الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كلمات طارق رضوان منحة من الرحمن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ بدأت احترافي للموسيقى وعملي كصوليست لآلتي المحببة الفيولا، لم تمر على صعوبات كالتى عشتها وعانيت منها لتقديم حفلى فى دار الأوبرا يوم ١٢ مارس، فقد تسببت جائحة كورونا فى إعاقة بعض الزملاء عن المشاركة، كما حرمت العديد ممن يحرصون على حضور حفلاتى، بسبب الإصابة أو الخوف من الإصابة، فلم يمتلئ المسرح كما انتظرت.. ومع ذلك كان للحنو الإلهي فضل كبير، جعل للحفل مذاقا خاصا، فقد حرص صفوة المثقفين وأصحاب الهامات العالية على الحضور، والذين يتذوقون الفنون الراقية ويقدرونها.. جمهور من صفوة الصفوة، وكأن هناك من يقف لاختيار جمهور الحفل بهذا السمو، والذين حطموا سياج الحيطة والخوف من الوباء فى سبيل إشباع الروح بالموسيقى والإستمتاع بها.. أما بعد الحفل فكانت المفاجأة الكبرى بما كتبه الكاتب السياسى الصحفى المخضرم أستاذ طارق رضوان، والذى أشرف بأننى من جمهور قرائه، والشغوفين بكتابته الممتعة والمبهرة.. فغمرتني كلماته عن الحفل بسعادة لا توصف، ورغم أنني استشعرت الخجل من نشر تلك الكلمات لما تحمله من روعة الأوصاف التي أتمنى أن أستحق بعضا منها، إلا أن ما شجعني على نشرها هو ما تضمنته من كلام مستحق للفنانين الرائعين الذين شاركونني الحفل، والذين أعلم كم ستسعدهم كلمات الكاتب والمبدع الكبير وتمنحهم طاقة للمزيد من العمل والإبداع.. فقد كتب: "تلك الليلة.. كان كل شيء معدًا بعناية. حتى الضيوف كانوا على مستوى الحدث، الحدث كان حفل لملكة الفيولا رشا يحيى، وهى صديقة مقربة لى، أعرف جيدا شغفها الذى لا ينقطع بثلاث دون ترتيب، الأسرة وأحمد الإبن والفيولا.. اتخذت مقعدى وارتكنت أنتظر، حتى تم إضاءة مسرح الأوبرا الصغير. وظهرت رشا كالقمر مضيئة وواثقة وبها بعض الإرتباك، أمر طبيعى أن ترتبك نجمة الحفلة، انتقل إلى الارتباك، وما أن ظهر صوتها لتعلن الترحاب بالضيوف وتعلن عن معزوفاتها اختفى الإرتباك ولمعت عين رشا واحتضنت معشوقتها (الفيولا) وراحت تصلي.. كانت عازفة البيانو (أمانى منير) على وصال روحى معها، وبدأ العزف فجأة تاه الجميع وعم الصمت فجأة سبح الجمهور كله فى النغم، تلك الموسيقى الكلاسيكية قد اختيرت بعناية، كان العزف مذهلا، كانت الموسيقى تلمس القلب، كانت رشا تدق على كل قلب جالس.كانت رشا تتمايل وكأنها فى لحن سماوى تعزف كالصوفيين.وتتمايل كالصوفيين، وكان الجمهور منتشيا.وكنت أنا أتدغدغ من جمال ما أسمع، ثم ظهرت فرقتها، مزيج من الموسيقيين كأنهم صنعوا من روح واحدة تجمعت لليلة واحدة، كانت تلك هى الليلة، على القانون كان المبدع مصطفى العجيمى.. وعلى الكيبورد كان أحمد حشيش..وعلى الباص جيتار أمجد عبد البارئ وهو طبيب علاج طبيعى ما أن عرفت مهنته عرفت سر بهجته فهو هاوى وعاشق لذا كان مبدعا.. وعلى الدرامز وليد خليل..وعلى آلات الإيقاع الغربية عمرو راشد.. والإيقاع الشرقي كان زين العابدين.. صدحت الألحان من كل عصر ومن كل لون ومن كل روح ومن كل جانب، توحد المشهد كله بقيادة رشا، الجمهور والفرقة والأنغام والكون كله، كأن الزمن توقف هنا، كأن الوقت نفسه قد تبطأ فى سريانه كى لا ترحل تلك اللحظة.. لحظة توحد الكون فى ذلك المكان، كنت قد وصلت لحد الثمالة، بين الحين والآخر أنظر لكل من حولى، كان الجميع سكارى، ثم ظهر كوكب مضيء واثق الخطوة يمشى ملكا اسمه يحيى الهرميل، صبى يعزف على (ماريمبا) هذا الصبى يمتلك جسارة المبدعين، بفطرته صنع الجدار الرابع وكأنه لا يرى الجمهور المخيف أمامه، عزف الصبى وكأنه يقول ببساطة: (هذا أقل ما عندى) نظرت إلى رشا وجدتها مفتونة به تعزف معه وكأنها فى تحدى لموهبته، غيرة الآلات ظهرت بين يدى الإثنين، وما أن انتهى رحل يحيى، وترك روحه فى قلوبنا ووجداننا، لهذا الصبى مستقبل مخيف هو قادر عليه لو أراد، ثم ظهرت فريدة الهرميل تعزف( ماريمبا) بنوتة صغيرة ابنة الأرض المصرية الطيبة، موهبتها فذة وصغر سنها كان مظلة حماية من أعين الجمهور المحدق فى المشهد كله بعناية وتركيز شديدين، ثم ظهر الوحش الكاسر، مطربة كالإعصار، طلتها وخطواتها وتفاصيلها ثم صوتها تعود بك لزمن كنت أظن أنه قد مضى، زمن مطربة خلقت فقط لتغنى، إمكانياتها أكبر بكثير من مكانتها، غنت أميرة وهذا إسمها ويبدو أنه وصفها، أميرة الغناء، لم تكن تصلى كما كانت رشا ولَم تكن تبدع كبقية الفرقة، بل كانت تتألم ومن رحم الألم يولد الإبداع، كانت روحها هى التى تغنى هى التى تصدح، كانت أميرة تغنى إلى الله لذا كانت تغنى بإخلاص، تغنى إلى الناس لذا كانت تبدع وهى راضية، وقع الجميع فى غرام الأميرة، وقع الجميع فى غرام المشهد، وقع الكون فى غرام تلك اللحظة الإستثنائية من عمر الزمن الطويل الجميل، انتهت فقرات الحفل، كانت رشا مجهدة من طول الصلوات، لكنها كانت كاليمامة تطير وتحلق، كانت رشا تنحني للجمهور والألحان والكون كله كانت تختم تراتيل صلوات الألحان فى تلك الليلة، رشا يحيى لك السلام".. تلك الكلمات أسعدتنى وأفتخر بها فهي أوسمة على صدرى، وفخر لكل المبدعين الذين شاركوننى الحفل، تدفعنا وتمنحنا ببريقها طاقات نور وأمل وإبداع.. فكل الشكر والامتنان للكاتب الصحفى الكبير طارق رضوان.. وله منا كل السلام.