الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

ليالي القاهرة| "قاهرة المعز(1)".. الحُلم الذى تحقق

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تتفرد مدينة القاهرة بسحر خاص، تجذب إليها القلوب قبل العيون، عجز المؤخرون والمستشرقون على وصفها، فكل من يأتى إليها يأبى الرحيل، وكأنها “النداهة” التى تشدو بصوتها العذب لتجذب إليها كل من تخطو قدمه عليها، فهى مزيج من العبقرية والجنون، أما لياليها فلها مذاق خاص، التجوال فى شوارعها حتى مطلع الفجر، فهى المدينة التى لا تنام.
وعلى مدى شهر رمضان المبارك سنروى حكاية تلك المدينة الساحرة، أم المدن، «القاهرة» سنتحدث عن مساجدها، وكنائسها ومبانيها، وحكايات أشخاص عاشوا فيها، وغزاه وأحباب سنروى حكايتها منذ نشأتها.
لله قاهرة المعز فإنها، بلد تخصص بالمسرة والهنا
أو ما ترى فى كل قطر منية، من جانبيها فهى مجتمع المنى
يقول عنها المؤرخون إنها «أم المدن» الساحرة الساهرة التى لا تغلق أبوابها أمام الجميع أحباب أم أعداء تفردت بموقعها الجغرافي، فهى «المحروسة» التى لم تقهر مطلقًا بالرغم من المحاولات العديدة من المتربصين لترويضها وإخضاعها.
عندما ولى «المعز لدين الله» الخلافة الفاطمية خلفًا لأبيه المنصور أبى طاهر إسماعيل، الخليفة الثالث فى قائمة الخلفاء الفاطميين، فكان المعز رجلًا مثقفًا يجيد عدة لغات مولعًا بالعلوم والآداب متمرسًا بإدارة شئون الدولة وتصريف أمورها كيسًا فطنًا يحظى باحترام رجال الدولة وتقديرهم.
ولم تغفل عينا المعز لدين الله عن مصر، فكان يتابع أخبارها، وينتظر الفرصة السانحة لكى يبسط نفوذه عليها، متذرعًا بالصبر وحسن الإعداد، حتى يتهيأ له النجاح والظفر.
وتطلع الفاطميون إلى فتح مصر، وتكررت محاولتهم لتحقيق هذا الحلم غير أنها لم تكلل بالنجاح، وقد بدأت هذه المحاولات منذ عام ( ٣٠١هـ / ٩١٣م) أى بعد قيام الدولة بأربع سنوات، فمنذ تلك الفترة وكان يتطلع الخلفاء الفاطميين على بسط نفوذهم على مصر، وبالرغم من كل تلك المحاولات إلا أنها كلها محاولات فاشلة، وكلما فشلوا زاد إصرارهم يزيد فى السطو على مصر.
وبعد أن نجح الخليفة الفاطمى الرابع المعز لدين الله فى تأسيس دولته الأفريقية ومد حدودها إلى ساحل المحيط الأطلسى عزم على فتح مصر، ليحقق أمانى وطموحات وأحلام والده وجده فى السطو والاستيلاء على مصر.
وعندما تولى المعز الحكم أراد تحقيق ذالك الحلم، وكانت مصر فى تلك الفترة عرضة للغزاة الفاتحين، وقد عمت فيها الاضطرابات الداخلية وانتشرت المجاعة بسبب انخفاض منسوب مياه النيل، وتفشى الطاعون.
فكان المعز مطلعًا على أحوال البلاد، بعد أن اتصل به يعقوب بن كلس اليهودى الذى هاجر من مصر، وأصبح مقربا من كافور الأخشيدى، وبعد أن عرف وعلم بكل تلك الاضطرابات فتيقن المعز أن الوقت أصبح مناسبًا لتحقيق الحلم الذى راوده هو وآباءه، فطلب المعز من “جوهر” القائد أن يضع الخطط العسكرية ويجهز حملته، فحشد مائة ألف رجل مجهزين بالمعدات الكافية، وأرسل معهم المؤن وآلات القتال وكل ما يحتاجه الجيش ليغزوا مصر.
وتحركت الحملة من “القيروان” مقر الخلافة الفاطمية بتونس، فى ١٤ ربيع الأول عام ٣٥٨ هجرية، ٥ فبراير عام ٩٦٩ ميلاديا، ووصل “جوهر” إلى الإسكندرية، واستولى عليها، ثم واصل الزحف إلى الجيزة ونجح فى الاستيلاء عليها، واستطاع عبور النيل من الجانب الشرقي، واستطاع التغلب على الجيوش التى كانت فى انتظاره هناك، وعقب ذلك دخلت القوات الفاطمية بقيادة “جوهر” إلى مدينة الفسطاط عند مغيب الشمس، وعسكرت فى السهل الرملى الواقع إلى الشمال، وكان يحد هذا السهل مدينة المقطم من الشرق ومن الغرب الخليج – شارع بورسعيد حاليا- وهو الذى يصل بين شمال الفسطاط ومدينة هليوبولس القديمة، وينتهى عند القلزم على البحر الأحمر.