الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

معركة الريدانية.. خيانة مملوكي تسقط مصر في قبضة الغزو العثماني

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يوافق الغد السبت 23 يناير، ذكرى هزيمة الجيش المصري بقيادة السلطان طومان باي في معركة الريدانية على يد العثمانيين بقيادة السلطان سليم الأول، لتقع مصر في فخ الخلافة العثمانية لما يقرب من ثلاثة قرون، إلى أن انتهى عهدهم بصعود محمد على باشا، صانع نهضة مصر الحديثة. 
قبل التوجه إلى مصر كان السلطان العثماني سليم الأول قد تمكن من السيطرة على بلاد الشام، وانتصار في عدة معارك كان آخرها الانتصار الذي حققه سنان باشا على جانبردي الغزالي في خان يونس؛ بعدها، أرسل سلطان العثمانيين رسولا إلى سلطان المماليك طومان باي، يطلب منه الخضوع له والطاعة للدولة العثمانية. 
أضاف رسول العثمانيين في الرسالة أن على مساجد مصر - في حال الخضوع- ذكر اسمه بالخطبة؛ مقدمًا عرضًا لسلطان المماليك، وهو أن يحكم مصر بداية من غزة، ويكون واليًا عليها من قِبل السلطان العثماني، على أن يرسل له الخراج السنوي لمصر. 
ورغم التحذير من الوقوع فيما وقع فيه سلفه قانصوه الغوري، رفض طومان باي العرض العثماني، بل وقتل أيضًا حاملي الرسالة بتأثير من أتباعه الجراكسة؛ ما جعل سليم الأول يقرر التوجه بجيشه البالغ مائة وخمسون ألفا مقاتل معهم كثير من المدافع، واجتاز الصحراء مع جيشه ووصل العريش في 17 ذي الحجة 922 الموافق 11 يناير 1517، وأثناء عبور الجيش العثماني للصحراء تعرض إلى غارات البدو، وكان طومان باي يحث البدو على القيام بهذا العمل وكان يدفع مقابل كل رأس تركي وزنه ذهبًا، وقد اشتدت غارات البدو لدرجة خاف الوزير الأعظم من حدوث معركة كبيرة كادت أن تكلفه حياته هو الآخر. 

أثناء رحلة العثماني لملاقاته، جمع طومان باي أربعين ألف جندي، كان نصفهم من أهالي مصر والنصف الآخر من العسكر المماليك، وكذلك استقدم مائتي مدفع ومن يستطيعون العمل عليها من الفرنجة، ووضع تلك المدافع في الريدانية بهدف مباغتة العثماني عند مروره والإنقضاض عليه، وأمر بحفر الخنادق وإقامة الدشم لمائة مدفع، وكذلك استشعار أسلوب العثمانيين، فأقام الحواجز المضادة للخيول على غرار ما فعله سليم الأول في معركة مرج دابق؛ ولكن الخيانة أفسدت خطته، فقد تمكن والي حلب المملوكي خاير بك -والذي دخل بخدمة العثمانيين- من تأمين خيانة صديقه القديم جانبردي، والذي كان على خلاف مع السلطان طومان باي، وهو الذي أشار على السلطان سليم بالإلتفاف على جيش المماليك. وقد علم طومان باي بالخيانة بعد فوات الأوان وتردد بمعاقبته خوفًا من أن يدب الخلل في صفوف الجند. هذا الأمر كلفه حياته فيما بعد، فقد أتم السلطان العثماني عملية تمويهية بعد اكتشافه للخطة المصرية، فأظهر نفسه متوجهًا نحو العالية، ولكنه التف سريعًا حول جبل المقطم، ورمى بكل ثقله على المماليك بالريدانية وكانت تلك حيلة جانبردي الغزالي الذي أبلغ خاير بك ذلك، فوقعت المواجهة في 29 ذي الحجة 922 الموافق22 يناير 1517.
وذكر ابن اياس في كتابه "بدائع الزهور في وقائع الدور" إنه قد وصلت طلائع عسكر ابن عثمان عند "بركة الحاج" الواقعة بضواحي القاهرة - والتي تقع اليوم قرب المرج ومؤسسة الزكاة- فاضطربت أحوال العسكر المصريين، وأغلق باب الفتوح وباب النصر وباب الشعرية وباب البحر "وأغلقت الأسواق، وزعق النفير، وصار السلطان طومان باي راكبًا بنفسه وهو يرتب الأمراء على قدر منازلهم، ونادى للعسكر بالخروج للقتال، وأقبل جند ابن عثمان كالجراد المنتشر، فتلاقى الجيشان في أوائل الريدانية، فكان بين الفريقين معركة مهولة وقتل من العثمانية ما لا يحصى عددهم. ثم دبت الحياة في العثمانية، فقتلوا من عسكر مصر ما لا يحصى عددهم". 
استمرت المعركة الضارية بين العثمانيين والمماليك بين سبع إلى ثماني ساعات، انتهت بهزيمة المماليك وفقد العثمانيون خيرة رجالهم، منهم سنان باشا الخادم، الذي قتل بيد طومان باي الذي قاد مجموعة فدائية بنفسه واقتحم معسكر سليم الأول وقبض على وزيره وقتله بيده ظنًا منه أنه سليم الأول. كذلك فقد العديد من القادة العثمانيين وأمراء الجيش بسبب شجاعة جنود المماليك، ولكنهم رغم تلك الشجاعة لم يستطيعوا مواجهة الجيش العثماني لوقت طويل؛ حيث خسر المماليك ما يقرب من خمسة وعشرين ألف قتيل، كما انسحب طومان باي من المعركة، عندها دخل العثمانيون من أبواب القاهرة وقد استغرق منهم الكثير من الوقت والرجال حتى استكملوا سيطرتهم بالكامل على المدينة.