الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

خفايا الدور القطري من الإطاحة بـ«القذافي» وحتى حكومة «الدبيبة».. الدوحة دعمت الاحتجاجات والتظاهرات عبر شبكة الجزيرة.. ووثيقة تكشف تحويلات مالية لأذرع «الإرهابية»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خلال السنوات العشر الماضية، اتضح بقوة حجم العلاقات بين قطر وتنظيم الإخوان في المنطقة، وحاولت الدوحة وأبناء حسن البنا- مؤسس الإخوان- اللعب واستغلال غضب الشارع العربى بعد احتجاجات ٢٠١١، بالإمساك في السلطة في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا بالإضافة إلى البحرين والأردن والصومال، المخطط القطرى الإخوانى والمدعوم من تركيا وإيران، استخدم ادوات عديدة من أجل الامساك بمصير الدول، عبر دعم الإخوان سياسيا واعلاميا وماديا، ولكن الأخطر كان عبر دعم الإخوان بالسلاح والمقاتلين، واستخدام الجماعات والمتشدد والإرهابية، في تثبيت الإخوان بهذه الدول، وتشكل ليبيا نموذج الذى استخدمت فيه كل الأدوات القطرية التركية الإخوانية في إمساك الجماعة والدوحة وأنقرة بخيوط السلطة في الدول العربية الكبيرة بشمال أفريقيا.


الدور القطرى منذ احتجاجات ١٧ فبراير ٢٠١١، وحتى الآن مستمر بوتيرة قوية، في دعم الإخوان، وبقائهم في السلطة رغم انقلاب الإخوان على الديمقراطية التى يتشدقون بها في آخر انتخابات تشريعية جرت في ليبيا، وأيضا الدعم المستمر بالسلاح والمال وإبقاء الصراع مشتعلا في الميدان الليبى، والإبقاء على ذلك لكن شكلت خط سرت الجفرة الأحمر الذى رسم الرئيس عبدالفتاح السيسي بعد انسحاب الجيش الوطنى الليبى من طرابس، السد المنيع أمام المخططات القطرية التركية في ليبيا، مما أجبر أدوات الدوحة وأنقرة على اتفاق جديد برعاية الأمم المتحدة أفضى إلى اختيار عبدالحميد الدبيبة رئيسا للحكومة الانتقالية ومحمد المنفى رئيسا للمجلس الرئاسى، وإسقاط أبرز حلفاء قطر وتركيا خالد المشرى وفايز السراج.
وقد لعبت قطر دورًا حيويًا في الأشهر الأولى الصاخبة من الربيع العربى. فدعمت الاحتجاجات والتظاهرات عبر شبكة الجزيرة الفضائية، ضد نظام القذافى، كما أنها عبأت الدعم العربى، لصالح التدخّل الدولى في ليبيا في مارس ٢٠١١، ودعم أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثانى ورئيس الوزراء السابق حمد بن جاسم آل ثانى- قوى الإسلام السياسى الصاعدة في الدول التى تمرّ في مراحل انتقالية، فتولّى حمد بن جاسم حشد الدعم للقرار ١٩٧٣ الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والقاضى بالسماح بإنشاء منطقة حظر جوى فوق ليبيا. وأوضح رئيس الوزراء أن «قطر ستساهم في العمل العسكرى إيمانًا منها بضرورة أن تكون هناك دول عربية تقوم بهذا العمل لأن الوضع في ليبيا لا يحتمل.
كما شاركت مقاتلات ميراج القطرية في الغارات الجوية التى شنّها حلف شمال الأطلسى «الناتو» ضد القدافى.
قطر استدعت أيضا قادة الإرهاب في الدوحة، فقد أنشأت قطر روابط وثيقة مع قادة اثنين من الجماعات الإرهابية الرئيسة هما القيادى بالجماعة الليبية المقاتلة «المرتبطة بتنظيم القاعدة» عبدالحكيم بلحاج من كتيبة طرابلس والإخوانى على الصلّابى، عاش على الصلابى في المنفى في قطر قبل ثورة العام ٢٠١١.
ومؤخرا كشف الخبير البريطانى في شئون الشرق الأوسط، «كريستيان كوتس أورليخسن»، في كتابه الصادر عن دار النشر التابعة لجامعة «أوكسفورد»، بعنوان «قطر والربيع العربى»، عن تحليله لانهيار الدور القطرى في ليبيا ودعم الجماعات الإرهابية، أوضح أورليخسن أن: «تدخل قطر العسكرى في ليبيا شمل أيضًا تقديم الدعم والتدريب لقوات المشاة، وتوفير أدوات ومعدات الاتصالات المتطورة للمقاتلين الليبيين، واعترافًا بفضل قطر، سارع المجلس الوطنى الانتقالى الليبى الذى تولى الحكم بعد سقوط القذافى، بتغيير اسم ميدان الجزائر في ليبيا إلى «ميدان قطر». وفيما بعد، قدر المسئولون الليبيون حجم الدعم العسكرى الذى قدمته قطر لإسقاط القذافى بـ٢٠ ألف طن من الأسلحة، موزعة على ١٨ شحنة تسليح على الأقل، إضافة إلى ملايين الدولارات في صورة مساعدات مباشرة، إلا أن خُمس هذه المساعدات فقط هى التى وجدت طريقها إلى ليبيا من خلال القنوات الرسمية التى أعلن عنها المجلس الوطنى، بينما تم توصيل الباقى إلى قطر من خلال الشبكات الإسلامية التابعة لعلى الصلابى، وفى أكتوبر ٢٠١١، نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية تقريرًا أكثر سوادًا يظهر مدى التورط العسكرى القطرى في ليبيا، كان التقرير يتناول اجتماعًا لقيادات الكتائب الليبية في طرابلس في ١١ سبتمبر من العام نفسه، بعد ٣ أسابيع من سقوط المدينة في أيدى الثوار المعارضين لنظام القذافى، اجتمع قادة الميليشيات الليبية المتفرقة بهدف التوصل لاجتماع لتشكيل جبهة موحدة تقضى على تمزق وتشتت قوتهم في مرحلة ما بعد القذافى، وبمجرد اقترابهم من الاتفاق على صيغة للوحدة، دخل رجلان، أحدهما هو رجل قطر في ليبيا عبدالحكيم بلحاج، واتهم قيادات الميليشيات الليبية بمحاولة استبعاده، ومن خلفه وقف رئيس الأركان القطرى حمد بن على العطية، الأمر الذى كان مفاجأة للجميع».

وفى يوليو من العام ٢٠١٩، كُشفت وثيقة مسربة تحمل تاريخ ٢٩ سبتمبر ٢٠١٣، صادرة من مكتب مساعد وزير الخارجية القطرى موجهة إلى رئيسه خالد العطية وزير الخارجية آنذاك، وتفيد بإتمام تحويل مبالغ مالية لأعضاء الجماعة الإرهابية في ليبيا بالصك رقم (٩٢٥٠٤٤٤)، إلى قيادات حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية في ليبيا، وتم سحب الصك من قبل محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء الغطاء السياسى للجماعة الإرهابية.
وتصاعد الدعم القطرى للجماعات الإرهابية والمتشددة في طرابلس، بعد تقدم الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر إلى العاصمة ومحاصرتها لأشهر عدة، فكان التنسيق القطرى التركى لانقاذ اخر ادواتهم في طرابلس من السقوط ومن ثم انتهاء الدور القطرى التركى الإخوانى في ليبيا وشمال أفريقيا.
ودعمت قطر ومولت عمليات وتحركات تركيا في ليبيا، وكذلك نقل مرتزقة سوريين من الجماعات الإرهابية والمتشددة الىى العاصمة طرابلس وهو ما يعد انتهاكا لقرارات الأمم المتحدة مجلس الأمن، ويوضح بقوة مدى الدعم القطرى للجماعات الإرهابية في ليبيا والمنطقة. كذلك أثار ظهور قائد القوات القطرية الخاصة حمد بن عبدالله بن فطيس المري، خلال أغسطس ٢٠٢٠، في ليبيا بعد اختفائه خلال السنوات الأخيرة عن الأنظار، جدلا واسعا بين الليبيين الذى عرفوه من خلال مشاركته في القتال إلى جانب الميليشيات ومسلحى جماعة الإخوان بعد الإطاحة بنظام الرئيس الليبى الراحل معمر القذافي، وعمل المرى مع بالحاج لتأسيس ما يعرف بـ «كتيبة ثوار ليبيا» التى أثارت الرعب بعنفها وبطشها في ليبيا.
ما تقوم به قطر رصدته المؤسسات الدولية، والأجهزة الاستخبارية العالمية، فقد أشار تقرير صادر مؤخرا عن «وكالة الأمم المتحدة للاجئين» إلى أن قطر ومنذ سقوط القذافى تركز على دعم جماعات الإسلام السياسى في طرابلس، ما يعزز من حالة الإرهاب الدولى العابر للدول، وربما القارات.
الدور القطرى المخرب في ليبيا لا يتوقف عند الإمدادات اللوجستية بالأسلحة والذخائر فقط، بل يمتد كذلك إلى نشر قوات قطرية على الأراضى الليبية، والسعى إلى بسط نفوذ جماعات ميليشياوية معروفة بعينها في عدة مناطق أبرزها معتيقة ومصراتة، لتكون نقاط مواجهة ومجابهة حال تحركت قوات الجيش الليبى بقيادة المشير حفتر. وحول الدور القطرى في تأجيج الصراع في ليبيا، أكد رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان عبدالمنعم الحر، أن أن الدور المشبوه الذى تمارسه الدوحة مناهض لقيام الدولة الوطنية في ليبيا ويدعم حركات الإسلام السياسى وعلى رأسها تنظيم الإخوان، لافتًا إلى أن تلك الحركات ترى في المؤسسات الوطنية بما فيها الجيش عبئا على منظومته الدولية.