أيام قليلة وينتهي عام 2020، وكم نتمنى أن تمر تلك الأيام بسلام!. ولا يخفى عليك عزيزي القارئ كيف بدأ هذا العام وكيف مرَّ، وكم من الأوقات ظننا فيها أنها نهاية الحياة على الكوكب المعمور ونحن نجلس في بيوتنا نشاهد أفاعيل جائحة كورونا وهي تلقي بظلالها على جميع مناحي الحياة.
ولكن رُبَّ ضارة نافعة، فسرعان ما تصدرت تكنولوجيا المعلومات المشهد لتكون البديل الأمثل لتوفير احتياجات المواطن الأساسية، ولزيادة وعيه الصحي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ذاك المواطن الذي لم يكن يهتم بالعديد من المصطلحات قبل أن يزورنا ذلك الفيروس الثقيل، مثل "البنية التحتية التكنولوجية" و"إنترنت الأشياء" و"التعليم عن بُعد"، وكان لا يثق حتى فيما يسمى الدفع الإلكتروني وغيرها من المسميات التي كانت مجرد شعارات فقط في الماضي.
وبالنظر لنصف الكوب المملوء، فلم يعد عام 2020 عام الكورونا فقط بل أصبح عام تحقيق الأحلام التكنولوجية، فها أنت عزيزي المواطن أصبحت خبيرا في الاستخدام الأمثل لوسائل التواصل الاجتماعي، تنجز أعمالك عبر المنصات المختلفة، وتنهي كل معاملاتك اليومية عبر هاتفك المحمول، وأصبحت جديرًا بلقب "المواطن الذكي".
وبات ملحوظًا أن الشعب المصري لديه القدرة الفائقة على سرعة التأقلم ومواكبة الظروف الصعبة، بل إن نمط حياة الأسرة المصرية اختلف تمامًا فـ"الأم الذكية" أصبحت متابعًا جيدًا لمنصات الطبخ لابتكار وجبات جديدة للأسرة، وكذلك منفذًا جيدًا لعمليات الشراء عبر منصات التجارة الإلكترونية التي شهدت تطورًا ملحوظا لكسب المزيد من ثقة العملاء، وأصبحت هناك قوانين معروفة لدى الجميع تحكم العلاقة بين المستهلك وشركات الشحن وتلك المنصات، كذلك بدأ الأب ممارسة أعماله من المنزل، مستخدمًا برامج مثل "زووم" وغيرها، وهو ما يعد بمثابة نقلة عبر الزمن، فكم سمعنا عن ثقافة العمل من المنزل وآثارها الإيجابية على المجتمع، ولم نكن نتوقع أن تتحقق في المستقبل القريب بل كانت مجرد شعارات ننادي بها ولا يسمعها أحد، أما الأبناء فسرعان ما استطاعوا أن يتأقلموا على تلقي الدروس عبر المنصات التعليمية المختلفة.
وبدون أن ندري أو نخطط أصبحت رؤية مصر 2030 للتحول الرقمي على مشارف التحقق بصورة كاملة، حيث شملت العديد من القطاعات وخاصة قطاع التعليم، إلا أن مصر استطاعت بفضل البنية التحتية المعلوماتية والجهازية لقطاع التعليم من الإسراع في عملية التحول الرقمي وتطوير المناهج لتكون متاحة من خلال الوسائط المتعددة والمنصات المختلفة لتعم فكرة التعليم التفاعلي في المدارس والجامعات باختلاف أنواعها، فقد أجبر فيروس كورونا الجميع على استخدام التكنولوجيا بعد أن ألغى فكرة التعلم في قاعات الدراسة التقليدية، فلم يعد التعلم عبر الإنترنت يقتصر على فئات بعينها؛ إذ الجميع في منظومة التعليم يستخدمون التطبيقات الإلكترونية ليتحول الأمر في قطاع التعليم إلى تكنولوجيا إجبارية.
كذلك لم يعد الخروج من المنزل ضرورة قصوى بعد أن أصبح الهاتف المحمول بمثابة محفظة نقود، وتجرى من خلاله المعاملات المالية الضرورية في أسرع وقت وبأسهل طريقة، مثل تحويل أموال لشخص آخر، أو شحن رصيد، أو دفع فواتير كهرباء، أو مياه، أو غاز، أو موبايل.
عزيزي المواطن الذكي..
أنت الآن لم يعد لديك أي اختيار في أن تتراجع عن ركب التكنولوجيا مرة أخرى، بل عليك أن تستمر في التطور والإبداع والابتكار، فهذا العام 2020 أصبح نقطة فاصلة في تاريخ المواطن المصري الذي يستشرف العام المقبل مدججًا بأسلحة التكنولوجيا والوقاية الصحية، يعرف الكثير ويمكنه فعل ما كنا نظنه مستحيلًا ولكنه بمنتهى السهولة واليُسر تأقلم وأصبح مواطنًا ذكيًا يعرف كيف يحمي نفسه، ويعرف كيف ينجز أعماله، ويفيد أسرته ووطنه.