الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"الأول من نوعه بالشرق الأوسط".. التفسير العربى المعاصر للكتاب المقدس بأقلام 48 كاتبا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ الْخَمْسِينَ كَانَ الْجَمِيعُ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ" (أع 2: 1)، ومنذ ذلك اليوم، يوم انسكاب الروح القدس على جماعة الإيمان في القرن الأول الميلادي، والمسيحيون العرب جزء لا يتجزأ من تلك الجماعة ومن نسيج هذا المشرق العريق.
التفسير العربي المعاصر للكتاب المقدس أحد التفاسير المتخصصة التي ترتكز على إرثين ثقافي وديني مرتبطين بهذه المنطقة من العالم، من خلال أربعة أبعاد: أولا، التعاطي مع النص ورسالته – ثانيا، إدراك كيفية ارتباط النص ومعناه بالايمان والحياة – ثالثًا، توضيح رسالة النص وشرحها بحيث تتوجه إلى ثقافة المجتمعات الشرق أوسطية، مع الأخذ في الاعتبار هواجسها وهمومها – رابعا، اعتبار القارئ جزءًا فاعلا في العملية التفسيرية، وليس مجرد مستقبل للتفسير، مما ينمي لديه القدرة على الفهم والتحليل. كما يحتوي التفسير على مقالات عامة، تشمل موضوعات مرتبطة بالنص، وتتناول قضايا مهمة، منها العمل الاجتماعي والسياسي والمجتمع المدني والعلم، وغيرها من القضايا التي تبني جسرا بين النص والواقع.
يهدف هذا التفسير إلى وضع الأبحاث والدراسات الكتابية في خدمة الكنيسة لتعزيز فهم الكتاب المقدس، وهو محاولة مهمة على طريق الوحدة المسيحية استجابة لدعاء السيد المسيح: "لِيَكُونُوا وَاحِدًا" (يو 17: 22)، وتفعيلًا لكلام الرسول بولس: "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلًا، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ" ( 2 تي 3: 16-17).
قال الدكتور القس أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر والمحرر المسئول عن التفسير، " بإن الأول من نوعه من حيث كونه تفسيرًا شرق أوسطي للكتاب المقدس، وبأقلام كُتَّاب شرق أوسطيين من خلفيات متعددة بلغ عددهم 48 كاتبًا، ويحتوي مقالات تقدم شرحًا تفصيليًّا لرأي المسيحية اليوم في القضايا المعاصرة التي تواجه المواطن العربي العادي من قضايا علمية، واقتصادية، وسياسية، ودينية".
وأضاف رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر "أن فريق العمل ضم لاهوتيين وباحثين من كل بقاع الوطن العربي، بكل خلفياته وطوائفه، ومن كل الكنائس؛ الكنائس المصلحة بشتى توجهاتها، الكنائس الأرثوذكسية، والكنائس الكاثوليكية".
وتابع زكي: تعددت جنسيات الكُتَّاب، فشارك كُتَّاب من ٦ دول عربية هي مصر ولبنان والأردن وفلسطين والعراق والكويت، مؤكدًا أن هذا التعدد والاختلاف جعل هذا التفسير متفردًا لا مثيل له من كل التفسيرات التي سبقته ولا سيما في العالم العربي.
وكشف "زكي" بان في هذا التفسير سار كل مفسر رحلتين: أولأً، رحلة إلى عالم النص، وفيها يحاول المفسر فهم النص في الظروف التاريخية والحضارية التى كتب فيها وبالصورة التي فهمها المتلقي الأول للنص. هذا يشمل الخطوات المختلفة التي يقوم بها المفسر من دراسة خلفيات حضارية وتاريخية وفهم للبناء الأدبي للنص، ومن ثم فهم مضمون النص من كلمات وعبارات وتراكيب مختلفة حتى يصل لاستيعاب جيد لرسالة النص التي وصلت إلى المتلقي الأول.
واستطرد "زكي"، ثانيًا رحلة إلى عالم القارئ المعاصر، وفيها يحاول المفسر أن يفتح ذهن المتلقى ليسمع ما يريد النص أن يقوله له في عالمه وظروفه المعاصرة. كما أن هذا الكتاب اهتم بخلفيات الشرق الأوسط والقضايا التى تشغل القارئ العربى، وحاول كل كاتب وهو يقدم فهمًا للنص أن يقدمه في سياق شرق أوسطى معاصر، يتلامس مع من يعيشون في منطقتنا العربية.
وفي سياق متصل قال الدكتور لؤي محمود سعيد أستاذ الدراسات القبطية بجامعة مدينة السادات، ترجع أهمية مثل هذا النوع من الكتابات يرجع إلى أمرين أساسيين، أولًا أن الكتاب المقدس بعهديه لغته الأصلية غير عربية فالعهد القديم لغته الأصلية هي العبرية والعهد الجديد باليونانية القديمة وبالتالي الترجمات العربية متعددة ومتطورة وفي كل فترة نجد ترجمة جديدة تواكب روح العصر وتخرج للنور، والدليل على ذلك عندما شاركت بالاحتفال بمرور 150 عاما على ترجمة فاندايك داخل كلية اللاهوت الإنجيلية في عام 2015، طالب كثير من المشاركين بالاحتفالية من المتخصصين في مجال الترجمات والتفاسير من مصر وخارجها وبالإجماع بضرورة الاجتهاد في وجود ترجمة عربية معاصرة تحل بعض إشكاليات ترجمة فاندايك والتي لها أكثر من قرن ونصف من الزمان، فاللغة كائن حى متطور، ومن الضروري أن نعيد النظر في ترجمة النص من فترة لأخري، لكي تقدم المعني والمضمون الأصلي للنص للقارئ المعاصر بصورة واضحة.
وأكد لؤي خلال تصريح خاص لـ"البوابة" أن كلمة الله لا تتغير عبر الزمن ولكن المتغير هو فهمنا للكلمة وإدراكنا لمضمونها.
أما بالنسبة للمنهجية في هذا العمل، أوضح "لؤي" أن المشروع تطلع إلى أن يكون على مستوى الترجمات المنشورة والمعروفة عالميا، والمتخصصة بشرح الكتاب المقدس، تلك التي تقدم تفسيرا دقيقا للنص، ويعتمد هذا التفسير، أساسًا، على النص الكتابي في صيغته القانونية.
فاللغات الأصلية التي دون بها الكتاب المقدس بعهديه كما ذكرت ليست من بينها العربية لكن المهم أن الأحداث التي تجري فيها النصوص والشخوص هي في الأساس أحداث وشخوص وأماكن شرق أوسطية، فمهم جدا سياق تقديم النص للقارئ، فالسياق الصحيح يستلزم إدراكنا لثقافة الشعوب الشرق أوسطية في ذلك التوقيت في العهدين وإدراك عاداتهم وتقاليدهم ودلالات في الكلام والمفاهيم والأمثال من خلال النص، وهذا بالحقيقة دور مهم جدا للمترجم، كما يتفادي هذا العمل الضخم والجبار الترجمة الحرفية كلمة بكلمة وإلا كان أشبه بأسلوب برنامج جوجل للترجمة مفتقدا روح النص الأصلي وسياقه، ولكن المترجم الحاذق ينظر إلى النص ليس من خلال الترجمة الصماء، ولكن يسبغ على هذا التفسير روح النص والشخوص والأماكن التي تدور فيها أحداث الكتاب المقدس مراعيًا العادات والتقاليد الخاصة بشعوب المنطقة.
فلقد وضع المفسرون في اعتبارهم أن الغاية من هذا التفسير تقديم أكبر قدر من الإفادة للمهتمين بشكل عام ولعامة المؤمنين بالخصوص، بحيث يتوجهون إليهم بما يحملونه من إرثين ثقافي وديني مرتبطين بهذه المنطقة من العالم، وقد أتمموا هذه المهمة من خلال أربعة أبعاد: التعاطي مع النص ورسالته – ادراك كيفية ارتباط النص ومعناه بالإيمان والحياة – توضيح رسالة النص وشرحها بحيث تراعي ثقافة المجتمعات العربية، مع الأخذ في الاعتبار، اذا امكن هواجسها وهمومها- اعتبار القارئ جزءًا فاعلًا في العملية التفسيرية، بدل أن يكون مجرد مستقبل للتفسير، مما ينمي القدرة على الفهم والتحليل.
واختتم أستاذ الدراسات القبطية تصريحه بأن التفسير العربي المعاصر للكتاب المقدس هو عمل متفرد وهام وبمنهجية علمية إيمانية عالية الدقة مما يجعله يستحق القراءة لكل مهتم بفهم وإدراك معاني ومضامين الكتاب المقدس بعهديه.
وفي سياق متصل قال القس عيد صلاح من المشاركين إن التفسير ابن البيئة الشرقية، وقد شارك فيه بالكتابة أبناء هذا الشرق. وهو يعبر عن خصوصية القرينة الشرق أوسطية في تناولها للنص الديني وكيفية تفسيرها، وقد جمع بين الأصالة والمعاصرة، وهو أول عمل يصدر في تاريخ التفسير العربي بهذه الصورة. وما يميز هذا المشروع هو العمل الجماعي الذي يقبل التعدد والتنوع ويحترم الاختلاف. وتميز أيضًا بمنهجية التفسير الذي يربط بين النص والواقع بالاشتباك مع قضايا الشرق الأوسط. وهو كتاب عربي كتبه كتاب عرب للناطقين باللغة العربية وكان لي شرف بالمشاركة بالتفسير في هذا المرجع المتميز بسفري يهوذا ويوحنا الأولى، وكم كانت بالنسبة لي رحلة ممتعة وملهمة، ويبقى أن التفسير هو فن الفهم.