الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الأب بطرس دانيال في حواره لـ«البوابة نيوز»: نعد الكنافة والقطايف في دير سان جوزيف يوميًا خلال رمضان.. ونشأت على ابتهالات النقشبندي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أكد الأب بطرس دانيال مدير المركز الكاثوليكي للسينما بمصر، أن شهر رمضان من الأشهر المحببة إلى قلوب المسيحيين حيث يشاركون إخوتهم المسلمين فرحة الشهر الكريم.
وأضاف في حواره لـ«البوابة نيوز» أن الاحتفال قديما بعيد الغطاس كان بصناعة الفوانيس والشموع الضخمة، وكان يسمى هذا اليوم عيد الأنوار وفى منطقة مصر القديمة بجوار الكنائس الأثرية، منطقة تسمى قصر الشمع، حيث كان الأقباط يصنعون الفوانيس والشموع ومناسبة اقتراب حلول أيام مباركة ومنها صيام الأربعين المقدسة يقترب احتفال مسلمي ومسيحي مصر شهر رمضان الفضيل وإلى نص الحوار..




- ما شعورك ونحن على أعتاب شهر رمضان المبارك؟
في البداية أهنئ شعب مصر جميعا باقتراب حلول هذا الشهر الفضيل حيث يأتى رمضان هذا العام وسط أجواء تفوح بعَبق الربيع ومع أزمة كورونا التي غيرت الكثير من عاداتنا التي تربينا عليها ولكنها لم ولن تؤثر على الاحتفال بالشهر الكريم مثلما اعتادنا.

- كيف عشت طفولتك مع شهر رمضان؟
في الطفولة عشت بين أحضان أسرتي فأنا من مواليد مدينة الإسكندرية بحي محرم بك من أسرة مُحبّة للجميع ومكوّنة من تسعة أفراد: أبي وأمي وسبعة من البنين والبنات، وكان والدانا يعلّماننا منذ الطفولة محبة الآخر واحترامه، وأبعد من هذا كله زرع فينا مشاركة الجميع مسلمين ومسيحيين في مناسباتهم السعيدة والحزينة على السواء.
من هذا المنطلق كان شهر رمضان له طابع خاص بالنسبة لنا، ففيه كانت والدتي الغالية تُعِد البسكويت والكعك، ثم تقوم بتوزيعه وتقديمه للجيران وخاصةً لأم فتحي زوجة صاحب المنزل الذي كنّا نسكن فيه، حتى أنها كانت تُعدّ خصيصًا بعض الفطائر للدكتور الصيدلي الذي كنتُ أعملُ عنده، فكان يعشق جدًا تناول الفطير مع أسرته من يدي والدتي، كما كان والدي يشتري لنا الكنافة والقطايف على مدى الشهر ويتم إعدادها بالمنزل من قِبل والدتنا الحبيبة التي كانت تتفنن في خبزها، وكنّا نجتمع حول المائدة ساعة الإفطار لنأكل معًا حتى نستطيع فيما بعد متابعة البرامج والفوازير والمسلسلات سواء من المذياع أو التليفزيون، وكان والدي العزيز لا يسمح لنا باللعب في الشارع سوى في هذا الشهر بشرط أن نكون أمام عينيه.
ولا أنسى دعوة الجيران لنا أحيانًا لتناول الإفطار معهم ونقضي وقتًا في صحبتهم بروحٍ صافية، وكنّا نشعر بمثابة أسرة واحدة فيها الكبار يتبادلون الحديث فيما بينهم، والصغار يلعبون سويًا.
وكانت هناك صديقة لأختي تُدعى «أمل» تطلب منها أن تساعدها في تحضير وإعداد البسكويت والكعك الذي سيتم توزيعه وتناوله في أيام العيد، حتى أنها كانت تلح على أختي طالبة منها الجلوس معها في المنزل لتناول الإفطار مع أسرتها، وبعد رحيل والدتي من هذا العالم، كانت هذه الصديقة تأتي عندنا لتساعد أخواتي في إعداد الحلويات.
- وكيف كانت نشأتكم الدينية مع المسلمين؟
نشأنا وترعرعنا ونحن نستمع بكل سرور إلى تواشيح الشيخ سيد النقشبندي والابتهالات والأغانى التي تخص هذا الشهر مثل: «رمضان جانا... أهلًا رمضان، وحوي يا وحوي» وغيرها.
مازلتُ أتذكر المسحراتي الذي كان يجول الشوارع ليوقظ الناس للسحور وصلاة الفجر، وما أجمل المشهد الذي كنّا نشاهده جميعًا منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا، ألا وهو الاهتمام بالفقراء وغير القادرين ماديًا بتقديم الإفطار لهم على "موائد الرحمن" التي تُعَد في كل مكان وفيها يتقاسمون معًا لقمة هنيّة من يدٍ سخيّة.

- ماذا عن مشاركتك للمسلمين فيى رمضان وإعدادك الفطور للجنود أثناء خدمتك في القوات المسلّحة ؟
أثناء خدمتي في القوات المسلّحة، وكان شهر رمضان آنذاك في مارس 1993 وكنتُ أقف الخدمة طواعيةً كل يوم لمدة ساعة أثناء الإفطار مكان إخوتي حتى يتمكّنوا من تناول الطعام مع الآخرين، حتى أن هذا المشهد نال إعجاب قائد الكتيبة العقيد محمد عبد الهادي الذي دعاني لمكتبه ليستفسر عن هذا الأمر، فقلتُ له: «أنا راهبٌ مُكَرّس حياتي وذاتي لخدمة الآخرين، وهذا أقل واجب أستطيع القيام به بكل محبة»، كما كنتُ أساعد في تحضير وجبتي الإفطار والسحور بمطبخ الكتيبة وأتذوق الطعام من أجل تقديم وجبات حلوة لزملائي المسلمين.
- وماذا عن حياتك الرهبانية ؟
عندما قامت الرهبنة الفرنسيسكانية بتعييني مديرًا للمركز، قمتُ بالاقتراح على بعض الفنانين والمثقفين للقيام بزيارات متنوعة أثناء شهر رمضان لمستشفى57357 للأطفال والعمل على تزيينها وتوزيع فوانيس رمضان وبعض الهدايا على الأطفال المرضى حتى نرسم البسمة والبهجة على وجوههم ونشعرهم بهذا الشهر حتى وإن كانوا داخل المستشفى.
وذهبنا أيضًا لمستشفى أبوالريش للأطفال ومعهد الأورام بقصر العيني بصحبة بعض الفنانين ومجموعة من كورال كنيسة سان ﭼوزيف وقمنا بغناء (رمضان جانا...أهلًا رمضان، وحوي يا وحوي) وغيرهما بمصاحبة آلة الأكورديون، حتى أن الأطفال وأسرهم كانوا ينشدون معنا في فرحٍ وسرور.
كما كنّا نقوم بإعداد مائدة "إفطار المحبة" التي تجمع أبناء مصر ونعيش في سلام ومحبة ومودّة، وكنّا نذهب لبعض المستشفيات من أجل زيارة ضباط وجنود القوات المسلحة والشرطة والمدنيين المصابين نتيجة العمليات الإرهابية لرفع معنوياتهم.
كل عام وجميع المصريين بخير وسلام بحلول هذا الشهر المُعَظّم رمضان كريم.

- وما هي الأكلات المفضلة لك في هذا الشهر؟
كعادة المسلمين بالشهر الكريم، فهم يحرصون على شراء الكنافة والقطايف، التى تعد من أشهر الحلويات التى يتم تقديمها على مائدة الشهر الفضيل عقب وجبة الإفطار؛ فهنا نقوم بعملها طيلة شهر رمضان في دير سان جوزيف يوميا، إننا جميعا مصريون ولا فرق بين مسلم ومسيحى، وقد ولدت وتربيت بين زملائى المسلمين، وعلمنى والدى أننا نعيش في بلد واحد، لا يفرق بيننا أحد، ولا يعرف كثيرون أننى مسيحى رغم اعتزازى بديانتى، وديننا دين محبة.