الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القديسة البارة مريم المصرية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مريم المصرية من أكثر القديسين الذين توضح كم هي رأفة الله عظيمة على الذين يرغبون الرجوع عن الزلات القديمة، فسيرتها مليئة بالعبر والدوروس فهي توجه دعوة لتوبة عن الخطايا مهما كانت وهي برهان لرحمة الله العظيمة فمهما كانت الخطيئة عظيمة يجب ان لا ننسى أن رحمة الرب اعظم. ومحبتة لا تدرك ولكي نحصل عليها فلا سبيل إلى ذلك الا بتوبة صادقة ودموع وتواضع وحمل الصليب واتباع يسوع.

حياتها
وُلدت القديسة مريم في الأرياف المصرية في أوائل القرن الرابع الميلادي، وعندما كانت ابنة اثنتي عشرة سنة ذهبت خفية عن والديها إلى مدينة الإسكندرية التي كانت في ذلك الوقت منارة للعلوم والمعارف يؤمها رجال الشرق والغرب من التجار والصناع ومحط رحال الألوف من الطلبة من جميع العناصر. كانت جميلة الطلعة وغنية وعاشت الإسكندرية حياة الدعارة والطيش والخلاعة سبعة عشر عامًا. وكان عيد رفع الصليب الكريم قد قَرُب وهو عيد تحتفل به المدينة المقدسة احتفالًا عظيمًا وكان المسيحيون يأتون من جميع أنحاء البلاد للحجيج وللمشاركة في الاحتفالات ويتبركوا من العود الكريم.

خرجت جماعة من الإسكندرية متوجهة للقدس لحضور العيد فذهبت مريم معهم للتفرج وقضاء أيام سرور وانشراح. ولما وصلت القافلة إلى أورشليم لم تذهب مريم لزيارة الكنائس والأماكن المقدسة بل ذهبت كعادتها وراء المعاصي والدعارة، وجاء يوم العيد فهرع الألوف إلى الكنيسة لحضور العيد والتبرك من الصليب الكريم. أرادت مريم أن تدخل مع الجموع إلى الكنيسة، ولكنها لما أتت باب الكنيسة شعرت بقوة خفية تدفعها إلى الوراء وتمنعها من الدخول فحاولت مرارًا ولم تقدر، ونظرت حولها فرأت ان الجميع يدخلون ولا مانع يمنعهم بينما كانت الوحيدة التي لا تستطيع الدخول فنُخِست في قلبها وتذكرت حياتها الأثيمة، وفهمت أن معاصيها هي التي وقفت في وجهها وحالت دون دخولها إلى بيت الله. تذكرت خطاياها وأفعالها، وعزمت التوبة والعدول عن تلك السيرة وأخذت تستعطف الله بالتوبة، وتطلب شفاعة والدة الإله لأجلها. وهكذا استطاعت دخول الكنيسة وسجدت لعود الصليب المكرم، وفي اليوم نفسه توجهت من أورشليم وجازت نهر الأردن ذاهبة إلى أعماق البرية. وعاشت 47 سنة حياة قاسية جدًا في التوبة والصيام والتأمل ومقارعة التجارب الشيطانية، وفي أواخر أيام حياتها صادفت كاهنًا ناسكًا اسمه (زوسيماس)، كان قد توغل في الصحراء للصلاة والعبادة فظن أولًا انه رأى شبحًا ولكنه رآه يتحرك فناداه فهرب، فلحق به، وأخذ يعدو وراءه وهو يصيح ويقول:
"يارجل الله قف قليلًا لأخذ بركتك" ظنًا منه انه أحد النساك، ومازال يركض وراءه حتى ادركه وإذا بذاك الشبح يصيح بالراهب ويقول: "أيها الأب زوسيماس إني امرأة خاطئة وانا عريانة فاذا كان لا بد من الكلام معي فارمِ اليَّ بالجبّة التي عليك لاستتر بها"، فرمى بها اليها واقترب منها وإذا به امام امرأة قد تجعد وجهها واحرقَت الشمس جسمها وابيّض شعرها واسترسل على صدرها وكتفيها فقالت له: "أيها الأب زوسيماس ماذا تريد من امراة بائسة مثلي"؟ ثم قصّت عليه سيرة حياتها من اولها إلى تلك الساعة وما تحمّلت بها من تجارب شيطانية شديدة، وعن معونة والدة الاله لها في أثناء التجارب فطلبت منه ان لا يبوح بسرِّها ما دامت على قيد الحياة وان يأتيها بالاسرار الطاهرة لتتناول جسد المسيح ودمه. لإاجابها إلى ذلك وفي السنة التالية يوم الخميس العظيم، أتاها ليناولها المناولة الإلهية، ثم بعد سنة عاد إليها يوم الخميس العظيم ليناولها المناولة الإلهية فوجدها مطروحة على الأرض باحتشام ووقار ينبعث النور من محياها وأسد رابض امامها يحرسها ورأى على الأرض الكتابة التالية:
"أيها الأب زوسيماس، ادفن جسد مريم البائسة، وأعد إلى الأرض ماهو منها، اني رقدت في اليوم الذي تناولت فيه الأسرار الطاهرة فصل من أجلي". "فقام لساعته وإذا بالأسد يتقدمه وينبش الأرض بمخالبه حتى حفر حفرة كبيرة فحمل الأب زوسيماس ذلك الجسد الطاهر وواراه التراب. وهكذا أعلم الأب زوسيماس رئيسه بما حصل وكتب سيرة حياتها. كان ذلك نحو 378م وعلى رأي البعض سنة 437م

كاتب سيرتها:
كاتب سيرتها هو الأب الراهب زوسيما، الذي التقاها وأخبرتهُ بكل ما أوردناه. حيث أبلغ خبرها بعد رقادها بناءً على طلبٍ منها أن لا يكشف خبرها وهي على قيد الحياة خوفًا من أن يلحقها المجد الباطل. كما ونقل سيرتها القديس صفرونيوس بطريرك القدس (+638)، وقد وردت في القانون الكبير للقديس اندراوس الكريتي.


- تقيم لها الكنيسة المقدسة، بالإضافة إلى عيدها في الأول من أبريل، عيدًا آخر في الأحد الخامس من الصوم الكبير.كما يُعيد لها الغرب في الثاني أو الثالث من نيسان والأقباط في السادس من شهر برمودة، في حدود الرابع عشر من نيسان، والموارنة في الأول من نيسان مثلنا.
يُشار إلى أن هناك قديسة يُعرف عنها ب"مريم الفلسطينية" نسكت في برية سوكا واكتشفها تلاميذ القديس كيريكوس المتوفى سنة 557م. كلاهما يُعيّد له في 29 أيلول. وثمة من يدعي أن المريمين واحدة، ولكن ليس ما يثبت ذلك البتّة.

- نجد في المرفق صور الكهف الذي عاشت فيه القديسة في صحراء الإردن.