الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

الشعر يجمعنا.. "شجرة الزيتون الثانية" لمحمود درويش

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الأدب بصور فنونه المتنوعة يحاول أسر التجارب الإنسانية المنفتحة واللامتناهية لثراء التجربة البشرية، ولا شك أن الشعر أحد هذه الفنون التي تحاول التحليق في فضاء الخيال، وربما هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس في وعي الإنسان وفي اللاوعي أيضا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر..
تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا.
واليوم ننشر قصيدة بعنوان "شجرة الزيتون الثانية" للشاعر الفلسطيني محمود درويش، تزامنا مع ذكرى ميلاده التي تحل اليوم السبت.
شجرة الزيتون لا تبكي ولا تضحك
هي سيدة السفوح المحتشمة
بظلها تغطي ساقها، ولا تخلع أوراقها أمام عاصفة
تقف كأنها جالسة، وتجلس كأنها واقفة
تحيا أختاً لأبدية أليفة وجارة لزمن
يعيها على تخزين الزيت النوراني وعلى
نسيان أسماء الغزاة،ما خلا الرومان
الذين عاصروها واستعاروا بعض أغصانها
لضفر الأكاليل.لم يعاملوها كأسيرة حرب،
بل كجدة محترمة ينكسر السيف أمام
وقارها النبيل في فضة حضرتها المتقشفة
خفر اللون من الإفصاح ،والنظر إلى ما
وراء الوصف، فلا هي خضراء ولا فضية
هي لون السلام إذا احتاج السلام إلى فصيلة
لون لا يقول لها أحد: كم أنتي جميلة !
لكنه يقول: كم أنت نبيلة وجليلة وهي،
هي التي تدرّب الجنود على نزع البنادق،
وتمرنهم على الحنين والتواضع: "عودوا إلى
بيوتكم، وأضيئوا بزيتي القناديل" لكن
هؤلاء الجنود، هؤلاء الجنود الجدد،
يحاصرونها بالجرافات ويجتثونها من سلالة
الأرض.. ينتصرون على جدتنا التي انقلبت
وصار فرعها في الأرض وجذورها في السماء
لم تبك ولم تصرخ إلا أن أحد
أحفادها ممن شاهدوا عملية الإعدام، رمى
جندياً بحجر، واستشهد معها، وعندما مضى
الجنود منتصرين، دفناه هناك: في الحفرة
العميقة _مهد الجدة ولسبب ما ،كنا
متأكدين من أنه سيصبح، بعد قليل، شجرة
زيتون.. شجرة زيتون شائكة.. وخضراء!