السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

بابا الفاتيكان: صلوا من أجل ميانمار وزيارة العراق

فرنسيس
فرنسيس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وجه البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، في مقابلته العامة اليوم في مكتبة القصر الرسولي بالفاتيكان وهو يلقي تعليمه الأسبوعي، نداءً من أجل ميانمار، كما دعا المؤمنين إلى الصلاة من أجل زيارته الرسولية إلى العراق مؤكدا رغبته منذ فترة في لقاء شعب العراق وكنيسته.
في ختام مقابلته العامة صباح اليوم الأربعاء تحدث البابا عما وصفها بالأنباء الحزينة القادمة من ميانمار حول صدامات دموية وفقدان أشخاص لحياتهم. ودعا قداسته السلطات في هذا البلد إلى جعل الغلبة للحوار على القمع وللتناغم على الخلاف، كما وجه نداء إلى الجماعة الدولية وذلك للعمل كي لا يخنق العنف تطلعات شعب ميانمار، وتابع متحدثا عن ضرورة أن يُسمح لشباب هذا البلد الحبيب بالرجاء في مستقبل تترك فيه الكراهية والظلم الفسحة للقاء والمصالحة.
وختم حديثه عن ميانمار قائلا إنه يجدد اليوم الرجاء الذي أعرب عنه شهرا مضى، أن تتمكن المسيرة نحو الديمقراطية التي بدأت في ميانمار في السنوات الأخيرة من الانطلاق مجددا، وذلك من خلال الفعل الملموس المتمثل في إطلاق سراح القادة السياسيين المعتقلين.
تحدث قداسة البابا فرنسيس بعد ذلك عن زيارته إلى العراق فقال إنه سيتوجه بعد غد إلى العراق في حج لثلاثة أيام مؤكدا أنه كان يرغب منذ فترة في لقاء شعب العراق الذي عانى كثيرا ولقاء الكنيسة الشهيدة في أرض إبراهيم. وتابع أنه سيقوم ومع قادة دينيين آخرين بخطوة أخرى إلى الأمام نحو الأخوَّة بين المؤمنين. وطلب قداسته من المؤمنين مرافقة هذه الزيارة الرسولية بالصلاة كي تتم بأفضل شكل وتأتي بالثمار المرجوة. وقال قداسته إن الشعب العراقي ينتظرنا وكان ينتظر القديس يوحنا بولس الثاني الذي مُنع من التوجه إلى هناك، مضيفًا: لا يمكن خذل شعب لمرة ثانية، فلنُصلِّ كي تتم هذه الزيارة بشكل جيد، إننا نريد اليوم والأسبوع المقبل أن نرى كيف تفتحنا الصلاة، بفضل يسوع المسيح، على الثالوث الأقدس، على بحر محبة الله الواسع.
وأضاف أن يسوع هو الذي فتح السماء لنا وجعلنا في علاقة مع الله. هذا ما أكده الرسول يوحنا في ختام مقدمة إنجيله: "إِنَّ اللهَ ما رآهُ أَحدٌ قطّ الابنُ الوَحيدُ الَّذي في حِضْنِ الآب هو الَّذي أَخبَرَ عَنه". لم نكن نعرف حقًا كيف نصلي: ما هي الكلمات، وما هي المشاعر واللغات التي تناسب الله. وفي ذلك الطلب الذي وجّهه التلاميذ للمعلّم، والذي غالبًا ما ذكرناه خلال هذه التعاليم، نجد جميع اضطرابات الإنسان ومحاولاته المتكررة، والفاشلة أحيانًا، في توجّهه إلى الخالق: "يا ربّ، عَلِّمنا أَن نُصَلِّيَ".
وتابع: "ليست كل الصلوات متشابهة، وليست جميعها ملائمة: يشهد الكتاب المقدس نفسه على النتيجة السيئة للعديد من الصلوات، التي يتم رفضها، ربما لا يكون الله أحيانًا سعيدًا بصلواتنا ونحن لا نتنبّه حتى لذلك، إنَّ الله ينظر إلى أيدي الذين يصلون: ولكي نطهّرها لا يجب أن نغسلها، وإنما علينا أن نمتنع عن الأفعال الشريرة. لقد كان القديس فرنسيس يصلّي بشكل جذري: "لا إنسان أهل للتفوُّه باسمك".
أضاف: "ربما الاعتراف المؤثِّر لفقر صلاتنا قد أزهر على لسان قائد المائة الروماني الذي توسل إلى يسوع ذات يوم أن يشفي خادمه المريض. شعر بأنه غير ملائم على الإطلاق: لم يكن يهوديًا، بل كان قائدًا في جيش الاحتلال المكروه. لكن القلق على عبده جعله يتجرّأ، ويقول: "يا رَبّ، لَستُ أَهْلًا لأَن تَدخُلَ تَحتَ سَقفِي، ولكِن يَكْفِي أَن تَقولَ كَلِمَةً فيَبرَأَ خادِمي". إنها العبارة التي نكررها نحن أيضًا في كل ليتورجيا إفخارستية. إنَّ الحوار مع الله هو نعمة: نحن لسنا مستحقين له، وليس لدينا الحق في أن ننصب خيمنا، نحن "نعرج" مع كل كلمة وكل فكرة، ولكن يسوع هو باب يفتح.
تابع البابا فرنسيس يقول لماذا يحب الله الإنسان؟ لا توجد أسباب واضحة، ولا توجد نسبة حتى في معظم الأساطير لم نسمع أبدًا عن حالة إله يهتم بالشئون البشرية؛ لا بل هي مزعجة ومملة وغير مهمّة على الإطلاق. حتى بالنسبة لأرسطو، لا يمكن لله إلا أن يفكر في نفسه. أما نحن البشر فنسعى لكي نُثير إعجاب الآلهة ونرضيهم. من هنا واجب "الدين"، مع موكب التضحيات واشكال العبادة التي يجب على المرء ان يقدّمها بشكل مستمر لكي يعبّر عن شكره لإله صامت وغير مبالي.
أضاف: "لو لم نعرف يسوع، لما تحلّينا بالشجاعة لكي نصدّق أن هناك إله يحب الإنسان. إنها الفضيحة التي نجدها منقوشة في مثل الأب الرحيم، أو في مَثَل الراعي الذي يبحث عن الخروف الضال. لم نكن لنتخيل قصصًا كهذه، ولا حتى أن نفهمها، لو لم نلتقي بيسوع، فأي إله هو مستعدٌّ لكي يموت من أجل البشر؟ أي إله يحبه على الدوام وبصبر دون أن يدّعي بأننا علينا أن نحبّه بالمقابل؟ أي إله يقبل غياب امتنان ابن يطلب منه ميراثه مقدمًا ويترك المنزل ويبذِّر كل شيء؟
تابع يقول هكذا يخبرنا يسوع بحياته إلى أي مدى يكون الله أبًا. " Tam Pater nemo": لا يوجد أب مثله. فنحن نتخيّل بصعوبة ومن بعيد الحب الذي يحمله الثالوث الأقدس، وما هي هاوية المحبّة المتبادلة بين الآب والابن والروح القدس. إنَّ الأيقونات الشرقية تجعلنا نفهم شيئًا من هذا اللغز الذي هو مصدر وفرح الكون بأسره.
وأوضح أنه لم يكن من الممكن أن نصدق أن هذا الحب الإلهي سوف يتسع، ويرسو على شواطئنا البشرية: نحن مرامَ حبٍّ لا مثيل له على الأرض. ويشرح التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية: "إنَّ بشريّة يسوع المقدسة هي الدرب التي من خلالها يعلمنا الروح القدس أن نصلي إلى الله أبينا". إنها نعمة إيماننا. ولم يكن بوسعنا حقًا أن نتمنى دعوة أسمى: إن بشريّة يسوع قد جعلت حياة الثالوث متاحة لنا. لقد فتح لا بل شرّع لنا هذا الباب لسرّ محبة الآب والابن والروح القدس.
كما قال البابا في رسالته: "عندما أذهب لكي أعترف، أذهب لكي أنال الشفاء، الشفاء الروحي، ولكي أخرج بمزيد من الصحة الروحيّة وأنتقل من البؤس إلى الرحمة. وفي محور الاعتراف لا نجد الخطايا التي نقولها وإنما المحبة الإلهيّة التي ننالها والتي نحتاج إليها على الدوام. إن محور الاعتراف هو يسوع الذي ينتظرنا، ويصغي إلينا ويغفر لنا. تذكّروا هذا الأمر على الدوام: نحن حاضرون في قلب الله قبل خطايانا.
وختم البابا فرنسيس رسالة الفيديو لنيّته للصلاة لشهر مارس ٢٠٢١ بالقول لنصلِّ لكي نعيش سر المصالحة بعمق متجدد، لكي نتذوق رحمة الله اللامتناهية. ولنصلِّ لكي يمنح الله كنيسته كهنة رحماء لا جلادين.