الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

«التسول أونلاين» تهزم «لله يا محسنين».. الابتزاز النفسى والعاطفى أبرز أساليب التحايل..١٧٠ ألف موقع تواصل اجتماعي سهل المهمة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لطالما كان التسول التقليدى يتم من خلال المصادر المباشرة المتمثلة في وجود الشخص المتسول أمامك لاستمالتك عاطفيا، ومن ثم طلب المال مع وابل من الأدعية التى ترددها لتستجيب له، إلا أنه ومع انتشار عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات حتى بات التسول الإلكترونى وسيلة وغاية من قبل بعض الأشخاص المجهولين داخل الشبكة العنكبوتية.


وهو الأمر الذى وإن كان يثير بعضا من التعاطف حيالهم إلا أنه يتسبب في مشكلة تتمثل في عدم القدرة على تحديد هوية الشخص وطبيعة أو حقيقة مشكلته التى يعرضها عبر مواقع التواصل سواء على الصفحات المختلفة أو من خلال المجموعات أو التعليقات المصاحبة للمنشورات المختلفة، وهو الأمر الذى يجعلنا نطرح تساؤلا حول شرعية تلك المسألة والشق المتصل بحقيقتها، وكيفية التأكد منها لعدم الانزلاق في براثن النصب باسم استجداء الرحمة.
وفى هذا التحقيق حاولت «البوابة نيوز» معرفة كيف تحول التسول الإلكترونى إلى وسيلة من قبل البعض عبر الشبكة العنكبوتية بل وكيف خصصت بعض المواقع الأجنبية لتكون منبرًا للتبرع ودفع الأموال للأشخاص أو لجماعات بعينها.
حينما تدخل على إحدى الصفحات المشهورة قد يلفت انتباهك بعض المنشورات المتكررة، والتى تحمل في طياتها نبرة لافتة تطالب بتقديم المعونة المادية بجانب أدعية مختلفة كنوع من الاستمالة، وتجد أحيانا أرقاما تليفونية أو حسابات بنكية يطالب صاحب الحساب بتحويل الأموال إليها، وهو الأمر الذى اضطر الكثير من الصفحات أو المواقع لمنع فكرة التسول أو طلب التبرعات من الأساس.
وتتنوع أشكال الاستجداء المادى فقد تجد أحدهم يستعطف حالته المادية الصعبة أو ظروفه الصحية العصيبة أو المشكلات التى تعتريه وتعصف بأسرته.
ولعل هذا ما تعرض له محمد الجزار وهو شاب مصرى سرد قصته مع التسول الإلكترونى بمجرد دخوله على إحدى المجموعات عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
قال محمد: "اكتشفت أن التسول الذى اعتدت عليه حل محله نوع جديد من التسول أونلاين فبعد الدخول للمجموعة للبحث عن إحدى شقق الإيجار بمنطقة مدينتى اكتشف ظاهرة التسول الإلكترونى مثل تلك التى تنتشر في مترو الأنفاق مع وجود العديد من الحجج العجيبة مثل طلب تحويل أموال لأن الأموال أرسلت بالخطأ وما إلى ذلك". وبحسب خالد عبدالتواب، مواطن آخر وصاحب لإحدى المجموعات عبر موقع التواصل فيسبوك، والذى ذكر أنه ومع كثرتها خلال الفترة الماضية اضطر للقيام بحظر تلك الأنشطة في ظل كون هوية طالب التبرع مجهولة أو غير معروفة ولا يستبعد أن يكون الشخص الذى يطلب الأموال نصابا أو شخصا يحاول اللعب بمشاعر المتواجدين عبر جذبهم للتبرع المادى والاختفاء عن الأنظار بعد ذلك، مؤكدًا أنه قد يكون ما يقوله شيئا غريبا، ولكن نحن في المجموعة لا نقطع أرزاق الناس، لكن منشورات المساعدة المادية تم إيقافها ليس لعدم الرغبة في المساعدة إنما لوجود الكثير من حالات التسول الإلكترونى الواضحة.
وتابع أنه من خلال المتابعة الدورية للمنشورات التى تصدر عبر مواقع التواصل وجد أشخاص تنشر في أكثر من مجموعة طلبا للمساعدة بصورة مريبة، مؤكدا أنه بعد ذلك قرر التخاطب مع بعض الأشخاص الذين يقومون بذلك ليتبين أنه الأمر يستدعى الريبة بالفعل، حيث إن ذلك الأسلوب متبع للحصول على المال بدون وجه حق.
وأضاف قائلا "نحن شعب محترم فكيف نقبل على أنفسنا إن لم نكن محتاجين أن نأخذ أحقية من هو بحاجة، فمخافة الله أهم من الفلوس يرجى البحث جيدا، والتأكد قبل تقديم أو عرض أى مساعدة خصوصا عبر السوشيال ميديا".


من جانبه قال عمرو عمر، مواطن، إن فكرة التسول الإلكترونى أمر سلبى ظهر في المجتمع خلال الفترة الأخيرة وتفاقم بصورة ملحوظة بالنسبة إليه حتى إن فكرة طلب التبرعات باتت أمرا مألوفا سواء من أشخاص مجهولين أو جمعيات خيرية عبر مواقع التواصل، وهو الأمر الذى يجعل فكرة التيقن أو معرفة حقيقة المحتاجين للتبرع أمر غير واضح في ظل عدم وجود أى خبرة معرفية عن طبيعة النشاط الذى تقوم به الجهات أو الأشخاص التى تطلب أموالا.
ولفت إلى أن المشكلة أن ذلك الأمر يؤدى إلى عدم القدرة على تحديد المحتاجين واحتمالية حصول من لا يستحق على المال قائلًا" المحتاج بيبقى عفيف النفس يطلب بتعفف ودول للأسف صعب حد يساعدهم عشان صعوبة الوصول لهم بينما العاطل اللى عنده كل مقومات العمل بيحاول يكسب تعاطف الناس وربما يحصل على ما يريد".
دوافع
ولعل ظاهرة التسول الإلكترونى جزء من التسول بشكل عمومى حيث لا تنفصل الأسباب والدوافع بين كل من الظاهرتين فعلى سبيل المثال قد يتم استخدام دافع الأطفال أحيانا في طلب المساعدة المادية وبحجة عدم القدرة على إعالتهم، وهو الأمر نفسه الذى يتم تنفيذه إلكترونيًا، وهو ما يطرح تساؤلات حول أسباب الظاهرتين وكيفية علاجها واستفحالها خلال الفترة الأخيرة خصوصا مع نمو استخدام الأطفال في ذلك المجال.
وقال محمد محمود، حقوقي، إن ظاهرة التسول خطيرة وتهدد المجتمعات إذ تنذر بفجوة كبيرة على مستوى الحقوق الأساسية في المجتمعات، وفى حال تنامت بشكل كبير ستؤدى إلى عرقلة الجهود الوطنية والعالمية المتعلقة بالتنمية والتنمية المستدامة، مؤكدا أنه يجب التعامل مع ظاهرة التسول بصورة مهنية ومنهجية، لأن الإخلال في التعامل مع أى طرف سيؤدى إلى علاقة سلبية، وبالتالى لا بد من إيجاد الخطط الإستراتيجية للتعامل مع المتسولين وظاهرة التسول.
ولفت إلى أن الحاجة باتت ملحة للدفع باتجاه سن قانون جديد لمكافحة التسول حيث إن صلاحيات القضاء استنادا لأحكام قانونى العقوبات والأحداث النافذين تقضى بتطبيق عقوبات متباينة، بحسب العوامل.
وتابع أن البطالة والفقر تقودان إلى تفشى ظاهرة التسول مؤكدًا أن المعلومات التى تم جمعها حول هذا الموضوع تدل على أن الفقر والبطالة وتدنى دخل الأسرة من العوامل الرئيسة لانتشار التسول بتلك الصورة بل واستخدام الأطفال أيضًا.
وشدد على ضرورة العمل على تحسين الظروف الاجتماعية لأسر الأطفال المتسولين والعاملين من خلال توفير فرص عمل لأولياء الأمور القادرين على العمل، أو تقديم المساعدات المادية الطارئة، وكذلك نشر الثقافة وتوجيه إرشادات داخل أوساط المجتمع بهدف تغيير المفاهيم والاتجاهات الاجتماعية السائدة والمتعلقة بالطفل المتسول.
وأضاف صلاح عمران الخبير القانوني، أنه يجب التفريق بين المتسول النصاب وبين المحتاج بالفعل حيث إنه بالقطع هناك من بحاجة ماسة للمساعدة من منظمات المجتمع المدنى ومن الدولة أيضًا متابعًا أنه يمكن رعاية هذه الفئة من خلال الدعم المادى أو الوظيفى أو التشجيعى لهم ودراسة كل حالة وتقييم وضعها من خلال الشئون الاجتماعية، وكذلك من خلال وزارة الأوقاف حيث يمكن دعم تلك الأسر التى بحاجة ماسة إلى المساعدة، فالوقف تم لخدمة فقراء المسلمين في الدولة.
وأضاف أنه في تلك الظروف التى يمر بها العالم أضحى هناك أناس في حاجة إلى المساعدة لمواجهة ظروف الحياة التى أصبحت صعبة على مختلف الفئات الاجتماعية التى منها من يعانى من ضعف الدخل وارتفاع أسعار الخدمات، وتلك الفئة هى الأحق بالحصول على الدعم، وهى التى لا تتخذ التسول حرفة للثراء دون كد أو تعب. ولا تنفصل ظاهرة التسول الإلكترونى عن الشق التقنى لاسيما أن الرسائل التى تستجدى الحصول على الأموال لا تقتصر على مواقع التواصل فحسب بل وتمتد إلى تطبيقات الهواتف المحمولة وعلى البريد الإلكترونى أيضًا، وهو الأمر الذى يظهر للكثير في صورة رسائل مجهولة المصدر.


تسول نفسي
ومن جانبها قالت الدكتورة وسام عزت، الاستشارية النفسية والاجتماعية إن الظاهرة السلبية تعد جزءا من التسول النفسى الذى يمارسه المتسول الكاذب أونلاين حيث يجبر الجميع على التعاطف معه والاتجاه لاستفزاز الآخرين بمشاكلك النفسية بطريقة تدفعهم لمنحك امتيازات لا تستحقها بدافع الشفقة، وهو أمر وارد في محاولة استجداء المال من قبل المتسولين، الأمر الذى قد يتشابه في جوهره مع طبيعة التسول التقليدى المعروفة، والتى يقوم بها بعض من لا يستحق الحصول على المال كونه يمارس دوره في النصب ومحاولة الحصول على المال بصورة غير شريفة أو شرعية.
وأشارت إلى أن المحترف لهذه المهنة القبيحة يأكل أموال الناس بالباطل، ويُطعم أبناءه مالًا حرامًا، وهو ما يجعلها ظاهرة سلبية تستدعى المواجهة والأخذ على يد المتسول الإلكترونى عوضًا عن ضرورة وأهمية التوعية بأهمية إعطاء المال الخاص بالصدقات أو الزكاة لمن يستحق مع ضرورة التمحيص في حقيقة حالته الاجتماعية أو جدية حاجته للمال الذى يتم التبرع به ما يجعل التحرى أمرا مهما، وضرورى في المطلق.
ومن جانبه أضاف الشيخ عبدالفتاح مختار، الواعظ الديني، أن التسول عادة مذمومة في الإسلام مؤكدا أن الدين حث على العمل والجد في توفير المال قدر الإمكان، مشيرًا إلى أنه يؤمن بمبدأ "لا تعطينى سمكة إنها قوت يوم، ولكن علمنى كيف أصطاد السمك لأقتات طول الحياة" موضحًا أنه حينما يتسع المجال لتعليم الفقير كيف يعمل على صناعة الخبز من إنتاج القمح سيكون أفضل من إعطائه الخبز فحسب.
ولفت إلى أن التسول الإلكترونى أمر شنيع للغاية لأنه بات مهنة وملاذا يلجأ له الفقير ليحصل على المال ولا يمكن إلا تصنيف ذلك إلا أنه من ضمن جرائم السرقة والنصب والاحتيال التى يقدم عليها المتسولون بعد أن يقدموا بعض الحالات التى يرثى لها وماهى إلا إغراء وحيلة.
ولفت إلى أن الإسلام حذر ونفر من تلك الظواهر السلبية، وهو الأمر الذى ظهر في العديد من الأحاديث النبوية لأن صاحبها يفقد كرامته في الدنيا، ويسيء إلى آخرته أيضًا ويأتى ذلك فيما رواه البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ فِى وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ)، وأيضًا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ) رواه مسلم، وعنه صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ) رواه الترمذي.
وتابع أنه من أراد أن يفعل الخير لله فلا يحتاج إلى الإشهار ولا إلى وسيط فالصدقة في المقربين أولًا كما ذكر القرآن الكريم حيث تكون في الإخوان والأخوات وأبناء العم والعمات والأخوال والخالات والأهل والجيران فالقريب قبل البعيد ويجب التحرى من البعيد، وهكذا يتم إنجاز الخير، متسائلًا كيف ترسل أموالا إلى أشخاص لا تعرفهم إلا من خلال الحديث المغري، وإن كان كلامه يناسب الموضوع والحالة التى يتحدث عنها، ولكن لا تعلم هل هو صادق في كلامه أم مجرد إغراء وكذب.
ولمواجهة إمكانية الوقوع في شرك التسول الإلكترونى عبر رسائل البريد أو من خلال الرسائل التى يتم إرسالها عبر الواتس آب لطلب الأموال بعد تهكير البرنامج، أكد الدكتور عادل عبدالمنعم خبير أمن المعلومات، أنه مع دخول مصر عصر ميكنة الخدمات والاعتماد على تكنولوجيا الاتصال فلا بد هنا للإشارة إلى نقاط بالغة الأهمية، حيث يجب الانتباه عند الدخول عبر شبكة الإنترنت أنها ليست بأمان كامل فربما كان أحد المواقع الإلكترونية أو أحد الروابط التى يتم فتحها من قبل المتصفحين عبارة عن مصيدة من قبل بعض القراصنة الذين يعملون على سرقة البيانات والقرصنة على الحاسوب، وربما سرقة الأموال من خلال سرقة البيانات البنكية إن وجدها المخترق على حاسوب الضحية.
وشدد على أنه من الضرورى الوعى بمحاذير استخدام الشبكة ومواقع التواصل وعدم الولوج إلى روابط أو مواقع مشبوهة أو غير معروفة، مع التأكد من أن الجهاز الإلكترونى الذى يتم التواصل من خلاله توجد عليه نسخة من برنامج حماية قوى بجانب تفعيل الجدار النارى أو ما يسمى بالـ FIREWALL والفايروول الذى يعمل على تقنين الهجمات الإلكترونية والتحكم في الحاسوب بحيث يتم منع أى اختراقات قد تقع.
ومن جانبه قال المحامى بالنقض والدستورية العليا وائل نجم إن التسول ظاهرة قديمة جدا وتتطور بتطور التكنولوجيا، وهناك صفات ارتبطت بالمتسول الإلكترونى الذى يحصل على الأموال من أهل الخير بكل العملات والوسيلة مجرد رسائل فهو متسول من نوع خاص لا يرتدى ملابس قديمة أو يزاحمك في المواصلات أو يطاردك في الشوارع ولا يجلس في مكان بعينه بل يجلس في بيته وفى أماكن مختلفة أمام حاسوبه وهاتفه، ويصل إليك أينما كنت، ويتسلل المتسولون الجدد إلى المجموعات الإلكترونية من خلال طلبات التبرع للغارمات والمحتاجين حيث يطلبون تحويل أموال على أرقام خاصة دون تحديد هوية الغارمات.
وتابع أن هناك نسبة كبيرة من الأموال التى يخصصها الناس لأعمال الخير لا تصل إلى مستحقيها سواء عن طريق الجمعيات الخيرية أو التبرع المباشر والإعلام الإلكترونى واحد من أهم أنواع الإعلام المهمة والمعاصرة والتى يجب أن نحترمها والتى لم يغفل القانون تنظيمها ولهذا تم وضع قانون للصفحات الشخصية التى يزيد روادها ومستخدموها على ٥٠٠٠ مستخدم تعامل معاملة الوسيلة الإعلامية ويطبق عليها القانون، وعلى كل المواقع الإلكترونية مرئية أو مسموعة أو إخبارية وصحفية مؤكدا أنه يجب أن تسارع للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام حتى تحصل على تصريح اعتمادها كوسيلة إعلامية وحتى الصفحات الشخصية تحاسب قانونيًا والوسائل الإعلامية على الإنترنت سواء راديو أو قناة على اليوتيوب أو بوابات إلكترونية أو موقعا إخباريا عليها بالإسراع في إجراءات تقنين أوضاعها من خلال المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ومن لم تقنن أوضاعهم سيقع تحت طائلة القانون ويطبق عليها قانون نقابة الإعلاميين ٩٣ لسنة ٢٠١٦ الذى لم يغفل دور الإعلام الإلكترونى ويعتبره واحدًا من الأدوات الإعلامية مثل المرئى والمسموع وعمليات الابتزاز والتسول التى ظهرت مؤخرا على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي قد جرمها القانون، وأن العقوبات المقرر في القانون تصل للحبس والغرامة المالية وإغلاق الصفحات التى تروج للأمر وتبث الإعلانات، وذلك لمحاربة ظاهرة التسول إلكترونيا ومنع الإعلانات الوهمية التى تدغدغ مشاعر المواطنين على الإنترنت، والتى تتمثل في مساعدة أسرة بلا عائل أو إنقاذ فقير أو تجهيز عروس معدمة وهى من أشهر أدوات النصب، والتى تخاطب الجوانب العاطفية للمواطنين وتلتمس منهم التبرع بمبلغ مالى أو ملابس مستعملة وغيرها من التبرعات وينشط الأمر في المواسم والأعياد فأصبح التسول إلكترونيًا وليس ميدانيًا في الشوارع.


تسول نفسي
ومن جانبها قالت الدكتورة وسام عزت، الاستشارية النفسية والاجتماعية إن الظاهرة السلبية تعد جزءا من التسول النفسى الذى يمارسه المتسول الكاذب أونلاين حيث يجبر الجميع على التعاطف معه والاتجاه لاستفزاز الآخرين بمشاكلك النفسية بطريقة تدفعهم لمنحك امتيازات لا تستحقها بدافع الشفقة، وهو أمر وارد في محاولة استجداء المال من قبل المتسولين، الأمر الذى قد يتشابه في جوهره مع طبيعة التسول التقليدى المعروفة، والتى يقوم بها بعض من لا يستحق الحصول على المال كونه يمارس دوره في النصب ومحاولة الحصول على المال بصورة غير شريفة أو شرعية.
وأشارت إلى أن المحترف لهذه المهنة القبيحة يأكل أموال الناس بالباطل، ويُطعم أبناءه مالًا حرامًا، وهو ما يجعلها ظاهرة سلبية تستدعى المواجهة والأخذ على يد المتسول الإلكترونى عوضًا عن ضرورة وأهمية التوعية بأهمية إعطاء المال الخاص بالصدقات أو الزكاة لمن يستحق مع ضرورة التمحيص في حقيقة حالته الاجتماعية أو جدية حاجته للمال الذى يتم التبرع به ما يجعل التحرى أمرا مهما، وضرورى في المطلق.
ومن جانبه أضاف الشيخ عبدالفتاح مختار، الواعظ الديني، أن التسول عادة مذمومة في الإسلام مؤكدا أن الدين حث على العمل والجد في توفير المال قدر الإمكان، مشيرًا إلى أنه يؤمن بمبدأ "لا تعطينى سمكة إنها قوت يوم، ولكن علمنى كيف أصطاد السمك لأقتات طول الحياة" موضحًا أنه حينما يتسع المجال لتعليم الفقير كيف يعمل على صناعة الخبز من إنتاج القمح سيكون أفضل من إعطائه الخبز فحسب.
ولفت إلى أن التسول الإلكترونى أمر شنيع للغاية لأنه بات مهنة وملاذا يلجأ له الفقير ليحصل على المال ولا يمكن إلا تصنيف ذلك إلا أنه من ضمن جرائم السرقة والنصب والاحتيال التى يقدم عليها المتسولون بعد أن يقدموا بعض الحالات التى يرثى لها وماهى إلا إغراء وحيلة.
ولفت إلى أن الإسلام حذر ونفر من تلك الظواهر السلبية، وهو الأمر الذى ظهر في العديد من الأحاديث النبوية لأن صاحبها يفقد كرامته في الدنيا، ويسيء إلى آخرته أيضًا ويأتى ذلك فيما رواه البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ فِى وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ)، وأيضًا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ) رواه مسلم، وعنه صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ) رواه الترمذي.
وتابع أنه من أراد أن يفعل الخير لله فلا يحتاج إلى الإشهار ولا إلى وسيط فالصدقة في المقربين أولًا كما ذكر القرآن الكريم حيث تكون في الإخوان والأخوات وأبناء العم والعمات والأخوال والخالات والأهل والجيران فالقريب قبل البعيد ويجب التحرى من البعيد، وهكذا يتم إنجاز الخير، متسائلًا كيف ترسل أموالا إلى أشخاص لا تعرفهم إلا من خلال الحديث المغري، وإن كان كلامه يناسب الموضوع والحالة التى يتحدث عنها، ولكن لا تعلم هل هو صادق في كلامه أم مجرد إغراء وكذب.
ولمواجهة إمكانية الوقوع في شرك التسول الإلكترونى عبر رسائل البريد أو من خلال الرسائل التى يتم إرسالها عبر الواتس آب لطلب الأموال بعد تهكير البرنامج، أكد الدكتور عادل عبدالمنعم خبير أمن المعلومات، أنه مع دخول مصر عصر ميكنة الخدمات والاعتماد على تكنولوجيا الاتصال فلا بد هنا للإشارة إلى نقاط بالغة الأهمية، حيث يجب الانتباه عند الدخول عبر شبكة الإنترنت أنها ليست بأمان كامل فربما كان أحد المواقع الإلكترونية أو أحد الروابط التى يتم فتحها من قبل المتصفحين عبارة عن مصيدة من قبل بعض القراصنة الذين يعملون على سرقة البيانات والقرصنة على الحاسوب، وربما سرقة الأموال من خلال سرقة البيانات البنكية إن وجدها المخترق على حاسوب الضحية.
وشدد على أنه من الضرورى الوعى بمحاذير استخدام الشبكة ومواقع التواصل وعدم الولوج إلى روابط أو مواقع مشبوهة أو غير معروفة، مع التأكد من أن الجهاز الإلكترونى الذى يتم التواصل من خلاله توجد عليه نسخة من برنامج حماية قوى بجانب تفعيل الجدار النارى أو ما يسمى بالـ FIREWALL والفايروول الذى يعمل على تقنين الهجمات الإلكترونية والتحكم في الحاسوب بحيث يتم منع أى اختراقات قد تقع.
ومن جانبه قال المحامى بالنقض والدستورية العليا وائل نجم إن التسول ظاهرة قديمة جدا وتتطور بتطور التكنولوجيا، وهناك صفات ارتبطت بالمتسول الإلكترونى الذى يحصل على الأموال من أهل الخير بكل العملات والوسيلة مجرد رسائل فهو متسول من نوع خاص لا يرتدى ملابس قديمة أو يزاحمك في المواصلات أو يطاردك في الشوارع ولا يجلس في مكان بعينه بل يجلس في بيته وفى أماكن مختلفة أمام حاسوبه وهاتفه، ويصل إليك أينما كنت، ويتسلل المتسولون الجدد إلى المجموعات الإلكترونية من خلال طلبات التبرع للغارمات والمحتاجين حيث يطلبون تحويل أموال على أرقام خاصة دون تحديد هوية الغارمات.
وتابع أن هناك نسبة كبيرة من الأموال التى يخصصها الناس لأعمال الخير لا تصل إلى مستحقيها سواء عن طريق الجمعيات الخيرية أو التبرع المباشر والإعلام الإلكترونى واحد من أهم أنواع الإعلام المهمة والمعاصرة والتى يجب أن نحترمها والتى لم يغفل القانون تنظيمها ولهذا تم وضع قانون للصفحات الشخصية التى يزيد روادها ومستخدموها على ٥٠٠٠ مستخدم تعامل معاملة الوسيلة الإعلامية ويطبق عليها القانون، وعلى كل المواقع الإلكترونية مرئية أو مسموعة أو إخبارية وصحفية مؤكدا أنه يجب أن تسارع للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام حتى تحصل على تصريح اعتمادها كوسيلة إعلامية وحتى الصفحات الشخصية تحاسب قانونيًا والوسائل الإعلامية على الإنترنت سواء راديو أو قناة على اليوتيوب أو بوابات إلكترونية أو موقعا إخباريا عليها بالإسراع في إجراءات تقنين أوضاعها من خلال المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ومن لم تقنن أوضاعهم سيقع تحت طائلة القانون ويطبق عليها قانون نقابة الإعلاميين ٩٣ لسنة ٢٠١٦ الذى لم يغفل دور الإعلام الإلكترونى ويعتبره واحدًا من الأدوات الإعلامية مثل المرئى والمسموع وعمليات الابتزاز والتسول التى ظهرت مؤخرا على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي قد جرمها القانون، وأن العقوبات المقرر في القانون تصل للحبس والغرامة المالية وإغلاق الصفحات التى تروج للأمر وتبث الإعلانات، وذلك لمحاربة ظاهرة التسول إلكترونيا ومنع الإعلانات الوهمية التى تدغدغ مشاعر المواطنين على الإنترنت، والتى تتمثل في مساعدة أسرة بلا عائل أو إنقاذ فقير أو تجهيز عروس معدمة وهى من أشهر أدوات النصب، والتى تخاطب الجوانب العاطفية للمواطنين وتلتمس منهم التبرع بمبلغ مالى أو ملابس مستعملة وغيرها من التبرعات وينشط الأمر في المواسم والأعياد فأصبح التسول إلكترونيًا وليس ميدانيًا في الشوارع.


بيئة خصبة للمتسولين
قال فتحى عبدالغني، الخبير التقني، إن الجرائم الإلكترونية نمت في العالم خلال الأعوام الأخيرة بشكل كبير حيث لا توجد جريمة تحدث في العالم الواقعى إلا وتقع أيضا بالعالم الافتراضى " الإنترنت" من سرقة واحتيال عبر الإعلانات علاوة على طلبات التبرعات الوهمية، وحتى جرائم القتل التى تحدث عبر الإنترنت
وأشار عبدالغنى إلى أن الإنترنت يستوعب مختلف المجالات الاقتصادية في العالم، حيث إن آلاف الشركات تتجه لإدارة العمل عبر الشبكة العنكبوتية، بعد أن أصبح بيزنس التجارة عبرها يتجاوز تريليونات الدولارات، وهو الأمر الذى يرتفع وهو ما يجعله بيئة خصبة لمحاولة النصب والحصول على التبرعات في ظل انتشار مواقع التواصل التى تعد بيئة خصبة للمتسولين والتى تجاوز عددها حاليا إلى ١٧٠ ألف موقع.
وتابع أنه لا يقتصر الأمر على التسول، فالجريمة الإلكترونية ومحاولة الوصول تجعل هناك تجاوزا للقيم والعادات أحيانا نظرا لما يساعد فيه الإنترنت على وجود شكل أكبر من الاستقلال والحرية وزيادة مثل تلك الجرائم، ونجد ذلك متمثلا في صفحات على "فيس بوك"، التى تشجع على السرقة وأخرى على الشذوذ الجنسى ما يمثل فاجعة كبيرة بمصر التى لم تعتد على مثل تلك العادات الوافدة من الخارج وعوضًا عن ذلك، فهناك الآن مواقع أجنبية تطلب وتوفر تمويل التبرعات من وإلى الأشخاص والجهات المختلفة.
وأوضح عبدالغنى أن الجرائم الإلكترونية تتطلب تجهيزات خاصة ومساندة عالمية مع شرطة الإنترنت الدولية من أجل وقفها، لافتا إلى أنه يوجد في مصر جهاز مباحث الإنترنت وإدارة التوثيق والمعلومات وهى إدارات معنية لمنع تلك الجرائم والحد من وقوعها، مؤكدًا على أن هناك تخوفا دوليا من القرصنة على مواقع البنية التحتية في البلدان المختلفة، وهو ما حذرت منه الجمعية العامة للأمم المتحدة الشعوب والتى تطالب باتخاذ الإجراءات الوقائية خاصة مع تطور نظم القرصنة على الإنترنت، وتعدد مصادر الحصول على المال بصورة غير شرعية من خلال الديب ويب والدارك ويب الذى يحتوى على الكثير من الأشياء الغامضة بجانب القراصنة والراغبين في تلقى الأموال من خلال التسول، مشيرا إلى أهمية جهود الدول الأوروبية التى قامت بها خلال الأعوام الأخيرة من أجل القضاء على ظاهرة القرصنة وتوقيعها اتفاقية شراكة بين الدول الأوروبية لمكافحة الجريمة الإلكترونية خلال الأعوام الماضية.

بيئة خصبة للمتسولين
قال فتحى عبدالغني، الخبير التقني، إن الجرائم الإلكترونية نمت في العالم خلال الأعوام الأخيرة بشكل كبير حيث لا توجد جريمة تحدث في العالم الواقعى إلا وتقع أيضا بالعالم الافتراضى " الإنترنت" من سرقة واحتيال عبر الإعلانات علاوة على طلبات التبرعات الوهمية، وحتى جرائم القتل التى تحدث عبر الإنترنت
وأشار عبدالغنى إلى أن الإنترنت يستوعب مختلف المجالات الاقتصادية في العالم، حيث إن آلاف الشركات تتجه لإدارة العمل عبر الشبكة العنكبوتية، بعد أن أصبح بيزنس التجارة عبرها يتجاوز تريليونات الدولارات، وهو الأمر الذى يرتفع وهو ما يجعله بيئة خصبة لمحاولة النصب والحصول على التبرعات في ظل انتشار مواقع التواصل التى تعد بيئة خصبة للمتسولين والتى تجاوز عددها حاليا إلى ١٧٠ ألف موقع.
وتابع أنه لا يقتصر الأمر على التسول، فالجريمة الإلكترونية ومحاولة الوصول تجعل هناك تجاوزا للقيم والعادات أحيانا نظرا لما يساعد فيه الإنترنت على وجود شكل أكبر من الاستقلال والحرية وزيادة مثل تلك الجرائم، ونجد ذلك متمثلا في صفحات على "فيس بوك"، التى تشجع على السرقة وأخرى على الشذوذ الجنسى ما يمثل فاجعة كبيرة بمصر التى لم تعتد على مثل تلك العادات الوافدة من الخارج وعوضًا عن ذلك، فهناك الآن مواقع أجنبية تطلب وتوفر تمويل التبرعات من وإلى الأشخاص والجهات المختلفة.
وأوضح عبدالغنى أن الجرائم الإلكترونية تتطلب تجهيزات خاصة ومساندة عالمية مع شرطة الإنترنت الدولية من أجل وقفها، لافتا إلى أنه يوجد في مصر جهاز مباحث الإنترنت وإدارة التوثيق والمعلومات وهى إدارات معنية لمنع تلك الجرائم والحد من وقوعها، مؤكدًا على أن هناك تخوفا دوليا من القرصنة على مواقع البنية التحتية في البلدان المختلفة، وهو ما حذرت منه الجمعية العامة للأمم المتحدة الشعوب والتى تطالب باتخاذ الإجراءات الوقائية خاصة مع تطور نظم القرصنة على الإنترنت، وتعدد مصادر الحصول على المال بصورة غير شرعية من خلال الديب ويب والدارك ويب الذى يحتوى على الكثير من الأشياء الغامضة بجانب القراصنة والراغبين في تلقى الأموال من خلال التسول، مشيرا إلى أهمية جهود الدول الأوروبية التى قامت بها خلال الأعوام الأخيرة من أجل القضاء على ظاهرة القرصنة وتوقيعها اتفاقية شراكة بين الدول الأوروبية لمكافحة الجريمة الإلكترونية خلال الأعوام الماضية.