأبيض، وبقى هذا الاسم عليها حتى القرن السادس والعشرين لما قبل الميلاد، إلى أن سمّاها المصريون بمن نفر، ولكنّ الإغريقيين حرفوا الاسم فأصبح ممفيس حتى جاء العرب فأسموها منفًا.
احتلت مدينة منف وما زالت تحتل المرتبة الأولى من حيث الأهمية مقارنةً ببقية المدن المصرية التاريخية القديمة، وقد تأسست المدينة في فترة حكم الملك مينا، وهو المؤسس الأساسي للأسرة الأولى، حكمها في الفترة ما بين عامى 3150 و3000 ما قبل الميلاد، وكان الهدف من تأسيسها هو توحيد الجهتين العليا والسفلى من مصر، لتصبح تحت قيادة وسيطرة واحدة، ولتكون في الوقت نفسها العاصمة الوطنية الجديدة لمصر. وبقيت كذلك حتى نهاية عهد الدولة القديمة، لتشمل بذلك تعاقب الأسرة الأولى وحتى الثامنة، وعلى الرغم من انتشار المستوطنات التابعة للأسرة المالكة على الضفاف الشرقيّة في منطقة المعادي، إلى الجهة الشمالية والجنوبية من حِلوان، إلّا أنّه لم يتمّ حتى هذا الوقت تحديد المستوطنات التابعة للمدينة.
لعبت مدينة منف دورًا كبيرًا في جميع النواحى، والتى تتضمن الناحية الاقتصادية والسياسية وكذلك الدينية، طوال الفترة المصرية التاريخية، تحديدًا خلال فترة الصراع ما بين المعبود ست والمعبود حور؛ حيث زاد عدد أتباع الأول منهما مما أدى إلى ترسيخ الملك الخامس للأسرة لاسمه بدلًا من كلمة حور على الواجهة الأمامية للقصر الملكى.
يوجد في المدينة الكثير من المعالم والآثار التى تعود للعصور القديمة، أهمها "هرم زوسر المعروف باسم هرم سقارة، الهرم المدرج الذي بناه إمحوتب، وأعاد بناءه الملك زوسر خلال فترة الأسرة الثالثة قبل أكثر من ألفين وسبعمئة متر، المتحف المكشوف، ويقع في قرية رهينة، تمثال على هيئة أبو الهول، مصنوع من الألبستر، إضافةً لآثار أخرى متنوعة".