متى يصبح التحرش الجنسى جناية ؟

أما الدكتور صلاح الطحاوى، أستاذ القانون الدولى، فقال إن هناك صورا عديدة للتحرّش الجنسى، منها: النظر المتفحّص، التعبيرات الوجيهة التى تحمل اقتراحًا ذا نوايا جنسية، وأيضا النداءات والأصوات ذات الإيحاءات الجنسية، فضلا عن التعليقات الجريئة وتتمثل في إبداء ملاحظات جنسية عن جسد شخص أو ملابسه، وهو ما انطبق على واقعة طبيب الأسنان.

وأكد الطحاوى لـ«البوابة»، أن التهمة الرئيسية الموجهة للطبيب المتهم هى تهمة «هتك العرض»، لأنها تمت مع ذكور وليس إناثا وإلا كان سيتغير الوصف لها «اغتصاب»، مؤكدا أن هتك العرض يعنى: كل فعل يقصد منه الإخلال بحياء المجنى عليه رجلا كان أو أنثى ودون رغبته، من خلال كشف عورة المجنى عليه أو ملامسة الأعضاء التناسلية على الملابس أو دون ملابس، مؤكدا أن قانون العقوبات يعاقب كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع في ذلك بالسجن المشدد. وتابع: جريمة هتك العرض تمثل جنحة إن لم يكن هناك استخدام للقوة، وتكون مشددة إذا كان الذكر لم يبلغ عمره ١٨ عاما، وقد تصل للإعدام، ولكن في القضية الحالية استخدم المتهم القوة ضد المرضى عن طريق تخديرهم أو قوة السلاح، وهو ما يعد جناية، طبقا أيضا للأدلة الجنائية مثل شهود الإثبات والأحراز التى ضبطت بحوزته ومنها الفيديوهات الجنسية.

وأوضح أستاذ القانون الدولى أن المتهم قد يعاقب طبقا للمادة ٢٧٨ الخاصة بالفعل الفاضح في المجال العام، والذى يتم استخدامه أحيانًا فيما يخص جرائم التحرش الجنسى، بالإضافة إلى المادتين ٢٦٧ و٢٦٨ واللتين تستخدمان للفصل في جرائم أخرى تتعلق بالتحرش الجسدى أو بالعنف الجنسى مثل الاغتصاب والاعتداءات الجنسية الأخرى. ولفت الطحاوى إلى أن المادتين ٢٦٧ و٢٦٨ غامضتان ومحددتان في وصف الجرائم اللتين تختصان بالفصل فيهما؛ لأن المادة ٢٦٨ تصف الجريمة على أنها هتك عرض أو شرف، بدلًا من وصفها على أنها اعتداء جنسى.

وأردف: الطبيب المتهم يعلم جيدا القانون، واستغل وظيفته ومرضاه استغلالا سيئا، وهى تؤخذ بالقضية من الظروف المشددة للعقوبة، والقول النهائى والفصل يكون للمحكمة، لأن القيد والوصف الذى تضعه النيابة هو مؤقت، ومن الجائز تعديله طبقا لظروف وملابسات وقرائن كل قضية، ولهذا تبنى المحكمة قرارها النهائى على يقين وأدلة معتبرة بأوراق الواقعة، وليس من قبيل الشك أو التخمين أو القرائن البسيطة، وفى هذه القضية قد يعاقب الطبيب بالسجن المشدد ١٥ عاما.

واختتم الطحاوى أن التوعية والتثقيف بوسائل الإعلام المختلفة، المسموعة والمقروءة، وإعادة إحياء القيم والفضائل، والدروس الدينية بدور العبادة هى الطريق الوحيد للقضاء على ظاهرة التحرش الجنسى التى أصبحت تشكل خطرا كبيرا على مجتمعنا المصري، وتسىء لسمعة مصر، وبالتالى تؤثر على السياحة التى تمثل أحد أهم روافد الاقتصاد المصرى.

وقال الفقيه القانونى شوقى السيد، إن الطبيب قام بفعل بشع تجاه المرضى المترددين على عيادته، وهو ما يعد فعلا إجراميا ويخل بميثاق الشرف والأمانة لمهنته السامية.

وشرح السيد لـ«البوابة نيوز»، سبب توصيف النيابة العامة للجريمة وإحالتها للجنايات، موضحا أن بيان النائب العام أكد أن المتهم استخدام القوة وهو يتحرش بالمرضى، مفسرا أن استخدام القوة لا بد وأن يصاحبه تهديد أو فعل يمثل جناية، مثل التهديد بالقتل أو ما شابه، ولذلك قيد النيابة بوصفه صحيح وسليم ويطبق القانون.

وتابع: استخدام القوة حول مسار القضية من الجنح للجنايات، وبالتالى قد يواجه عقوبة السجن المشدد. وأوضح الفقيه القانونى أن التحقيقات مع المتهم تمت بكل حيادية وشفافية أمام سلطة النيابة العامة، وهى أمينة على الدعوى العمومية، والتى ارتأت بعد انتهائها أنها تمثل جناية، كما أنها أظهرت للرأى العام مدى خطورة تلك الجريمة التى يقشعر ويندى لها الجبين، لافتا إلى أن المتهم كان يستخدم المخدر للإيقاع بضحاياه وإشباع رغباته الحيوانية.

تابع: هناك مشروع بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم (٥٨) لسنة ١٩٣٧ بتغليظ عقوبات جريمة التحرش الجنسى المنصوص عليها بحيث يتم استبدال نصوص المواد أرقام (٣٠٦ مكررًا أ - ٣٠٦ مكررًا ب) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم (٥٨) لسنة ١٩٣٧ بالنصوص الآتية: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن ٥ آلاف جنيه ولا تزيد على ٧ آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية.

واختتم «السيد»، أن محكمة الجنايات قد تعاقب المتهم على جريمته البشعة بالسجن المشدد من ٧ سنوات إلى ١٠ سنوات، مؤكدا أن عقوبته ستكون رادعة لكل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم البشعة والغريبة على مجتمعنا المصرى.

وقالت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إننا نعانى في السنوات في مصر من أزمة قيم تتمثل في الخروج عن العادات والتقاليد، والمبادئ الرفيعة التى نشأنا وترعرعنا عليها، مضيفة أن القيم المادية تعالت عن القيم المعنوية والأخلاقية.

وأوضحت فايد لـ«البوابة» أن المؤسسة الدينية لا بد وأن تمارس دورها في إعادة تثقيف الجيل الحالى، الذى أصبح منساقا وراء التطور التكنولوجى والإنترنت على حساب قيم وأخلاقيات مجتمعنا المصري، مؤكدة أن بناء الضمير يتوجب أن يستحوذ على اهتمام وفكر المؤسسة الدينية، لأنه يخلق جيلا جديدا عنده وازع دينى، ويلفظ العادات السيئة الدخيلة، ويكون هناك ردع لتلك الجرائم الفاحشة، وتقويم شامل.

وأضافت أستاذ علم النفس بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن هناك أمراضا نفسية كثيرة تولدت نتيجة ضغوط الحياة، التى أصبح إيقاعها سريعا، كما أن المعاملات العنيفة أظهرت العديد من الأمراض النفسية، وهو ما أظهر السلوك العنيف بالمجتمع.

وأكدت فايد أن الأمراض النفسية قد تكون كامنة، ثم تظهر مع الضغوط، مؤكدة أن المرض النفسى مثل المرض العضوى «مالوش كبير»، ولا يفرق بين طبيب أو عالم وإنسان بسيط، ولذلك فهو يتمكن من عقل وسلوك الفرد بدون تمييز وباختلاف الدرجات العلمية والثقافية.

ولفتت إلى أن المرض النفسى هو المتحكم في سلوك الشخص المريض، مشددة على أن من يمتلك الجرأة والشجاعة لمواجهة نفسه بمرضه والتوجه للطبيب النفسى هو من يسلك الطريق الصحيح للنجاة، على عكس من يرفض مواجهة نفسه بمرضه والإصرار على العند والمكابرة، وقد تتفاقم حالته بمرور الوقت وتصبح مزمنة وخصوصا مع تقدم العمر.

واختتمت أعراض المريض النفسى تتمثل في انحراف السلوك، وعدم الانضباط والخروج عن التقليد الطبيعى والمعتدل، مثلما كان الحال مع طبيب الأسنان، والذى زادت انحرافاته بمرور الوقت ولم يلجأ للعلاج.

ناشدت النقابة العامة لأطباء الأسنان، في حال وجود شكوى في حق أى طبيب عليهم التوجه إلى النقابة العامة لأطباء الأسنان أو النيابة العامة، وفى حال ثبوت الاتهام على أحد الطرفين بالتحرش أو التشهير سوف تتخذ النقابة العامة كل الإجراءات القانونية وفعل كل ما هو متاح، مؤكدة أنها لن تقوم بالتستر على أى مذنب وسوف تقوم باتخاذ كل الإجراءات الإدارية والقانونية.

وتحرك ضباط مباحث الدقى، وأعدوا تحريات مكثفة، وبعد انتهائها تبين صحة ما ورد في البلاغات المقدمة، وبناء على ذلك أمرت النيابة بسرعة ضبطه وإحضاره، وتنفيذا لقرار النيابة قام الضباط بإعداد كمين أمني أمكن ضبط المتهم.

وضبط رجال المباحث بحوزة طبيب الأسنان هاتفا محمولا يحتوى على عدد من الفيديوهات التى تحمل مقاطع جنسية شاذة جمعت بين الطبيب المتهم وآخرين، وتم التحفظ على الهاتف وفحصه.

أستاذ علم نفس: مصر تعانى من أزمة قيم والخروج عن العادات والتقاليد سوسن فايد: على المؤسسة الدينية ممارسة دورها في إعادة تثقيف الجيل الحالى

أعد الخبراء الفنيون المكلفون بفحص الأدلة الفنية المقدمة في واقعة طبيب الأسنان المتهم بالتحرش وهتك عرض الرجال بالقوة، وهى عبارة عن مقاطع فيديوهات مقدمة من بعض المجنى عليهم يظهر فيها الطبيب، وهو يحاول ملامسة أجزاء من أجسادهم بالقوة، وكذا التقارير الخاصة بهاتف المحمول الخاص بالمتهم وكاميرات المراقبة المتحفظ عليها.

وأكدت التحقيقات أنه تم استدعاء مقدمى البلاغات وبسؤالهم عن تفاصيل ما حدث معهم، أكد الفنان عباس أبوالحسن إنه قبل الواقعة ذهب لزيارة أستاذة تاريخ الفن الإسلامى بالطابق التاسع بأحد العقارات في شارع متفرع من شارع التحرير، وفور مغادرته وأثناء استخدامه المصعد الخاص توقف المصعد بأحد الأدوار، وقد فوجئ بالطبيب الذى بدأ ينظر له بطريقة لافتة، ولم تمر ثوان حتى حاول الدكتور التحرش به وملامسة مناطق حساسة من جسده، الأمر الذى أزعجه ودفعه لنهر الدكتور وإبعاده عنه.

بمواجهة الطبيب المتحرش، بما جاء على لسان مقدمى البلاغات من اتهامات له، بالإضافة إلى تقديمهم فيديوهات وصور تثبت صحة أقوالهم، فضلا عن تحريات الأجهزة الأمنية، وما ورد من معلومات حول المتهم وأفعاله، لم ينكرها وانهار تماما، وأكد أنه يعانى من اضطراب في الميول الجنسية، واعترف بارتكابه جرائم التحرش وهتك العرض، وبناء على ذلك صدر قرار بحبسه ٤ أيام على ذمة التحقيقات والتجديد له بالمواعيد القانونية المقررة.