الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

لقمة الغلابة في أمان رغم «ضرائب القيصر».. 8 دول بديلة لاستيراد القمح.. والمخزون يغطي احتياجات البلاد 6 أشهر.. وخطط تقودها الدولة للوصول إلى الاكتفاء الذاتي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في يناير الماضى، قررت الهيئة العامة للسلع التموينية إلغاء مناقصة عالمية لشراء القمح من روسيا، ونادرًا ما تضطر مصر إلى إلغاء مثل تلك المناقصات، حيث كانت آخر مرة تقوم بذلك مع بداية الجائحة في أبريل 2020، عندما أعلنت هيئة السلع التموينية، أنها تدرس تغيير الشروط الخاصة بتلك المناقصات لكى تطلب من الموردين تقديم الأسعار شاملة تكاليف الشحن، وأنها تدرس دفع مقابل القمح في المناقصات القادمة عن طريق خطابات اعتماد بالاطلاع تضمن السداد الفورى لدى استلام مستندات الشحن، بدلا من الدفع في موعد لاحق.

وشهدت أسعار القمح العالمية ارتفاعًا، خلال الأسابيع القليلة الماضية، وذلك بعد أن أعلنت روسيا، في ديسمبر الماضى، فرض رسوم جديدة على صادراتها من القمح، بلغت 50 يورو للطن، بدأ تطبيقها منتصف شهر فبراير 2021، وهو الإجراء الذى عللته موسكو بأنه محاولة لضبط الأسعار وتعزيز المعروض في السوق المحلية، غير أن هذا الإجراء دفع بعض الدول المستوردة للبحث عن مصادر أخرى للقمح.
تُعد مصر المستورد الأكبر للقمح في العالم، وبحسب بيانات الهيئة العامة للسلع التموينية، في سبتمبر الماضى، بلغ حجم القمح الروسى الذى اشترته مصر خلال الفترة من ١ يناير وحتى نهاية أغسطس ٢٠٢٠ نحو ٪٨٠ من إجمالى وارداتها من القمح من المناشئ المختلفة بالمقارنة مع نحو ٪٥٠ خلال الفترة نفسها من العام الماضى. غير أن القيود الروسية الجديدة على الاستيراد دفعت الهيئة العامة للسلع التموينية إلى إلغاء مناقصة عالمية لشراء القمح من موسكو، وذلك على الرغم من كونها المصدر الأهم للقمح في مصر منذ تفشى جائحة «كوفيد-١٩» في مارس الماضى.
وبات الحديث عن البدائل المتاحة لاستيراد مصر للأقماح محل اهتمام ودراسة طوال الأسابيع الماضية، خاصة مع تراجع شحنات القمح إلى مصر بنسبة ٥٠٪ خلال فبراير ٢٠٢١.
ضرائب القمح الروسي
تتسارع عدد من الشركات الروسية بشأن توريد القمح لمصر، باعتبارها أكبر الدول استيرادا للقمح في العالم، ولكن عندما يتعلق الأمر برفع الضرائب يكون الفيصل في الأمر هو إلغاء المناقصة، وهذا ما فعلته الحكومة المصرية المتمثلة في هيئة السلع التموينية بعد تلقيها ٤ عروض توريد، حيث ارتفعت بمتوسط ٢٠ دولارا عن مثيلاتها السابقة، وزاد العرض الروسى الوحيد المقدم من ٢٨٥ دولارا إلى ٣١٠ دولارات للطن، بجانب توقعات بتواصل ارتفاع أسعار القمح الروسى لتصل ٣٤٠ دولارا للطن.
في الوقت ذاته، تشهد السوق العالمية تراجعًا في حجم المعروض من المحصول الاستراتيجى القمح بسبب الجفاف، ومن المتوقع تواصل زيادة الأسعار المطردة مع إعلان روسيا الأخير بزيادة الضرائب ليصل الطن الواحد لسعر ٣٥٠ دولارا، في حين ارتفعت فيه معدل استهلاك القمح وتكالب الدول المستوردة لتأمين محصول القمح خوفا من الاضطرابات المتوقعة في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد.

مخزون مصر يكفى ٦ أشهر
ومن ناحيتها، عملت مصر في الفترة السابقة على تكثيف المناقصات بشأن استيراد القمح، حتى استطاعت توفير مخزون يكفى احتياجاتها لإنتاج الخبر المدعم لمدة ٦ أشهر، كما أن هيئة السلع التموينية تعكف على تنفيذ بعض الصفقات بأسعار مرتفعة حفاظًا على استقرار المخزون الاحتياطى لحين البدء في موسم الحصاد منتصف أبريل المقبل، ومن المؤكد سيتم رفع فاتورة دعم السلع الغذائية بالموازنة العامة للدولة.
وكانت هيئة السلع التموينية، أعلنت في أغسطس الماضى، شراء ١٢٠ ألف طن قمح روسى في ١١ أغسطس ٢٠٢٠ للشحن من ٢٥ سبتمبر إلى ٥ من أكتوبر المقبل، وفى يوم ٢٨ يوليو الماضى قامت بشراء ٤٧٠ ألف طن من القمح للشحن بالفترة من ١ إلى ١٠ من سبتمبر الماضى ويشمل هذا الشراء ٣٥٠ ألف طن من القمح الروسى و١٢٠ ألف طن من القمح الأوكرانى خلال العام الجارى، وفى يوليو الماضى قامت الهيئة بشراء ١١٥ ألف طن من القمح الأوكرانى، كما اشترت في ١٤ يوليو الماضى ١١٤ ألف طن من القمح الروسى، واشترت يوم ٧ يوليو ٢٣٠ ألف طن قمح روسى.

فجوة بين الاستهلاك والإنتاج
وكشف تقرير أصدرته وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، في فبراير ٢٠٢٠، عن زيادة المساحات المنزرعة في موسم ٢٠١٩/٢٠٢٠ إلى ٣ ملايين و٤٠٢ ألف و٦٤٨ فدانًا، وأن إجمالى الإنتاج المحلى من القمح بلغ نحو ٨.٥ مليون طن بارتفاع طفيف عن عام ٢٠١٨.
وشهد عام ٢٠١٩، استيراد نحو ١٣.٠٢٠ مليون طن من القمح مقابل ١٢.٤١٠ مليون طن في ٢٠١٨ بزيادة قدرها ٦٠٩.٢ ألف طن، وبنسبة زيادة ٥٪ عن ٢٠١٨، وبنسبة زيادة ١٢٪ عن متوسط الأربعة أعوام التى سبقت موسم ٢٠١٩/٢٠٢٠.
ووزع إجمالى الواردات بين القطاع العام ممثلًا في هيئة السلع التموينية بنحو ٧.٠٢١ مليون طن بنسبة ٥٤٪ من إجمالى واردات مصر من القمح وهى نفس النسبة لعام ٢٠١٨، فيما استورد القطاع الخاص نحو ٥.٩٩٨ مليون طن في ٢٠١٩ بنسبة زيادة ٦٪ مقابل عام ٢٠١٨، وبنسبة زيادة ٧٪ عن متوسط الأربعة أعوام السابقة، وتجاوزت قيمة واردات القمح ٣ مليارات دولار على صعيد القطاعين العام والخاص.

خريطة استيراد مصر للأقماح
وبحسب تقرير لهيئة السلع التموينية، شهدت السنوات الأخيرة تغييرًا كبيرًا في خريطة الشركات المستوردة، ففى عام ٢٠١٩ تصدر القمح الروسى المركز الأول بنسبة ٤٩٪ من إجمالى واردات مصر من القمح مقابل ٧٧٪ عام ٢٠١٨، يليه القمح الأوكرانى بنسبة ٢٦٪ في ٢٠١٩ مقابل ١١٪ في العام الذى سبقه، والقمح الرومانى ١٠٪ مقابل ٩٪، وجاء كل من القمح الأمريكى بنسبة ٧٪ والفرنسى بنسبة ٦٪ بعد غيابهما عن الواردات في ٢٠١٨.
ومن جانبها عزمت مصر على زراعة ما يقرب من ٣.٤٢ مليون فدان من القمح في موسم ٢٠١٩/٢٠٢٠ بزيادة ١٢٠ ألف فدان عن العام الذى يسبقه، وهو ما أدى إلى إنتاج ما يقرب من ٨ ملايين طن والتى كان من المفترض أن تُنتج نحو ٨.٣ مليون طن قمح من المساحة المنزرعة، غير أن مرض الصدأ تسبب في تراجع الإنتاج.
واردات مصر
وبالعودة إلى أزمة الضرائب الروسية الجديدة على صادرات القمح، فإن الهيئة العامة للسلع التموينية تعتمد على ١٥ دولة لاستيراد ما يقرب من ٩ ملايين طن قمح سنويًا، حيث أكدت في بيان لها، أن قرار روسيا برفع الرسوم التصديرية لمحصول القمح يأتى لظروف اقتصادية داخلية ولن يؤثر على واردات مصر من القمح، في وقت سابق وضعت روسيا حصصا تصديرية للحبوب من ١٥ فبراير الحالى وحتى ٣٠ يونيو ٢٠٢١ لتحقيق الاستقرار في أسعار القمح والخبز، فبالرغم من انخفاض الطلب ارتفع سعر الدقيق بين ١٤٠ و١٦٠ جنيهًا للطن هذا العام، فيما تراجع سعر النخالة بمتوسط ٢٥٠ جنيها للطن المنتج بالقطاع الخاص، وبمتوسط نحو ١٨٠ جنيها للطن المنتج بالقطاع العام، بحسب بيانات شركة أسواق للمعلومات المالية والسلعية.
فيما أوضحت وزارة التموين، في ديسمبر ٢٠٢٠، أن قرار روسيا بفرض رسوم تصديرية على صادراتها من القمح يأتى لظروف اقتصادية داخلية، حيث وضعت حصص تصدير لصادرات الحبوب من روسيا للفترة من ١٥ فبراير الحالى وحتى ٣٠ يونيو ٢٠٢١، كذلك فرضت رسوما جمركية على صادرات القمح لتحقيق الاستقرار في أسعار الطحين والخبز. في المُقابل، فهناك استقرار في مصادر القمح لدى مصر، حيث يتم الاستيراد من فرنسا، ورومانيا، وأوكرانيا، وأمريكا، وكازاخستان.

خطة «الزراعة» لزيادة إنتاجية الفدان
على الجانب الآخر، تعمل الدولة على استنباط أصناف جديدة من المحصول الاستراتيجى ذات إنتاجية عالية تصل إلى ٢٥ إردبا للفدان الواحد، فضلًا عن جودته العالية ومقاومته للأمراض، بالإضافة إلى تغيير طرق الزراعة والرى لزيادة الإنتاجية ودعم المزارعين، كما توفر الدولة أكثر من ٢٠ صنفا من التقاوى المعتمدة، وتشتريه من المزارعين بأسعار مرضية، لتحفزهم على زيادة المساحات المنزرعة منه، ومن ناحية إنتاج الفدان للقمح يتراوح من ٢.٥ إلى ٢.٧ طن، تمت زراعة ٣ ملايين فدان حيث يتصدر وجه بحرى ما يقرب من ٣٦١ ألف فدان وتتصدر محافظة المنيا زراعته بالوجه القبلى بزراعة نحو ٢٠٨ آلاف فدان حتى الآن.
ومن جانبه قال الدكتور محمد القرش، المتحدث باسم وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، تمت زراعة ٣.٢ مليون فدان من محصول القمح العام الماضى، تمت زيادة المساحة المنزرعة إلى ٣.٤ مليون فدان، لأن الوزارة تخطط للعمل على توسع أفقى ورأسى للأراضى الزراعية في منظومة القمح.
وتابع القرش في تصريحات خاصة لـ«البوابة»، أن التوسع الأفقى يعنى زراعة أراضى جديدة ومناطق جديدة لم يزرع بها من قبل، بالتالى تأتى المساحة المنزرعة من ٣.٢ إلى ٣.٤ مليون فدان، ونحن مستمرون في عملية الزراعة على قدر المستطاع، كما أنه يتم العمل على التوسع الرأسى من خلال تحسين إنتاجية الأرض وذلك من خلال استنباط أصناف جديدة من تقاوى لديها قدرة أعلى على الإنتاجية، مؤكدا أنه يوجد لدينا عدد كبير من الأصناف التى تم استنباطها وتعطى إنتاجية عالية.
وأكد متحدث وزارة الزراعة، أن هناك (نظم مزرعية) أحدث يتم تطبيقها مثل نظام زراعة المصاطب الذى تم تطبيقه العام الماضى ويتم تطبيقه العام الحالى أيضا وذلك يعطى إنتاجية أعلى وفى ذات الوقت يحسن من كفاءة استهلاك المياه.
وأوضح: «نتائج ذلك تأتى بالمقارنة بين إنتاجية العام الحالى بإنتاج الأرض منذ ١٠ سنوات سنجد أن إنتاج مصر لمتوسط الفدان ١٠ أردب، تصل الآن إلى إنتاجية ٢٠ إردبا للفدان، مؤكدا أنه يوجد لدينا الحقول الإرشادية متوسط ١٨ إلى ٢٠ وصلنا في بعض الحقول إلى ٣٠ إردبا للفدان، كل إردب زيادة للفدان يعنى مليون إردب زيادة، جميعها جهود تقوم بها وزارة الزراعة ومن خلال الباحثين في مركز البحوث والعاملين بالمنظومة الزراعية لتحقيق التوسع الأفقى والرأسى في منظومة القمح».
وأكمل أن الأماكن التى يتم استصلاحها تختلف كل موسم زراعى ولكن لنا مساحات تتم زراعتها ونعمل على تعظيم إنتاجيتها وزراعة أماكن جديدة، كل عام له دراسته وموقفه وفقا لاحتياجات السوق والزراعات السابقة، متابعا دائما نعمل على تحسين الإنتاجية من خلال الأماكن الجديدة مثل مبادرة الرئيس زراعة ١.٥ مليون فدان و٥٠٠ ألف فدان جديد في منطقة الشمال الغربى ومبادرة التوسع الأفقى في مناطق جنوب الوادى وسيناء ونظم الباحثين في منطقة الدلتا.

«أبريل».. موسم حصاد القمح المصري
من ناحيته، أوضح حسين عبدالرحمن أبوصدام نقيب عام الفلاحين، أن السبب الأساسى وراء إلغاء مناقصة عالمية لشراء القمح من روسيا هو ارتفاع أسعار الأقماح الروسية لقيامها بزيادة الضرائب على صادراتها من القمح، لافتا إلى أن إلغاء الحكومة لهذه المناقصة لن يؤثر على إمكانية توفر الأقماح طوال العام حيث تحتفظ مصر باحتياطى استراتيجى من الأقماح يكفى البلاد لمدة تكفى الـ٥ أشهر القادمة.
وأضاف أبو صدام، أن إلغاء الحكومة لمناقصات عالمية لاستيراد الأقماح أو تأكيدها يتم بضوابط مدروسة وقد ألغت الحكومة مناقصات لشراء الأقماح في أبريل ٢٠٢٠ لدراسة تغيير الشروط الخاصة بتلك المناقصات في بداية ظهور أزمة كورونا.
وتابع نقيب عام الفلاحين، أن حصاد القمح المحلى سيبدأ في شهر أبريل المقبل، بالإضافة إلى وجود أقماح مخزنة في بيوت الفلاحين ولدى التجار بالإضافة إلى كميات كبيرة من الدقيق لدى مصانع المكرونة والحلويات.
فيما أكد، أن تنوع مصادر استيراد الأقماح يحول دون حدوث أى مشكلات جراء عمليات الاستيراد ويحد من ضررها حيث لا تعتمد مصر على روسيا فقط لاستيراد الأقماح بل نستورد من نحو ١٥ دولة أخرى، منها كازاخستان وأمريكا ورومانيا وفرنسا وأوكرانيا.

٣.٢ مليون فدان في ٢٠٢٠
من جانبه قال الدكتور على عبد الرحمن، أستاذ الاقتصاد الزراعى، مستشار وزير التموين والتجارة الداخلية الأسبق، أن إلغاء المناقصة لم يكن الأول حيث تم إلغاء عدة مناقصات مع روسيا فمنذ ١٠ سنوات تم إلغاء مناقصة بسبب مشكلة اقتصادية، فهناك عدة أسباب لإلغاء المناقصات خاصة فيما يخص القمح نظرًا لأهميته الإستراتيجية مثل عدم مطابقته للمواصفات ونحن الآن بصدد رفع الجانب الروسى للضرائب وهذا ينطبق على جميع دول العالم.
وأوضح عبد الرحمن، أنه من حيث تعاقد مصر على القمح مع الدول المصدرة، ينقسم التعاقد لنوعين الأول يكون (تقاعد داخلى) مع مكتب سفارة الدولة مثل «روسيا»، وذلك بعد الإعلان عن تفاصيل المناقصة ويتم عمل التعاقد ومن ثم شحن صفقة القمح، النوع الثانى أن الجهة المصرية المتمثلة في وزارة التموين ترسل مندوبين لدولة القمح ويتم الاستيراد، لكن الواضح بعد إلغاء المناقصة أن الضرائب وصلت إلى ٥٠٪ تضاف إلى سعر القمح وهى دين كبير، لذلك ألغت مصر الصفقة، الحكومة تلغى الكثير من الصفقات لكثرة مشكلاتها التى تتمحور في قمح غير مطابق للاستهلاك الآدمى.
وتابع مستشار وزير التموين الأسبق، أننا زرعنا العام الماضى، ٢٠٢٠، ما يزيد على ٣.٢ مليون فدان الموسم الماضى أنتجت تقريبا ٨.٥ مليون طن من الأقماح معظمها موجود حاليا، بالإضافة إلى طرق التخزين بالصوامع الحديثة لتخزين الأقماح والتى منعت إهدار كميات كبيرة من الأقماح كانت تهدر نتيجة لطرق التخزين التقليدية في الشون القديمة.