السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

رئيس المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء في حوار لـ"البوابة نيوز": غياب الضمير سبب سقوط العقارات.. ويجب تفعيل دور جهاز التفتيش لوقف المخالفات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فوضى وعشوائيات ومبان آيلة للسقوط، وحريق بمبنى سكنى يشل الحركة على طريق إستراتيجي لمدة أسبوع كامل، في وقت الدولة تصارع الخطر بعمليات تطوير وإزالة للعشوائيات الخطرة، بناء مدن جديدة، وسط تحديات كبيرة.
عن مواجهة العشوائيات يتحدث الدكتور خالد الذهبى رئيس المركز القومى لبحوث الإسكان والبناء التابع لوزارة الإسكان، حول طرق مكافحة العشوائيات وأكواد البناء العصرية.
علينا أن نفرق بين أمرين، أولها مبنى عشوائى غير مخطط أمن أو غير أمن، مبنى على حافة صخور، أو مناطق خطرة، لا بد من إزالته فورا لأن الأمر يمكن أن يؤدى إلى كارثة السقوط، والأمر الثانى، هناك مبان كثيرة في مناطق عشوائية لكن نسب الأمان فيها كبيرة، فهذا يتم عمل إجراءات لها للحد من العشوائية، عبر دراسة كل حالة على حدى، فهناك مثلا عشوائيات بها منازل تحقق درجات الأمان والسلامة، لكن الشوارع ضيقة وغير مخططة، هنا يحتاج الأمر إلى تدخل بإزالة بعض هذه المنازل لتوسع الشوارع.
«عمارة الدائرى»، التى عطلت سير الحياة أسبوع كامل هناك مئات الآلاف منها تهدد حياة الناس، ولا بد من التنسيق بين كافة أجهزة الدولة لحصر هذه المنشآت وإزالتها فورا.

■ ما دور المركز في مجال البناء والإسكان؟
المركز موجود منذ ما يقارب الـ٧٠عاما، حيث تم إنشاؤه عام ١٩٥٤، وهو الآن تابع لوزارة الإسكان، ويعتبر الجهة الوحيدة في مصر المنوط بها إصدار أكواد البناء، وأيضا يخدم أبحاث تحقيق التنمية المستدامة، في كل المجالات، ويضم١٠ معاهد في جميع تخصصات البناء والإسكان، تؤدى دورها بشكل كبير في تحقيق التنمية، فهناك معهد متخصص في أبحاث خامات ومواد البناء وهذا يعتبر حجر الأساس في عملية البناء، لأنه يقدم خطة استيراتيجية عن مواد البناء وحساب تكلفة إنتاجها، هذا بالإضافة إلى معاهد متخصصة في التربة والأساسات، والخرسانة والإنشاءات المعدنية.
ولدينا ٤٠ كودا وأكثر من٣٠ مواصفة بنود أعمال يتم تحديثها كل فترة، حسب المستجدات التى تطرأ بما يتواكب مع متطلبات السوق والتطور الجديد لتوفير معدلات والسلامة والأمان في السكن.
ونعمل على تدريب المهندسين ورفع كفاءهم، عبر عمل دورات تدريبية لهم، ليتمكنوا من مواكبة التطورات التى تحدث في عالم بحوث البناء، وأيضا عمل تدريبات عملية على الأكواد.
■ معنى هذا أن تطبيق الكود يوفر الأمان والسلامة في العقارات.. فهل هذا مطبق في كل العقارات في مصر؟
دعنى أقول لك، كل المنشآت والبنايات التابعة للحكومة تخضع لمعايير السلامة والأمان، بتطبيق أكواد عالمية، أو أكواد مصرية، لكن عقارات الأهالى غير المرخصة، لا تخضع للكود، وبالتالى تفتقد معايير السلامة والأمان، وهذا يخضع للأسف فقط لضمير المالك، لأن البعض منهم يوفر تكليف إجراءات الحماية والسلامة، ويزود في الخرسانات في التربة وهذا يكلفه ماديا بزيادة إلا أنه يوفر بعضًا من السلامة، في حين أن آخرين لا يقومون بأى إجراءات سلامة أو حماية فيصل الأمر إلى كارثة سقوط العقارات.
■ ما سبب سقوط العقارات في مصر؟
غياب الضمير، فالسبب الرئيسى لمعظم الانهيارات يرجع إلى عدم إنشاء خوازيق خرسانية تتحمل الارتفاع الذى يقوم به المالك، فبالتالى تجد كثيرين يشيدون أدوارا مرتفعة جدا على أساسات هشة، وأيضا نوعية الخرسانة المستخدمة لها دور كبير، ومدى اتفاقها مع التربة، وكل هذا نتيجة توفير تكاليف المهندس الاستشارى والبناء دون دراسة للتربة وقوة تحملها.
■ كيف نعالج مخاطر سقوط المنازل خاصة في العشوائيات؟
علينا أن نفرق بين أمرين، أولهم مبنى عشوائى غير مخطط أمن أو غير أمن، مبنى على حافة صخور، أو مناطق خطرة، لا بد من إزالته فورا لأن الأمر يمكن أن يؤدى إلى كارثة السقوط، والأمر الثانى، هناك مبان كثيرة في مناطق عشوائية لكن نسب الأمان فيها كبيرة، فهذا يتم عمل إجراءات لها للحد من العشوائية، عبر دراسة كل حالة على حدى، فهناك مثلا عشوائيات بها منازل تحقق درجات الأمان والسلامة، لكن الشوارع ضيقة وغير مخططة، هنا يحتاج الأمر إلى تدخل بإزالة بعض هذه المنازل لتوسع الشوارع.
«عمارة الدائرى»، التى عطلت سير الحياة أسبوع كامل هناك مئات الآلاف منها تهدد حياة الناس، ولا بد من التنسيق بين كافة أجهزة الدولة لحصر هذه المنشآت وإزالتها فورا.

■ المركز موجود منذ ما يقارب من ٧٠ عاما.. لماذا انتشرت العشوائية بهذا الشكل الكبير؟
نحن موجودون وعندما يتم الاستعانة بنا في أى مشكلة خاصة تتعلق بالعشوائيات، ودورنا فعال، في مجال الأبحاث والأكواد، لكن ليس دورنا التطبيق، هذا أمر يخص جهات أخرى.
■ العشوائية بدأت تصل إلى المدن الجديدة في بعض عمليات البناء.. ما تعليقك؟
- الأمر نادر جدا، هيئة المجتمعات العمرانية تتصدر بحزم، فقليل ما تجد بناء في أماكن غير مصرح فيها، أو تحويل مبنى سكنى إلى ورشة أو محل تجارى.

■ ما الحل للقضاء على ظاهرة المبانى المخالفة؟
- الأحياء السبب الرئيسى وبها الكثير من المشكلات، ويمكن تدارك الأمر بإعادة تأهيل وتدريب، أيضا تفعيل دور جهاز التفتيش التابع لوزارة الإسكان، للمراقبة على المبانى المخالفة، ولهم سلطة عليا على الأحياء، لكن عددهم قليل، لا يستطيعون تغطية الجمهورية كلها.
■ لماذا لا يوجد في مصر طابع معمارى خاص بالمبانى بها؟
حقا هناك الكثير من المبانى في مصر تفتقد جمال الطابع المعمارى، لكن الدولة حريصة الآن على الظهور بطابع معمارى مميز، والدليل مشروعات الإسكان الاجتماعي تجدها أرقى بكثير من بعض الكمبوندات باهظة الثمن، انتهى عصر بناء المساكن على شكل علب كرتون أو صفيح، لإيواء الأسر فقط، فعلا هناك أشكال معمارية وتشطيبات فخمة، وتنسيق ألوان ويوجد حدائق وخدمات، والمركز يشرف على هذه المشروعات وأصبحت آدمية بصورة كبيرة.
■ البعض يهاجمون الحكومة بسبب توسعها في إنشاء الطرق ويقولون إن ليس منها جدوى، ما تعليقك؟
لدينا شبكة طرق على أعلى مستوى تم إنشاؤها في السنوات الأخيرة، فأمريكا صنعت التنمية فيها عبر بناء شبكة طرق قوية، تم البناء على جانبيها مدن سكنية وصناعية، وترفيهية أيضا، مصر مستغل منها حتى الآن ٦ ٪، وحتى نتوسع علينا إنشاء طرق جديدة، لربط الدولة ببعضها وبالتالى تحقيق التنمية عبر العمران، وعبر المشروعات التنموية الصناعية والزراعية وغيرها.
والدولة لم تكتف بهذا وإنما دخلت لتحسين جودة الطرق داخليا، وعمل عمليات توسيع للشوارع الرئيسية، وتقليل مساحة الرصيف، ليتم استيعاب الكثافات المرورية الكبيرة، وهذا يشعر به المواطنين خاصة في مناطق وسط البلد التى كانت تشهد حالة من الزحام الشديد، التى كان يقضى المواطن نصف يومه حتى يتمكن من المرور فقط، فالأمر اختلف الآن.
■ أيضا البعض يهاجمون الدولة في خطة بناء مدن ومحافظات جديدة.. ما تعليقك؟
الأمر سينعكس على كافة النواحى في المجتمع، سيعمل هذا على تخفيف الضغط على العواصم القديمة، ويصبح نصيب الفرد من الأرض كبير، مما يساهم في تحسين جودة الحياة وتزيد رفاهيته وتقل معدلات الجريمة، لانخفاض الاحتكاك اليومى بين المواطنين، ستختفى التكدسات في المواصلات وأمام المصالح الحكومية.
■ «الطوب والخرسانة» طرق البناء في مصر.. لماذا لم تتغير الطرق التلقيدية إلى الآن؟
نعمل جاهدين على الخروج بطرق بناء غير تقليدية، ونفذنا ٥ طرق جديدة في مشروع «ابنى بيتك» في مدينة السادس من أكتوبر، منها طريقة الفوم مع الشبك السلك وهى واحدة من أكثر الطرق انتشارًا في العالم، ويمكن الوصول إلى ٢٠ دورا، وأيضا طريقة الخرسانة المسلحة بالألياف الزجاجية، بالإضافة إلى طريقة البناء بالحديد المدرفل على البارد، وصولًا إلى طريقة التربة المثبتة، التى تناسب بشكل كبير البناء في القرى والأقاليم، وتعتمد على إعادة استخدام ناتج الحفر بإضافة أسمنت ومواد أخرى ويتم معالجتها، وهى طريقة صديقة للبيئة، وتوفر نحو ٦٠ ٪ من احتياجات الحديد والأسمنت المستخدمين في الطريقة العادية للخرسانة، وقد يتحمل المبنى بناء ٨ أدوار، وهى طريقة لا تحتاج إلى متخصصين في البناء، لأنه غير مكلف نهائيا، وجميع الطرق سليمة وناجحة وتحقق معايير السلامة والأمان.
■ يتهمكم البعض بابتكار طرق غير قابلة للتنفيذ.. لماذا حتى الآن لم يطبق الأمر على أرض الواقع؟
- ثقافة «البناء المسلح» جزء أصيل عند المواطنين، والطرق جاهزة على التنفيذ، نحاول عبر مؤتمرات ووسائل التوعية وورش العمل، استبدالها بطرق صديقة للبيئة، واستخدام مواد بسيطة التكلفة، في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء والحديد، وتوفير الطاقة.
أيضا الأمر يحتاج إلى استثمار حقيقى في بناء مصانع لإنتاج المواد الخام المستخدمة في عمليات البناء مثل الفوم، بدلا من استيراده، لأن هذا سيوفر على الدولة مليارات الدولارات، وأيضا يعمل على تخفيض كبير في أسعار العقارات السكنية بنسبة ٢٥٪.

■ تغيرات المناخ تستدعى وجود سكن صديق للبيئة.. نتحدث في هذا منذ ٢٠٠٩، دون وجود جديد.. ما عوائق البناء الأخضر؟
المجلس المصرى للبناء الأخضر تم إنشاؤه منذ عام ٢٠٠٩، برئاسة وزير الإسكان، وعضوية أساتذدة من المركز، وعلماء من الخارج، نحن نحتاج إلى البناء الأخضر لوقف تدمير البيئة، الذى سببه الاستخدام السيئ للطاقة، فعلينا العمل على إعادة تدوير مواد مخلفات البناء، فمثلا الخرسانة، يتم تكسيرها إلى قطع صغيرة ويتم استخدامها في صناعة طوب أسمنتى أو دخولها في مواد خرسانية جديدة.
وأيضا إعادة استخدام وتدوير وتقنية المياه، داخل المنازل، عبر تقنيات حديثة، لمعالجتها حسب الاستخدام المراد، سواء للشرب أو الزراعة، لترشيد استخدام المياه وتقليل الهدر منها، وهذا أصبح موجودًا على أرض الواقع، وأيضا استخدام طرق جديدة طبقا لقرار وزير الإسكان في ٢٠١٩، بتشكيل اللجنة العلمية، لترشيد المياه والصرف الصحى، وابتكار طريق بديلة لتقليل الاستخدام وإعادة التدوير داخل المنازل، فعلماء المركز يدرسون الطرق المختلفة لتحسين وابتكار طرق لترشيد استخدام المياه.
■ كيف تعملون على تخفيض الطاقة داخل المبانى الخضراء؟
البناء الأخضر معناه العودة إلى البيئة الطبيعية، يوفر العديد من المزايا، تشمل في العادة جودة هواء أفضل، إضاءة طبيعية وفيرة، توافر إطلالات، ومكافحة الضوضاء، الحفاظ على الماء باستخدام أنظمة أكثر كفاءة لضخ المياه وإعادة استعمالها، تقلل الأمراض التنفسية والحساسية عن طريق تحسين الهواء داخل المنازل عن طريق التحكم في مصادر التلوث وتقليلها والقضاء عليها من خلال التنقية والترشيح مما يجعل هذه المبانى مكان أفضل للعمل أو المعيشة.
فمثلا تحديد وجهة المنزل في اتجاه الشمال المعروف عند المواطنين «الواجهة بحرى»، وأيضا استخدام وسائل بسيطة في البناء لدخول ضوء الشمس دون حرارتها إلى المنزل، عبر ألواح خشبية تركب بطريقة هندسية معينة على النوافذ، وكل هذا يقلل من استخدام التكييفات والكهرباء والإنارة.
■ بعض الدول ابتكرت منازل تبنى خلال عدة ساعات.. مدى إمكانية تطبيق هذا في مصر؟
الصين ابتكرت منازل يتم تجميعها بالكامل في ساعات، وبعض المستثمرين أحضروا لنا نماذج عبر «اليوتيوب»، يريدون تطبيقها في عمليات البناء في مشروعاتهم، وبالفعل نخضها لعمليات التقيم لمعرفة مدى تطبيقها في مصر، وفى الغالب لا تطبق لأن هذه المنازل لا تزيد على دور واحد فقط.
■ حدثنا عن الأجيال الجديدة من المدن في البناء؟
اعتمدنا كود المدن الذكية، وفقا لتوجيهات الحكومة، وذلك بربط المبانى بالعصر الحديث في استخدام تطبيقات التكنولوجيا، عبر مجموعة من الأنظمة القادرة على صنع والتحكم في المبنى، ويتضمن هذا النظام نظاما إلكترونيا يقوم بإرسال البيانات إلى نظام الإدارة المعنى ليتم تحميلها واتخاذ القرار المناسب، فيمكن عن بعد عبر الموبايل، مراقبة احتياجات منزله من السوبر ماركت، أو الخضروات، أو تخفيف أحمال الكهرباء، أو استخدام وسائل نقل نظيف مدعومة بنظم ذكية فيما يتعلق بمسارات السير وأماكن الانتظار وغيرها.
وقعنا اتفاقية تعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لإدراج كابلات الألياف الضوئية للاتصالات ضمن اشتراطات البناء لتلبية احتياجات المواطنين من خدمات الإنترنت فائق السرعة، وسيتم العمل بهذا الكود من أول أبريل المقبل، لا يتم اعتماد أى مبنى دون وجود شبكات ألياف ضوئية.
■ هل يوجد لدينا مدن ذكية في مصر؟
العاصمة الإدارية والعلمين، بهما بعض المناطق يطلق عليها ذكية، فمثلا في العلمين الجديدة لدينا دراسة كاملة نعمل على نظام جديد وهو تبريد مناطق بأكملها، خاصة في المبانى المرتفعة جدا، ويعتمد نظام تبريد المناطق على محطة مركزية توفر خدمات التبريد للمبانى التى تقع ضمن نطاق شبكتها، وتقوم المحطة بضخ المياه المبردة عبر شبكة من الأنابيب المعزولة تحت الأرض، له مزايا فريدة تتمثل في تقليل استهلاك الطاقة وخفض التكلفة، إلى جانب تقديم حلول غير ضارة ومراعية للبيئة.