السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

عيد البشارة.. أصول وتقاليد الاحتقال به

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عيد بشارة العذراء مريم، هو عيد للسيد ولوالدة المسيح، هو اول الاعياد من حيث ترتيب احداث التجسد، فلولا البشارة وتجسد المسيح في بطن العذراء ما كانت بقية الاعياد، لذلك الاباء يسمونه رأس الاعياد والبعض يسمونه نبع الاعياد أو اصل الاعياد، لذلك ترتل الكنيسة بالقداديس قائلين: ” اليوم هو رأس خلاصنا اي اننا في لحظة التجسد نحصل على بداية الخلاص، أو بداية خلاصنا وكأننا نتذوق أو نرتشف بداية الخلاص الذي تم على الصليب الذي ينتظرنا بعد قليل في الاسبوع العظيم".

أصل العيد
تعود جذور هذا العيد إلى القرون الأولى للمسيحيّة، فموضوع بتولية مريم العذراء، وحبلها الإلهي أيّ تجسّد الإله في أحشاء امرأة شغل بال المسكونة منذ القدم وغيّر وجه التاريخ، وألهب القلوب المنتظرة الخلاص الأبدي.
قبل إقرار دستور إيمان الكنيسة في المجمع المسكوني الأوّل في نيقية عام 325م، وتكملته في المجمع المسكوني الثاني في القسطنطينيّة عام 381م، كان يوجد في مناطق مختلفة إعترافات إيمانيّة عديدة تتلوها الجماعات المسيحيّة في صلواتها. ولكن الجدير في الملاحظة أنّه ما كان مشترك في كلّ هذه الإعترافات موضوعان رئيسيّان:




وهذا يعكس بوضوح وبشكل جلي الإيمان المسيحي منذ نشوء المسيحيّة، وهذا الحدث الإستثنائي الذي حدث مرّةً في التاريخ أي إتّحاد الطبيعة الإلهيّة بالطبيعة البشريّة هو أساس الإيمان المسيحي بمجمله. وكلّ المجامع المسكونيّة السبعة التي حصلت أبّان الألف الأول، كانت تعلن وتؤكّد تجسّد المسيح وولادته من الروح القدس ومن مريم العذراء، التي هي والدة المسيح ولأنّه تجسّد، أي صار إنسانًا مثلنا، تُكتب له أيقونةً تأكيدًا لتأنسه.
كما أن عبارتي تجسّد من الروح القدس ومن مريم العذراء، هما من أقدم الإصطلاحات المسيحيّة على الإطلاق، ويشكّلان خاصتين أساسيتين في الإيمان المسيحي ولا يمكن الإستغناء عنهما لذا الترجمة الأصح للكلمة اليونانيّة Omo ousios والتي تشير إلى جوهر الإبن، هي واحد مع الآب في الجوهر، أكثر من مساوي للآب في الجوه كما اعتدنا انتلوها في دستور إيماننا. فالإبن هو مولودٌ من الآب، وهو كلمته الآزليّ الذي صار جسدًا وحلّ بيننا، وهو من جوهر الآب.

هذه ذكرى تجسّد الكلمة، وبه صارت العذراء مريم امّ الله. هذه الأمومة الإلهية هي أساس النعم والامتيازات كلّها التي غمر بها الله مريم العذراء: " السلام عليك يا ممتلئة نعمة، الرب معك".

مراحله
عيد البشارة في الكنيسة الأولى لم يكن في بادىء الأمر عيدًا مستقلًا بحد ذاته، بل كان مرتبطًا بعيد الميلاد الذي كان أيضًا مرتبطًا بدوره بعيد الظهور الإلهي. ولكن، عندما بدأ عيد الميلاد، الذي هو عيد ظهور الله في الجسد، يأخذ استقلالًا عن عيد الظهور الإلهي في القرن الخامس ميلادي، أتت الحاجة ليكون لعيد البشارة تاريخًا خاصًا به تُتلى فيه صلوات وقراءات لها ارتباط مباشر بمفهوم هذا العيد ولاهوته.

فبعد إعتدال الربيع في ٢٠ مارس وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار بشكل كامل، يأتي اليوم السادس الذي خلق الله فيه الإنسان ويكون في ٢٥ آذار. في هذا اليوم أيضًا اتّحد الله مع الإنسان بشكل كامل.


لماذا تُرسَم أيقونة البشارة على الباب الملوكي
في الباب الملوكي الذي يتوسّط جدار الايقونوسطاس (حامل الأيقونات) في الكنائس الأرثوذكسية، توجد بوابة مركّبة من دَفَّتَين (مِصراعَين)، احداهما تُفتح إلى جهة اليمين والأخرى إلى جهة اليسار، وتُرسَم على هذه البوابة أيقونة بشارة السيدة العذراء، بحيث يُرسَم على المِصراع الأول مشهد السيدة العذراء واقفة، يُقابلها على المِصراع الثاني مشهد رئيس الملائكة جبرائيل آتيًا اليها بالبشارة الإلهية.
الباب الملوكيّ يُشير إلى طريق العبور من الأرض إلى السماء، من هذا العالم الأرضيّ الزائل (الذي يُشير اليه "صحن الكنيسة" مكان وقوف الشعب) إلى عالم ملكوت الله الأبدي (الذي يُشير اليه الهيكل)، وبحركةٍ مُعاكسة من ملكوت الله إلى أرضنا وعالمنا، ومن خلاله نتّصل بالله فيوافينا حاملًا الينا ذاته طعامًا وشرابًا "المَنّ السماوي" (أي القربان المقدس).
وعبر تجسُّد الكلمة في أحشاء البتول بطاعتها وقبولها بلاغ الملاك، فُتحَ أمام البشرية الساقطة باب العودة إلى الفردوس (الذي يُشير اليه الهيكل) الذي أُغلقَ قديمًا بعصيان حوّاء الأمّ الأولى، حيث كان حدث البشارة هو بوابة عبور البشرية إلى خلاصها وفدائها وتألُّهها عبر اتحاد الله ببشريّتنا من خلال مريم. لذلك تدعو الليتورجية الأرثوذكسية مريم بأسماء وألقاب تُشير إلى هذه الحقيقة مثل: باب السماء، باب الفردوس، باب الخلاص، باب الفداء، باب السرّ الجليل الخ. فإذن، هذا الباب هو علامة التجسُّد الإلهي يوم البشارة، الذي من خلاله نزل ابنُ الله إلى الأرض ليُقيمَ فيما بيننا، وعلامة دعوة الله للإنسانية اليه لتدخل ملكوته وتشاركه مجده.
يبقى هذا الباب عادة مُغلقًا، لا يُفتَح الّا لبضع لحظات في أوقات مُعيّنة من الليتورجية الإلهية وبعض الخدم الطقسية الأخرى.

يشمل هذا العيد بالإضافة إلى النص الإنجيلي عند لوقا (26:1-38) كتابات أبائيّة وإنجيل يعقوب المنحول، إلاّ أن النص عند لوقا يحتلّ المرتبة الأولى في تكوين هذا العيد، وبالأخص الحوار الذي دار بين العذراء مريم والملاك جبرائيل. الروح القدس يحل عليك، وقوّة العلي تظللك، فلذلك أيضًا القدوس المولود منك يدعى ابن الله" بعد قراءة النص في إنجيل لوقا والتمعّن بكلّ كلمة فيه، كما ونعيّد عيدين في عيد البشارة هما عيد بشارة مريم العذراء وعيد التجسد الالهي.