الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

الغنوشي وإشعال فتيل الحرب الأهلية في تونس

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ شهر تقريبًا تتصاعد الأزمة السياسية التونسية، وتؤجج نارها حركة النهضة الإخوانية، بعدما تم فضح أمرها وتنظيمها الخاص والاتهامات التي وجهت لها بالتعاون مع تركيا ضد مصالح الشعب التونسي، وكذلك اتهام تنظيمها الخاص بالضلوع في الإرهاب وأن لهم أياد في اغتيال شكري بلعيد، وغيرها من المشكلات والاتهامات التي توجه لهذه الحركة الإخوانية من قبل الشعب التونسي والقوى المدنية.

وأعلنت مجموعة من الأحزاب المعارضة دعمها وتأييدها لمجهودات المنظمات الوطنية الساعية إلى تقريب وجهات النظر بين الرئيس سعيد، والمشيشي بهدف «بلورة مقترحات عملية لتجاوز الأزمة».
وأكد عصام الشابي، رئيس الحزب الجمهوري المعارض، أن هذه التحركات ستحاول الضغط من أجل إيجاد حل للأزمة السياسية، وضمان عدم استمرارها لوقت طويل. مبرزًا أن حزبه بدأ التشاور مع «اتحاد الشغل» بشأن الدور الذي يلعبه، خاصة أنه بادر إلى الدعوة لحوار وطني، وعرض مبادرته على رئيس الدولة، وقدم تفاصيل حول «هيئة الحكماء والوسطاء»، التي ستدير جلسات الحوار.
وأمام تعثر الحل، حتى يومنا هذا، نادت أطراف وأحزاب سياسية مختلفة بالذهاب مجددا إلى صناديق الاقتراع، كحزب "تحيا تونس"، و"الدستوري الحر" و"حركة الشعب".
وهو الحل الذي يقابله إخوان تونس بكثير من الرفض بعد تدهور وزنهم السياسي في سلم استطلاعات الرأي، حيث تعمق الفارق بينهم وبين "الدستوري الحر" إلى أكثر من 20 نقطة في أحدث نتيجة لشركة "سيغما كونساي" الخاصة.
وصعد "الدستوري الحر" في المرتبة الأولى في نوايا التصويت، في حال تم إجراء انتخابات سابقة لأوانها، بـ36٪ مقابل 14٪ فقط للإخوان.

وفي هذا الصدد، قال زهير المغزاوي الأمين العام لحركة الشعب ذات التوجهات القومية (18مقعدا بالبرلمان)، في تصريحات صحفية إنه "من الضروري تنظيم انتخابات سابقة لأوانها"، مؤكدًا أن الائتلاف الداعم للحكومة (حزب النهضة وقلب تونس) "ساهم في تأزيم الأوضاع في البلاد وأدخل الدولة في حالة من الارتباك".
واعتبر أن "حركة النهضة هي من دفعت المشيشي إلى تصعيد المواجهة مع قيس سعيد، وعليه أن يقدم الغنوشي استقالته من رئاسة البرلمان، في أقرب الأوقات من أجل إيجاد حل لتونس".

أما رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، فترى أن الذهاب لانتخابات سابقة لأوانها "بإمكانه أن يعطي دفعة جديدة للبلاد شريطة أن تتم محاسبة الإخوان قبل ذلك عن كل الجرائم التي ارتكبوها في حق تونس وشعبها".
وأكدت في تصريحات صحفية أن المعركة مع الإسلام السياسي سيحسمها الحزب من خلال "ثورة التنوير"، وذلك من خلال اكتساح الساحات لدحر "الاحتلال" الإخواني للبلاد.
ونوهت إلى أنه لا يمكن الذهاب لانتخابات سابقة لأوانها دون محاسبة التنظيم الإخواني وعزله سياسيا، وسحب الثقة من الغنوشي برلمانيا، محذرة المنظمات النقابية من مد يد المساعدة للنهضة من خلال المبادرة التي طرحها اتحاد الشغل.

من جهة أخرى كشف هارون ي. زيلين، الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في تقرير له عن أن تونس شهدت تحت حكم حركة النهضة تهاونًا مع التجنيد الذي مارسته الجماعات الإرهابية في البلاد، حيث جندت هذه الجماعات عدد هائل من المواطنين على مدى العقد الماضي تحت ظل حكم حزب النهضة الإخواني.
ورصد الباحث هارون ي. زيلين، أن تونس أعلنت في 19 فبراير 2011، عفوًا عامًا عن السجناء بعد الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن على، مما سمح بعودة 1200 جهادي إلى الشوارع لتنظيم صفوفهم. ومن بين أولئك الأفراد 300 عنصرًا حاربوا سابقًا في أفغانستان والجزائر والعراق والصومال واليمن.
وفي السنوات العشر الأخيرة، مرّت الحركة الجهادية في البلاد بمراحل مختلفة وهي الآن في أكبر فترة هدوء منذ الثورة، على الأقل من حيث الهجمات الإرهابية. ويعكس الوضع الراهن حالة الحركة في حقبة ما قبل الثورة بطرق أخرى أيضًا، إذ يتواجد معظم مقاتليها على جبهات أجنبية، ويتّخذ معظم المخططين للهجمات في صفوفها من الغرب مقرًا لهم، كما أن أعضاءها مسجونون في عدة دول. أما الفرق الرئيسي الآن فهو أن أعداد المنضمّين إليها أصبح أكبر بكثير.
ويقول "زيلين"، إن بعد العفو، نفّذ الجهاديون الذين أُطلق سراحهم ما كان يخططون له في السجن منذ عام 2006، وهو: إنشاء جماعة جديدة تسمى "أنصار الشريعة في تونس". وبسبب انعدام شرعية الحكومة الانتقالية في ذلك الوقت، ركزت معظم السلطات على إعداد البلاد للانتخابات، لذا كان أمام «أنصار الشريعة في تونس» مجال كبير للعمل من دون أن تخضع للكثير من الرقابة. وقد منح هذا الأمر أعضاء الجماعة فرصة التواصل مع الجهاديين في ليبيا والاحتجاج دفاعًا عن حقوق زملائهم من المقاتلين التونسيين في السجون العراقية، في حين استولوا بالقوة على 400 مسجد في جميع أنحاء تونس وبدءوا بمضايقة الفنانين والناشطين والسياسيين العلمانيين.
وحظيت جماعة «أنصار الشريعة في تونس» بحرية عمل أكبر بعد الانتخابات، مما جعل حزب "النهضة" الإخواني يفوز برئاسة البرلمان الجديد. وقد تعاطف الحزب مع «أنصار الشريعة» نظرًا إلى تجاربه الخاصة مع عمليات القمع التي تعرّض لها خلال العقود السابقة، كما اعتقد بسذاجة أنه يمكن استمالة هذه الجماعة إليه بحجة التعامل مع النظام الديمقراطي الجديد، رغم أن الديمقراطية محرمة في الإيديولوجيا الجهادية. وبالتالي، سُمح لـ«أنصار الشريعة في تونس» بتنظيم أكثر من 900 فعالية بين عاميْ 2011 و2013، شملت محاضرات دينية ومنتديات دعوة وتسيير قافلات خيرية.
ومع ذلك، حتى عندما زعمت الجماعة أنها تفضل نهج الدعوة أولًا، شارك أعضاؤها بشكل غير رسمي في أنشطة الحسبة ودعموا جناحًا عسكريًا سريًا درّب أفرادًا في ليبيا. وفي أعقاب الهجوم على السفارة الأمريكية في عام 2012 واغتيال سياسيين يساريين في عام 2013،
وكان أحد آثار حملة القمع في الساحة المحلية هو إقدام «أنصار الشريعة» على زيادة تجنيد المقاتلين لإرسالهم إلى الخارج. وفي نهاية المطاف، ذهب إجمالي 3 آلاف تونسي تقريبًا إلى العراق وسوريا، في حين توجّه ما يصل إلى 1500 إلى ليبيا (من بينهم بعض العائدين من سوريا). ونظرًا إلى الخبرة التي اكتسبها التونسيون مع «أنصار الشريعة»، فقد أصبحوا مكونًا أساسيًا داخل «جبهة النصرة» - الفرع السوري التابع لتنظيم «القاعدة»- ولاحقًا ضمن الدعوة والمجالات الإدارية في تنظيم «داعش». كما ساعد بعض الأعضاء على التخطيط والتوجيه والتدريب لتنفيذ العمليات الخارجية لـ تنظيم «داعش» في أوروبا وتونس.