الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

البابا كيرلس السادس وتحرير الأرض والإنسان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
علاقته بعبد الناصر استدان من أجل مرتبات الكهنة
دوره في تحرير الأرض وقطع 40 دولة علاقتها بإسرائيل
كيرلس السادس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية 116 في الفترة ما بين 10 مايو 1959 و 9 مارس 1971
كثيرون يكتبون عن هذا القديس المعاصر ومعجزاته التي توجت الإنسان ولكن قليلون من يكتبون عن دورة الوطني في تحرير الأرض المصرية المحتلة منذ 1967
وفي يوليو 1927 قرر عازر الانخراط في سلك الرهبنة، فاستقال من عملة وتوجه إلي دير البراموس في حبرية البابا كيرلس الخامس البابا الـ 112، سيم في 17 الموافق 24 فبراير1928 باسم الراهب مينا البراموسي، وفي يوم الأحد 18 يوليو سنة 1931 رسم قساً باسم القس مينا البراموسي.
الطريق الي الكرسي البابوي :
كانت ثورة يوليو قد1952 تغييرات عميقة ألقت بظلالها على الصراع التقليدي بين الكنيسة والمجلس الملي تم إلغاء لائحة الانتخاب القديمة والتي كانت لا تشترط ان يكون المرشح راهبا ، وأصدرت لائحة جديدة (لائحة 1957م) قرر فيها : المرشح للكرسي الباباوي يجب أن لا يقل عمره عن أربعين سنة ساعة خلو الكرسي !
رغم ان عبد الناصر ورفاقه كانوا من الشباب واقل من الأربعين ، كما ان اللائحة اغت الانتخاب لأنه كان من غير المعقول ان يأتي رئيس الدولة بالانتخاب ويأتي البابا وشيخ الازهر بالانتخاب ؟!!
وهذه أول مره يسمع فيها بتحديد السن في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وتقول أيريس حبيب المصري: وهم لم يحددوا السن فقط بل أضافوا أيضاً " ساعة خلو الكرسي" والغرابة في هذا التحديد أن أنبا أثناسيوس الرسولي كان في السابعة والعشرين .
من ذلك التاريخ عرفت الكنيسة شباب رهبان متعلمين جدد فقد رشح ثلاثة من الشباب للكرسي البطريركي وهم متى المسكين، ومكاري السرياني وأنطونيوس السرياني ومن هؤلاء بدأت الحداثة بالكنيسة ، وتهدئة لخواطر شيوخ الكنيسة وكبارها في السن أدرج الأنبا أثناسيوس (مطران بنى سويف) وقائمقام البطريرك اسم الراهب مينا المتوحد بوصفه المعلم والقائد الروحي لهؤلاء الشباب المرغوب فيهم. وتم اختيار الراهب مينا المتوحد بالقرعة الهيكلية ليصير بابا الإسكندرية فرسم في 10 مايو 1959 م.
البابا ينقل الصراع لأول مرة الي الدولة :
متغيرات يوليو أدت الي انه لم يبق للمجلس الملي من دور في ظل ثورة يوليو 1952، وبعد كل هذه المتغيرات وبعد ما يقرب 84 عاما من الصراع على اللائحة الخاصة باختيار البطريرك بين المجمع المقدس والمجلس الملي ، وفي هذه الفترة اعيد تشكيل المجلس الملي بعد إلغاء الأحكام العرفية في صيف 1956.
وبعد اعتلاء الانبا كيرلس السادس كرسي مارمرقس، لم يجد المجلس الملي بعد سحب جميع اختصاصاته من يمارس معه الصراع سوى الانبا كيرلس ذاته. وكانت الصلاة هي أكثر ما يشغل البابا كيرلس السادس، فكان كثير الذهاب الى الصلاة وكان يقيمها بنفسه، بعكس اسلافه الذين انشغلوا عن الصلاة بامور الكنيسة الاخرى، وقد هاجمت صحيفة "مصر" البابا كيرلس هجوما شديدا وكتبت تقول "لقد أمل الأقباط في البابا خيرا عظيما، ولكن مرت الأيام وقداسته في شغل شاغل بما يقام له من أقواس النصر وهو في طريقه الى الكنائس، أما شئون الشعب فلم يتسع لها وقته ولم تحظ بأي اهتمام أو يعيرها أي التفات، وسخرت الصحيفة من صلواته ومعجزاته" وهكذا فقد ناصب المجلس الملى العداء السافر للبابا كيرلس السادس خاصة بعد ادعاء المجلس الملي على عدم القدرة على الانفاق على البطريركية والكنيسة واضطر إزاء ذلك الى الاستدانة من "جمعية التوفيق القبطية" ألفي جنيه ليدفع مرتبات الكهنة والموظفين، ثم توقف بعد ذلك عن دفع الأجور الزهيدة لهم في ذلك الوقت، وإزاء ذلك توجه البابا كيرلس السادس الى الرئيس جمال عبد الناصر وعرض عليه الامر، فأمر عبد الناصر بصرف تبرع من الدولة للكنيسة بمبلغ عشرة الاف جنيه مصري مع حل المجلس الملي الذي ثبت فشله مع تشكيل لجنة برئاسة البابا كيرلس عام 1967 لإدارة اوقاف الكنيسة، وكانت نتيجة ذلك أن عبرت البطريركية ديونها بل وارتفع رصيدها الى 150 الف جنيه خلال عامين، واستمر المجلس محلولا الى ان اعاده البابا شنودة الثالث بعد تنصيبه بطريركا في 1971.
الزعيم والبابا في محبة الوطن :
كان للبابا كيرلس السادس دورا عظيما من اجل تحرير الأراضي العربية المحتلة عام 1967 حيث طاف الكنائس الأرثوذكسية ومجلس الكنائس العالمي من اجل مساندة مصر ورسم لذلك نيافة الانبا صموائيل الذي كان بمثابة وزير خارجية الكنيسة وتم الحوار مع الكنيسة الاثيوبية والامبراطور هيلاسلاسي حتي اقتنع بالغاء العلاقات مع اسرائيل الامر الذي ادي الي قطع اكثر من أربعين دولة افريقية العلاقات مع إسرائيل حينذاك.
كان للبابا كيرلس علاقات وطيدة بإثيوبيا شعب وحاكم وكنيسة ..
في 28 يونيو 1959 قام برسامة بطريرك جاثليق لإثيوبيا وعقدت اتفاقية بين كنيستي مصر وإثيوبيا لتأكيد أواصر المحبة بينهما وفي نوفمبر سنة 1959 أرسي حجر الأساس لدير الشهيد مارمينا العجايبي بصحراء مريوط، وأعاد له جزء من جسده، وبني به كنائس وكاتدرائية تشابه في مجدها الكاتدرائية القديمة في المدينة الأثرية
وفي يناير 1965 رأس مؤتمر الكنائس الأرثوذكسية المشرقية في أديس أبابا عاصمة إثيوبيا، وهو يعتبر أول مجمع مسكوني للكنائس الأرثوذكسية غير الخلقدونية في العصور الحديثة، وناقش المؤتمر أموراً هامة تتعلق بالخدمة والكرازة في العالم المعاصر وعلاقة الكنائس المجتمعة بالكنائس الأخرى.
كان ذلك اخر مجمع أرثوذكسي مسكوني للكنائس الأرثوذكسية ، وأيضا كان اخر بطريرك جاثليق لإثيوبيا هوالذي رسمة البابا كيرلس اخر بطريرك اثيوبي يرسم من قبل الكنيسة المصرية وانفصلت بعدها الكنيسة الأرثوذكسية الاثيوبية .. وبدايات الخلافات بعدها .
ناصر يفتتح الكاتدرائية الجديدة بالانبا رويس:
وفي 25 يونيو 1968 أستقبل البابا كيرلس السادس جسد مارمرقس بعد غيبته عن أرض مصر زهاء إحد عشر قرناً من الزمان، وأودعه في مزار خاص بني خصيصاً تحت مذابح كاتدرائية القديس مرقس القبطية الأرثوذكسية التي أنشأها البابا كيرلس السادس وافتتحها في احتفال عظيم حضره رئيس جمهورية مصر جمال عبد الناصر وهيلاسلاسي الأول إمبراطور إثيوبيا ووفود من كنائس العالم كله وجموع كثيرة من الشعب
في صباح الأربعاء 26 يونيه 1968 احتفل بإقامة الصلاة على مذبح الكاتدرائية المرقسية، وفي نهاية القداس حمل البابا كيرلس السادس رفات مارمرقس إلى حيث أودع في مزاره الحالى تحت الهيكل الكبير في شرقية الكاتدرائية.
ظهور العذراء وبدايات انتصارات الجيش المصري:
كأن العذراء تؤاز الوطن والبابا وابان استرداد الجيش المصري لقوته وبداية حرب الاستنزاف ، فى 2 أبريل من عام 1968 أعلنت الكنيسة أن السيدة العذراء تجلت فوق قباب كنيستها في حي الزيتون، مما جذب أنظار العام كله إلى مصر وإلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
واخيرا ودخل قلايته وأستودع روحه بيد الله الذي خدمه في 9 مارس 1971، ودفن تحت مذبح الكاتدرائية التي أنشأها، وفي25 نوفمبر 1972 م نقل جسده في احتفال مهيب إلي دير الشهيد مارمينا بمريوط حسب وصيته ليكون بجوار شفيعه مارمينا. و في يوم الخميس الموافق 20 يونيو2013 م، اجتمع المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة البابا الانبا تواضروس الثاني، و تم الاعتراف بقدسية البابا كيرلس السادس.
هكذا فالقداسة عمل روحاني ووطني.