في تصريح سياسى متعجل، خرج المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، الثلاثاء، ليعلن «أن بلاده أبلغت الوفد الكونغولى بشأن موقفها الرافض للوساطة الرباعية وتمسكت بالوساطة الأفريقية، وأشار إلى أن الوفد الكونغولى لم يطرح أى مبادرة حول عملية التفاوض المرتقبة بشأن سد النهضة، مشددًا على رفض إدخال أطراف أخرى في مفاوضات سد النهضة في ظل قيام وجود الوساطة الأفريقية»!
التصريح الإثيوبى جاء بعد أيام من إعلان مصر والسودان أثناء زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي الخرطوم، لمبادرة جديدة لتعيد مسار المفاوضات المتعثرة منذ سنوات بين الدول الثلاث حول سد النهضة بسبب المماطلة الإثيوبية.
المبادرة التى طرحها السودان وأعلنت مصر تأييدها لها انطلقت من قناعة مشتركة مصرية- سودانية بأن هذا الملف يمس صميم المصالح الحيوية لمصر والسودان بوصفهما دولتى المصب في حوض النيل. وبات من الضروى إحياء هذا المسار في إطار جديد «والعودة إلى مفاوضات جادة وفعالة بهدف التوصل، في أقرب فرصة ممكنة وقبل موسم الفيضان المقبل، إلى اتفاق عادل ومتوازن وملزم قانونًا بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، وبما يحقق مصالح الدول الثلاث ورفض أى نهج يقوم على السعي لفرض الأمر الواقع وبسط السيطرة على النيل الأزرق، من خلال إجراءات أحادية لا تراعى مصالح وحقوق دولتى المصب، وذلك من خلال تشكيل رباعية دولية تشمل الاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بجانب الأمم المتحدة للتوسط في العملية التفاوضية، وهى الآلية التى اقترحها السودان وأيدتها مصر ).
مصر والسودان حاولتا معا إخراج المفاوضات من أسلوب الجمود والإطالة التى تعمدت إثيوبيا إتباعها،
وهدفتا من هذه المبادرة إلى دعم جهود الرئيس «فيليكس تشيسيكيدى» رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، بوصفة رئيس الاتحاد الأفريقي،الذى رحب بالمبادرة وأرسل مبعوثًا للبدء في اتخاذ خطوات عملية للعودة للمسار التفاوضى في ظل رعاية دولية أشمل.
ويبدو أن إثيوبيا مصرة على تعنتها وموقفها المماطل ولا ترغب في إنهاء هذه المشكلة التى تهدد حياة نحو ما يقرب من 130 مليون من أبناء الشعبين المصرى والسودانى، وتدفع المنطقة والقارة الأفريقية لأزمة وكارثة تهدد أمنها وسلامتها.
تخطئ إثيوبيا كثيرا عندما تتصور أن السعى المصرى السودانى نحو إنهاء القضية بشكل سلمى وتمسك البلدان بالمفاوضات دليل ضعف أو عدم امتلاكما خيارات أخرى، وتخطئ إثيوبيا أكثر عندما تراهن على عامل الوقت ووضع البلدين أمام الأمر الواقع، وعليها أن تعلم أن البديل الوحيد للحل هو الحفاظ على مصالح الدول الثلاث وليس المساس بمصالح وحياة شعب من شعوب دول هذا النهر العظيم الذى من المفترض طوال ملايين السنين أن يهب الحياة والنماء للشعوب وليس الموت والدمار.