الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

بعد رحيله "البوابة نيوز" تعيد نشر حوار فهمي الخولي: مسرحياتي سياسية مرتبطة بقضايا الإنسان.. قدمت "رغدة" لأول مرة على المسرح في "الرهائن".. وتوقف بروفات "الأرض" لغز لم يفسره أحد حتى الآن

المخرج المسرحي فهمي
المخرج المسرحي فهمي الخولي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"الوزير العاشق"، "سالومي"، "لن تسقط القدس"، "الرهائن"، "اثنين تحت الأرض"، "شكسبير في العتبة"، "باب الفتوح"، "حمري جمري"، وغيرها من المسرحيات التي أخرجها المخرج المسرحي فهمي الخولي، الذي رحل عن عالمنا مساء أمس الجمعة، عن عمر ناهز ٨٠ عاما، بعد صراع مع المرض، تُشكل ذاكرة المسرح المصري والعربي، ورحلة الكفاح الفني الطويل، التي لا تُعد عند الفنان مجرد أرشيف للذكريات بل مصدر إلهام الغد، أعوام تتخطى نصف القرن من العمل الخلاق، فهي منبع التجديد والأصالة فيما يبدعه "الخولي" أحد رواد المسرح في مصر والوطن العربي.
يعتقد "الخولي" أن المسرح رسالة تنوير وأداة للتغيير نحو مستقبل أفضل، ومرآة يرى فيها البشر واقعهم وحاضرهم، لذا كان من الطبيعي أن يقضى قرابة الـ57 عامًا لخدمة المسرح، بحيث يأتي تكريمه في الخامس من سبتمبر الجاري من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ضمن احتفالية يوم المسرح المصري كطريقة لرد الجميل والعرفان.
"البوابة نيوز" تعيد نشر هذا الحوار الذي أجريناه معه مؤخرا عقب تكريمه في يوم المسرح المصري الذي نظمه مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبي في ٢٠٢٠، احتفاءا بمسيرته الإبداعية والحديث عن تكريمه، وأبرز المحطات الإخراجية في حياته وشئون المسرح إلى نص الحوار....


*ماذا يمثل هذا التكريم بالنسبة لك؟
- أود أن أشكر الدكتور علاء عبدالعزيز، رئيس المهرجان التجريبي على هذا التكريم، فهو شيء عظيم بالنسبة لي، وليس الأول، فقد كرمتني الدولة من قبل ممثلة في المجلس الأعلى للثقافة بحصولي على جميع جوائز الدولة مثل جائزة الدولة التقديرية في الفنون، ومن قبلها جائزة الدولة التشجيعية، وجائزة الدولة للتفوق في الفنون، وغيرها من الجوائز والتكريمات.
*كيف كانت بداياتك في الإخراج؟
- كانت صدفة، جاء تعييني في فرق التلفزيون وشاركت بمساعدة المخرج الإذاعي عصمت حمدي آنذاك، وكنا نقدم عروضا مسرحية للمدارس، وشاركته أنا والفنان محمود الحديني في مساعدة الإخراج، بالصدفة أخرجت مسرحية "كل أبناء الله لهم أجنحة" تأليف يوجين أونيل لمدرسة الإبراهيمية وكذلك لمدرسة الفسطاط، وقد حصلت المدرستان على المركز الأول على مستوى الجمهورية.
شاركت بمساعدة المخرج أحمد طنطاوي في مسرحية "الغول" بكلية علوم عين شمس، ولأنه كان دائم الانشغال فقد قمت بمهام عمله بدلا منه، وحضر العرض الدكتور أحمد زكي ولجنة التحكيم وحصلنا على المركز الأول، واكتشفوا أنني المخرج وليس طنطاوي.
بعدها أراد المخرج أحمد زكي أن يقدم نفس النص في مسرح الطليعة، فطالبني بمساعدته، وقدمت العرض كما قدم في علوم عين شمس؛ وكذلك أثناء دراستي في معهد الفنون المسرحية، كان الأساتذة عبدالرحيم الزرقاني، حمدي غيث، كمال يس، يستعينون بي، لكي أخرج مشاهد امتحانات النقل أو التخرج للدفعات السابقة، وقد عُرف حينها أنني خير من يقوم بتدريب الملتحقين باختبارات المعهد، لدرجة أن تسعين في المائة من الطلبة الذين التحقوا بالمعهد حينها أصبحت سببا في التحاقهم، حتى شغلت منصب أستاذ التمثيل والإخراج بقسم المسرح بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، ثم قدمت مجموعة كبيرة من العروض المسرحية سواء في مسرح الدولة أو القطاع الخاص تصل إلى مائة وثلاثة مسرحية منها "الوزير العاشق"، "لن تسقط القدس"، "نقول ايه"، "عشرة على باب الوزير" وهي قطاع خاص إنتاج فرقة الفور إم وظلت تعرض لمدة ستة أشهر على مسرح الهوسابير، والجلاء، والأولمبيا في باريس، "اتنين تحت الأرض" بالمسرح القومي استمرت ستة شهور وحققت لافتة كامل العدد وغيرها، جميعهم مثلت مصر في المهرجانات العربية والدولية.

*قدمت خمسة مسرحيات أثناء إدارتك للمسرح الحديث في اليوم الوحد لم تحدث من قبل أو بعد، حدثنا عن هذه التجربة؟
-أثناء إدارتي للمسرح الحديث، منذ عام 1987 قدمت تجربة فريدة تضم خمسة عروض مسرحية في اليوم الواحد، على خشبة مسرح السلام وهذا شيء غير مسبوق لم يحدث في العالم، لا من قبل أو من بعد، كانت تبدأ في الحادية عشر صباحا، بعرض الأطفال "الأرنب المغرور"، وفي الخامسة مساء عرض مشترك مع المجلس الثقافي البريطاني "الخزان العظيم" إخراج د. أحمد زكي، وآخر إنتاج مشترك مع التلفزيون المصري "خمس نجوم"، وفي السابعة مساء مسرحية "عريس لبنت السلطان" إخراج محسن حلمي، لأول مرة كمخرج محترف، وفي التاسعة والنصف مسرحية "الملك هو الملك"، وحققت نجاحا كبيرا، كما يوجد الآن خمسة وثلاثين مخرجا مسرحيا كبيرا يتولون المسرح، أصبحت أول من قدمهم من بينهم المخرج خالد جلال، حين شاهدت عرضا له في المسرح الجامعي واستقدمته للمسرح الحديث وقدمته كمخرج محترف في مسرحية "اللمبة"، ونفس الشيء لأشرف زكي عندما كنت مديرا للغد، أخرج لأول مرة مسرحية بعنوان "شفيقة ومتولي"، وفي نفس الموسم أخرج مسرحية "سعدى ومرعي"، وكذلك قدمت عدة مؤلفين لأول مرة، ووجوه أخرى جديدة.
*ماذا عن تجربة "سالومي" العالمية التي قدمت وسط النيل؟
- أعتقد أنها تجربة عالمية في طريقة ومنهج وأسلوب العرض، حيث يقطن الجمهور ظهر باخرة تسير به وسط النيل بالقاهرة وتستقر أمام مقياس النيل وقصر المانسترلي، ليشاهدون عرض بمسرح مفتوح على نحو مساحة كيلو متر على مرمى البصر؛ يؤكد العمل حقيقة الصراع العربي الإسرائيلي، وفي النهاية يتناول الجمهور وجبة العشاء في المطعم ثم تعود الباخرة بهم مرة أخرى؛ إلى جانب مكان آخر لغير القادرين على دفع مبلغ ثلاثون جنيها للعشاء والمشاهدة، فيدفع ثلاثة أو خمسة جنيهات فقط ويجلس في جزيرة بوسط النيل للاستماع والمشاهدة، لذلك خلق العرض جوا ساحرا، وحصلت به على جائزة الدولة التشجيعية ونوط الامتياز والواجب.

*من هم نجوم الفن الذين اكتشفتهم وقدمتهم للوسط الفني؟
- اكتشفت مجموعة كبيرة من الفنانين وقدمتهم للوسط الفني من بينهم: "أحمد زكي، شهيرة، ناصر عبدالمنعم، ياسر على ماهر، عبلة كامل، أحمد كمال،"، وقدمت أيضا محمود حميدة وهو طالب بتجارة عين شمس، فاروق الفيشاوي وهو طالب بآداب عين شمس، محسن حلمي بحقوق عين شمس، عصام السيد وكان طالبا بكلية التربية، وعدد كبير من نجوم مصر كانوا معي بمسرحية "باب الفتوح" عندما أخرجتها لجامعة عين شمس، إلى جانب عدد كبير من النجوم العرب من بينهم "رغدة" التي قدمتها لأول مرة على المسرح في عرض "الرهائن" بمسرح السلام في 1982، وكانت تفتخر بأنها تلميذة في مدرسة فهمي الخولي، وبعدها خطفها منتجو السينما، وهكذا.
*كيف تنظر للمسرح من واقع أعمالك الفنية؟
- نظرتي للمسرح أنه ينبع من الواقع والناس وما يهمهم، ومن مهام رجل المسرح أنه لا يقدم غير كل ما هو ممتع ومتمرد ومُغير للإنسان، والمشاهد الذي سيدخل العرض ثم يخرج منه يصبح عكس ما دخل، بمعنى أنه غير واعي لأشياء كثيرة في واقعه فأنت تقوم بتوعيته وتقدم له نفسه وأحلامه وحلول لحلم يعشيه لهذا الواقع وهو يحاول أن يفكر أو يساهم في التغيير، فكل عروضي سياسية مرتبطة بقضايا الإنسان.
*قدم البيت الفني للمسرح مبادرة "اضحك فكر اعرف" لمسرحيات تشيكوف شهدت تعقيبا على العروض لأول مرة من قبل رواد المسرح كيف ترى ذلك؟
-هذه المبادرة يُشكر عليها سامح بسيوني، إيهاب فهمي، إسماعيل مختار، خالد جلال، ووزيرة الثقافة، لأنهم بحثوا في فكرة الأونلاين، نظرا لانتشار فيروس كورونا، وتقديم مسرحيات دون جمهور، كنت واحد من بين الرواد الذين عقبوا على العروض، قدمت خلالها تعقيبا على عرض "أبو عطسة جنان" للمخرج هشام عطوة، لذا تعد المبادرة تجربة مميزة، مثلما كان "توفيق الحكيم" يقدم مسرحه الذهني قائلا: "أقدم النص للمطبعة، والقارئ يقيم مسرحه من خلال ذهنه والقراءة"؛ لكن لم تستمر هذه المبادرة لأن المسرح لا بد من الضلع الثالث وهو الجمهور والمتعة الجماعية في المشاهدة واللقاء الحي المباشر، كذلك نفس الشيء يشكر عليه أيضا د. علاء عبدالعزيز، على اقامة مهرجان "التجريبي" في ظل هذه الظروف.


*كيف ترى شباب المخرجين في الوقت الراهن؟
- هناك عدد كبير من المخرجين المتميزين أفضل منا ومن أساتذتنا، كل منهم له أسلوبه الخاص، والمميز من بينهم خالد جلال، جمال ياقوت، إسلام إمام، سامح بسيوني، محمد مرسي، طارق الدويري، تامر كرم، محمد الصغير، أحمد رجب، وغيرهم سواء في القاهرة أو الإسكندرية أو الجامعة، ولكن أرجو أن يأخذوا حقهم في قيادة العملية المسرحية في كل المجالات ولا يستبعدوا.
*آخر ما توصلت له المسرحية المنتظرة "الأرض" الآن؟
- عقب موافقة الرقابة على عرض "الأرض" أحد روائع عبدالرحمن الشرقاوي، أجريت بروفات للعمل ما يقرب من خمسة أشهر، ولكن صدر أمر بوقف هذه البروفات، ولم يعلم رئيس قطاع الإنتاج الثقافي المخرج خالد جلال بذلك الأمر، لكنه تواصل مع رئيس البيت الفني للفنون الشعبية الحالي في حضوري قائلا له: "يكفي أن تكتب عبدالرحمن الشرقاوي، وفهمي الخولي على باب مسرح البالون هذا شرف للبيت، فكيف تتوقف البروفات"، حسب قوله فلا أعلم بماذا أجابه! حتى الآن لا أدري لماذا؟ علما أن ميزانية العرض أقل بكثير من العروض المقدمة حاليا على البالون، ومما يقال لي إن الناقدة الدكتورة وفاء كمالو، أعدت تقريرا بأن عرض كبير مثل هذا مكانه ليس فرقة الآلات الشعبية بل المسرح القومي، هذا التقرير بدلا من أن يتم تفسيره لصالح العرض والمخرج، أقروا بأن مكانه المسرح القومي وليس البالون، وهذه مهزلة! تقرير عظيم لناقدة كبيرة يقول: "إن هذا العرض مشرف"، لكنهم يفسرون هذا قائلين: "للأسف نحن لسنا بحجم هذا العرض"، فمدير الفرقة لا يفقه شيئا، وكذلك مدير الفرقة الاستعراضية ليس مخرجا ولا مؤلفا ولا فنانا من أصله ولا يعرف قيمة العرض، وفرقة أنغام الشباب أيضا، فكل ما يقدم هناك عروض فاشلة يصرف عليها آلاف الأموال بلا طائل دون المحاسبة، بل ومازالوا مستمرين.


*كيف ترى المسرح المصري الآن؟
- المسرح المصري يعود لأوج ازدهاره على يد الشباب المبدعين دون المسئولين غير المبدعين الذين يقدسون النظريات، انظر إلى أي مبدع، هل تقول الدكتور سيد درويش، الدكتور بيتهوفن، دكتور فان جوخ؟ النتيجة أنه لا يوجد في معهد الفنون المسرحية ولا أكاديمية الفنون القيادة المبدعة مثلما كان هناك يوسف شاهين وصلاح أبو سيف في معهد السينما ليخرج على بدرخان وعاطف الطيب وخيري بشارة، نحن نأمل أن تتكرر التجربة حاليا مع الفنان أشرف زكي.
*ماهي الرسالة التي توجهها لشباب المخرجين؟
- أن يهتم هؤلاء الشباب بحسن اختيار النص والتوقيت المناسب للجمهور، أي يقدم ما يهم الناس ويساهم في التغيير والتمرد، لأن المُتفرج يستنير ويزداد بكم كبير من المعرفة والثقافة والوعي المجتمعي، وأن يؤمن بأن المسرح قضية من الناس إلى الناس.