الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

أ ش أ: مصر وأوروبا 2020.. ترسيخ علاقات إستراتيجية لتأمين التعاون المستقبلي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حققت الدبلوماسية المصرية على مدار العام ، الذي أوشك على الرحيل، إنجازات عديدة في مختلف الدوائر شرقا وغربا شمالا وجنوبا، حيث شهد عام 2020 تكثيفاً لجهود وزارة الخارجية لترسيخ علاقات إستراتيجية ولتأمين دعائم التعاون المستقبلي والمصالح والأهداف الوطنية على مختلف الأصعدة.

وكان التنوع والتوازن في العلاقات مع مختلف دوائر السياسة الخارجية ودول العالم مع الحفاظ على المصالح الوطنية لمصر، هي محددات السياسة الخارجية التي رسمها الرئيس عبد القتاح السيسي منذ خطاب التنصيب في يونيو 2014، الذي أكد فيه أن مصر بما لديها من مقومات يجب أن تكون منفتحة في علاقاتها الدولية، وأن سياسة مصر الخارجية ستتحدد طبقا لمدى استعداد الأصدقاء للتعاون وتحقيق مصالح الشعب المصرى، وأنها ستعتمد الندية والالتزام والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية، كمباديء أساسية لسياساتها الخارجية في المرحلة المقبلة.

كما اعتمدت مباديء السياسة الخارجية المصرية، على دعم السلام والاستقرار في المحيط الإقليمي والدولي، ودعم مبدأ الاحترام المتبادل بين الدول، والتمسك بمبادئ القانون الدولي، واحترام العهود والمواثيق، ودعم دور المنظمات الدولية وتعزيز التضامن بين الدول، وكذلك الاهتمام بالبعد الاقتصادي للعلاقات الدولية، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للغير.

وانطلاقا من رؤية القيادة السياسية السليمة لواقع ومستقبل الأوضاع الدولية والإقليمية وتحديدها الواضح للأهداف، والتفاعل المباشر والواضح على المستوى الرئاسي مع القضايا الإقليمية والدولية كافة، إدراكا لكون تحديد صانع القرار السياسي للأهداف والمبادئ التي تحكم تحركات السياسة الخارجية أهم عناصر نجاحها، جنت مصر ثمار سياستها الخارجية الجديدة فاستعادت بل وعززت مكانتها دوليا واقليميا.

ومع قرب حلول العام الجديد.. تتطلع الدبلوماسية المصرية لعام 2021 من أجل استكمال مسيرة الدفاع عن المصالح الوطنية المصرية في الخارج من خلال مراجعة وتحليل جهودها وخطط العمل والأهداف التي سعت لتحقيقها على مدار العام الجاري بالرغم من التحديات التي عانى منها العالم خلال 2020 جراء تداعيات وباء فيروس كورونا المستجد، ومن ثم الاستمرار في وضع ومتابعة الآليات التنفيذية للسياسات والتوجيهات الصادرة من القيادة السياسية، بما يُحقق المصالح الوطنية للدولة المصرية ويُلبي تطلعات الشعب المصري.

واستمراراً لجهود مصر في تعزيز علاقات التعاون مع الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، إلى جانب العلاقات الثنائية بين مصر والدول الأوروبية، وفي إطار ما يربطنا مع جوار جغرافي وتحديات مشتركة بما فيها ملفا (التطرف والإرهاب) و(الهجرة غير الشرعية) .. تم خلال عام 2020 تنظيم عدد من الزيارات والمقابلات الرئاسية والوزارية، فضلاً عن انعقاد عدد من اللجان المشتركة وجولات المشاورات والمباحثات السياسية بين مصر والدول والمؤسسات الأوروبية المختلفة.

وفي هذا الإطار، تأتي الزيارات الخارجية التي يقوم بها الرئيس السيسي واستقباله لعدد من النظراء وكبار المسئولين من جميع دول العالم فضلا عن الاتصالات المستمرة مع القادة والزعماء، والتي تركزت في مجملها على الأوضاع الدولية والإقليمية والدفاع بصفة خاصة عن المصالح العربية والأفريقية، وفي القلب منها المصالح المصرية لاسيما مع ما تموج به المنطقة من توترات متنامية وتدخلات وأطماع إقليمية والتحديات المشتركة وعلى رأسها الإرهاب والتطرف.

وقام الرئيس السيسي بالعديد من الزيارات الخارجية كان من أبرزها مشاركته في شهر يناير في فعاليات قمة مؤتمر برلين حول ليبيا، تلبية لدعوة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بجانب عدد من رؤساء الدول الإقليمية، والدول دائمي العضوية في مجلس الأمن الدولي، بالإضافة إلى ممثلي المنظمات الإقليمية والدولية ذات الصلة.

كما زار الرئيس عبد الفتاح السيسي العاصمة البريطانية لندن حيث شارك في قمة الاستثمار البريطانية الأفريقية، وذلك تلبية لدعوة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.

وقام أيضا بزيارة الى نيقوسيا للمشاركة في القمة الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص، والتي جدد فيها تأكيد مصر على دعم قبرص لتسوية قضيتها، والتصدي لأي سياسات عدائية؛ وأشار إلى ما تمثّله آلية التعاون الثلاثي، منذ تدشينها عام 2014 بالقاهرة، من محفل إستراتيجي لتبادل الرؤى بشأن سبل تطوير علاقات التعاون بين الدول الثلاث، والارتقاء بها على مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية، وتنسيق المواقف حيال القضايا ذات الأولوية إقليميا ودوليا، سعيا لتعظيم المصالح المتبادلة بين الدول الثلاث وتعزيز الاستفادة من الفرص المتاحة، وبما يسهم في التصدي للتحديات الراهنة التي تواجه أمنها القومي.

وفي إطار الحرص على تعزيز العلاقات التاريخية والتشاور المستمر على المستوى الثنائي بالإضافة إلى المستوى الثلاثي الذي يضم قبرص، قام الرئيس في نوفمبر الماضي بزيارة رسمية إلى أثينا حيث عقد العديد من اللقاءات خاصة مع رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس ورئيسة الجمهورية ووزراء الطاقة والبيئة.. وكذا قام بزيارة لمقر البرلمان اليوناني حيث استقبله رئيس البرلمان كونستانتين تاسولاس.

واستنادا إلى الروابط القوية والتاريخية التي تجمع بين القاهرة وباريس والتطابق في الرؤى حيال الملفات الإقليمية والدولية الآنية، قام الرئيس السيسي خلال الشهر الجاري بزيارة دولة تاريخية وناجحة إلى العاصمة الفرنسية بدعوة من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث عقدت قمة بين الرئيسين، كما عقد الرئيس السيسى مباحثات مع رئيس الوزراء الفرنسي ووزير الخارجية ووزيرة الجيوش وعمدة باريس كما قام بزيارة مقر مجلس الشيوخ والتقى برئيس المجلس.

وفي الإطار ذاته، وبهدف دفع وتعزيز التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي الذي يعد الشريك الأول لمصر استثماريا وتجاريا.. قام وزير الخارجية سامح شكري خلال العام ، الذي يلملم أوراقه، بعدد من الزيارات لدول أوروبية من أبرزها الجولة الأوروبية التي شملت كلاً من بلجيكا وفرنسا، حيث عقد ببروكسل لقاءات مع عدد من قادة مؤسسات الاتحاد الأوروبي لبحث تطورات علاقات التعاون وسُبل تعزيز أوجه الشراكة القائمة بين مصر والاتحاد الأوروبي في مختلف المجالات، وكذا رؤية مصر إزاء سائر الملفات الدولية والإقليمية، وعلى رأسها الأزمة الليبية وتطورات الأوضاع على الساحة الفلسطينية، إضافة إلى الموضوعات المتعلقة بالإرهاب والهجرة غير الشرعية، وآخر مستجدات ملف سد النهضة.

وخلال تواجده بباريس، عقد شكرى، جلسة مباحثات مع وزير أوروبا والشئون الخارجية الفرنسي "جان إيف لودريان"، حيث سلمه الرسالة الموجهة من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون حول تطورات سد النهضة.

كما تناول الوزيران سُبل دفع علاقات التعاون بين مصر وفرنسا في شتى المجالات، والملفات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، واتفقا على أهمية استمرار وتيرة اللقاءات رفيعة المستوى خلال المرحلة القادمة.

وعلى مدار العام ذاته، استقبل وزير الخارجية بالقاهرة عددا من النظراء والمسئوليين الأوروبيين من بينهم وزير الخارجية والتجارة المجري بيتر سيارتو، حيث أعلن خلال اللقاء عن التوقيع على اتفاقيتين في قطاع الطاقة وأخرى بين المعهد الدبلوماسي المصري والمعهد المجري.

"عمق ومتانة العلاقات التي تربط بين مصر والاتحاد الأوروبي في شتى المجالات"، أكد عليها الوزير شكري خلال مباحثاته بالقاهرة في سبتمبر الماضي مع جوزيب بوريل نائب رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد.

وفي شهر أغسطس الماضي، وخلال مؤتمر صحفي عالمي عقد بمقر وزارة الخارجية ، قام الوزير شكرى ونظيره اليوناني نيكوس دندياس بالتوقيع على اتفاق على تعيين المنطقة الاقتصادية الخالصة بين البلدين بعد سلسلة من المفاوضات على مدى السنوات الماضية يتيح المضي قدما للاستفادة من الثروات المتواجدة بها وخاصة احتياطيات النفط.

كما عقدت مباحثات في شهر نوفمبر بالقاهرة بين الوزير شكري ونظيره الفرنسي، أكدا خلالها على العلاقات القوية والتاريخية التي تربط ببن البلدين ويتم العمل على تعزيزها ، كما بحثا أبرز المستجدات والتحديات على الساحتين الإقليمية والدولية ومن بينها القضية الفلسطينية وأهمية تحريكها خلال المرحلة القادمة على أساس حل الدولتين وإقامة الدولة الفسلطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 67 بالإضافة إلى الوضع في شرق المتوسط وسوريا وليبيا واليمن والجهود المشتركة بين مصر وفرنسا والشركاء الدوليين في محاربة الإرهاب.

والتقى الوزير سامح شكري في أكتوبر الماضي بنظيرته الإسبانية أرنانشا جونزاليز حيث أشادا بمستوى العلاقات الوثيقة والتاريخية التي تتسم بالقوة والصداقة التي تربط بين القاهرة ومدريد .

وفي إطار الشراكة القوية بين مصر والاتحاد الأوروبي، ناقش وزراء الخارجية سامح شكري، والتخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد، والتعاون الدولي رانيا المشاط، خلال اجتماع عقد عبر الفيديو كونفرانس في أكتوبر الماضي، مع مفوض الاتحاد الأوروبي لسياسة الجوار ومفاوضات التوسع "أوليفر فاريلي"، تحديد أولويات التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي للفترة من 2021-2027.

وشدد الجانب المصري ، خلال الاجتماع ، على أهمية بدء المرحلة الجديدة من التعاون بين الجانبين للفترة 2021-2027، على أساس روح من الشراكة الحقيقية القادرة على التغلب على أي قضايا عالقة قد تعيق التعاون التنموي بين مصر والاتحاد الأوروبي.

ونوه باستعداد ورغبة مصر في تعزيز التعاون في المجالات ذات الاهتمام المُشترك كالزراعة والري، وتحسين مناخ الاستثمار، والنمو الاقتصادي الشامل والقضاء على الفقر، والطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر، ودعم الاقتصاد الرقمي وقطاع الاتصالات، ودعم القطاع الصحي.

من جانبه، أبدى "فاريلي" تطلع مفوضية الاتحاد الأوروبي للتعاون مع مصر في إطار "أداة الجوار والتنمية والتعاون الدولي" الجديدة، وذلك على ضوء الثقل الذي تتمتع به مصر في المنطقة، باعتبارها ركيزة للاستقرار والأمن والتنمية الإقليمية.

وأكد على الأولوية التي تحظى بها مصر لدى المفوضية الأوروبية، مشيدا ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري والذي مكنها من التعامل بنجاح مع التداعيات السلبية لجائحة فيروس "كورونا".

ومع قرب بدء عام جديد ، تطلع الدبلوماسية المصرية إلى بذل كافة جهودها خلال العام المقبل من أجل حماية المصالح المصرية في كافة دوائر وملفات السياسة الخارجية وفقاً لتكليفات القيادة السياسية، لاسيما من خلال الاستمرار في التعاون مع كافة الأطراف المعنية لإيجاد تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، فضلاً عن السعي الدؤوب لحل الأزمات في كل من سوريا وليبيا واليمن، وتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

كما ستواصل وزارة الخارجية خلال العام المقبل، السعي نحو الحفاظ على المصالح المصرية، وكذا تطوير العلاقات المصرية مع الدول الأوروبية والآسيوية والأمريكية، وتعميق التعاون الثنائي مع الاقتصاديات البازغة والدول الكبرى ذات العلاقة الإستراتيجية مع مصر، بجانب تأمين المصالح المصرية في المحافل الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، بما يخدم أهداف أجندة التنمية الوطنية في مصر 2030، وبما يُلبي تطلعات الشعب المصري نحو التنمية والأمن والاستقرار والسلام.