الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الإرهاب وقوات فرنسا بأفريقيا.. محاور شائكة بقمة الساحل

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


يشارك رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون، اليوم وغدا، في قمة تجمع قادة دول الساحل الأفريقي الخمس: بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر في العاصمة التشادية نجامينا، عن طريق التداول بالفيديو.


وفي اتصال بمكتب الرئيس الفرنسي علمت "البوابة" أن الرئيس ماكرون يبحث اليوم في اجتماع مغلق التمرد الإرهابى الأفريقي وتخفيف القوات الفرنسية مع قادة الدول الأعضاء في مجموعة الساحل الخمس، رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس المرحلة الانتقالية لجمهورية مالي، باه نداو. رئيس بوركينا فاسو، روش مارك كريستيان كابوري، رئيس جمهورية النيجر محمدو إسوفو، ورئيس جمهورية تشاد إدريس ديبي. ووفق قصر الإليزيه سيبدأ البرنامج اليوم 15 فبراير في تمام الساعة الثالثة بعد الظهر بتوقيت باريس الرابعة بتوقيت القاهرة وسيكون سريا اي مؤتمر مغلق بالفيديو مع رؤساء دول مجموعة دول الساحل الخمس الأعضاء مع السماح للمصورين المعتمدين بجولة لالتقاء الصور في بداية الاجتماع أما غدا الثلاثاء 16 فبراير فسوف تتوسع القمة بمشاركة العديد من رؤساء الدول والحكومات، وكذلك قادة المنظمات الدولية المشاركة في التحالف من أجل الساحل. وستبدأ القمة في يومها الثاني في تمام الساعة التاسعة صباحا بتوقيت باريس العاشرة بتوقيت القاهرة فبالاضافة إلى رؤساء الدول الخمس الأعضاء في مجموعة دول الساحل سيشارك فيها ممثلين عن العديد من الدول الأوروبية والأفريقية والحكومات وقادة المنظمات الدولية كذلك ستشارك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعول عليها فرنسا كثيرا في مستقبل منطقة الساحل لردع الإرهاب فيها والقادم منها نحو فرنسا. فيما سيعقد في تمام الساعة 11 صباحًا بتوقيت باريس مؤتمرا صحفيا لإعلان مقررات وبيان القمة.
وتأمل الرئيس ماكرون في الحصول على دعم عسكري أوروبي خلال مهمة "تاكوبا" التي تساعد مالي في قتالها ضد المتطرفين، عبر دعم قد يخفف من التزاماتها العسكرية في المنطقة بعد أن ارتفعت الأصوات السياسية والشعبية في فرنسا بالمطالبة بتوضيحات حول كلفة وفائدة عملية برخان خصوصا مع ارتفاع حصيلة قتلى الجنود الفرنسيين إلى 50 في مالي حتى الآن.
وتبحث باريس عن دعم يتيح لها خفض عديد قواتها فيها وذلك بعد عام على تعزيز فرنسا انتشارها في منطقة الساحل على أمل استعادة الزخم في المعركة التي طال أمدها. لكن على الرغم مما توصف بانها نجاحات عسكرية، لا يزال الإرهابىون يسيطرون على مساحات شاسعة من الأراضي ويشنون هجمات بلا هوادة وقتلوا ستة من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مالي هذا العام وحده، وخسرت فرنسا خمسة جنود منذ ديسمبر الماضي.


وظهر الإرهابيون الإسلاميون في منطقة الساحل في شمال مالي أولا في 2012، خلال تمرد قام به انفصاليون من الطوارق، لكن طغت عليهم جماعات إرهابية في وقت لاحق. وتدخلت فرنسا لدحر المتمردين، لكن الإرهابىين تفرقوا ونقلوا حملتهم إلى وسط مالي ثم إلى بوركينا فاسو والنيجر.
وقتل آلاف الجنود والمدنيين، حسب الأمم المتحدة، بينما فر أكثر من مليوني شخص من منازلهم. وتعزز هذه الحصيلة فكرة أن الإرهابىين لا يمكن هزيمتهم بالوسائل العسكرية وحدها.
وقال جان إيرفيه جيزيكيل مدير منطقة الساحل في مجموعة الأزمات الدولية إن العمل العسكري التقليدي فشل في توجيه ضربة قاضية. وأضاف أن الإرهابىين "قادرون على إدارة ظهورهم وتجاوز النظام والاستمرار".
فيما دعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الثلاثاء الماضي إلى "تعزيز العمل الدبلوماسي والسياسي والتنموي" للاستجابة للوضع.


هل تسحب فرنسا قواتها المتمركزة؟
يذكر أن فرنسا أطلقت عملية "برخان" العسكرية في مالي منذ 2014 بهدف القضاء على الجماعات المسلحة في منطقة الساحل الأفريقي والحد من نفوذها، كما بعثت الأمم المتحدة 15 ألف جندي لتحقيق الاستقرار في مالي، إلا أنه لم يتم القضاء على التهديد الأمني فيها
لذلك زادت القيادة العسكرية الفرنسية العام الماضي، عدد قوتها في إطار مهمة برخان في منطقة الساحل من 4500 جندي إلى 5100، وهي خطوة سمحت بتحقيق سلسلة من النجاحات العسكرية الواضحة حسب وصف أركان الجيش الفرنسي خصوصا وقد تمكن القوات الفرنسية من تصفية زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عبد المالك دروكدال، وكذلك القائد العسكري لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة للقاعدة.
لكن تسببت هاتان العمليتان الاستخباراتيان الناجحتان في رفع مستوى انتقام التنظيم الإرهابي فشن سلسلة من الهجمات الأخيرة وتكبدت القوات الفرنسية خسائر في الأرواح والمعدات في المعارك في مالي إلى ووصل عدد قتلى الحيش الفرنسي 50، ما استدعى نقاشا في البرلمان الفرنسي حول كلفة مهمة برخان والفائدة منها. وما دور المخابرات الفرنسية ضمن هيئة أركان الجيوش في سياق الحرب على الإرهاب؟ وتمت مناقشة مستقبل عملية برخان في منطقة الساحل، حيث ناقش البرلمان الفرنسي يوم التاسع فبراير الجاري أكبر حرب تخوضها فرنسا حاليا، ويتعلق الأمر بمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل، وتم التطرق إلى عملية برخان في جلسة نقاش شهدت مشاركة وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي، وكذلك وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان.


وقد أعربت وزيرة الدفاع الفرنسية عن أملها في أن تعزز الإدارة الأمريكية الجديدة دعمها للعملية الفرنسية ضد الجماعات المسلحة في دول الساحل.
وأضافت بارلي أمام لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الفرنسي بعد مقدم الرئيس الأمريكي جو بايدن أن "الدعم الأمريكي في قطاع الساحل والصحراء قائم والتعاون مع قواتنا من الناحية الاستخباراتية أقوى من أي وقت مضى". وأوضحت، أن بلادها تأمل "في الحصول على ضمانة بتمديد هذه الوسائل وتعزيزها مع تولي الإدارة الأمريكية الجديدة مهامها"
ووفق أركان الحرب الفرنسية،تقدم الولايات المتحدة لقوة بارخان الفرنسية في منطقة الساحل "إمكانات ثمينة من جهة الاستخبارات والمراقبة خصوصا بطائرتها المسيرة، والتموين في الجو والنقل اللوجستي بقمية تصل 45 مليون دولار سنويا".
وكانت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، قد حذرت في وقت سابق من 2020 من أن الولايات المتحدة تنوي خفض وجودها في أفريقيا، وهو ما أثار مخاوف الفرنسيين بخفض المساعدة الأمريكية لعملية برخان، لكنها لم تفعل بعد اتصالات الرئيس ماكرون بتراقب.
وتأمل فرنسا أيضا في الحصول على ضمانات من الإدارة الأمريكية الجديدة بشأن مستقبل التحالف الدولي المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا بقيادة واشنطن ويشارك فيه 900 جندي فرنسي.
في الواقع،استبقت هذه الجلسة البرلمانية التي عقدت في مرحلة حاسمة عرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لجملة تعديلات تخص خطة التدخل الفرنسي في منطقة الساحل، ويعوضها بعد ظهر اليوم خلال قمة دول الساحل.كما يعقد النقاش بعد قرابة شهر من غارة جوية نفذها الجيش الفرنسي على قرية "بونتي" وسط مالي لتحييد عشرات لإرهابىين، بعد أن شهدت البلاد شهدت مجزرة مروعة ذهب ضحيتها أكثر من مائة مدني كانوا يشاركون في حفل زفاف قيل أنها بسبب الغارة الفرنسية والقتل الخطأ بنيران صديقة بينما قيادة الأركان تقول أنها تمت بفعل الإرهابيين للوقيعة مع فرنسا..
ولكن من أجل الخروج من هذا المأزق بادر رئيس لجنة الشئون الخارجية والدفاع بمجلس الشيوخ، كريستيان كامبون إلى طلب رفع السرية عن صور تنفيذ العملية، وهو إجراء قانوني جديد يسمح للبرلمانيين بطلب رفع السرية عن بعض الملفات من طرف لجنة سرية الدفاع الوطني، غير أن الكشف عن الصور يضعف خطط الجيش الفرنسي في تنفيذ عملياته الجديدة، كما حذرت من ذلك وزيرة الجيوش الفرنسية فلورونس بارلي، لذا يختلف النواب في البرلمان الفرنسي عن تأييد أو رفض تطبيق هذا الإجراء.
وهذا ما دفع الرئيس ماكرون إلى فتح الباب أمام إمكان الانسحاب، ما يشير إلى أن فرنسا قد "تعدّل" التزامها العسكري.
وعلى الرغم من التكهنات، فمن غير المتوقع أن تعلن فرنسا عن أي انسحاب كامل لقواتها خلال اجتماع نجامينا. بدلا من ذلك، ولتخفيف العبء، تأمل فرنسا في الحصول على مزيد من الدعم العسكري من شركائها الأمريكان والأوروبيين من خلال مهمة "تاكوبا" التي تساعد مالي في قتالها ضد الإرهابىين.
جدير بالذكر أنه في 2017، أطلقت مجموعة الدول الخمس قوة قوامها خمسة آلاف عنصر، لكنها لا تزال متعثرة بسبب نقص الأموال وسوء المعدات والتدريب غير الكافي. وأوضح مثال على ذلك هو أن الجنود في بوركينا فاسو غالبا ما يتركون قواعدهم. وهذا ما جعل الرئيس ماكرون يطلب دعم مالي من ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد وكذلك من ولي عهد المملكة السعودية الأمير محمد بن سلمان.
وقبل عام تعهدت تشاد التي توصف بأنها تملك أفضل جيش بين الدول الخمس، بإرسال كتيبة إلى نقطة "الحدود الثلاثية" حيث تلتقي مالي والنيجر وبوركينا فاسو. لكن الانتشار العسكري لم يحصل بعد.
تأمل باريس أيضا أن تؤدي نجاحاتها العسكرية العام الماضي بزوال قيادات الارهابيين إلى تعزيز الإصلاح السياسي في دول الساحل، حيث أدى ضعف الحكم إلى تغذية الإحباط وعدم الاستقرار.
اما في مالي التي تعتبر بؤرة أزمة الساحل، فقد أطاح ضباط الجيش بالرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا في أغسطس الماضي بعد أسابيع من الاحتجاجات على الفساد وفشله في إنهاء الصراع الإرهابى.
وتعهدت الحكومة المؤقتة بإصلاح الدستور وإجراء انتخابات عامة لكن وتيرة التغيير بطيئة في نظر الفرنسيين فبالكاد حقق اتفاق إقليمي أبرم عام 2015 بين حكومة مالي وجماعات المتمردين في الشمال تقدما، لكنه أحد الخيارات القليلة في البلاد لتجنب العنف. وبعد سنوات من الصراع الطاحن، بدأ التفاؤل يتراجع.
وقال مامادو كوناتي وزير العدل المالي السابق، إنه يعتقد أن "قمة نجامينا لن تكون ذات أهمية، مثل القمة السابقة والمستقبلية".
وأشار مسئول يعمل في الرئاسة الفرنسية طلب عدم ذكر اسمه، إلى أن القادة قد يناقشون إمكانية استهداف كبار قادة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين.
لكن يبدو أن فرنسا على خلاف بشأن هذه النقطة مع قادة مالي الذين يُبدون رغبة متزايدة بفكرة إجراء حوار مع لإرهابىين لوقف إراقة الدماء
سبق أن أعلنت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، عن استعداد باريس للتفاوض مع جماعات مسلحة في مالي مستثنية تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين، اثر قتل 5 من جنودها في المنطقة. وأوضحت أنه "قد أستبعد تماما التفاوض مع جماعات إرهابية مثل القاعدة وتنظيم داعش، التي تقتل بشكل عشوائي وأيديها ملطخة بالدماء. لكن لا تزال الأوضاع الأمنية في الساحل صعبة، الإرهابيون يستخدمون سلاح الجبناء دون تمييز، لكن التفاوض يكون مع الأشخاص الذين ألقوا أسلحتهم والذين لا يتصرفون بموجب عقيدة متطرفة وإجرامية نرى أنه من الممكن التفاوض معهم، وهم مدعوون، بحسبها، للانضمام إلى اتفاقات الجزائر للسلام في المنطقة الموقعة سنة 2015"

كل تلك إشارات لتغيير مسار الخطة العسكرية الفرنسية.
يهدف الفرنسيون حاليا إلى إعادة النظر بعملية برخان بعد مضي أكثر من ثماني سنوات على التدخل الفرنسي في مالي. فقد اكتشفوا بأن الواقع أكثر تعقيدا من الرواية الرسمية فقد استندت فرنسا على سلسلة افتراضات حول الإرهابيين وعملياتهم أكثر من الوقائع الملموسة.
لكن يبقى التهديد الاسلاموي حقيقي في مالي فقد اشارت تقارير للجيش الفرنسي أن الجيش المالي مازال يطلب الإغاثة ووفقا لمعلومات استخباراتية فرنسية تحدثت عن تجمع مئات الإرهابيين المسلحين في كونا من دون ان تكشف عن نواياهم، لكن الاخصائيين رجحوا ان يكون هدف تحركهم فقط لتثبيت مواقعهم بعد استيلائهم على ما يقارب نصف مساحة مالي خلال بضعة أشهر. بيد أن الفرنسيين بدءوا يغيرون من افكارهم بسبب تشكيك بعض الشهود بالرواية الرسمية فيما يخص الغارة الفرنسية التي استهدفت منذ أكثر من شهر تجمعا للإرهابيين بحسب باريس فيما تشير جهات مالية إلى سقوط مدنيين بالخطأ أثناء حضورهم لحفل زواج في قرية بونتي شمالي مالي..وهو ما نفته القيادة السياسية الفرنسية والمالية على السواء
وعلى ضوء المؤشرات لم يعد انسحاب باريس من الساحل أمرا خفيا اليوم وهذا سر حرص الرئيس ماكرون على قمة اليوم لطرح مختلف الحلول أمام العمليات الإرهابية في المنطقة وطرق التصدي للإرهابيين وانسحاب فرنسا مع ضمان تأمين البلاد عسكريا وسياسيًا كي لا تتكرر أزمة العراق بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية والتي تحولت البلاد على اثرها إلى أرض خصبة لنمو الإرهاب ومسرح عملياتهم..
ولكن تدرس باريس عواقب الإنسحاب حيث ستقع المنطقة بلا شك في شكل من أشكال الاستبداد الديني. حيث تخشى الإدارة الفرنسية من تضرر غرب أفريقيا بالكامل على مستوى الأمن والتنمية.
فيما تصاعد الجدال والنقاش في فرنسا حول عملية برخان العسكرية،نفى عددا من المراقبين ما حذر منه مدير المخابرات الفرنسية برنارد إيمييه (رئيس المديرية العامة للأمن الخارجي)، حين صرح أن الإرهابيين في الساحل يشكلون خطرا على فرنسا وأوروبا عموما من خلال تحضيرهم لهجمات إرهابية على أراضيها، وهو احتمال لم يتجسد على الأرض على مدى السنوات الماضية فالإرهابيين في الساحل لديهم العديد من الأولويات الأخرى، ومن الخطأ اعتبارهم الدولة الإسلامية السابقة في العراق وسوريا. لكن هناك خطر آخر يتم طرحه غالبًا وهو موجة الهجرة التي اجتاحت أوروبا وفرنسا ولا سيما من شمال أفريقيا ولا سيما تونس والمغرب والجزائر على الترتيب.. ولهذا موضوع آخر سيجري النقاش فيه لكن الجديد في فرنسا سقوط مقولة استخبارية في البلاد عام 2013 القائمة ( إن أرتال الإرهابيين الأفارقة تتقدم بسرعة باتجاه باماكو) وباتت رسميا اليوم من الأساطير.