الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

تقرير أوروبي: أتراك المهجر طابور خامس

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قالت مصادر مخابراتية غربية لدورية نورديك مونيتور، التي تصدر في ستوكهولم، إن هناك أدلة دامغة على اتساع نطاق أنشطة التجنيد التي تقوم بها الاستخبارات العامة التركية في بلدان الاتحاد الأوروبي.
وأضافت المصادر، التي طلبت عدم التعريف بها، أن الجانب الأعظم من هذا النشاط التجنيد ي يتم بصورة أكبر في النمسا وفرنسا مقارنة بباقي دول الاتحاد الأوروبي، وذلك بحكم وجود جاليات تركية كبيرة فيهما، كما تبين لأجهزة مكافحة التجسس الأوروبية أن نشاط المخابرات التركية التجنيد ي للعملاء يهدف في المقام الأول إلى جمع المعلومات والتأثير السياسي من خلال عمليات الشحن النفسي والإعلامي ضد من يراهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خصوما لسياساته من خلال إشاعة الفوضى والتوترات الداخلية اعتمادا على مبررات مضللة.
وأكدت المصادر نفسها أن النمسا وفرنسا تتصدران قائمة البلدان الأوروبية الأعلى استهدافا من جانب أنشطة وعمليات المخابرات التركية، وأنه يتم انتقاء العملاء وتجنيدهم في كلا البلدين بعناية شديدة مع مراعاة تواجدهم في مواقع عمل مهمة وفي مقدمة من تسعى الاستخبارات التركية إلى استمالتهم وتجنيدهم المقاولين وأصحاب الشركات المدنية المتعاقدة أوالمتعاملة مع الحكومات والهيئات ذات الطبيعة الأمنية والعسكرية ومقاولي المشروعات الدفاعية.
وبحسب التقارير الأوروبية.. تشكل الرابطة الوطنية لأتراك المهجر ذراعا سريا للاستخبارات العامة التركية في تنفيذ عمليات معظم عمليات التجنيد والاستهداف تلك وهو النشاط الذي التي بانت خطورته في تقرير صدر عن المرصد الأوروبي لمكافحة التطرف ونشرت أجزاء منه المنصات الإعلامية الأوروبية المهتمة بالشأن المخابراتي ومكافحة التجسس.
ويبين التقرير الأوروبي بالأدلة الدامغة وبالأسماء تورط وكالة أتراك المهجر التابعة للرئاسة التركية وأذرع العمل الأهلي المرتبطة بها في أنشطة تجنيد وتشغيل لعملاء التجسس من الأتراك المقيمين في خارج تركيا لأغراض العمل أو الدراسة، وكذلك تعمل وكالة أتراك المهجر كذراع للنظام الحاكم في تركيا لممارسة الضغط والابتزاز السياسي حال نشوب خلاف بين تركيا وأي من جيرانها في منطقة الاتحاد الأوروبي من خلال تجييش الطلبة الأتراك المغتربين لتنظيم الفعاليات الاحتجاجية الحاشدة للرأي العام.
يقول التقرير " تلعب وكالة أتراك المهجر التركية هذا الدور مستفيدة من أجواء الانفتاح والديمقراطية التي تتحلى بها المجتمعات الأوروبية، ويتم ذلك في الوقت الذي تتشدد فيه أنقرة إزاء إنشاء أية كيانات أو روابط للجاليات الأجنبية المقيمة على أراضيها".
وبحسب المعلومات المتاحة.. رصدت أجهزة الاستخبارات الأوروبية تحركات لافتة في الفترة الأخيرة من جانب الاستخبارات التركية لتوسيع نطاق عمليات تجنيد العملاء من الأتراك وغير الأتراك في البلدان الأوروبية.
وكشفت دورية نورديك مونيتور المقربة من دوائر الأمن والاستخبارات في المجلس الأوروبي أنه مع احتدام التدخل التركي في ليبيا والصراع على مياه شرق المتوسط لجأت تركيا إلى المنظمات الإنسانية والخيرية والثقافية كأذرع عمل مكشوفة تتولى تنفيذ خطة الاستخبارات التركية السرية لتوسيع قاعدة العملاء والمبلغين عبر أراضي الاتحاد الأوروبي وكل ذلك كان يتم تحت مظلة الوكالة الوطينة لأتراك المهجر.
ووفقا للتقرير الأوروبي تقوم الاستخبارات التركية Turkish intelligence agency MIT بزرع عملاء لها في كافة مراكز صنع القرار الأوروبية المهمة التي تتعامل مع الأتراك وغير الأتراك وكذلك تنشط الاستخبارات التركية في أوساط الجاليات الإسلامية في بلدان الاتحاد الأوروبي بقصد البحث والانتقاء لجيل جديد من العملاء والجواسيس لحساب الدولة التركية.
ويشكل صدور هذا التقرير الأوروبي صفعة على وجه الاستخبارات التركية التي كانت تعتقد أنها تقوم بتحرك سري ناجح وهي لا تدري أن نشاطها في حقيقة الأمر كان مكشوفا أمام أجهزة مكافحة التجسس الأوروبية التي سرعان ما تبادلت المعلومات فيما بينها وأطلقت تقريرها عبر دورية نورديك مونتيتور المتخصصة في مكافحة التطرف كرسالة إلى النظام التركي.
وذكر التقرير الأوروبي أن الاستخبارات التركية لجأت إلى استخدام المنظمات غير الحكومية وشبه الرسمية وفي مقدمتها وكالة التعاون والتنسيق التركية (TİKA ) ولفت التقرير إلى أنه مما يؤكد ارتباط وكالات التعاون الدولي شبه الحكومية التركية بعمل الاستخبارات التركية وبأنشطتها قيام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتعيين حقان فيدان رئيسا للاستخبارات التركية العامة في العام 2010 وكان يعمل قبل ذلك في وكالة التعاون والنسيق الدولي التركية TİKA السابق الإشارة إليها وقد نجح فيدان في تجنيد وتشغيل أعداد كبيرة من العملاء لحساب تركيا خلال فترة إدارته لتلك الوكالة.
وتشابكا مع عمل الوكالة السابقة.. استخدمت الاستخبارات التركية كذلك ما يعرف بالمبادرة الرئاسية التركية لرعاية أتراك المهجر ( YTB) diaspora agency ) وهي الوكالة التي يتبعها ما يعرف بمعهد يونس عميري الثقافي للمغتربين الأتراك ( the Yunus Emre Institute ) وتتبعها كذلك مؤسسة المعارف التركية Maarif Foundation وهي المؤسسة المسئولة عن نشر الأفكار الأردوغانية وإحياء ما يسمى بدولة الخلافة تحت غطاء أفكار التكامل الإسلامي.
وبحسب التقرير الأوروبي.. يتواجد على الأراضي الأوروبية مالا يقل عن خمسة ملايين تركي ما بين دارس وعامل أو مقيم بصفة دائمة أو موظف دولي، وتشكل تلك الكتلة البشرية الكبيرة مجالا حيويا لعمل الاستخبارات التركية لتنفيذ عمليات تجنيد وتجسس سواء باستخدام عملاء من أتراك المهجر أو للتجسس على أتراك المهجر في عموم البلدان الأوروبية.
ولما كان الشباب التركي الدارس في دول الاتحاد الأوروبي يشكل قطاعا كبيرا من الأتراك المقيمين في أوروبا، كان من الطبيعي أن تقوم الاستخبارات التركية بتفعيل ذراع سري للتواصل معهم واختراق صفوفهم، إما لتجنيد عملاء منهم أو لمراقبة تحركاتهم وكشف أية توجهات معارضة من جانبهم تجاه النظام التركي.
وتعد هيئة رعاية الطلبة الأتراك في الخارج Uluslararası Öğrenci ve Öğrenci Aktivitelerini Destekleme Derneği، or Wonder) هي الذراع الأكثر أهمية لدى الاستخبارات التركية العامة للقيام بتلك المهمة وهي الهيئة التي لاحظت الاستخبارات النمساوية نشاطا غير عادي لها في الفترة الاخيرة بين شباب الأتراك الدارسين في النمسا.
وتعد مدارس ووندر " Wonder " في النمسا إحدى المؤسسات التعليمية ذات الصلة بتركيا إذ تتبع مؤسسة " Turkey’s Önder Foundation " التي تعد أكبر مؤسسات التعليم ما قبل الجامعي في تركيا وتتبعها كذلك مدارس " الأمام حاطب الإسلامية " للتعليم ما قبل الجامعي.
يذكر أن بلال النجل الأكبر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووشقيقته سمية قد أتما تعليمهما الثانوي في مدارس " ووندر " التي عادة ما يكون لخريجيها حاليا أسبقية التعيين في وظائف الدولة التركية.
وفي 11 مارس 2013 زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إحدى مدارس ووندر خلال زيارته لجمهورية النمسا وألقى هناك خطابا حماسيا بحضور يوسف قره مدير تلك المدارس، ويعمل في الاستخبارات التركية حاليا مزيج من ذوي التوجهات الإسلامية وآخرين من ذوي التوجهات القومية لكن القاسم المشترك فيما بينهم هو كونهم من خريجي مدارس " ووندر " للتعليم ما قبل الجامعي.
وعلى سبيل المثال كان فاتح يزيد يجيت / Fatih Yavuz Yiğit / وهو من أبناء تلك المدرسة هو المسئول الأول عن الرابطة الوطنية لأتراك المهجر diaspora agency YTB والآن يتولى هذا الرجل مسئولية أحد الإدارات المهمة في الاستخبارات التركية المسئولة عن العمليات الخارجية، واللافت أيضا أنه من خريجي مدرسة " ووندر " في النمسا.
ويعد جورسيل دوميز البالغ من العمر 65 عاما هو المسئول الأول عن أنشطة التعبئة الجماهيرية وحشد التأييد للرئيس التركي أردوجان في جمهورية النمسا التي قضى بها دوميز 22 عاما من حياته اسس خلالها ما يسمى باتحاد الديمقراطيين الدوليين Union of International Democrats (UID، formerly UETD) كمنظمة لأنصار الديمقراطية " تدعم أردوغان " وفي العام 2009 تمت تعيين دوميز كنائب أول لرئيس الرابطة الوطنية لاتراك المهجر وحتى العام 2015 استطاعت الاستخبارات التركية من خلاله ومن خلال تلك الرابطه فتح قنوات تجنيد واتصال مع أتراك المهجر الأوروبي وبفضل دوميز تحول الاتحاد الوطني لأتراك المهجر إلى ما يشبه وكالة استخبارات موازية للاستخبارات التركية، ولجهوده يقول المراقبون إن جورسيل دوميز هو المرشح الأوفر حظا لحلافة حقان فيدان رئيس الاستخبارات التركية الحالي حال ترك منصبه.
ويقول خبراء مكافحة التجسس في أوروبا إن تحليل أوجه إنفاق الرابطة الوطنية لأتراك المهجر ومشروعاتها في بلدان الاتحاد الأوروبي وبخاصة في النمسا وفرنسا تشي بوجود أهداف خفية وراء الأنشطة الظاهرة لعمل تلك الوكالة، فتحت لافتة " تحسين تعايش الأتراك في مهاجرهم " تنفذ الوكالة برامج مكثفة لتعليم الثقافات واللغات المحلية للأتراك المتواجدين على الأراضي الأوروبية لكن الأمر المريب هو قيام الوكالة بتنظيم فعاليات للتواصل بين " عناصر من أتراك المهجر " وقيادات سياسية وتنفيذية في دول المهجر في الاتحاد الأوروبي بما يعزز نفاذ العناصر التركية إلى مؤسسات وهيئات بعينها في البلدان الأ وروبية.
وفي يوليو الماضي اتضحت خطورة ما قامت أنقرة ببنائه منذ سنين عبر وكالة أتراك المهجر في دول الاتحاد الأوروبي، فقد شن عبدالله ايرين مدير وكالة أتراك المهجر الذي ينحدر من أصول يونانية في يوليو الماضي حملة عداء ضد اليونان على الأراضي اليونانية، وقام بحشد 2500 من أنصاره من الدراسين الأتراك المقيمين في اليونان لتنظيم فعاليات مؤيدة للرئيس التركي في صراعه مع اليونان حول ترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط.
ونظرا لأهمية الدور الذي تلعبه رابطة أتراك المهجر تلقى هذه الوكالة دعما خاصا من الرئاسة التركية تمثل في رفع موازنتها من 321 مليون ليرة تركية في العام 2019 إلى 385 مليون ليرة في موازنة العام الجاري 2020 بزيادة نسبتها 12 في المائة، كما قررت الرئاسة التركية زيادة موازنة الوكالة للعام القادم 2021 إلى 462 مليون ليرة تركية.
ومن بين مسئولي وكالة أتراك المهجر يوجد " محمد كيليك " الذي تم الحاقه قبل عدة أعوام بجهاز الاستخبارات العامة التركية كمساعد لرئيس الاستخبارات حقان فيدان، وتولى محمد كيليك مسئولية تطهيز الجهاز الحكومي التركي من العناصر التي يشتم منها عدم الولاء الكامل والمطلق للرئيس التركي أردوجان فقام بفصل قرابة 150 ألفا من موظفي الإدارات الحكومية في تركيا فصلا نهائيا وزج بعشرات الآلاف منهم في غياهب السجون بعد المحاولة الانقلابية الأخيرة المزعومه في تركيا، وأحل محلهم عناصر كاملة الولاء للرئيس التركي وهوما جعل هذا الرجل اسما كريها في تركيا.
جدير بالذكر أنه في صيف العام 2014 تم ايفاد محمد كيليك إلى أوكرانيا كعضو في فريق المراقبين التابع لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، وهناك تم اعتقاله بعدما ضبطه رجال جهاز أمن الدولة الأوكراني مجتمعا بصورة سرية مع بعض قيادات الحراك الانفصالي في لجنوب أوكرانيا خارجا بذلك عن الحيدة التي تقتضيها مهام وطبيعة عمله كمراقب هناك.
كذلك يعد محمد خوزي الذي تولى رئاسة رابطة أتراك المهجر في الفترة من 2016 وحتى 2018 أحد عناصر الاستخبارات التركية البارزين في تعزيز أنشطة الرابطة وزيادة عدد الاذرع " غير الحكومية " التابعة لها في مختلف بلدان الاتحاد الأوروبي بما جعلها موردا جيدا ومتجددا يسهل على الاستخبارات التركية مهمة انتقاء وتجنيد العملاء، كما استطاع محمد خوزي فتح قنوات اتصال بين أتراك المهاجر الأوروبية وجماعات الضغط والمعارضة السياسية في بلدان مهاجرهم بقصد ابتزاز المواقف السياسية لحكومات تلك الدول متى تعارضت مع الأطماع التركية، اللافت في التقرير هو اتهامه للخطوط الجوية التركية بتمويل المؤسسات التي يتم توجيه أرباحها المالية لتمويل أنشطة وكالة أتراك المهجر في دول الاتحاد الأوروبي.