الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

تزوير في أوراق رسمية.. «ابن القنصل» المحتال في قبضة الأمن.. انتحل صفة ضابط شرطة ودكتور جامعى لمدة 39 عاما.. وآخر يحمل هوية مستشار بالقاهرة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انتشرت في الآونة الأخيرة وقائع نصب وتزوير هويات شخصية، وانتحال وظائف حساسة وقيادية بالدولة، فتحت الكثير من التساؤلات حول كيفية تنفيذ جرائم النصب الممنهجة بأسماء وهمية بعيدًا عن أعين وقبضة رجال الأمن لفترات طويلة قد تستمر لعشرات السنوات، وربما يستخدم هؤلاء المجرمون وثائق هوية وجوازات سفر مزورة لارتكاب أنشطتهم غير المشروعة، وتتعدد مقاصد مرتكبي تلك الجرائم، فنجد أن بعضهم يهدف للسرقة والنصب، والبعض الآخر يهدف ابتزاز المواطنين لتحقيق أهدافه غير المشروعة، وقد يكون الانتحال لمجرد التباهي واختيال النفس، ولكنه أيضا جريمة تستوجب العقاب ويرفضها المجتمع بشكل قاطع. على الرغم من تعدد وتطور طرق النصب والاحتيال، والتي دائما ما تهدف إلى الإيقاع بالضحايا الأبرياء، لتنفيذ مخطط غير مشروع يؤثر بالسلب في المجتمع ويفقد المواطنين الثقة في تحقيق الأمن والأمان المنشودين لتحقيق الاستقرار العام، إلا أن الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية لا تكل ولا تمل من ملاحقة هؤلاء المجرمين، وبالفعل نجحت خلال الشهور الماضية من القبض على العديد من تلك الوقائع في محافظات مصر.

انتحال الصفة جريمة في حق المجتمع.. والأجهزة الأمنية تنجح في الإيقاع بمحترفى النصب والتزوير
شهدت الفترة الأخيرة انتشار جرائم انتحال الصفة ما بين ضابط شرطي وأستاذ جامعي، وموظف عمومي، وغيرها من الوظائف المهمة والحساسة بالدولة، والتي كان من أهمها نصاب الجيزة الذي انتحل صفة ضابط شرطة وأستاذ جامعة لمدة ٣٩ عاما في أمان وسلام، لدرجة لم تلفت انتباه أسرته وأقاربه، أو حتى أعين رجال الأمن، ولكن الصدفة وحدها كانت كفيلة بكشفه وفضحه بعد تخفيه طيلة هذه المدة الطويلة.

ضربات متتالية
نجحت الأجهزة الأمنية في الإيقاع بالعديد من المحترفين بمجال النصب والتزييف، انتحال شخصيات مؤثرة وقيادية بالمجتمع، كضباط الشرطة والأطباء، أساتذة الجامعات، نرصد بعض الوقائع كالتالي:

نصاب الجيزة.. ضابط ودكتور جامعي
تمكنت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة، من كشف أخطر عمليات النصب والاحتيال، شهدتها المحافظة خلال السنوات الأخيرة بالقبض على شخص، ٦٥ عاما، انتحل صفة ضابط لمدة ٣٢ سنة.
كانت معلومات وردت للأجهزة الأمنية تفيد بانتحال أحد الأشخاص لصفة ضابط برتبة عميد وتورطه في عمليات تزوير كبيرة، لشهادات ومستندات رسمية، وعقود بيع، مستخدما أختامًا مزيفة، ولاب توب، وطابعة حديثة. وعقب تقنين الإجراءات الأمنية وجمع التحريات تم القبض عليه، وتبين أنه ينتحل صفة ضابط لمدة ٣٢ سنة، وقالت التحريات إن المتهم تقدم لخطبة زوجته، وأوهمها وأسرتها أنه ضابط، واستمر في الاحتيال والنصب عليها خلال تلك المدة، وأنجب منها أبناء، أوهمهم أيضا بعمله كضابط. وأضافت التحريات أن الأجهزة الأمنية عثرت داخل شقة المتهم على حقائب تحتوي على أختام، وشهادات، ومستندات مزيفة، كان يمنح لنفسه ترقيات ورتب قيادية، كما أن المتهم استخرج كارنيه وبطاقة شخصية، واستخدمها في الترويج لنفسه كأستاذ جامعي، مؤكدا لأسرته بأنه حصل على الدكتوراة في العلوم الإدارية، وقالت التحريات عقب إبلاغ المتهم أسرته ببلوغه سن التقاعد من الشرطة، بأنه تم تعيينه أستاذا لمادة الإدارة بإحدى الجامعات المصرية لمدة ٥ سنوات.

التزوير لجهة قضائية
رامي مصطفى زور في محرر رسمي بعد أن انتحل صفة مستشار بمحافظة القاهرة كونه ليس من أرباب الوظائف الحكومية فاشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة من آخر مجهول في تزوير محرر رسمى وهو استمارة طلب الحصول على بطاقة الرقم القومى، وكان ذلك بطريق وضع خاتم مزور منسوب لوزارة العدل، بالاتفاق مع مجهول على كتابة بيان منسوب لجهة وزارة العدل يفيد كون المتهم يعمل مستشارا بمحكمة الاستئناف ومهره بخاتم مزور منسوب لوزارة العدل فقام المجهول بإثبات تلك الأفعال، كما اشترك بطريق المساعدة مع موظف عام حسن النية، وهو الموظف المختص بمصلحة الأحوال المدنية في تزوير محرر رسمى بطاقة الرقم القومى، وكان ذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة، بأن ساعده بمثوله أمام الموظف المختص، وقدم له المحرر المزور محل الاتهام الأول، وقام الموظف المختص بإثبات محتواه، واستغل المحرر المزور فيما زور من أجله بأن قدمه إلى الموظف المختص بمصلحة الأحول المدنية، وأنتج ذلك أثره باستصدار المحرر المزور محل الاتهام، وكان ذلك على علم بتزويره، واشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول على تقليد خاتم شعار الجمهورية الخاص بوزارة العدل.
وتضمنت أقوال أدلة شهود الإثبات شهد مقدم شرطة بإدارة البحث الجنائى بقطاع الأحوال المدنية، أنه تنفيذا لقرار النيابة العامة بطلب تحريات قطاع الأحوال المدنية، وبالرجوع لقاعدة بيانات الحاسب الآلى، تبين إصدار بطاقة رقم قومى بتاريخ ٢٣ نوفمبر ٢٠١٦ باسم المتهم ثبت بها أن المهنة مستشار بمحكمة الاستئناف، وبسحب أصل استمارة طلب الحصول على بطاقة الرقم القومى الصادرة بموجبها تبين أنها ممهورة بخاتم شعار الجمهورية، وتحمل توقيعات المتهم على إقرار بصحة بياناتها وتم إحالة المتهم بعد تحقيقات النيابة إلى محكمة الجنايات، والتي قضت بالسجن المشدد ٥ سنوات ومصادرة المحررات المزورة.

طبيب سوهاج المزيف
منذ أيام قليلة أغلقت إدارة العلاج الحر بمديرية الصحة والسكان بسوهاج عيادة لمنتحل صفة طبيب بعد مداهمة المكان بمعرفة الفريق الخاص بالعلاج الحر تحت إشراف قوات أمنية، وذلك بعد ورود معلومات أكدت صحتها التحريات عن قيام أحد الأشخاص بفتح عيادة بمركز جرجا ومزاولة مهنة الطب بدون ترخيص أو شهادة مؤهلة لذلك.
وبمداهمة المكان وجد أن المكان يعمل كعيادة وبه غرفة كشف وغرفة عمليات وغرفة إقامة، وتم استدعاء الطبيب للكشف على الحالة، ولكنه عندما شاهد فريق العلاج الحر حاول الهرب من العيادة، ولكن تم التحفظ عليه.
تم ضبط أجهزة ضغط وسكر وأدوات جراحية تستخدم في العمليات الصغرى بالمكان، ويقوم بالكشف على المرضى وإيهامهم بالعلاج، وتبين من أوراقه أنه طالب بكلية طب الأسنان بإحدى الجامعات.

التطور التكنولوجى
في البداية يقول الدكتور صلاح الطحاوي، أستاذ القانون الدولي، والفقيه القانوني، إن انتشار جرائم التزوير وانتحال صفة رجال قانون وأساتذة جامعات سببه الرئيسي هو التقدم التكنولوجي الهائل، والذي ساعد بدوره هؤلاء المجرمين على تنفيذ جرائمهم المنظمة التي تتم بشكل احترافي كبير، وأصبح يمثل طفرة كبيرة في مثل هذه الجرائم.
وأضاف الطحاوي لـ ''البوابة نيوز''، أن هناك نوعين من التزوير أولهما ''المادي''، يقوم خلاله المجرم بأفعال ملموسة مثل التعديل والتزوير في الأوراق الرسمية، مثل بطاقة الرقم القومي، رخصة القيادة، وثيقتي الزواج والطلاق، مؤكدا أن هذا التزوير يوصف بقانون العقوبات كجناية يعاقب مرتكبها بالسجن المشدد وتابع: النوع الثاني من جرائم التزوير وهو المعنوي ويكون بالإيهام والإقناع بانتحال صفة أو اسم كاذب خلافا للحقيقة والواقع، مثل تزوير الأوراق العرفية كإيصال الأمانة، الكمبيالة، قائمة المنقولات، ويشترط فيه وقوع ضرر على المجني عليه ويوصف كجنحة عقوبتها الحبس.
ولفت الطحاوي إلى أن خطر المزورين امتد إلى الإرهابيين الذين يهددون الأمن القومي بطريق غير مباشر، حيث إن العديد من السيارات المفخخة والمستخدمة في التفجيرات واغتيال القيادات مثل النائب العام الأسبق، هشام بركات تمت عن طريق سيارة مسروقة تم التنقل بها بواسطة أوراق مزورة بأسماء أشخاص وهمية وبأختام مزورة أيضًا، وغيرها الكثير والكثير من تلك الجرائم الإرهابية.
العقوبات
أوضح أستاذ القانون الدولي أن الموضوع له شقان مرتبطان ببعضهما تمامًا، وهو التزوير وانتحال الصفة، مؤكدا أن قانون العقوبات حدد بعض المواد الخاصة بجريمة التزوير في المحررات الرسمية ومنها:
المادة ٢١٢ على: "كل شخص ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويرًا مما هو مبين في المادة السابقة يعاقب بالسجن المشدد أو بالسجن مدة أكثرها عشر سنوات".
كما نصت المادة ٢١١: "كل صاحب وظيفة عمومية ارتكب في أثناء تأدية وظيفته تزويرًا في أحكام صادرة أو تقارير أو محاضر أو وثائق أو سجلات أو دفاتر أو غيرها من السندات والأوراق الأميرية سواء كان ذلك بوضع إمضاءات أو أختام مزورة أو بتغيير المحررات أو الأختام أو الإمضاءات أو بزيادة كلمات أو بوضع أسماء أو صور أشخاص آخرين مزورة يعاقب بالسجن المشدد أو السجن".
المادة ٢١٣: "يعاقب أيضا بالسجن المشدد أو بالسجن كل موظف في مصلحة عمومية أو محكمة بقصد التزوير موضوع السندات أو أحوالها في حال تحريرها المختص بوظيفته سواء كان ذلك بتغيير إقرار أولي الشأن الذي كان الغرض من تحرير تلك السندات إدراجه بها أو بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها أو بجعله واقعة غير معترف بها في صورة واقعة معترف بها".
وفي حال استعمال هذه الأوراق المزورة نصت المادة ٢١٤، على "من استعمل الأوراق المزورة المذكورة في المواد الثلاث السابقة، وهو يعلم تزويرها يعاقب بالسجن المشدد أو بالسجن من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات".

انتحال الصفة
أما فيما يخص انتحال الصفة لوظائف وأشخاص فقد نصت المواد (من ١٥٥ وحتى ١٥٩) من قانون العقوبات على عقوبة كل من انتحل صفة الغير سواء كانت ملكية أو عسكرية، لأى غرض بدعوى النصب أو السرقة أو لإنهاء مصالح خاصة أو بارتدائه زيا عسكريا أو شرطيا، وتصل للحبس والغرامة.
المادة ١٥٥: " كل من تدخل في وظيفة من الوظائف العمومية، ملكية كانت أو عسكرية، من غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة أو إذن منها بذلك، أو أجرى عملا من مقتضيات إحدى هذه الوظائف، يعاقب بالحبس".
المادة ١٥٦: " كل من لبس علنية كسوة رسمية بغير أن يكون حائزًا للرتبة التى تخوله ذلك أو حمل علنية العلامة المميزة لعمل أو لوظيفة من غير حق يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة".
المادة ١٥٧: على "يعاقب بغرامة لا تتجاوز مائتى جنيه كل من تقلد علانية نشانا لم يمنحه أو لقب نفسه كذلك بلقب من ألقاب الشرف أو برتبة أو بوظيفة أو بصفة نيابية عامة من غير حق". وأكد الفقيه القانوني أنه على الرغم من التقدم الكبير والرهيب في مجال التكنولوجيا الحديثة، إلا أن هؤلاء النصابين يقعون في النهاية في براثن قوات الأمن، والتي خصصت خبراء متخصصين في الإنترنت والبرمجة بإدارة مباحث جرائم التزييف والتزوير، ويعملون على قدم وساق، وتتوالي ضرباتهم الموجعة لهؤلاء المجرمين باستمرار.
تعديل النصوص القديمة
ورأي أستاذ القانون الدولي أن الحل يتمثل في تعديل المشرع لنص القوانين القديمة التي شرعت في خمسينيات القرن الماضي ولم تعد ملائمة للوقت الحالي أمثال المواد من ١٥٥ حتى ١٥٩ من قانون العقوبات لأنها جنح عقوبتها الحبس والغرامة.


كشف دوري
من جهته اقترح شوقي السيد، الفقيه الدستوري والقانوني، الكشف الدوري على هويات الموظفين العموميين وأساتذة الجامعات بالدولة بشكل دوري كل عام، كإجراء احترازي يمنع ويحد من تلك الظاهرة الخطيرة التي انتشرت في السنوات الأخيرة بشكل مخيف على حد وصفه.
وقال السيد لـ ''البوابة نيوز''، إن الكشف الدوري سيؤتي بثماره بعد تعميمه على الجميع بدون استثناءات، مستشهدا بالنصاب العاطل الذي ادعى أنه أستاذ جامعي، بعدما انتحل صفة ضابط شرطة بالجيزة لمدة ٣٢ عامًا، وكان يمارس حياته بشكل طبيعي، ولم يهتز أو يتردد طيلة كل هذه السنوات بشهادة أسرته!

تغليظ العقوبة
طالب الفقيه القانوني شوقي السيد بضرورة تغليظ العقوبة على مرتكبي تلك الجرائم التي تسيء لسمعة مصر بين البلدان، وتعوق حركة النمو والاستقرار، وقد تؤثر على السياحة بشكل عام، وبالتالي فهي قضية أمن قومي وليست قضية فردية، وهو ما يعني أن الدولة تتأثر بشكل سلبي بمثل هذه الجرائم. واختتم السيد، التزوير وانتحال صفة الغير مرتبطين ببعضهما البعض، لأن تزوير الشهادة الجامعية يتم عن طريق الحصول على ختم الكلية أو الجامعة، وبالتالي تنفيذ هويات لأشخاص مجهولين وعاطلين عن العمل لتنفيذ جرائم منظمة تؤثر وتعوق تنمية المجتمع المصري، مشددًا على ضرورة فرض رقابة كبيرة ولصيقة على الجامعات والجهات الحكومية لضمان تقليل هذه الجرائم سيئة السمعة.

السوشيال ميديا
قال اللواء محمود الرشيدي، مساعد وزير الداخلية الأسبق، الخبير القانوني، إن السوشيال ميديا، تعد إحدي وسائل التخفي لمثل هؤلاء المجرمين، حيث إن الشخص المنتحل صفة ضابط شرطة لمدة زادت على الثلاثين عاما كان يستعرض نفوذه أمام المواطنين بقدرته على تيسير بعض المعوقات التي تواجههم باستخدام نفوذه وسلطاته، وهو ما أوهم الجميع بأنه ضابط شرطة ولم يشك أحد في الأمر على الإطلاق.
وأضاف الخبير الأمني لـ ''البوابة نيوز''، أن المجني عليهم ساعدوا هذا المحتال منتحل صفة الضابط، وذلك عن طريق طلباتهم غير المشروعة التي كانت تنهال عليه، وقدرته الكبيرة في إقناعهم بقوته في تنفيذ كل طلباتهم، وهو ما يساعد المجرم في الانتشار على نطاق واسع.
الملابس العسكرية
طالب مساعد وزير الداخلية الأسبق، بضرورة تشريع لمنع بيع الملابس العسكرية إلا للمؤسسات الحكومية سواء للقوات المسلحة أو الداخلية، كما طالب بضرورة تسليم تلك الملابس بعد انتهاء مدة الخدمة القانونية لعدم استغلالها من قبل منتحلى الصفة.
التوعية الأمنية
وأشار الخبير الأمني، إلى أنه لا أحد فوق القانون، مؤكدًا أن غياب الوعي الأمني ساعد في انتشار منتحلي صفة الغير من ضباط وأفراد الشرطة، عن طريق قلة الملاحقة لمن يوهم المواطنين أنه يستطيع تلبية كل طلباتهم في السر والعلن كما لو كان يمتلك ''عصا سحرية''، على صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة، وهو الأمر الذي يتنافي مع قيم وأخلاقيات رجال الشرطة.

اضطراب نفسي
قال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إن انتحال الشخصية يندرج تحت الاضطراب النفسى الشديد في شخصية الشخص، بسبب حرمان أو نقص ما كان يسعى إلى تحقيقه ونيله، ولكنه لم يكتمل بسبب ما، وهنا يقوم بتزييف هويته الحقيقية مُختلقًا شخصية أخرى جديدة متقمصًا إياها لتحقيق أغراضه حتى ولو على حساب غيره. وأضاف فرويز لـ "البوابة نيوز"، أن هناك الكثير من المواطنين يتعرضون للهوس بوظيفة قيادية مثل ضباط الشرطة، ويلجأون لانتحال الصفة والشخصية لتعويض الحرمان الناتج عن النقص، عن طريق ضيق الظروف المعيشية التي حالت دون إتمام الدراسة. وأضاف استشاري الطب النفسي أن الفشل في نيل وظيفة مهمة بالمجتمع قد يجبر الشخص على انتحال الصفة وشخصية مغايرة عن شخصيته الحقيقية، لتعويض النقص والحرمان الذي يعيش فيه.
شوقي السيد يطالب بطريقة للكشف الدوري عن الهويات الشخصية لموظفي الدولة وأصحاب الوظائف الحساسة

صلاح الطحاوى: التطور التكنولوجي أحدث طفرة في جرائم التزييف
سفاح الجيزة.. قذافى فراج يزعم أنه مهندس ويرتكب 4 جرائم قتل
التوعية الأمنية للمواطنين وإعادة نشر القيم والفضائل تساعد في تقليل الجرائم

ارتكب «قذافى فراج »، ٤٩ سنة، معروف إعلاميا بـ«سفاح الجيزة»، ٤ جرائم قتل، ودفن جثثهم بشقة في بولاق الدكرور ومخزن بمحافظة الإسكندرية، بالإضافة إلى سلسلة من وقائع النصب والتزوير وانتحال الصفة، وذكرت التحريات أنه تخرج في كلية الحقوق ويتمتع بذكاء حاد ساعده على ارتكاب عدد كبير من الجرائم ولم يتم ضبطه إلا بعد ٥ سنوات بالصدفة في قضية سرقة مشغولات ذهبية من زوجته السابقة بمنطقة الإسكندرية.
بدأ سفاح الجيزة جرائمه بقتل زوجته الأولي ٣٤ سنة ربة منزل، في عام ٢٠١٥، وضع لها السم في العصير، ثم وضع جثتها في ديب فريزر، ونقلها من شقة الزوجية بمنطقة الهرم، إلى شقة أخرى دور أرضي ببولاق الدكرور ودفنها بها، وفي اليوم التاني ذهب إلى قسم شرطة الهرم وقدم بلاغا باختفاء زوجته بعد ان سرقت منه مبلغ ٣٥٠ ألف جنيه.
ارتبط السفاح بعلاقة صداقة بمهندس كهربائي يعمل في السعودية ويدعي «رضا» امتدت إلى دخولهما معا في عدة مشاريع تجارية وعندما شعر المهندس بتعرضه للنصب من صديقه عاد إلى القاهرة في إجازة وطلب منه فض الشراكة وحصوله على كافة مستحقاته المالية، وضع له صديق عمره السم في الطعام ودفن جثته بالغرفة الثانية بجوار زوجته في نفس الشقة، وبعدها انتحل السفاح صفة صديقه وقام بتزوير محررات رسمية باسم «رضا» بدلا من «قذافي» ووضع يده على كافة ممتلكات صديقه في القاهرة.
غادر السفاح الجيزة إلى مدينة المنصورة، منتحلا صفة صديقه المجني عليه رضا، وتعرف على فتاة، وعقد قرانه عليها، إلا أنه لم يدخل بها، ولم يتمم الزواج، وبعدها ترك المنصورة إلى محافظة الإسكندرية، وبنفس شخصية المهندس رضا تزوج بدكتورة صيدلانية، دخلت في مشاجرة معه، وقررت الانفصال عنه، فقرر سرقتها وارتدى نقابا، واستولى على مصوغات ذهبية تقدر قيمتها بمليون جنيه.
انتحل السفاح صفة مهندس كهرباء يدعى محمد مصطفى، وتزوج بابنة تاجر كبير في الإسكندرية، وبعد فترة قرر بيع المصوغات الذهبية التي سرقها من زوجته الصيدلانية، وتوجه إلى محل جواهرجى، والذي شك في امره نظرا لوجود كمية ذهب كبيرة بحوزته دون وجود فواتير للبيع، فقام صاحب المحل إلى الشرطة وقدم بلاغا، وتم القبض عليه، واتهمته زوجته السابقة بالسرقة فصدر ضده حكما بالحبس سنة تحت اسم المهندس رضا صديقة الذي قتله ودفن جثته في بولاق.

كشف كل جرائم السفاح بالصدفة
كانت أسرة المهندس رضا المجنى عليه، كلفت محاميا للبحث عنه والذي لم يتوقف عن السؤال عنه في أقسام الشرطة طوال ٥ سنوات الماضية منذ اختفائه، وصلت معلومة لمحامى الأسرة بصدور حكم قضائى صدر ضد المهندس رضا، وعندما ذهبت الاسرة لمقابلته في سجن الاستئناف بالإسكندرية كشفت ملابسات الأمر، واتضح أن الشخص المحبوس باسم المهندس رضا، هو المتهم «قذافى فراج» فتقدمت أسرة المهندس ببلاغ للنائب العام للتحقيق، وفتح التحقيق من جديد في بلاغ التغيب الخاص بالمهندس رضا، وبمواجهة المتهم، بجمع المعلومات اعترف بكافة الجرائم التي ارتكبها.
من جهته قال اللواء محمود الرشيدي، إن المزورين أصبحوا على دراية كبيرة جدا بالتكنولوجيا الحديثة، لأنهم وجدوا أن الطرق التقليدية القديمة أصبحت غير مجدية، كما أن قوات الأمن نجحت في رصدها جميعا.
وأوضح الرشيدي أن المجرمين يقومون بجرائمهم عن طريق الاتصال ببعض الموظفين ضعاف النفوس الذين تعاهدوا مع الشيطان لكسب المال الحرام ولم يعبأوا لخطورة ما يقومون به، ويتم ذلك بالحصول على ختم الجهة أو المنشأة أو المؤسسة ثم تقليده بواسطة بعض الأجهزة، ثم بيعه للمزورين والذين يقومون بدورهم بتزوير الشهادات العلمية مثل الدكتوراة وغيرها.
أردف: الطريقة الثانية تتم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وفيها يصطاد المزور فرائسه بعد إغوائهم وإيهامهم بقدرته على حل كل الأمور المستعصية، ومن ثم التربح من الأبرياء.
وأوضح أنه لا يمكن الإشارة إلى جهة بعينها تتم فيها وقائع سرقة الأختام أو تقليدها، لأن مثل هذه الجرائم ليست مستحدثة، بل منتشرة منذ قديم الأذل ولكنها تطورت بشكل مخيف، لتواكب الثورة التكنولوجية الحديثة.
ولفت مساعد وزير الداخلية الأسبق، إلى ضرورة نشر التوعية الأمنية للمواطنين في وسائل الإعلام المختلفة، عقد دورات منتظمة من الأزهر الشريف يبث روح الفضائل والقيم الأخلاقية التي نشأنا وتربينا عليها، وطرد الرذائل البغيضة التي تسيء لسمعة مصر بالخارج.