الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الإمارات تقر تشريعات لدعم حقوق الإنسان والحريات والمساواة بين الجنسين.. خبراء: اتساق ومواكبة مع المواثيق الدولية.. ودعم لمبادئ التعايش والتسامح لتحقيق الأمن والسلام الاجتماعيين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في خطوة نحو الارتقاء بالمنظومة التشريعية لدولة الإمارات العربية المتحدة، ومن أجل التوسع في القوانين لتشمل كافة الثقافات والحضارات، ودعما لجهود حكومة الإمارات نحو ترسيخ مبدأ التسامح والمساواة بين الرجل والمرأة، وحفظ حقوق المواطنين والمقيمين على أرض الإمارات، أصدر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، مجموعة من التشريعات والمراسيم التي تدعم كل تلك الجهود، من خلال تعديل بعض أحكام قانون الأحوال الشخصية الاتحادي، وقانون المعاملات المدنية الاتحادي، وقانون العقوبات الاتحادي، وقانون الإجراءات الجزائية الاتحادي.
وتأتي التعديلات القانونية في إطار سعي حكومة الإمارات نحو تطوير بنيتها التشريعية، وتعزيزًا لمكانتها الريادية كأحد أهم الدول الجاذبة اجتماعيًا واقتصاديًا على مستوى العالم، بالإضافة إلى التأكيد على التزامها بترسيخ مبادئ التسامح بما يتفق مع هويتها، والعمل على تعزيز قدرتها على استقطاب الخبرات والاستثمارات الأجنبية.
كما تهدف التعديلات الجديدة إلى ترسيخ التزام دولة الإمارات بأهمية توفير بيئة تشريعية تتوافق مع تعددية الثقافات والتزام الدولة ببناء بيئة اجتماعية واقتصادية تنافسية وآمنة.

حرية المقيمين
وبحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية "وام" فإن التعديلات الجديدة على قانون الأحوال الشخصية وقانون المعاملات المدنية المجال تتيح لغير المواطنين لاختيار القوانين التي تطبق على تصرفاتهم في شئون الميراث والتركات، وذلك لتحقيق استقرار المصالح المالية للمستثمرين الأجانب في الدولة.
أما عن التعديلات على قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية فتعمل على تعزيز ضمان الحريات الشخصية ودعم منظومة الأمن المجتمعي دون الإخلال بالثوابت والمكتسبات المجتمعية لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تم ادخال مجموعة من التعديلات على قانون العقوبات ليتم رفع التجريم عن الأفعال التي لا تضر بالغير، وإزالة الغموض عن بعض النصوص التي كانت قد تعتبر بأنها تشكل جريمة يعاقب عليها القانون.
كما وسّعت التعديلات من نطاق تطبيق الأمر الجزائي بحيث يكون للنائب العام الاتحادي، بالاتفاق مع النواب العموم في السلطات القضائية المحلية، تحديد الجنح والمخالفات التي تطبق عليها أحكام الأمر الجزائي وذلك بهدف تيسير الإجراءات وتخفيف العبء على الجهاز القضائي خاصة في حالات الجرائم البسيطة.
حماية حقوق المرأة
وتعمل دولة الإمارات العربية المتحدة دوما على دعم حقول المرأة من خلال اتخاذ كل ما يلزم لدعم جهود المساواة بين الجنسين، وتأكيدًا على التزام الدولة بحماية حقوق المرأة وتعزيزًا لمبدأ سيادة القانون، تم إلغاء المادة التي تمنح العذر المخفف فيما يسمى "بجرائم الشرف" بحيث تعامل جرائم القتل وفقًا للنصوص المعمول بها في قانون العقوبات.

أستاذ قانون دولي: الإمارات أصبحت نموذجا رائدًا في حماية حقوق الإنسان
وفي هذا السياق، أكد الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي العام، أن دولة الإمارات العربية المتحدة وفي الأعوام الأخيرة أصبحت نموذجا ورائدا في مجال حماية حقوق الإنسان الأساسية وحرياته العاملة ليس فقط تجاه المواطنين الإماراتيين فقط بل أيضا للمقيمين الأجانب المقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة، فالدولة ورئيسها وحكومتها معنية بضرورة الاتساق مع مبادئ الشريعة الإسلامية الغراء فضلًا عن المواثيق الدولية.
وأضاف أستاذ القانون الدولي في تصريحات خاصة لـ"البوابة" إن الإمارات تحرص على احترام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان المختلفة بداية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر عن منظمة الأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948 وكافة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان الأخرى وفي الصدارة منها تدليلا وليس عصرا العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية الذي صدر عن الأمم المتحدة 1976 والذي يولي الاعتبار المهم لمبدأ المساواة بين الأفراد وخاصة بين الرجال والنساء، ولذلك نجد أن التشريعات الحديثة التي أقرتها دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال المساواة بين المرأة والرجل تأتي اتساقا ومواكبة مع المواثيق الدولية التي انضمت إليها دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأوضح "سلامة" أن دولة الإمارات العربية المتحدة تدرك أن المساواة في أصل الخلق، وأن المساواة العادلة بين الرجل والمرأة رسختها الشريعة الإسلامية الغراء التي لم تعتبر الفروقات البيولوجية الموجودة بين الجنسين منعا من التسوية بينهم طالما أن الفروقات ليست ذات أثر جوهري في المسألة.
وتابع قائلا: "المساواة العادلة بين الرجل والمرأة وتأسيسا على الشريعة الإسلامية هي الأصل للغالبية المطلقة لأحكام الدين الإسلامي المتعلقة بالجنسين، وبخصوص إلغاء المادة التي تمنح العذر المخفف فيما يسمى بجرائم الشرف بحيث تعامل جرائم القتل وفقا للنصوص المعمول بها في قانون العقوبات فإن ذلك التعديل المهم يأتي ترسيخا لمبدأ المساواة في مجال المسئولية والجزاء، قال تعالى: " من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون".
وبخصوص التنسيق بين النائب العام الاتحادي في أبو ظبي والنواب العموم في السلطات القضائية المحلية، قال سلامة إن ذلك الإجراء من شأنه "تيسير الإجراءات وتخفيف العبء على الجهاز القضائي خاصة في حالات الجرائم البسيطة"، فضلا عن تيسير المشقة الإدارية والحقوقية على الهيئات القضائية المحلية المختلفة والمحامون والمتهمون في دولة الإمارات ايضا تجنب اي ازدواجية في العمل القضائي بين السلطات الاتحادية في ابو ظبي وكافة السلطات القضائية المحلية في الإمارات المختلفة للدولة.

خبير قانون دولي: الإمارات تتبنى سياسات تدعم مبادئ التعايش والتسامح لتحقيق الأمن والسلام الاجتماعيين
ورقة بحثية: التعديلات التشريعية الأخيرة تعكس الوجه العصري لدولة الإمارات
وعلى صعيد متصل، أكد الدكتور حبيب الملا، الرئيس التنفيذي لإحدى المؤسسات القانونية الكبرى العاملة في الإمارات، أن التعديلات القانونية الاخيرة التي أصدرها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات تأتي انعكاسا للتوجه العام في دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تحدد السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للدولة.
وأضاف خبير القانون الدولي إن الإمارات تبنت في الآونة الأخيرة سياسات من شأنها دعم مبادئ التعايش والتسامح وتقبل الآخر بما يحقق الأمن والسلام الاجتماعيين ويعكس روح الانفتاح الذي تتحلى به، إذ تقدّم الإمارات نفسها كنموذج للدولة العصرية في المنطقة، وجاءت التعديلات الاخيرة لتعكس توجه ثقافي واجتماعي واقتصادي تنتهجه دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأوضح "الملا" خلال ورقة بحثية لشرح التعديلات القانونية الأخيرة في دولة الإمارات العربية المتحدة نشرتها شبكة "سي إن إن"، أن الإمارات أقرت العديد من التشريعات الجديدة حول إقامة للمستثمرين والمفكرين والمبدعين وأصحاب الكفاءات عبر منحهم إقامات طويلة الأجل لإضفاء الاستقرار على أوضاعهم واستقطاب الجدد منهم بما يعزز مكانة الإمارات كدولة جاذبة للاستثمار والمستثمرين، وكذلك صدر المرسوم بقانون اتحادي رقم ٣ لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم 17 لسنة 72 في شأن الجنسية وفتح الباب أمام إمكانية التقدم بطلبات الحصول على جنسية الإمارات وفقا لشروط معينة.
وأكد "الملا" أن التعديلات التشريعية الأخيرة في قوانين العقوبات والأحوال الشخصية تصب في هذا الاتجاه وتعكس هذا التوجه، فإقرار مبدأ حرية غير المواطنين للاحتكام إلى القوانين التي تطبق على تصرفاتهم في شئون الميراث والتركات من شأنه أن يحقق استقرار المصالح المالية للمستثمرين الأجانب ويعزز من جاذبية الإمارات في استقطاب هؤلاء المستثمرين وتوطين أموالهم فيها. علما بأن قانون المعاملات المدنية الإماراتي الصادر عام 1985 كان قد أقر مبدأ الاحتكام إلى الجنسية في المسائل المتعلقة بالحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم وذلك في المواد من 10 إلى 17. وكانت المحاكم تطبق هذا المبدأ فجاءت التعديلات الاخيرة لتؤكد هذا الحق وتشدد عليه، وهذا ما ينص عليه أيضا قانون الأحوال الشخصية الإماراتي. فقد نصت المادة الاولي من القانون على أنه تسري احكامه على مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة ما لم يكن لغير المسلمين منهم أحكام خاصة بطائفتهم وملتهم، كما لا تسري أحكامة على غير المواطنين إذا تمسك أحدهم بتطبيق قانونه.
وتابع: "التعديلات على قانون العقوبات رقم 3 لسنة 1987 تضمنت المراسيم الرئاسية بعض التغييرات الرئيسية. فنصت التعديلات على أن من يستهلك أو يتعامل في الخمور في الأماكن المصرح بها بما في ذلك المساكن وفقًا للقوانين السائدة، لن يكون مسؤولًا، مع إعطاء كل إمارة محلية سلطة إصدار القواعد التنظيمية في هذا الشأن. وبذلك أزالت هذه التعديلات شرط الحصول على ترخيص مسبق لغير المسلمين لاقتناء الخمور ورفعت العقوبة عن هذا الفعل، وستقتصر العقوبة فقط على تناول الخمور أو تقديمها أو بيعها لشخص يقل عمره عن 21 عامًا وعلى أولئك الذين اشتروا الخمور نيابة عن شخص أقل من 21 عامًا.
أما عن قوانين الآداب العامة، قال "الملا" إن التعديلات تنص على أن عقوبة من ارتكب أفعالًا مخلة بالآداب العامة ستكون غرامة مالية بدلًا من السجن، وأجاز القانون مبدأ المساكنة المشتركة بين غير المتزوجين وهو الأمر الذي كان يحصل فعليا على أرض الواقع".
وأكمل قائلا: "لن يعاقب القانون وفقًا للتغييرات الجديدة على ممارسة الجنس بالتراضي، ومع ذلك، يعاقب القانون على ممارسة الجنس بالتراضي إذا كان الضحية، ذكرا كان أم أنثى، أقل من 14 سنة أو إذا حُرمت الضحية من إرادتها بسبب صغر سنها أو جنونها أو إعاقتها العقلية أو إذا كان الجاني قريب من الدرجة الاولى للضحية أو مسئول عن تربيته أو رعايته المعتادة أو له سلطة على الضحية القاصر، ويعاقب بالإعدام أي شخص يُدان بممارسة الجنس مع قاصر أو متخلف عقليًا".
وقال الملا إن " هذه التعديلات تعكس التوجه الاقتصادي والثقافي والاجتماعي الذي تبنته دولة الإمارات وتمشي عليه وتهدف إلى ترسيخ التزام دولة الإمارات بتوفير بيئة تشريعية تتوافق مع تعددية الثقافات، والالتزام ببناء بيئة اجتماعية واقتصادية تنافسية وآمنة. فبعض هذه التعديلات إنما يراعى التطبيق الموجود أصلا على أرض الواقع فرفع بذلك الازدواجية بين النص والممارسة الفعلية. كما أن بعض هذه النصوص وإن لم تكن تطبق على أرض الواقع إلا أن بعض الجهات كانت تتخذها ذريعة للمس بالسمعة التي تحققها الإمارات في المحافل الدولية".