السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

تعرف على رحلة مسبار الأمل من الإمارات إلى المريخ

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وجه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات التهنئة إلى شعب دولة الإمارات والمقيمين والأمة العربية بنجاح مسبار الأمل في مهمته، مشيدًا بالجهد الاستثنائي لأبناء الإمارات الذين حولوا الحلم إلى واقع، وحققوا طموحات أجيال من العرب ظل يراودها أمل وضع قدم راسخة في سباق الفضاء الذي ظل حكرًا على عدد محدود من الدول.
وقال رئيس دولة الإمارات: "هذا الإنجاز لم يكن ليتحقق لولا المثابرة على مشروع ظهرت فكرته أواخر العام 2013 على يد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الذي تابعه لحظة بلحظة حتى وصوله إلى وجهته بسلام"، كما أشاد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي سخر له كل الدعم ليتحقق الأمل ونراه ويراه العالم معنا بانبهار وتقدير، "فكل التحية لسموهما ولفريق العمل الوطني من باحثين وعلماء".
وأشاد الشيخ خليفة بن زايد بالمشروع كونه نشأ نتيجة جهد مؤسسي مخلص ودؤوب ومن رؤية طموحة هدفها خدمة المشروع الوطني الإماراتي خاصة والبشرية والمجتمع العلمي عامة ومحققا آمال الملايين من العرب بأن تكون لهم قدم راسخة في مجال استكشاف الفضاء.
وكانت دولة الإمارات قد دخلت، مساء اليوم، التاريخ كأول دولة عربية تصل إلى المريخ، وخامس دولة في العالم تحقق هذا الإنجاز بعدما نجح مسبار الأمل، ضمن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، في الوصول إلى الكوكب الأحمر، متوجةً بذلك الخمسين عامًا الأولى منذ تأسيسها عام 1971 بحدث تاريخي وعلمي غير مسبوق على مستوى المهمات المريخية السابقة، حيث تستهدف المهمة المريخية الاستكشافية الإماراتية إلى تقديم بينات علمية لم يتوصل إليها الإنسان من قبل عن الكوكب الأحمر.
ونجح "مسبار الأمل" عند الساعة 7:42 مساء اليوم في الدخول إلى مدى الالتقاط حول الكوكب الأحمر، منجزًا بذلك أصعب مراحل مهمته الفضائية، بعد رحلة استغرقت نحو سبعة أشهر في الفضاء، قطع فيها أكثر من 493 مليون كيلو متر، ليشكل وصوله إلى الكوكب الأحمر استعدادًا لبدء مهمته العلمية من خلال توفير ثروة من البيانات العلمية للمجتمع العلمي في العالم علامة فارقة في مسيرة دولة الإمارات التنموية المتسارعة، وليكون هذا الإنجاز احتفالًا يليق باليوبيل الذهبي لقيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، ملخصًا قصتها الملهمة، كدولة جعلت ثقافة اللامستحيل فكرًا ونهج عمل وترجمةً حيةً على الأرض.
وأصبحت دولة الإمارات أول الواصلين إلى مدى الكوكب الأحمر ضمن ثلاث مهمات فضائية أخرى تصل خلال شهر فبراير الجاري إلى المريخ، تقودها بالإضافة إلى الإمارات، كل من الولايات المتحدة والصين.
وهنأ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، شعب الإمارات والأمة العربية بتحقيق هذا الإنجاز التاريخي، حيث حرصا على متابعة اللحظة التاريخية من محطة التحكم الأرضي بمسبار الأمل في منطقة الخوانيج بدبي، بحضور الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس مركز محمد بن راشد للفضاء، والفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شئون الرئاسة، وعدد من كبار المسؤولين في الدولة.



أعظم احتفال باليوبيل الذهبي
وأكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن هذا الإنجاز التاريخي بوصول مسبار الأمل إلى المريخ هو أعظم احتفال بالذكرى الخمسين لقيام اتحاد الإمارات.. ويؤسس لانطلاقتها الجديدة في الخمسين عامًا المقبلة.. مع أحلام وطموحات لا سقف لها، مضيفًا: "سنواصل تحقيق الإنجازات وسنبني عليها إنجازات أكبر وأعظم".
ولفت إلى أن الإنجاز الحقيقي الذي نفخر به هو نجاحنا في بناء قدرات علمية إماراتية تشكل إضافةً نوعية للمجتمع العلمي العالمي.
وقال الشيخ محمد بن راشد: "نهدي إنجاز المريخ إلى شعب الإمارات وإلى الشعوب العربية.. نجاحنا يثبت أن العرب قادرون على استعادة مكانتهم العلمية.. وإحياء أمجاد أسلافنا الذين أنارت حضارتهم ومعارفهم ظلمات العالم".
وختم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بالقول: "نتوج احتفالنا بيوبيل الإمارات الذهبي بمحطة المريخ.. وشبابنا الإماراتي والعربي مدعون لركوب قطار الإمارات العلمي السريع الذي انطلق بأقصى سرعة".



نهضة علمية مستدامة
من جانبه قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة أن "نجاح مسبار الأمل في الوصول إلى مداره حول المريخ يمثل إنجازًا عربيًا وإسلاميًا.. تحقق بعقول وسواعد أبناء وبنات زايد، ليضع الدولة في مصاف الدول التي وصلت لعمق الفضاء"، مشيرًا إلى أن "وصول الإمارات للمريخ يحتفي بمسيرة الخمسين عامًا بما يليق بتجربة دولتنا ويعكس صورتها الحقيقية للعالم".
وأضاف: "مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ يمهد لـ 50 عامًا جديدة من النهضة العلمية المستدامة في دولة الإمارات".
وعبر عن اعتزازه بهذا الإنجاز الإماراتي والعربي التاريخي الذي قادته الكوادر الوطنية من العلماء والمهندسين الإماراتيين، مؤكدًا بأن: "ثروة الإمارات الحقيقية والأغلى هي الإنسان.. واستثمار الوطن بأبنائه وبناته يشكل مرتكزًا أساسيًا في كافة سياساتنا واستراتيجياتنا التنموية".
وأوضح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قائلًا: "شباب الإمارات المتسلحون بالعلم والمعرفة هم الذين سيقودون مسيرتنا التنموية والنهضوية للخمسين سنة المقبلة.. ومشروع الإمارات لاستكشاف المريخ أسهم في بناء كوادر إماراتية عالية الكفاءة مؤهلة لتحقيق المزيد من الإنجازات في قطاع الفضاء".



إنجاز بحجم الفضاء
وأشاد الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي ورئيس المجلس التنفيذي ورئيس مركز محمد بن راشد للفضاء بفريق عمل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ من المهندسين والمهندسات من الكوادر الوطنية الشابة، والجهود التي بذلوها على مدى أكثر من ست سنوات في سبيل تحويل حلم المريخ إلى واقع نحتفي به اليوم.
وقال الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، إن نجاح مسبار الأمل في رحلته الفضائية التاريخية وصولًا إلى مداره حول الكوكب الأحمر، يعد إنجازًا إماراتيًا وعربيًا بحجم الفضاء"، مؤكدًا بأن "مشروع الإمارات الاستكشاف المريخ يُسطر فصلًا جديدًا في سجل إنجازات الإمارات في مجال علوم الفضاء على مستوى عالمي، ويدعم جهود الدولة في بناء اقتصاد معرفي مستدام قائم على الصناعات التكنولوجية المتقدمة.
وقدم الشيخ حمدان بن محمد التهنئة إلى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة على هذا الإنجاز، لافتًا إلى أن احتفال دولة الإمارات بالذكرى الخمسين لتأسيسها أصبح مقترنا بالوصول للمريخ.. وهذا الإنجاز يضع مسئولية كبيرة أمام الأجيال القادمة التي ستبني عليه في الخمسين سنة المقبلة.



متابعة مليونية
وكان الملايين في دولة الإمارات والوطن العربي والعالم قد تابعوا بترقب اللحظة التاريخية لدخول مسبار الأمل مدى الالتقاط حول كوكب المريخ، من خلال تغطية حية ضخمة نقلتها محطات التلفزيون ومواقع الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، ضمن فعالية كبرى نُظمت بدبي في محيط برج خليفة، أطول بناء من صنع الإنسان في العالم، والذي اكتسى إلى جانب المعالم الرئيسية في الدولة والعالم العربي بلون الكوكب الأحمر، وذلك لمتابعة اللحظات الحاسمة لوصول المسبار، بحضور وكالات الأنباء العالمية وممثلي وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية المحلية والإقليمية ونخبة من المسؤولين وأعضاء فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل".

تضمنت الفعالية العديد من الفقرات التي سلطت الضوء على مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ من الفكرة إلى التنفيذ، ورحلة دولة الإمارات مع حلم الفضاء وكيفية تحقيقه من خلال تأهيل وإعداد كوادر إماراتية علمية على قدر كبير من الخبرة والكفاءة، كما شهدت الفعالية عرضًا مبهرًا بالليزر على واجهة برج خليفة تم تنفيذها بتقنية رفيعة المستوى، استعرضت رحلة مسبار الأمل والمراحل التي مر بها المشروع وجهود الكوادر الإماراتية التي شاركت في تحقيق هذا الحلم.



عرض توضيحي ولقاء إعلامي
وقدمت سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة ورئيسة مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء، عرضًا توضيحيًا مفصلًا باللغتين العربية والإنجليزية لأهم مرحلة من مراحل رحلة مسبار الأمل، والمتمثلة في مرحلة دخول مدى المريخ، كونها الأهم والأكثر خطورة، وتعد حاسمة فيما سيؤول إليه مستقبل المهمة الاستكشافية.
وتضمنت الفعالية عقد لقاء إعلامي بين عدد من أعضاء فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل"، بقيادة سارة الأميري، وممثلي وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية تناولت مختلف جوانب المشروع والتحديات التي مر بها، وصولًا إلى تحقيق هذا الإنجاز التاريخي، كما سلطت الضوء على المهمة المريخية للمسبار ذات الأهداف العلمية غير المسبوقة في تاريخ البشرية، والمراحل التالية التي سيمر بها المسبار طوال مهمته في استكشاف الكوكب الأحمر على مدى سنة مريخية كاملة تعادل عامين أرضيين.
وتخلل الفعالية الاتصال المباشر عبر الفيديو مع فريق العمليات والمهندسين في محطة التحكم الأرضي في مركز محمد بن راشد للفضاء في الخوانيج بدبي، حيث قدم المهندس عمران شرف مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل"، أحدث التحديثات والمستجدات، أولًا بأول، في ما يتعلق بمسار مسبار الأمل في الدقائق الأخيرة الفاصلة من رحلته تمهيدًا لدخوله مدى المريخ.



نجاح مرحلة دخول مدى الالتقاط
وكانت اللحظات الحاسمة لمرحلة الدخول إلى مدى الالتقاط حول الكوكب الأحمر قد بدأت عند الساعة 7:30 مساء بتوقيت دولة الإمارات، مع قيام مسبار الأمل ذاتيًا، وفقًا لعمليات البرمجة التي كان فريق العمل قد أجراها مسبقًا قبل إطلاقه، ببدء تشغيل محركاته الستة للدفع العكسي "دلتا في" لإبطاء سرعته من 121 كيلومتر إلى 18 ألف كيلومتر في الساعة، مستخدمًا نصف ما يحمله من وقود، في عملية استغرقت 27 دقيقة وانتهت عملية حرق الوقود عند الساعة 7:57 مساء ليدخل المسبار بأمان إلى مدى الالتقاط، وعند الساعة 8:08 مساءً تلقت المحطة الأرضية في الخوانيج إشارة من المسبار بنجاح مرحلة الدخول إلى مدى المريخ، لتكتب دولة الإمارات اسمها بحروف بارزة في تاريخ المهمات الفضائية لاستكشاف الكوكب الأحمر.
وبنجاحه في إنجاز مرحلة الدخول إلى مدى الالتقاط حول المريخ، يكون مسبار الأمل قد أنجز أربع مراحل رئيسية في رحلته الفضائية منذ إطلاقه في 20 يوليو 2020 من مركز تانيغاشيما الفضائي في اليابان على متن الصاروخ "إتش 2 إيه"، وهي بالترتيب: مرحلة الإطلاق، ومرحلة العمليات المبكرة، ومرحلة الملاحة في الفضاء، ومرحلة الدخول إلى المدار ويتبقى أمامه مرحلتان هما: الانتقال إلى المدار العلمي، وأخيرًا المرحلة العلمية، حيث يبدأ المسبار مهمته الاستكشافية الخاصة برصد وتحليل مناخ الكوكب الأحمر.



اليوم الأول لـ"الأمل" حول المريخ
مع نجاح مرحلة الدخول إلى مدى الالتقاط، بدأ مسبار الأمل يومه الأول حول كوكب المريخ، وأصبح فريق المحطة الأرضية قادرًا على التواصل مع المسبار للتأكد أن هذه المرحلة، التي كانت أكثر مراحل المهمة الفضائية دقة وخطورة، لم تؤثر على المسبار وأنظمته الفرعية والأجهزة العلمية التي يحملها.
ووفقًا لما هو مخطط له تستغرق هذه العملية من 3 إلى 4 أسابيع، يكون فيها الفريق على تواصل دائم مع المسبار على مدى 24 ساعة يوميًا، عبر مناوبات متتابعة، علمًا بأن المسبار سيكون قادرًا أثناء هذه المرحلة من التقاط أول صورة للمريخ خلال أسبوع من وصوله بنجاح إلى مدى الالتقاط.

الانتقال إلى المدار العلمي
وبعد التأكد من كفاءة المسبار وأنظمته الفرعية وأجهزته العلمية، سيقوم فريق المشروع ببدء تنفيذ المرحلة التالية من رحلة المسبار وهي الانتقال إلى المدار العلمي عبر مجموعة عمليات لتوجيه مسار المسبار لنقله إلى هذا المدار بأمان، وذلك باستخدام المزيد من الوقود الذي يحمله المسبار على متنه، وسوف تتبع ذلك عمليات رصد دقيقة لموقع المسبار للتأكد من وجوده في المدار الصحيح، وبعدها سوف يتم إجراء عمليات معايرة شاملة لأنظمة المسبار (الأصلية والفرعية)، تشبه تلك التي كان الفريق قد أجراها عقب عملية إطلاق المسبار في العشرين من يوليو الماضي، وقد تمتد عمليات المعايرة وإعادة ضبط أنظمة المسبار نحو 45 يومًا، إذ يتم معايرة كل نظام على حدة، علمًا بأن كل عملية تواصل مع المسبار في هذه المرحلة تستغرق ما بين 11 إلى 22 دقيقة نظرًا لبعد المسافة بين كوكبي الأرض والمريخ.



المرحلة العلمية
وبعد إنجاز كل هذه العمليات تبدأ المرحلة الأخيرة في رحلة المسبار وهي المرحلة العلمية المقرر لها أن تبدأ في شهر أبريل المقبل، حيث سيقوم مسبار الأمل بتوفير أول صورة كاملة عن مناخ المريخ والظروف الجوية على سطحه على مدى اليوم وبين فصول السنة، ما يجعله فعليًا أول مرصد جوي للكوكب الأحمر.
وسوف تستمر مهمة المسبار سنة مريخية كاملة (687 يومًا أرضيًا)، بحيث تمتد حتى أبريل 2023، لضمان أن ترصد الأجهزة العلمية الثلاثة التي يحملها المسبار على متنه كل البيانات العلمية المطلوبة التي لم يتوصل إليها الإنسان من قبل حول مناخ المريخ، وقد تمتد مهمة المسبار سنة مريخية أخرى، إذ تطلب الأمر ذلك، لجمع المزيد من البيانات وكشف المزيد من الأسرار عن الكوكب الأحمر.
­ويحمل مسبار الأمل على متنه ثلاثة أجهزة علمية مبتكرة، قادرة على نقل صورة شاملة عن مناخ المريخ وطبقات غلافه الجوي المختلفة مما يمنح المجتمع العلمي العالمي فهمًا أعمق للتغيرات المناخية التي يشهدها الكوكب الأحمر ودراسة أسباب تآكل غلافه الجوي.
وترصد هذه الأجهزة، وهي كاميرا الاستكشاف الرقمية والمقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء والمقياس الطيفي بالأشعة ما فوق البنفسجية، كل ما يتعلق بكيفية تغير طقس المريخ على مدى اليوم، وبين فصول السنة المريخية، بالإضافة إلى دراسة أسباب تلاشي غازي الهيدروجين والأوكسجين من الطبقة العليا للغلاف الجوي للمريخ، والتي تشكل الوحدات الأساسية لتشكيل جزيئات الماء، وكذلك تقصي العلاقة بين طبقات الغلاف الجوي السفلى والعليا لكوكب المريخ، ومراقبة الظواهر الجوية على سطح المريخ، مثل العواصف الغبارية، وتغيرات درجات الحرارة، فضلًا عن تنوع أنماط المناخ تبعًا لتضاريس الكوكب المتنوعة.
وسيجمع مسبار الأمل أكثر من 1000 جيجابايت من البيانات الجديدة عن كوكب المريخ، بحيث يتم إيداعها في مركز للبيانات العلمية في الإمارات، وسوف يقوم الفريق العلمي للمشروع بفهرسة وتحليل هذه البيانات التي ستكون متاحة للبشرية لأول مرة، ليتم بعد ذلك مشاركتها مجانًا مع المجتمع العلمي المهتم بعلوم المريخ حول العالم في سبيل خدمة المعرفة الإنسانية.

مشروع اليوبيل الذهبي
وكانت رحلة مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" قد بدأت فعليًا كفكرة قبل سبع سنوات، من خلال خلوة وزارية استثنائية دعا لها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في جزيرة صير بني ياس في أواخر العام 2013، حيث قاد عصفًا فكريًا مع أعضاء مجلس الوزراء وعدد من المسؤولين استعرض فيه معهم جملة أفكار للاحتفال باليوبيل الذهبي لقيام الاتحاد في العام، وقد تبنت الخلوة يومها فكرة إرسال مهمة لاستكشاف المريخ، كمشروع جريء، ومساهمة إماراتية في التقدم العلمي للبشرية، بشكل غير مسبوق.
وتحولت هذه الفكرة إلى واقع، عندما أصدر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، في العام 2014 مرسومًا بتأسيس وكالة الإمارات للفضاء، لبدء العمل على مشروع إرسال أول مسبار عربي إلى كوكب المريخ، أُطلق عليه اسم "مسبار الأمل"، بحيث يتولى مركز محمد بن راشد للفضاء التنفيذ والإشراف على مراحل تصميم المسبار وتنفيذه، بينما تمول الوكالة المشروع وتشرف على الإجراءات اللازمة لتنفيذه.



تجربة حافلة بالتحديات
وعلى مدى أكثر من ست سنوات من العمل على "مسبار الأمل"، تصميمًا وتنفيذًا وبناء من الصفر، شهد المشروع تحديات جمة، شكل تخطيها قيمة مضافة له وكانت أولى هذه التحديات إنجاز المهمة الوطنية التاريخية لتصميم وتطوير المسبار خلال 6 سنوات، حتى يتزامن وصوله مع احتفالات الدولة بيومها الوطني الخمسين، في حين أن المهام الفضائية المثيلة يستغرق تنفيذها ما بين 10 أعوام إلى 12 عامًا، حيث نجح فريق مسبار الأمل من كوادر وطنية عالية الكفاءة في هذا التحدي، محولين الدعم اللامحدود من القيادة الرشيدة إلى حافز إضافي دفعهم لبذل المزيد من الجهد.
وكان هناك تحد جديد تمثل في كيفية نقل المسبار إلى محطة الإطلاق في اليابان بالتزامن مع تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد عالميًا، وهو ما ترتب عليه إغلاق المطارات والموانئ حول العالم، ووضع قيود صارمة على التنقل بين الدول ضمن الإجراءات الاحترازية لمكافحة تفشي الفيروس، وكان على فريق العمل أن يضع خططًا بديلة لنقل المسبار في الموعد في ضوء هذا التحدي المستجد، حتى يكون جاهزًا للإطلاق في التوقيت المحدد سلفًا في منتصف يوليو 2020، وهنا سجل الفريق إنجازًا جديدًا في مسيرة تخطي التحديات، إذ نجح في نقل المسبار إلى محطة تانيغاشيما اليابانية، في رحلة استغرقت أكثر من 83 ساعة برًا وجوًا وبحرًا، ومرت بثلاث مراحل رئيسية، روعي خلالها اتخاذ تدابير وإجراءات لوجستية محكمة، لضمان إيصال المسبار إلى وجهته النهائية قبل الإطلاق في وضعية مثالية.

إعادة جدولة الإطلاق
ثم جاءت اللحظة الحاسمة التي ظل فريق العمل يترقبها بفارغ الصبر طوال ست سنوات من العمل الدؤوب، وهي لحظة الإطلاق التي تحدد لها الساعة الأولى من صباح يوم 15 يوليو 2020 بتوقيت الإمارات، ولكن مسلسل التحديات استمر، إذ تبين أن الظروف الجوية غير ملائمة لإطلاق الصاروخ الذي سيحمل المسبار، ليقوم فريق العمل بإعادة جدولة موعد الإطلاق ضمن "نافذة الإطلاق" الممتدة من 15 يوليو وحتى 3 أغسطس، علمًا بأن عدم نجاح الفريق في إنجاز عملية الإطلاق خلال هذه الفترة كان يعني تأجيل المهمة بأكملها لمدة عامين وبعد دراسات دقيقة لتنبؤات الأحوال الجوية بالتعاون مع الجانب الياباني قرر الفريق إطلاق مسبار الأمل في 20 يوليو 2020، عند الساعة 01:58 صباحًا بتوقيت الإمارات.
ولأول مرة في تاريخ المهام الفضائية لاستكشاف الفضاء يتردد العد التنازلي باللغة العربية، إيذانًا بإطلاق مسبار الأمل، وسط متابعة مئات الملايين من الدولة والمنطقة والعالم الحدث التاريخي، وحبس الجميع أنفاسهم انتظارًا للحظات الحاسمة التي سيصعد خلالها الصاروخ مخترقًا الغلاف الجوي للأرض بسرعة 34 ألف كيلومتر في الساعة حاملًا مع مسبار الأمل، وما هي إلا دقائق حتى تأكد نجاح عملية الإطلاق، ثم انفصال المسبار عن صاروخ الإطلاق بنجاح، ومن ثم استلام أول إشارة من المسبار في رحلته التي امتدت سبعة أشهر التي قطع خلالها أكثر من 493 مليون كيلومتر، كما تلقى المسبار أول أمر من محطة التحكم الأرضية بالخوانيج في دبي بفتح الألواح الشمسية وتشغيل أنظمة الملاحة الفضائية وإطلاق أنظمة الدفع العكسي، ليشكل ذلك فعليًا بداية رحلة المسبار الفضائية إلى الكوكب الأحمر.



مراحل رحلة المسبار في الفضاء
كانت المرحلة الأولى من عملية الإطلاق قد شهدت استخدام محركات الصاروخ التي تعمل بالوقود الصلب، وبمجرد اختراق الصاروخ للغلاف الجوي تم التخلص من الغطاء العلوي له الذي كان يحمي "مسبار الأمل" وتم في المرحلة الثانية من عملية الإطلاق التخلص من محركات المرحلة الأولى، ووضع المسبار في مدى الأرض، لتعمل بعد ذلك محركات المرحلة الثانية على وضع المسبار في مساره نحو الكوكب الأحمر من خلال عملية محاذاة دقيقة مع المريخ وكانت سرعة المسبار في هذه المرحلة 11 كيلومتر في الثانية الواحدة أي 39600 كيلومتر في الساعة.
ثم انتقل مسبار الأمل إلى المرحلة الثانية من رحلته، والمعروفة بمرحلة العمليات المبكرة، وفيها بدأت سلسلة من الأوامر المعدة مسبقًا بتشغيل "مسبار الأمل" وشملت هذه العمليات تنشيط الكمبيوتر المركزي، وتشغيل نظام التحكم الحراري لمنع تجمد الوقود، وفتح الألواح الشمسية واستخدام المستشعرات المخصصة لتحديد موقع الشمس، لتبدأ بعدها مناورة تعديل موضع المسبار وتوجيه الألواح نحو الشمس، من أجل بدء عملية شحن البطاريات الموجودة على متن المسبار وفور انتهاء العمليات السابقة بدأ "مسبار الأمل" في إرسال سلسلة من البيانات هي أول إشارة تصل إلى كوكب الأرض، وهذه الإشارة تم التقاطها من قبل شبكة مراقبة الفضاء العميق وبالأخص المحطة التي تقع في العاصمة الإسبانية مدريد.

توجيه مسار المسبار
وفور تلقي المحطة الأرضية في دبي هذه الإشارة، باشر فريق العمل بإجراء سلسلة من الفحوصات للتأكد من سلامة المسبار استمرت لمدة 45 يومًا، فحص خلالها فريق العمليات والفريق الهندسي للمسبار جميع الأجهزة للتأكد من عمل الأنظمة والأجهزة الموجودة على متن المسبار بكفاءة وفي هذه المرحلة، تمكن فريق "مسبار الأمل" من توجيهه ليكون في أفضل مسار صوب الكوكب الأحمر، حيث نجح الفريق في إجراء أول مناورتين، الأولى في 11 أغسطس والثانية في 28 من أغسطس 2020.
وبعد إنجاز مناورتي توجيه المسار بنجاح، بدأت المرحلة الثالثة في رحلة "مسبار الأمل"، عبر سلسلة من العمليات الاعتيادية، إذ تواصل الفريق مع المسبار عبر محطة التحكم الأرضي بواقع مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع، مدة كل منها تتراوح ما بين 6 إلى 8 ساعات وفي الثامن من نوفمبر الماضي، أنجز فريق عمل مسبار الأمل بنجاح مناورة توجيه المسار الثالثة، ليتحدد على إثرها موعد وصول المسبار إلى مدى المريخ يوم 9 فبراير 2021 عند الساعة 7:42 مساء بتوقيت الإمارات.
وخلال هذه المرحلة أيضًا قام فريق العمل بتشغيل الأجهزة العلمية لأول مرة في الفضاء وفحصها وضبطها، وذلك عبر توجيهها نحو النجوم للتأكد من سلامة زوايا المحاذاة الخاصة بها، والتأكد من أنها جاهزة للعمل بمجرد وصولها إلى المريخ. ومع نهاية هذه المرحلة اقترب "مسبار الأمل" من المريخ لتبدأ أهم مراحل مهمته التاريخية لاستكشاف الكوكب الأحمر وأكثرها خطورة، وهي مرحلة الدخول إلى مدى المريخ.



الدقائق الأصعب
وتعد مرحلة الدخول إلى مدى المريخ والتي استغرقت 27 دقيقة قبل وصول المسبار بنجاح إلى مداره المحدد حول الكوكب الأحمر من أصعب وأخطر مراحل المهمة، وتعرف هذه المرحلة بـ"الدقائق العمياء"، حيث كان التحكم فيها تلقائيًا من دون أي تدخل من المحطة الأرضية، إذ عمل المسبار طوال هذا الوقت بشكل ذاتي.
وفي هذه المرحلة، ركز فريق العمل على إدخال مسبار الأمل في مدى الالتقاط حول المريخ بشكل آمن، ومن أجل إتمام هذه المهمة بنجاح تم حرق نصف كمية الوقود الموجودة في خزانات المسبار لإبطائه إلى الحد الذي يسمح بإدخاله في مدى الالتقاط، واستمرت عملية حرق الوقود باستخدام محركات الدفع العكسي (دلتا في) لمدة 27 دقيقة لتقليل سرعة المسبار من 121.000 كم/ساعة إلى 18.000 كم/ساعة، ونظرًا لكونها عملية دقيقة، فقد تم تطوير أوامر التحكم لهذه المرحلة عبر دراسة عميقة من الفريق حددوا في كل السيناريوهات التي يمكن أن تحدث بالإضافة إلى كل الخطط التحسينية لتكون الأوامر جاهزة لهذه اللحظة الحرجة وبعد نجاح هذه المهمة دخل المسبار في مداره الأولي البيضاوي الشكل، حيث تصل مدة الدورة الواحدة حول الكوكب فيه إلى 40 ساعة، وسيتراوح ارتفاع المسبار أثناء تواجده في هذا المدار من 1000 كيلومتر فوق سطح المريخ إلى 49.380 كيلومتر ويستمر المسبار في هذا المدار لعدة أسابيع لإعادة فحص واختبار جميع الأجهزة الفرعية الموجودة على متن المسبار قبل الانتقال إلى المرحلة العلمية.
ولاحقًا، تبدأ المرحلة السادسة والأخيرة وهي المرحلة العلمية، وخلالها سيتخذ "مسبار الأمل" مدارًا بيضاويًا حول المريخ على ارتفاع يتراوح ما بين 20.000 إلى 43.000 كيلومتر، ويستغرق فيه المسبار 55 ساعة لإتمام دورة كاملة حول المريخ. ويعد المدار الذي اختاره فريق مسبار الأمل مبتكرًا للغاية وفريدًا من نوعه، وسيسمح لمسبار الأمل بإمداد المجتمع العلمي بأول صورة متكاملة عن الغلاف الجوي لكوكب المريخ وطقسه خلال عام كامل وستقتصر عدد مرات اتصال "مسبار الأمل" مع المحطة الأرضية على مرتين فقط في الأسبوع وتتراوح مدة الاتصال الواحد ما بين 6 إلى 8 ساعات، وتمتد هذه المرحلة لعامين، ومن المخطط أن يجمع المسبار خلالها مجموعة كبيرة من البيانات العلمية عن الغلاف الجوي للمريخ وديناميكياته وسيتم توفير هذه البيانات العلمية إلى المجتمع العلمي عبر مركز البيانات العلمية التابع لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ.