الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

من التراث|| نهج البلاغة.. لماذا يُنسب إلى الإمام على؟ (1-30)

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يُنسب كتاب "نهج البلاغة" إلى الإمام على بن أبي طالب - رضي الله عنه- وقام بجمعه الشريف الرضى أو أخوه المرتضى، وقد اختلفت الأقاويل، وقيل بل اشتركا معًا في وضعه؛ وقد ظل هذا الكتاب محل اهتمامٍ، خاصة عند الشيعة.
اشتمل الكتاب على مقدمة وثلاثة أقسام. في المقدمة شرح الشريف الرضي سبب جمعه للكتاب، وقدم تلخيصًا لموضوعات الكتاب، وتسميته؛ ثم جاء في القسم الأول خطب الإمام - كرّم الله وجهه- وفيه 241 خطبة، والقسم الثاني أفرده المؤلف لكتب الإمام، وفيه محاسن الكتب والرسائل التي أرسلها. وبلغ عددها 79؛ أما القسم الثالث فقد أفرده المؤلف لحِكَم أمير المؤمنين ومواعظه ووصاياه، وبلغ عددها 480.

تضمن الكتاب - على عكس ما روّج الشيعة- ثناء الإمام على -رضي الله عنه- على الصحابة كلهم، فقد نُقِل عنه قوله "لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما أرى أحدًا يشبههم منكم، لقد كانوا يصبحون شعثًا غبرًا، قد باتوا سجدًا وقيامًا، ويراوحون بين جباههم، ويقبضون على مثل الجمر من ذكر معادهم، كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم، إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى ابتلت جيوبهم، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف؛ خوفًا من العقاب ورجاء للثواب"؛ كذلك جاء في الكتاب من كلام الإمام ما ينفي عصمة الأئمة، فقد جاء فيه أنه قال: " فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ، ولا آمن ذلك من فعلي".
أول النقد الذي تم توجيهه إلى الكتاب هو عن صحة نسبه إلى الإمام على رضي الله عنه، وأول أسانيد هذا النقد هو أنه جُمع بعد وفاة الإمام بقرابة أربعة قرون، فالشريف الرضى توفي سنة 406هـ وأمير المؤمنين على توفي سنة 40هـ، وليس هناك إسناد متصل بينه وبين على رضي الله عنه. كذلك اشتمل الكتاب على كثير من المصطلحات التي لم يكن يتداولها الناس في عهد على رضي الله عنه، وإنما عرفت بعد ذلك، وكذلك ما فيه من كلمات تجري على ألسنة المتكلمين كـ(المحسوسات، والكل والبعض، والصفات الذاتية، والجسمانيات).
كذلك من النقد الذي تم توجيهه إلى الكتاب أن فيه من السجع والتنميق والصناعة اللغوية ما لم يعرف في عصر الخلفاء، الراشدين، وإنما عُرف بعد ذلك، وكذلك التطويل في الكلام، وهذا خلاف المعروف من كلام على رضي الله عنه وإيجازه.
هذه الأسباب وغيرها دفعت كثيرا من العلماء إلى عدم تصحيح نسبة الكتاب للإمام على، ومنهم الذهبي، وابن حجر، وابن خلكان، والصفدي، وغيرهم، حتى جزم أحدهم بأنه لا يصح أن ينسب إلى الإمام على من الكتاب إلا قرابة العُشر فقط. فقد ذكر الإمام الذهبي في "ميزان الاعتدال": ومن طالع كتابه" نهج البلاغة" جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين على، ففيه السب الصراح والحط على أبي بكر وعمر، وفيه من التناقض والأشياء الركيكة، والعبارات التي من له معرفة بنفس القرشيين الصحابة، وبنفس غيرهم ممن بعدهم من المتأخرين، جزم بأن الكتاب أكثره باطل. كذلك وقال في "سير أعلام النبلاء": كتاب "نهج البلاغة"، المنسوبة ألفاظه إلى الإمام على رضي الله عنه، ولا أسانيد لذلك، وبعضها باطل، وفيه حق، ولكن فيه موضوعات حاشا الإمام من النطق بها، ولكن أين المنصف؟.