السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القديس أثناسيوس الكبير.. معلم المسكونة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يشهد سنكسار القديس أثناسيوس الكبير معلّم المسكونة ملامح صورة معبِّرة ترسمها الكنيسة لهذا القديس العظيم. فهو ذو الجلادة والراعي الحقيقي والقاعدة غير المتزعزعة لكنيسة المسيح. وهو الملهم من الله وخادم الأسرار والذهب الخالص الذي كانت له الأحزان ومصارعات الأعداء بودقة كريمة، والذي صاغته كلمة الله خاتمًا ليمينها المقدّسة. وهو بوق الكنيسة وقاطع مواكب البدع بقوة الروح والمتكلّم باللاهوت شاروبيميًا. وهو روْض أقوال الكتب الملهمة من الله الذي نقّى نفسه وجسده من كل دنس فظهر هيكلًا لائقًا بالله.

فمن هو، تفصيلًا، هذا الذي استحق أن تسبغ عليه الكنيسة المقدّسة كل هذه الأوصاف الجليلة وأكثر؟

وسطه ونشأته

لا نعرف تمامًا متى كانت ولادته. نعرف فقط إنها كانت في حدود العام 295م. كذلك لا نعرف أين كانت. ثمة ما يبعث على الظن إنه ربما ولد في مكان ما بقرب مدينة الإسكندرية، مما يفسِّر إلفته بآباء البرِّية وتعلّقه بمثالهم. أنّى يكن الأمر فالبادي أنه كان قبطيًا أكثر مما كان يونانيًا. وقد أشار القدامى إلى السمرة غير العادية لبشرته. كان يقرأ ويكتب ويعظ بالقبطية. هذا لا شك فيه. لم يعرض لاضطهاد المسيحيّين في سنواته الخمسة العشر الأولى من حياته. حملة ذيوكليسيانوس قيصر على المسيحيّين امتدَّت من السنة 303 إلى السنة 311 م. ماذا كان وقعها عليه؟ لا نعلم بالتدقيق، لكن، هناك من يميل إلى الربط بعامة بين تشبّث الشهداء بالإيمان وصلابتهم، من ناحية، وما أبداه أثناسيوس في صراعه ضد الآريوسية، من ناحية أخرى، من أمانة وصلابة وطول باع. فالواضح أن نفسه كانت مطبوعة على روح الشهادة للرب يسوع. وقد سرى عنه، عبر العصور، في هذا الشأن، قول جرى مجرى المثل الشائع يوم كادت الآريوسية تبلع العالم: "أثناسيوس ضد العالم".

ماذا عن علمه وثقافته؟ لا نعرف الكثير. يبدو أنه لم يتثقّف بثقافة اليونانيين نظير كبار القدّيسين كباسيليوس الكبير والذهبي الفم وغريغرريوس اللاهوتي. الكنيسة تعلّمها، بصورة خاصة، من الكأس المقدّسة، من المعلّمين المسيحيّين وأوساط المؤمنين والدوائر الأسقفية في الإسكندرية حيث يبدو أنه انضمّ حدثًا إلى حاشية القديس ألكسندروس، أسقف المدينة. بعض معلّميه، على ما أورد هو عبورًا، قضى في زمن الاضطهاد. هذا ربما فسّر حدَّة روح الشهادة لديه.

وشاعت عن كيفية التصاقه بأسقف الإسكندرية، ألكسندروس، رواية مفادها أنه فيما كان الأسقف، يومًا، في دارته المطلّة على البحر، لاحظ، في المدى المنظور، على الشاطئ، حفنة من الأولاد يلعبون. كان واحد منهم يقف في الماء فيما كان رفاقه يتقدّمون واحدًا واحدًا كما في زيّاح، فيصبّ عليهم الماء وينصرفون. فأخذ الأسقف يتساءل: ترى ماذا يفعلون؟ وبدافع الفضول أرسل في طلب الولد وسأله ماذا يعمل؟ لماذا يصبّ الماء على رؤوس الأولاد الآخرين؟ فأجابه: أعمّدهم! - وهل تعلم كيف؟ - نعم! علّمتهم أسرار إيماننا ولقّنتهم الصلوات وكيف يستعدّون لاقتبال المعمودية ثم عمدّتهم! الأولاد، بالمناسبة، كانوا وثنيّين. فتعجّب الأسقف وأكبر ما فعله الصبي. وإذ مال إليه ورغب في تبنّيه استأذن والديه وضمّه إليه. وبعد سنوات قليلة أضحى مقدَّمًا عنده كابن لأبيه وحافظ سرّه.

ملامحه

كيف بدا للعيان ذاك الذي أبدى من الجرأة والصلابة ما أدهش العالم؟ كان نحيف البنية، قصير القامة. أعداؤه دعوه قزمًا. وكان معكوف الأنف، صغير الفم، ذا لحية قصيرة محمرّة وبشرة تميل إلى السواد وعينين صغيرتين... وقد اعتاد أن يمشي بانحناءة بسيطة إلى الأمام ولكن برشاقة ولباقة كأنه أحد أمراء الكنيسة.

أثناسيوس وآريوس: من كان آريوس؟

كان آريوس ليبيًا، راعيًا لكنيسة بوكاليس. لا نعرف عنه الكثير. كتاباته أكثرها أتلف أو ضاع. كان حاد الذهن، ضليعًا في الفلسفة، خبيرًا في الاستدلال المنطقي. وقد وُصف بأنه طويل القامة، نحيف، متنسّك، واثق من نفسه، يتكلّم كمن له سلطان. كان في الثالثة والستين حين قاوم الأسقف ألكسندروس. وقد سبق له أن التصق، لبعض الوقت، بجماعة منشقّة تمتّ إلى أسقف يدعى ملاتيوس بلبلت الكنيسة في الإسكندرية. وثمة من يقول إنه كان رجل طموحات ويطلب المعالي، فلما خاب عن بلوغ سدّة الأسقفية الأولى على مصر، تحوّل إلى مقاوم ومعاند إثباتًا لنفسه. أنّى يكن الأمر فقد تعاطى آريوس الحقائق الإيمانية كما لو كانت مسائل فلسفية. الموضوع بالنسبة إليه كان موضوع منطق واستنتاجات منطقية، على مذهب بعض التيّارات الفلسفية في زمانه. ولكي يجعل آراءه على كل شفة ولسان نظم بعضها على الموسيقى فأضحت أغان تردِّدها العامة في كل مكان.

البدعة تنتشر

وشاعت البدعة هنا وثمة. كان فيها ما يستهوي. كثيرون تعاطوا المسيحية أو كانوا مستعدّين لأن يتعاطوها كفلسفة جديدة. وكثيرون سعوا إلى المزاوجة بين المسيحية وهذا التيار الفلسفي أو ذاك وفشلوا. عشرات الهرطقات تولّدت وعشرات المذاهب نشأت كان يمكن أن تودي بالكنيسة الفتيّة إلى التهلكة أو تجنح بها إلى الفساد لو لم يكن روح الرب حافظها وعاصمها. هذا إذن كان المناخ الفكري العام، آنذاك، لاسيما في أوساط المفكّرين المسيحيّين. فلما نزلت هرطقة آريوس إلى سوق الأفكار، وهي أسوأ وأخطر ما ظهر، تلقّفها العديدون. تجدر الإشارة، على رأي بعض الدارسين، أن للآريوسية بصورة أساسية، علاقة بالغنوصية التي يبعد فيها الكائن الأعظم عن المخلوقات، وبالأفلاطونية الجديدة التي تبدو فيها الكلمة في وضع الوسيط بين الواحد والمتعدّد، بين الروح والمادة، وبالمخفضين، أمثال أوريجنيس المعلّم، الذين خفّضوا مرتبة الابن ومرتبة الروح القدس فقالوا بثالوث متدرّج غير متساوٍ في الجوهر الواحد. إلى ذلك احتضن آريوس وقدّمه عددّ من المتنفّذين نظير أفسافيوس، أسقف قيصرية فلسطين، وأفسافيوس أسقف نيقوميذية، العاصمة الشرقية للإمبراطورية قبل القسطنطينية، وبولينوس، أسقف صور، وأثناسيوس، أسقف عين زربة، وغريغوريوس، أسقف بيروت، وماريس، أسقف خلقيدونية. آريوس خرج من مصر إلى قيصرية فلسطين ومنها إلى نيقوميذية. ومن هناك أخذ يبثّ سمومه يمينًا ويسارًا فاحتدم الصراع. مصر، ليبيا، فلسطين، آسيا الصغرى وسواها كلها اضطربت. قطبا الصراع كانا مصر ونيقوميذية. لكن، شيئًا فشيئًا كل الأساقفة دخلوا في جدل فيما بينهم. دخلوا في صراع. والصراع طال الشعب. في بعض الأمكنة تحوّل الجدل إلى صدام فتضارب الناس وتقاتلوا وسالت الدماء. هكذا لاح في الأفق، بصورة جدّية، خطر الحرب الأهلية، فكان لا بد للسلطة الحاكمة من أن تتحرّك لتحسم الأمر وتضع حدًّا للجدل.

مجمع نيقية

بلغت أصداء الصراع الناشب أسماع قسطنطين الملك فتنبّه وتخوّف. لم يدرِ تمامًا ما الذي كان القوم يتجادلون في شأنه. استعان ببعض أصدقائه ومستشاريه العارفين أمثال هوسيوس، أسقف قرطبة. وبعد التداول معهم استقرّ رأيه على الدعوة إلى مجمع يضمّ أساقفة المعمورة يكون دورهم، بصورة أساسية، أن يحدِّدوا له موقف الكنيسة الجامعة من المسائل المطروحة وهو يلتزمه ويكفل فرضه بالقوّة. همّ قسطنطين الأول كان الحفاظ على الهدوء والنظام ووحدة الإمبراطورية.

على هذا الأساس، تقرّر أن يكون مكان الاجتماع مدينة صغيرة تدعى نيقية، وهي إزنيق الحديثة، في القسم الشمالي من آسيا الصغرى، على بعد أميال قليلة من مدينة نيقوميذية. كما وجِّهت الدعوة إلى ألف وثمانمائة أسقف لحضور المجمع، ووضعت وسائل النقل الرسمية في تصرّفهم. لا نعرف تمامًا عدد الذين لبّوا. في تراثنا إنهم 318 على عدد الخدّام الذين تمكّن إبراهيم الخليل بهم من فك أسر ابن أخيه لوط، في سفر التكوين (14:14).

التأم المجمع في 14 يونيو سنة 325م. عدد كبير من الكهنة والشمامسة رافقوا الأساقفة. ستة أساقفة وكاهنان أتوا من الغرب والباقون كانوا شرقيين. بعض الذين حضروا كانوا معترفين حملوا في أجسادهم سمات الآلام لأجل اسم الرب يسوع: بولس أسقف قيصرية ما بين النهرين، ذو اليدين المحروقتين المعطوبتين، وبفنوتيوس الصعيدي المقلوع العين اليمنى والمعطوب الرجل اليسرى، وبوتامون الهرقلي الأعور. كما حضر أساقفة عرفوا بقداسة السيرة كسبيريدون القبرصي ويعقوب النصيبيني. القديس أثناسيوس الكبير كان رئيس شمامسة ورافق أسقف الإسكندرية ألكسندروس وتكلّم باسمه. من رأس المجمع؟ لا نعرف تمامًا. ربما هوسيوس أسقف قرطبة وربما أفستاتيوس، أسقف أنطا كية. في خطبة افتتاحية، دعا قسطنطين الملك الحاضرين لإزالة أسباب الشقاق من بينهم وتوطيد السلام.

عرض آريوس أفكاره، فتصدّى له الفريق الأرثوذكسي. أثناسيوس، ولو شماسًا، كان الأبرز في الردّ على آراء آريوس والتصدّي لحججه وتبيان عطبها. ساد اللغط. تبلبلت الآراء. احتدم الجدال. اقترح هوسيوس وضع دستور إيمان يكون أساسًا للإيمان القويم. في ضوء تعاليم الآباء، جرى اعتماد نص يشكّل أساس دستور الإيمان النيقاوي القسطنطيني الذي نتلوه اليوم. الفريق الآريوسي تقزّم. استبانت مفسدة آريوس جلية للعيون. حكم المجمع بقطع آريوس. تبنّى قسطنطين الملك قرارات المجمع وأصدر قرارًا، على ما ورد عند المؤرّخ سقراط، قضى بحرق كتب آريوس وحذّر من يقتنيها سرًا ويروّج لها بالموت. انفضّ المجمع بعد نحو سبعة أسابيع من انعقاده، يوم الخامس والعشرين من تموز.

يومها ظُنّ أن ملف آريوس طوي وإن الكنيسة استراحت والإمبراطورية استكانت إلى وحدتها من جديد. ولكن، أثبتت الأيام إن ما جرى لم يكن سوى حلقة في مسلسل الآلام التي حلّت بالكنيسة الجامعة وبالقديس أثناسيوس الكبير كرمز لها، إن لم يكن رمزها الأوحد، على امتداد سنين طويلة.

قول أثناسيوس

التركيز في دفاع أثناسيوس كان على تراث الكنيسة وتعليمها وإيمانها كما سلّمه السيد وكرز به الرسل وحفظه الآباء. في مقابل ميول مناهضيه العقلانية قدّم قدّيسنا الإيمان على العقل. أرسى أسس الفكر اللاهوتي القويم كما لم يفعل أحد من قبله. من هنا فضله ومن هنا تسميته في تراثنا بـ "أب الأرثوذكسية" أو كما دعاه القديس غريغرريرس اللاهوتي "عمود الكنيسة".
الموضوع، بالنسبة للقديس أثناسيوس، كان موضوع الخلاص برمّته. قول آريوس يتعدّى كونه مجرّد رأي لأن اقتباله معناه ضرب المسيحية في الصميم. فلا مجال للمساكنة أو المهادنة. الزغل في الآراء، في هذا الشأن، قضاء على الكنيسة. أثناسيوس وعى دقّة المسألة وخطورتها حتى العظم، فأتت حياته، في كل ما عانى على مدى ست وأربعين سنة، تعبيرًا عن تمسّك لا يلين بكلمة حقّ الإنجيل والإيمان القويم.

أثناسيوس بطريرك

إثر انفضاض مجمع نيقية، عاد ألكسندروس الإسكندري إلى دياره فسام أثناسيوس كاهنًا وسلّمه مقاليد الإرشاد والوعظ وشرح تعاليم المجمع النيقاوي. ثم بعد ثلاث سنوات رقد ألكسندروس (328) فاختير أثناسيوس ليحلّ محلّه. لم يكن الاختيار من دون صعوبات. أثناسيوس كان له مناهضوه، لأسباب عديدة بينها أسباب شخصية كفتوّته. كان في الثلاثين يومذاك. ثم إن البعض اعتبروه متصلبًا قاسيًا تنقصه المرونة في التعاطي مع الآخرين. أنّى يكن الأمر فقد ورد أن قديسنا لجأ إلى أحد الديورة هربًا من الأسقفية لكنه رضخ، بعد لأي، للأمر الواقع.

أولى مهام أثناسيوس كرئيس أساقفة على الإسكندرية وتوابعها، كانت استعادة الوحدة والنظام في أبرشيته الشاسعة التي عانت لا من الهرطقة الآريوسية وحسب بل من جماعة ملاتيوس المنشقّة أيضًا وكذلك من الانحطاط الخلقي وانحلال الانضباط الكنسي. وعلى مدى سنوات جال أثناسيوس في كل الأنحاء المصرية، حتى الحدود الحبشية، يسيم الأساقفة ويختلط بالمؤمنين الذين اعتبروه، إلى النهاية، أبًا لهم. كما تفقّد الأديرة، حتى التي في برّية الصعيد، وأقام، لبعض الوقت، في دير القديس باخوميوس (15 مايو). باخوميوس كان يقدّر أثناسيوس كثيرًا، وقد سمّاه "أب الإيمان الأرثوذكسي بالمسيح".

أقام أثناسيوس الأسقف في شيء من الهدوء يرعى شعبه سنتين. ثم انفجر الصراع مع الآريوسية من جديد وعلى أخطر مما كان قبل مجمع نيقية.

حياة المغبوط أنطونيوس الكبير

من أهم ما ترك لنا القديس أثناسيوس، كتابة، سيرة القديس أنطونيوس الكبير الذي قال إنه رآه مرارًا ولازمه طويلًا وسكب في يديه الماء. تاريخ السيرة حدود العام 357م، بعد وفاة القديس أنطونيوس بقليل. الكتاب موجّه إلى رهبان غير مصريّين، ربما غربيّين، طلبوا من أثناسيوس أن يكتب لهم عن حياة المغبوط لأنهم رغبوا في أن يعرفوا منه كيف بدأ نسكه، من كان قبل ذلك، كيف كانت نهاية حياته، وهل إن كل ما يروى عنه صحيح. غرضهم، كما بدا لأثناسيوس، كان الإقتداء بغيرة أنطونيوس. وقد قبل أثناسيوس طلبهم ولبّى رغبتهم لأن ربحه كبير حتى لمجرد ذكر اسم أنطونيوس، على حد تعبيره، ولأن حياة المغبوط، كما ورد في مقدّمته، "نموذج كاف للنسك". ويبدو أن مراسلي أثناسيوس ضمّنوا كتابهم إليه بعض الأخبار التي سمعوها عن أنطونيوس. هذه أكدّ أثناسيوس صحّتها مشيرًا إلى أنها مجرّد غيض من فيض. كما حرص أثناسيوس على جمع معلومات إضافية عن أنطونيوس من الرهبان الذين اعتادوا زيارته بشكل متواتر، أولًا ليتعلّم وينتفع هو نفسه وثانيًا ليكون له أن يكتب عنه المزيد. كذلك سعى أثناسيوس إلى التدقيق في أخبار المغبوط ما أمكنه لكي تكون كل الأمور بشأنه حقيقية، على حد تعبيره. ثم ختم بالقول: "إذا ما سمع أحدكم شيئًا أكثر فلا يشك في الرجل، أما إذا سمع أقلّ فعليه ألا يحتقره".

هذا والسيرة أهم وثيقة معروفة عن بداءة الحياة الرهبانية. علّق القديس غريغوريوس اللاهوتي عليها بالقول إنها "قاعدة للحياة الرهبانية في شكل سردي". كتبت أول ما كتبت باليونانية وترجمها أفغريوس الأنطاكي إلى اللاتينية تحت عنوان "من أثناسيوس الأسقف إلى الإخوة الذين في البلاد الأجنبية". هذا ربما كان إشارة إلى الرهبان الغربيّين. أنّى تكن حقيقة الأمر فإن السيرة ساهمت مساهمة فعّالة في نشر المثال الرهباني وأدخلت الرهبنة إلى الغرب. أوغسطينوس المغبوط أشار في اعترافاته إلى التأثير الحاسم الذي كان للسيرة عليه، بالنسبة لهدايته، كما أشار إلى اجتذابها العديدين إلى الحياة الرهبانية.

والى السيرة باليونانية واللاتينية وردت أقدم نصوصها بالسريانية والقبطية أيضًا.

قالوا عنه

لقد قيل الكثير عن أثناسيوس الكبير. القديس غريغوريوس اللاهوتي قال "إن الله به حمى الإيمان الأرثوذكسي وحفظه، في حقبة من أشد الحقب التاريخية حرجًا". وعن كتاباته قال يوحنا موخوس، في القرن السادس للميلاد، "إذا وجدت مقطعًا للقديس أثناسيوس ولم يكن لديك ورق لتنقله فاكتبه على ثيابك".