الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

بعد إنتاجها يورانيوم مخصب بنسبة 20%.. هل اقتربت طهران من القنبلة الذرية؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
استمرارًا لسياسات إيران التي تراها ردًّا على الولايات المتحدة الأمريكية، وانسحابها الأحادي الجانب من الاتفاق النووي، أعلنت طهران اليوم عن تخصيبها لنسبة بسيطة من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% في منشأة فوردو النووية، بعد فترة قصيرة جدًا من إعلان البرلمان الإيراني موافقته على زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم إلى النسبة المذكورة، خلافًا لما جاء في بنود الاتفاق النووي الذي ينص على نسبة تخصيب لا تتجاوز 3.67 %. 


هذا الإعلان فتح الكثير من التساؤلات حول إمكانية وصول إيران إلى نسبة عالية من التخصيب تمكنها من الحصول على قنبلة ذرية في وقت قريب، حيث رجع محللون أن تكون إيران قد اقتربت بنسبة كبيرة من إمكانية تصنيع القنبلة النووية، في الوقت الذي تضغط فيه الولايات المتحدة الأمريكية بكل طاقتها من أجل إعاقة حصول إيران على مواد انشطارية تمكنها من صناعة قنابل نووية تحملها الصواريخ الباليستية الإيرانية سيئة السمعة.
وتسبب الإعلان الإيراني في تحرك موسع للوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أكدت صحة تلك الادعاءات، وتقليص إيران من التزاماتها في البرنامج النووي، رغم إعلان المسؤولين في طهران أنهم على استعداد للعودة مرة أخرى للاتفاق النووي شريطة أن تعود واشنطن، رافضين محاولات الأخيرة لعقد اتفاق جديد ينص على تقويض المنظومة الصاروخية والباليستية والنووية، وكذلك قطع الأذرع الأيرانية في منطقة الشرق الأوسط المتمثلة في ميليشيا الحوثي في اليمن وحزب الله في لبنان والعراق، والحشد الشعبي في العراق، والجهاد الإسلامي وحماس في قطاع غزة، وميليشيات زينبيون وفاطميون، وغيرها من الميليشيات الأخرى الممولة من إيران بشكل مباشر.


أما عن المنظومة النووية الإيرانية فإن كافة التقديرات العلمية تؤكد على أنه لكي تحصل إيران على القنبلة النووية، فإن ذلك يستلزم الوصول باليورانيوم إلى نسبة تخصيب تصل إلى أكثر من 90%، وإذا وصلت إيران إلى نسبة تخصيب 20% فإنها تحتاج إلى نصف المدة التي تستغرقها للوصول إلى 90%، بمعنى أنه لو استلزم الوصول إلى نسبة 90% عام على الأكثر، فإن الوصول بنسبة التخصيب لـ20% أو تخطيه يقلل الفترة الزمنية «عام» إلى النصف وهي 6 أشهر فقط، ما يسهل من فتح الباب أمام إيران للانضمام للقوى النووية، وهو ما تحاول أن تعرقله واشنطن بكل الطرق.
كذلك يمكن استخدام اليورانيوم منخفض التخصيب، الذي يحتوي على نسبة من U235 تتراوح بين 3 و4%، لإنتاج الوقود لمحطات الطاقة النووية، والتي بدورها تسهل عملية الوصول بنسبة تخصيب اليورانيوم إلى ما يزيد عن 20%، وهي النسبة اللازمة لتسريع عملية الوصول إلى نسبة 90% وهي النسبة المطلوبة لإنتاج قنابل نووية.
أما عن الاتفاق النووي الموقع عام 2015، فقد كان ينص على تحديد مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنحو 202.8 كيلوجرام فقط، بعد أن كان قد وصل إلى 8 أطنان كانت تمتلكها قبل توقيع الاتفاق، لكن في عام 2019 قلصت إيران من التزاماتها في الاتفاق وتجاوزت هذا الحد، طبقًا لتأكيدات الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أعلنت أن مخزون إيران من اليورانيوم ارتفع إلى2440 كيلوجرام بما يعادل أكثر 22 ضعف من الحد المسموح به.
ولأن إنتاج القنبلة النووية أمر معقد، فإنه يستلزم بجانب ارتفاع نسب التخصيب والمخزون اللازم للطاقة والمفاعلات، وجود أجهزة طرد مركزي حديثة ومتطورة، تمكن الفنيين العاملين في البرنامج النووي من الإسراع في إنتاج القنبلة النووية، حيث كان يسمح الاتفاق النووي لإيران بإنتاج اليورانيوم المخصب باستخدام 500 جهاز من الجيل الأول في منشأة نطنز، وهو جيل من أجهزة الطرود لا يسمح بإنتاج القنبلة النووي أو التخصيب بنسب عالية، ما استلزم بعد ذلك في عام 2019 طبقًا لإعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران بدأت في تخصيب اليورانيوم في أجهزة طرد مركزي فوق الأرض في نطنز، طبقًا لما هو معلن، لكن الجزء الخفي هو أن إيران نقل ثلاث مجموعات من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة إلى مصنعها تحت الأرض، وكذلك في منشأة فوردو النووية القاطنة في باطن إحدى المرتفعات الجبلة، والتي تم الإعلان اليوم عن وصول العاملين في تلك المنشأة الحصينة بنسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20% بكمية صغيرة.
أما عن السؤال المعهود وهو «أين كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تلك الممارسات؟»، فإن إيران كانت تتيح للوكالة الدولية تفتيش منشآتها النووية المعلنة فقط وتسمح للمفتشين بزيارات مفاجئة في أماكن أخرى بعينها، كما سبق أن نشب خلاف بين إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية استمر عدة أشهر على السماح بدخول موقعين سابقين حامت حولهما الشبهات، حتى خرجت التقارير تؤكد على وجود نشاطات مشبوهة في موقعي فوردو ونطنز النووين.


في المحصلة.. فإن إيران بتلك الممارسات، وإن كانت نسبة اليورانيوم المخصب بواقع 20% حاليًا هي نسبة صغيرة، إلا أن تلك النسبة قد تتطور مع الأيام إلى نسبة أكبر تمكنها من صناعة قنبلة صغيرة توضع في صاروخ باليستي موجه إلى هدفه في محيط المنطقة، مالم يتخذ المجتمع الدولي موقفًا حازما وصارمًا تجاه تلك الممارسات، ما يستدعي الموقف الدولي أن يعود إلى مربع القرار الأممي رقم 1929 لعام 2010 الصادر من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي يقضي بفرض حزم عقوبات من المجتمع الدولي على إيران وعقوبات أوروبية في ذات السياق بجانب العقوبات الأمريكية المنفصلة، وقد سبق اتخاذ ذلك القرار بإجماع دولي حين أعلنت إيران في فترة الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد عن وصول نسب تخصيب اليورانيوم إلى 20%.