الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

المنيا في عيدها القومي.. عروس الصعيد مهد التوحيد وقهر الإرهاب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«ديرمواس» صاحبة الشرارة الأولى في محاربة الاحتلال الإنجليزي
شاركت في ثورة 1919.. وشهدت تجربة تأسيس إمبراطورية استمرت يومين
وثائق تتحدث عن دور الأقباط في الثورة وأخرى تحذر من المخربين والجواسيس وتدعو إلى الحفاظ على ثروة البلاد
تحتفل محافظة المنيا بعيدها القومى يوم 18 مارس والتى ارتبطت بثورة 1919 م الذى قادها سعد باشا زغلول في مواجهة الاحتلال الإنجليزي،والتى استهدفت جلاء الإنجليز عن مصر ورفع الحماية ونقل السلطة لمجلس شعبى منتخب، وقد شهدت المنيا تجربة تأسيس جمهورية أسماها البعض بـ«الإمبراطورية»، استمرت بين يومي 22 و28 مارس، في بندر المنيا وبعض القرى المحيطة بالضفة الشرقية للنيل (جماريس والأخصاص وتلة وبنى أحمد ونزلة الفلاحين والبرجاية وكدوان وكفر المنصورة) وكانت المسافة بين طرفيها تبلغ 14 كيلومترًا.

كانت البداية داخل قصر العمدة خليل أبو زيد، عمدة مركز ديرمواس، وتجمع الأهالى في صباح يوم الثامن عشر عام ١٩١٩ بعد معرفتهم بقرب وصول الاحتلال الإنجليزي تجاه مراكز الجنوب، حيث قاموا بالتجمع على شريط السكة الحديدية أمام القطار وقلبه دون أى خوف من أسلحة الاحتلال الإنجليزي، وقتل مجموعة من قيادات وأفراد الاحتلال الإنجليزي أمام مدينة ديرمواس، وعلى رأسهم مفتش مصلحة سجون الاحتلال الإنجليزي، مما أدى إلى حبس وإعدام عدد كبير من أبناء مدينة ديرمواس ودفنهم في مقابر جماعية عقب انقلاب قطار الاحتلال الإنجليزي ومواجهته بشجاعة، لتكون ديرمواس صاحبة الشرارة الأولى في محاربة الاحتلال الإنجليزي والقضاء عليه قبل وصوله مراكز جنوب المنيا.
وكما روى المؤرخ المنياوى موفق بيومى أن الإنكليز قاموا بإغلاق مركز قيادة الجيش الإنكليزي فور قيام التظاهرات في المدينة، فخلت من تواجدهم، ما شجع الثوار داخلها على إعلان استقلال مدينتهم كجمهورية، وتنظيم شئونها بأنفسهم، مستغلين الفوضى في مصر أثناء ثورة ١٩١٩. وبذلك شهدت المنيا أول رئيس مدني لمصركجمهورية مستقله ودامت تلك التجربة أربعة أيام، شهدت فيها تشكيل مجلس إدارة من ثمانية أعضاء برئاسة الدكتور محمود عبد الرازق، ونصبّت المحامى القبطى رياض الجمل رئيسًا.
ووثّقت الأحداث التي شهدتها الجمهورية ثلاثة وثائق تشمل منشور إعلان الجمهورية في ميدان بلاس، وطُبعت ٥٠ نسخة منه، صادر الإنكليز ٤٢ منها عقب دخولهم إلى المدينة، وهو منشور يحذّر من المخربين والجواسيس ويدعو إلى الحفاظ على ثروة البلاد وعدم التعرّض للأجانب، وتجنب تخزين المواد الغذائية.

والوثيقة الثانية كتيّب كتبه الشيخ مصطفى القاياتى، عام ١٩٢٣، ويتحدث عن دور الأقباط في ثورة ١٩١٩، ويذكر استخدام الغفر (عناصر الشرطة) والمتطوعين لحفظ الأمن، وتوفير المواد التموينية لأن الواردات من القاهرة من أدوية وأغذية لم تكن متاحة، ففُرضت عقوبات على رفع أثمانها، ويذكر عدم تسجيل حادثة اعتداء واحدة، وانضمام قرى جماريس ولفطاف وتلة وبنى أحمد ونزلة الفلاحين والبرجاية وكدوان وكفر المنصورة للجمهورية.
كما جرى في مثيلاتها، أجهض الإنجليز عسكريًا التجربة، وقبضوا على قادتها وحُكم على محمود عبد الرازق وعلى عضو مجلس الجمهورية محمد البدوى بالإعدام، وحققوا مع رياض الجمل لفترة طويلة وسحبوا رخصة ممارسة المحاماة منه. ومن هنا تأتى الوثيقة الثالثة وهى "عرض حال" بخط يد الجمل يشكو فيها منعه من العمل بلا سند قانونى.
ويوجد شخصيات كثيرة ارتبط اسمها بـ"جمهورية المنيا" من أبرزهم الشيخ أحمد حتاتة وخليل أبو زيد، ابن عمدة دير مواس وصديق سعد زغلول وعائلة الميرغنى الذى من احفادة الكاتب الراحل رجائى الميرغنى.

مهد التوحيد
كثيرون يكتبون عنها "إمارة المنيا"، "عروس الصعيد"، نشأت وترعرعت فيها، منياوى وأفتخر إذا سرت على الكورنيش كأنك بالإسكندرية، لو تجولت في أحياء "أرض سلطان" "شلبى"، تشعر أنك في مصر الجديدة، وان سهرت في فنادقها وكافيهاتها تعتقد انك في المهندسين والزمالك، وحينما تزور القرى والنجوع والعزب التى تشتعل بالأحداث سيكون لك راى اخر( المنيا ١٢٤١ قرية ونجع والأحداث تتكرر في ٤٢ منها فقط)، بها كل العصور الأثرية وغير مدرجة على الخريطة السياحية، المنيا أرض التطرف والسياحة !!
أكبر تجمع مسيحى في الشرق الأوسط (المنيا ما يقارب ٦ ملايين مواطن ٣٥٪ منهم مسيحيون)، وترتفع حيازات المسيحيين وممتلكاتهم من الثروة المنياوية إلى أكثر من ٣٠٪، بها نحو ستة آلاف مسجد وزاوية، ٨١١ كنيسة، نشأت فيها أفكار التكفير القطبية على يد شكرى مصطفى في أبو قرقاص منذ نهاية ستينيات القرن الماضى، وتمت إدانة جماعته التكفير والهجرة باغتيال الشيخ الذهبى وزير الأوقاف عام ١٩٧٨م في محاكمة عسكرية وانتهت بحكم الإعدام شنقًا لخمسة من المتهمين وكان منهم شكرى مصطفى.
في تسعينيات القرن الماضى بدأ الإخوان المسلمين يستقطبون بعض قادة الجماعة مثل محيى الدين أحمد عيسى والمهندس أبو العلا ماضى الخ لتبدأ مرحلة الإخوان، ليظهر نجم سعد الكتاتنى ويصير نائب الدائرة، وصولا لثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وتحالف الإخوان والسلفيين والجماعة وحصولهم على ٨٠٪ تقريبا من الأصوات وحيازة المجرم محمد مرسى على ٧٨٪ من أصوات الناخبين في المنيا، وتوغلهم واستيلائهم على الكثير من المناصب والنقابات الخ وحتى الآن.

بعد فض الاعتصامات الإرهابية في رابعة والنهضة بلغت خسائر الوطن في المنيا ٨٠٪ من محاكم وأقسام ومؤسسات الدولة، وتم التمثيل بأجساد ضباط وأفراد الشرطة في سمالوط ومطاى، وبلغت نسبة خسائر الأقباط في المنيا أيضا ٧٠٪ من الكنائس التى حرقت ونهبت، وبعد ذلك وحتى الآن بلغت أحداث العنف "الطائفى" (٧٧ حادثا في ٢٠١٤ التى شهدت ذروة الإرهاب) بمعدل حادث كل ١٢ يوما تقريبا !!
إذا كان الرئيس السابق السادات قد شرعن لوجود الجماعة غير المشروع على هامش المجتمع المدنى، فإن عصر الرئيس السابق مبارك قد أدى لتمكين الجماعة سياسيا عن طريق عقد الصفقات المتبادلة بين النظام والجماعة مثل صفقة دخول ٨٨ عضوا من جماعة الإخوان في البرلمان المصرى ٢٠٠٥، التى اعترف بها قيادات جماعة الإخوان في أكثر من حوار معلن، وعلى الصعيد الاقتصادى ووفق قضايا غسيل الأموال فقط، بلغت الأموال المغسولة مليارات، ووفق تقديرات بحثيه سيطر الإخوان على ٪٥٥ من تجارة العملة، و٪٢١ من تجارة التجزئة، وعلى صعيد المجتمع الأهلى ارتفعت نسبة الجمعيات والمؤسسات الأهلية الإخوانية في عصر مبارك من ٪٢ إلى ٪١٢ من العدد الكلى للجمعيات في مصر، علما بأن الجمعيات الإسلامية، وفق تقديرات التضامن الاجتماعي ٪٢١، والمسيحية ٪٩، علما بأن القانون لا يسمح بالعمل في الدين أو في السياسة!،ويضاف إلى ذلك أن الجمعيات الدينية الإسلامية حصلت على أكثر من ٪٢٨ من التمويلات الأجنبية الممنوحة للجمعيات في التسعينيات من القرن الماضى. وفى المنيا فقط ٣٠٪ من جمعيات الإخوان ومعاهد السلفيين، وان كان الإخوان قد استحوذوا على الوظائف الحيوية فان منابر ومعاهد السلفيين خلقت ثقافة تكفير الأقباط وفتاوى عدم جواز بناء الكنائس في ديار الإسلام.

وشهدت محافظة المنيا نحو ٪٧٠ من خسائر مصر بعد فض الاعتصامات الإرهابية في رابعة والنهضة، وكان الأنبا مكاريوس قد كتب شهادة في كتاب عنوانه «رحيق الاستشهاد» يوثق لحرق ١٢ كنيسة ومنشأة مسيحية بالمنيا، وسلب ونهب ٤ كنائس، وبلغت الخسائر أكثر من ٨٠ منشأة مملوكة للأقباط، وقتل ٦، منهم شابان حرقا في باخرة، وعبر قداسة البابا تواضروس الثانى عن تلك الملحمة بقوله: «وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن»، وحمى الأنبا مكاريوس الوطن بتعليماته بعدم رد الشر بالشر، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهى السفن، لم تسكت الخلايا النائمة للإرهابيين الإخوان، وتعرض المواطنون المصريون الأقباط في المنيا من ٢٠١٤ وحتى ٢٠١٨، إلى اعتداءت مختلفة كعقاب لهم على تأييد ثورة ٣٠ يونيو، منها تصدى المتطرفين لبناء كنائس، وحرق كنائس وهجوم على ممتلكات، وعقاب جماعى، بواقع حادث تقريبا كل شهرين، وللأسف عقدت في هذه الفترة ٦ جلسات عرفية، ولم تنته قضية بشكل قانونى حتى الآن،
ومن المعروف أن هناك ١٣ قرية من غرب مغاغة، وحتى غرب دير مواس تكررت فيها هذه الظواهر، مثل (ميانة، الجلاء، العور، أسمنت وعرب أسمنت والكرم، وأبو قرقاص، وصولا لدلجا والبدرمان، غرب ملوى ودير مواس) هذه القرى يتبعها نحو ٤٢ نجعا وتابعا، ليس بها كنائس، وتتواتر بها المشكلات، ومع احترامى وتقديرى لأهلى من سكان هذه القرى، فكانت الأكثر تصويتا للإسلام السياسى في انتخابات برلمان ٢٠١٢.
تاريخ ومسيرة
محافظة المنيا بقدر ما هى محافظة مسالمة وجميلة إلا أن تاريخها ملىء بالعنف، من أيام المصريين القدماء وحتى اليوم، فعندما قام إخناتون بعمل ديانة كان هناك صراع على الدين راح ضحيته ثلث سكان المنيا، مرورا بالاضطهادات ضد المسيحيين وقتل الرومان سكان دير البرشا. ومع دخول الإسلام مصر حدثت معركة كبرى في البهنسا بين الجيش العربى وبين البيزنطيين راح ضحيتها ١٩ صحابيا، ومع دخول الحملة الفرنسية لمصر حدث تصادم مع أهالى قرية "دماريس" وذبح أهالى القرية قائد الحملة "جماريس" وهزم الجيش الفرنسى على مشارف المنيا، وسميت القرية دماريس، أيضا كان للمنيا دور في الثورة العرابية، وثورة ١٩ عندما قام الأهالى بذبح الإنجليز، والجدير بالذكر أن المنيا كانت من الجمهوريات الخمس المستقلة إبان ثورة ١٩١٩.
الأجيال الجديدة لا تعرف ثلاثة شيوخ أزهريين، من أقصى شمال المنيا، مغاغة آخر حدودها الشمالية، ولد ثلاثة فرسان أزهريين، الأخوان مصطفى وعلى عبدالرازق، وطه حسين.
في البدء كان الشيخ على عبدالرازق «١٨٨٥ ١٩٤٧» مفكرًا وأديبًا ومن المجددين بالأزهر، ومؤسس المدرسة الفلسفية العربية، تولى وزارة الأوقاف ١٩٤٥، كأول أزهرى يتولاها، ثم اختير شيخًا للأزهر في ديسمبر ١٩٤٥
الشيخ على عبدالرازق، صاحب كتاب الإسلام وأصول الحكم ١٩٢٥، والذى أغضب الأزهر، ومن أجله سحب من الشيخ على شهادة عالمية الأزهر، ذلك الكتاب الذى أكد فقهيًا انتهاء وانتفاء زمن الخلافة، وكلاهما، مصطفى وعلى، تربى في بيت وطنى، والدهما حسن عبدالرازق، أول من أسس جريدة في المنيا، ومن مؤسسى حزب الأمة، ومن تلاميذ الإمام محمد عبده
حاكم الأزهر على عبدالرازق لرفضه فكرة الخلافة، وقامت هيئة كبار العلماء، وفصلت الشيخ على من زمرة العلماء ومن القضاء، ووافق على ذلك الملك فؤاد، لأنه اعتبر أن كل الحكومات بعد الخلفاء الراشدين لا دينية!
ومن المركز ذاته، مغاغة، ولد الأزهرى المصلح الثالث طه حسين ١٨٨٩، في قرية الكيلو، ١٩٠٢ دخل الجامع الأزهر، وتلقى العلوم الدينية، وانتقل إلى الجامعة الأهلية ١٩٠٨ «القاهرة الآن».. ١٩١٤ حصل على الدكتوراة «في ذكرى أبى العلاء المعرى".
واتهمه أحد أعضاء البرلمان حينذاك بالزندقة، وبعد عودته من باريس ١٩١٥ دخل في معارك فكرية عديدة، وعُين عميدًا لكلية الآداب، وكان من أبرز كتبه ومعاركه كتاب «في الشعر الجاهلى» ١٩٢٦، الذى أثار جدلًا عنيفًا، وقُدّم للمحاكمة وبُرّئ منها.

طه حسين، صاحب أول فكرة عن مجانية التعليم، وكان شعاره «التعليم كالماء والهواء» وحينما عُيّن وزيرًا للمعارف «التعليم» طبقت للمرة الأولى في تاريخ مصر مجانية التعليم.
المثير للجدل أن المشايخ الثلاثة القتلة من الجماعة الإسلامية ليسوا أزهريين، ومن مواليد ما بعد ١٩٥٢، وتعليمهم «مدنى».. شكرى مصطفى درس الثانوى في أبوتيج بأسيوط، وخالد الإسلامبولى درس الثانوى في ملوى، ثم التحق بالكلية الحربية، وعاصم عبدالماجد درس الثانوى في المنيا، ثم كلية هندسة المنيا، وداخل السجن درس التجارة، جامعة أسيوط، وحصل على الماجستير في إدارة الأعمال.!
القتلة الثلاثة لم يسافر أحد منهم خارج البلاد، ماعدا عاصم عبدالماجد حينما هرب إلى قطر، في حين أن المشايخ العظام المصلحين الأزهريين، مصطفى وعلى عبدالرازق وطه حسين حصلوا على دراساتهم العليا من السربون بباريس!
القتلة الثلاثة لم يمارسوا العمل السياسى إلا من خلال التنظيمات الدينية، في حين أن آل عبدالرازق من بيت منتسب إلى حزب الأمة، الذى تأسس في مطلع القرن العشرين من عباءة الإمام محمد عبده في مطلع القرن ومطلع الحداثة والتنوير، ثم انتمى ثلاثتهم مصطفى وعلى عبدالرازق وطه حسين إلى فخر الأحزاب الليبرالية «الأحرار الدستوريين".
الفرسان الأزهريون السربونيون جمعوا بين التعليم الدينى والمدنى، وأجادوا اللغات الأجنبية، الفرنسية والإنجليزية واليونانية والتركية، والثلاثة مشايخ الدم لا يجيدون أى لغات سوى لغة الدم.
المشايخ الفرسان الأزهريون تتلمذوا على فقه التجديد للإمام محمد عبدة، وتنوير فولتير، ومشايخ القتل تتلمذوا على 

فقه التكفير لسيد قطب
هكذا من شمال المنيا، ومن رحم الأزهر انبعث النور من عباءة محمد عبدة ورداء فولتير، وإلى جنوب المنيا خرج فكر التكفير لسيد قطب، وابن تيمية، وسالت الدماء.. تلك هى المنيا التى لا يعرفها أحد.
فجر الضمير والتوحيد والاستنارة
من المنيا خرج فجر الضمير والتوحيد والاستنارة إخناتون والشيخان على ومصطفى عبدالرازق ود. طه حسين وهدى شعراوى ود. لويس عوض ود. نعمات أحمد فؤاد ويوسف ويعقوب الشاروني وعمار الشريعي وفاروق سيف النصر واسماعيل صبري عبد لله والبطل فؤاد عزيز غالي والفريق صفي الدين ابو شناف وجميل راتب وهدى شعراوى وسناء جميل وعمار على حسن وعبد الرحيم على، وأيضا في المقابل خرج كرم زهدى وفؤاد الدواليبى وعاصم عبدالماجد، ونشأت فيها أفكار التكفير القطبية على يد شكرى مصطفى في أبوقرقاص منذ نهاية ستينيات القرن الماضى، وتمت إدانة جماعته التكفير والهجرة باغتيال الشيخ الذهبى، وزير الأوقاف، عام ١٩٧٨م في محاكمة عسكرية وانتهت بحكم الإعدام شنقًا لخمسة متهمين وكان منهم شكرى مصطفى. المنيا بها ١٢٤١ قرية ونجعا والأحداث منذ سنوات تتكرر في «٤٢ قرية» والمنيا بها كل العصور الأثرية وغير مدرجة على خريطة السياحة!، ورغم ذلك فهى «مشتل للتطرف». منذ ١٩٧٨ وحتى الآن مرت بثلاث مراحل: ١٩٧٨-١٩٨١ كانت الجماعة متسيدة الإرهاب وبعد مقتل الرئيس السادات تقهقرت الجماعة من أسيوط إلى المنيا لأن قادتها الأكثر عنفا ـ حينذاك من المنيا ـ عاصم عبدالماجد، كرم زهدى، فؤاد الدواليبى وآخرون، وتم إعادة التأسيس الثانى للجماعة في المنيا وسيطروا عبر مسجد الرحمن بجنوب المدينة وكانوا يطبقون الحدود «عينى عينك» ويفرضون الجزية حتى ١٩٩٠، لتبدأ المرحلة الثالثة من ١٩٩٠ حتى المراجعات.
في تسعينيات القرن الماضى بدأ الإخوان المسلمين يستقطبون بعض قادة الجماعة مثل محيى الدين أحمد عيسى والمهندس أبو العلا ماضى إلخ لتبدأ مرحلة الإخوان، ليظهر نجم سعد الكتاتنى ويصير نائب الدائرة، وصولا لثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وتحالف الإخوان والسلفيين والجماعة وحصولهم على ٪٨٠ تقريبا من الأصوات وحيازة المجرم محمد مرسى على ٪٧٨ من أصوات الناخبين في المنيا، وتوغلهم واستيلائهم على الكثير من المناصب والنقابات إلخ.
من ١٩٦٠ وحتى الأن (٢٤) محافظا من عبدالفتاح فؤاد وحتى أسامة القاضى، بمعدل محافظ كل سنتين، ولكن هناك أربعة محافظين استمروا خمس سنوات وهم (اللواء عبدالفتاح فؤاد، اللواء صلاح الدين إبراهيم، اللواء عبدالحميد بدوى، اللواء حسن حميدة)، وستة محافظين جلسوا سنة فأقل وهم (أحمد كامل خمسة شهور مايو- أكتوبر ١٩٦٨، ويلاحظ أن التغييرات تمت ارتباطا بورقة أكتوبر١٩٦٨ والفريق محمود ماهر ١٩٦٨/١٩٧١ وارتبط تغييرة بما سمى ثورة التصحيح ١٩٧١، إبراهيم بغدادى من مارس وحتى مايو ١٩٧١، أقل من شهرين وكان محسوبا أيضا على ما سمى مراكز القوى، اللواء سمير سلام ٢٠١١/٢٠١٢، وارتبط التغيير السريع بثورة ٢٥ يناير وما تبعها) ود. مصطفى عيسى ارتبط تغييره بثورة ٣٠ يونيو لأنه كان من الإخوان، وما تبقى لم يزيد عن سنتين وعدة شهور. أيضا كما واضح أن محافظة المنيا تهم الرؤساء جدا ونعرف ذلك من علاقة التعيين والتغييرات لمن تم إقصاؤهم بثورات (ورقة أكتوبر ١٩٦٨ وثورة التصحيح ١٩٧١، وانتفاضة يناير ١٩٧٧، وثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وثورة ٣٠ يونيو).
أن محافظى المنيا من القيادات المهمة دائما، وليس أدل على ذلك من أن كل حدث كبير منذ ١٩٦٨ وحتى الآن يتم إقصاء محافظ دون أن يكمل العام، وبعضهم تم سجنه، كما أن المحافظة محل اهتمام أمني، ورغم اهتمام الدولة بالمنيا فهى متأخرة في معدلات التنمية، وتكاد تكون بلا صناعة، والجامعة لم تقدم تنويرا حتى الآن بل خرج من بين صفوفها كرم زهدى وعاصم عبدالماجد وصولا للكتاتنى. المنيا مرآة عاكسة للوضع في الصعيد، بها أكفأ منظمات مجتمع مدنى، وليس بها تنمية ناجزة، وأغنى ثروات معدنية وليس بها صناعة حقيقية، وبها آثار متفردة من كل العصور وليست مدرجة على الخريطة السياحية منذ تسعينيات القرن الماضى، بها جامعة ومنظمات دولية ولكنها تعد «مشتلا للإرهاب»!
المنيا بها كل العصور الأثرية وغير مدرجة على خريطة السياحة! أكبر تجمع مسيحى في الشرق الأوسط «سكانها نحو ستة ملايين مواطن ٪٣٥ منهم مسيحيون»، وترتفع حيازات المسيحيين وثرواتهم إلى أكثر من ٪٣٥ من الثروة المنياوية، بها نحو خمسة آلاف مسجد وزاوية، و٨٢١ كنيسة، لجأ إليها السيد المسيح والعائلة المقدسة، وبها أكبر منظمات مجتمع مدنى وجامعة ومؤسسات دولية، ورغم ذلك فهى «مشتل للتطرف ٪٨٢ من السكان ريفيون، ورغم ذلك فالمساحة الزراعية تشكل ٪٦.٥ من المساحة الزراعية في مصر، ولذلك فهى طاردة للعمالة الزراعية، ويعد ٪٢٥ من العمالة في ليبيا من المنياوية رغم القهر والموت والإرهاب.. وفى نفس الوقت لا توجد صناعة، بل أنشطة للمحاجر وبعض الصناعات الصغيرة، في حين بيعت في الخصخصة ثمانية مصانع منها شركة النيل لحليج الأقطان وغيرها من المصانع التى كانت تستوعب قرابة ٢٠٠ ألف عامل وعاملة، ووفق تقرير التنمية البشرية فإن ٦٠٠ ألف يعيشون تحت خط الفقر. وإذا انتقلنا للمواطنين المصريين الأقباط فهم نحو ٢ مليون مواطن من ٥،٥ مليون نسمة، يشكلون ٪٣٢ من الثروة المنياوية، و٪٤٠ من الطبقة الوسطى،، وبالمحافظة ١٥٠ مكانا «توابع صغيرة تضم من ٥٠٠ إلى ١٥٠٠ قبطى» ليس بها كنائس، ويصلى فيها سكانها في بيوت لتعذر الحصول على تراخيص، كما أن ٪٣٢ من القرى في الثلاثين عاما الأخيرة أصابها ما يسميه المفكر سمير مرقص «فيروس التفكك القاعدى»، وأصبح بناء كنيسة في تلك القرى ضربا من الاستحالة، ولم يعد التحدى مع تنظيمات بل قطاع لا يستهان به من السكان، ومن ثم مسألة تطبيق القانون تحتاج تهيئة ثقافية بعيدا عن الحلول العرفية، لذلك كله يعد منهج الأسقف الأنبا مكاريوس اسقف عام المنيا وابوقرقاص نقلة نوعية في منهجية التعامل مع الملف من منظور أن الأقباط ليسوا «طائفة» ولا رعايا الكنيسة بل مواطنين مصريين. لكن المنيا منذ بدايات المواجهة مع الإرهاب في سيناء دفعت ١٢ شهيدا دفاعا عن الوطن.