الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الزيادة السكانية.. وحش يلتهم معدلات التنمية.. اقتصاديون: التوعية وزيادة الناتج المحلي والتوسع العمراني.. أهم وسائل القضاء على الظاهرة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تمثل الزيادة السكانية خطرا على التنمية، حيث تلتهم كل معدلات النمو، وكل ما يتحقق من مشروعات قومية.
ويرى الدكتور مصطفى أبوزيد، الخبير الاقتصادى، أن الدولة المصرية منذ ٦ سنوات مضت تعمل وفق رؤية إستراتيجية طموحة، وبرنامج عمل والإطار العام لرؤية مصر ٢٠٣٠ في تحقيق اقتصاد قوى تنافسى متنوع ومستدام يعود بالإيجاب على عدة أهداف مهمة للغاية في سبيل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تطبيق مفهوم النمو الاحتوائى، الذى يعنى توزيع كافة عوائد التنمية بالشكل الذى يضمن عدالة التوزيع إلى جانب استهداف كافة محافظات الجمهورية لتقليل كافة الفوارق الاقتصادية والاجتماعية.

وأضاف أن الدولة المصرية تعمل بالتوازى على كافة القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية من خلال المشروعات القومية التى تساهم في زيادة الناتج المحلى الإجمالى، وبالتالي زيادة معدلات النمو الاقتصادى، ومعه يتولد فرص العمل المباشرة وغير المباشرة التي تؤدى إلى انخفاض معدل البطالة.
ويواصل أبو زيد، لـ"البوابة"، أن ما تم تحقيقه حتى الآن من تحقيق معدلات نمو مرتفعة بلغت ٣.٦٪ خلال العام المالى الماضى، وانخفاض معدل البطالة إلى ٧.٢٪ وتحقيق فائض أولى بالموازنة العامة للدولة بلغ ١.٨٪، وضخ الكثير من الاستثمارات الحكومية في البنية الأساسية وتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين، إلا أن كل ما تحقق في سنوات قليلة، والذى يعد طفرة ونقلة ونوعية في تقدم جودة حياة المواطن المصرى مع تزايد عدد السكان بوتيرة متسارعة أكبر من معدلات النمو والتنمية لتتلاشى كل تأثيرات تلك المؤشرات وانعكاسها على حياة المواطنين.
وطالب باتخاذ إجراءات من شأنها كبح جماح التزايد السكانى المطرد من خلال أولا إجراءات تشريعية تكون ملزمة للمواطنين لخفض مستويات الإنجاب، ولا بد أن يكون هناك دور فعال وقوى للمجلس القومى للمرأة في تقديم حزمة من البرامج التوعوية التى توضح المخاطر الاقتصادية والصحية والتعليمية من قضية الانفجار السكانى غير المخطط.
كما شدد "أبوزيد" عمل حملات طرق الأبواب في المحافظات الريفية التى تقل فيها ثقافة الصحة الإنجابية لتكون وسيلة مباشرة لتوضيح كافة التفاصيل، بجانب دور الإعلام في توضيح تلك القضية بكل ابعادها ومخاطرها وسلبياتها على واقع الحياة المصرية، موضحًا أن الدولة المصرية تعلم أن رأس المال البشرى من أهم الركائز الأساسية لتحقيق مستهدفات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولكن التزايد المطرد الذي يفوق قدرة الدولة على توفير كافة الخدمات الأساسية بالشكل اللائق سيكون أكثر صعوبة إذا ظل الوضع كما هو عليه الآن.

النمو الاقتصادى ثلاثة أمثال النمو السكاني
ويقول الدكتور على الإدريسى الخبير الاقتصادى، إن عائد التنمية كى يكون في المعدلات المقبولة لا بد أن تكون معدلات النمو الاقتصادى تكون ثلاثة أمثال معدلات النمو السكانى، فإذا كان معدل النمو السكانى ٢.٥٪ نحتاج إلى معدلات نمو اقتصادى لا تقل عن ٧.٥٪، لافتًا إلى أن هذا الأمر صعب جدًا، لتحقيق معدلات نمو اقتصادى بشكل مستمر كل عام، ولكن الحل الأسهل تخفيض بشكل كبير لمعدلات النمو السكانى، لأنه مع هذا التخفيض ستبدأ جهود التنمية تصل إلى المواطنين بشكل أفضل، وسيكون متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى سيكون أكبر، ومتوسط نصيب الفرد من الدخل القومى سيكون أكبر أيضًا، وبالتالى هذه نقاط مهمة جدًا، بجانب منظومة الدعم والصحة والتعليم والخدمات الأساسية سيستفيد منها المواطنين بشكل أكبر.
معدلات النمو السكاني ترفع معدلات البطالة والفقر
ويستكمل الإدريسى، لـ"البوابة"، أن خدمة الدولة لـ ١٠٠ مليون نسمة تختلف تمامًا عن خدمتها لـ ٢٠٠ مليون فأكثر، وتحدث هذه الزيادة فرق بشكل كبير، ويصاحب ارتفاع معدلات النمو السكانى ارتفاعات في معدلات الفقر والبطالة، ويضغط بشكل كبير جدًا على موارد الدولة والاحتياجات الأساسية للمواطنين.
وأشار إلى أنه مع كل مولود يكون هناك مطالب بتوفير الدعم والتعليم والعلاج والخدمات الأساسية، وبالتالي فكرة تلبية الدولة المطالب الخاصة بالمواطنين والتى تزداد مع التعداد السكانى، وذلك في ظل الموارد المحدودة بمرور الوقت سيكون الأمر صعب جدًا، فإن الدولة بذلت جهود وخطوات تنموية حقيقية وزيادة في الإنتاج إلا أن معدلات النمو السكاني تظل تلتهم هذه النجاحات والزيادات في الإنتاجية، حيث إن أزمة الزيادة السكانية استمرت وتفاقمت لعقود كثيرة جدًا، ولكن الدولة حاليًا بصدد مشروع قومى لتنظيم الأسرة ستطلقه العام الحالى للمواطنين بشكل مستمر لمدة ٣ أعوام قادمة.
مشروع الدولة توعية وتنظيم للأسرة
ويلفت إلى أن هذا المشروع يعتمد على مجموعة من المحاور، سيكون ذات جدوى كبيرة في ملف الزيادة السكانية، لأنه يتحرك على ملفات كثيرة جدًا جزء منه مرتبط بالوعى وهذا أمر مهم جدًا، بجانب تعامل القيادات الدينية سواء الإسلام أو المسيحية لتوعية المتزوجين الجدد والأسر الجديدة والشباب المقبل على الزواج، وهناك جزء آخر مرتبط بالمدارس والأطفال وأن يتم توعيتهم، بجانب توفير الوسائل الخاصة بتنظيم الأسرة بأسعار منخفضة ومتداولة في كافة أنحاء الجمهورية، وأن تكون ذات فاعلية وجدوى. ويتابع أنه ظهرت خلال فترات ماضية وسائل تنظيم الأسرة مغشوشة، ويحدث معها الحمل والإنجاب أيضًا، وهذه مشكلة كبيرة جدًا، وهذا جزء هام جدًا يلتفت إليه المشروع القومي للدولة، حتى لا تكون مصر عرضه لتجربة الصين فيما يخص تنظيم الأسرة، وهى تجربة قاسية جدًا تطبق إلغاء الدعم على الطفل الثالث ودفع ضرائب على أكثر من طفلين في الأسرة الواحدة، وبالرغم من كونها ذات جدوى اقتصادية إلا أنها تجربة صعبة جدًا، مقترحًا أن يكون هناك دور تشريعى وقانونى لمواجهة الزيادة السكانية، حيث إن مسألة الوعى فقط لم تؤت بثمار حقيقية منذ أكثر من ٣٠ عامًا.

الزيادة السكانية نعمة ونقمة في دول العالم
كما يوضح الدكتور صلاح الدين فهمى، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أن الزيادة السكانية لها شقين، الأول هو بعد يؤدى إلى تحقيق التنمية، وهو موجود في بعض الدول التي تحقق معدلات نمو مرتفعة في ضوء الزيادة السكانية التى تمتلكها وتستفيد منها، ولكن هناك دول أخرى مثل الهند على سبيل المثال تعدادها السكاني ١٣٠ مليون نسمة ولا تمتلك أى موارد تستخدم كل ما تقوم باستيراده، والصين وصلت لـمليار نسمة فأكثر وتملك موارد إلا أن تعدادها السكاني كبير جدًا، فإن هذه الدول استفادت من الزيادة السكانية وأصبحت لديها نعمة وليست نقمة. وأضاف أن الشق الثانى يكمن في كونه الزيادة السكانية نقمة مثل مصر، فإن مساحتها مليون كيلومتر مربع والتعداد السكانى وصل لـ١١٥ مليون نسمة، ويتواجدون فقط في منطقة الدلتا، مما أدى تحول الزيادة السكانية إلى نقمة. ويتابع فهمى، في تصريح خاص لـ"البوابة"، أن معدلات النمو السكاني ترتفع بمعدلات عالية تبدأ بـ ٢٪ إلى ٢.١٪، هذه الأزمة موجودة منذ عقود طويلة كانت تهتم بها الدولة لفترة وتهملها في فترة أخرى، ففى مؤتمر السكان الأول عام ١٩٩٦ وخرج بنتائج عديدة، فإن البعض يرى أن تقليل السكان يتم عن طريق عمل وسائل تنظيم الأسرة، وأن النمو السكانى حاليًا في مصر غير مناسب للموارد المتاحة في الدولة، فهناك موارد ومساحة غير مستغلة، وبعد التوزيع الجغرافي في مصر حيث إن المصريين يتكدسون في الدلتا، ومنذ عهد الرئيس السادات بدأ الدولة تهتم بتأسيس المدن الجديدة مثل مدينة السادات و٦ أكتوبر والعاشر من رمضان و١٥ مايو.
فضلًا عن تأسيس الرئيس السيسي للعاصمة الإدارية الجديدة والإسكان الجديد للمواطنين وأصحاب العشوائيات وللشباب أيضًأ، وبدأت الكثافة السكانية في مناطق معينة في الانخفاض نتيجة البعد الذي اتخذته الدولة لتوزيع هذا الكم من المواطنين من منطقة معينة إلى مناطق أخرى.
استغلال الزيادة السكانية وتحويلها لنعمة
ويواصل، أن كافة الجهود المبذولة في ملف الزيادة السكانية على مدى عقود ماضية تصب في وعاء بغير قاعدة، بما يعنى أن الجهود التي تبذلها الدولة لتحقيق التنمية تذهب هباءً، موضحًا أن الاستفادة من الزيادة السكانية وتحويلها إلى ثروة ونعمة يتطلب استغلال المواطنين بشكل أمثل من خلال تعليمهم بشكل صحيح وتوعيتهم وأن يكون رأس المال البشرى دافع لعملية التنمية وليس لعرقلتها، وتنمية ثقافة العمل لديهم، فإن الدولة تبذل جهود كبيرة في توفير الرعاية الاجتماعية والصحية والتعليمية.

الزيادة السكانية تلتهم الناتج المحلي الإجمالي
تؤكد الدكتورة بسنت فهمى، الخبيرة الاقتصادية، لـ"البوابة"، أن مواجهة الزيادة السكانية تحتاج إلى توعية قوية جدًا للمرأة تحديدًا في القرى والأرياف من الفئات البسيطة، أصحاب المواريث الثقافية والاجتماعية القديمة، فضلًا عن الأمور الدينية المغلوطة، مشيرة إلى أن حساب الزيادة في الناتج المحلي القومى الإجمالى يتطلب طرح الزيادة السكانية منه، فإذا كان الناتج المحلى ٥٪ والزيادة السكانية ارتفعت بنسبة ٢٪ يكون النمو ٣٪، لأن الناتج القومى ينمو ليتم توزيعه على أعداد السكان، ففى حالة زيادة التعداد السكانى متوسط نصيب الفرد ينخفض، وهذا لا يعني عدم الإنتاج بل كلما زاد الإنتاج ينخفض الأثر الإيجابى لهذا النمو الاقتصادى. وتطالب بتفعيل دور الإعلام بشكل قوى وفعال، وكذلك المجلس القومي للمرأة والأمومة والطفولة والجمعيات النسائية الموجودة عليها التحرك نحو الصعيد والأرياف لتوعية السيدات في هذه المناطق، لأنهم يعتمدون على عمالة الأطفال، وبالتالى زيادة الإنجاب لكونهم مورد دخل للأسرة، ولكنه عبء إضافى يؤثر على الدولة بشكل كبير نظرًا لاحتياجهم للخدمات الأساسية في ظل عدم استيعاب قدرة الدولة حاليًا لهذا الضغط الشديد.