الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

«رحمة» تحلق دون جناحين.. ملاك الفيوم تكتب وترسم وتطبخ وتشكل الصلصال بلا ذراعين.. الأم تروي مواقف صادمة مع التنمر وتؤكد: ابنتي منحة ربانية وأمنيتي السيسي يقابلها والعالم كله يشوف موهبتها

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"أنت تقدر".. حروف بسيطة بمعان ثمينة تحمل الأمل والارادة لدي ذوي الهمم خاصة، ودائمًا ما ترددها رحمة عزت عبدالله، التي تبلغ من العمر 6 سنوات، والتلميذة بالصف الأول الأبتدائي بالتعليم المدمج، بمدرسة كيمان فارس للتعليم الأساسي التابعة لإدارة غرب الفيوم التعليمية. 

ولدت "رحمة" بدون ذراعين، لكن وهبها الله الذكاء والحس المرهف الذي يخرج بقلمها الصغير الذي تضعه بأطراف أصابعها لتشكل اجمل اللوحات فالتذوق الفني لديها بارع ترسم وتلون وتصنع مُجسمات عديدة من الصلصال، قد تبهرك عندما تراها لشدة دقتها في نقل ما تراه على الورق، وتعطيك حماسة وعزيمة للأمام وثقة بالنفس ودرسا في الصبر وعظيم النعم من المولي.
بلعبة ألوان مبهجة وقطع ملونه من الصلصال ولواحاتها دائما ما تصطحبهم أينما توجد بصحبة والديها وتجلس لتعبر عما تراه بشكل مبهر، حيث تضع الأقلام بين أنامل قدمها اليمني، ليكون وسيلتها البديلة عن ذراعيها، في الرسم والتلوين والكتابة تعبر عما تحسه وتحبه فهي لا تتحدث كثيرا وتتأمل ما حولها باجمل الرسمات على لوحاتها، وكذالك صناعة مجسمات من الصلصال، فضلًا عن مساعدة والدتها في صناعة الطهي كالسلطات والوجبات السريعه وعمل المشروبات، عندما تراها لا تتخيل أبدًا أنها بدون ذراعين فهي مرحة ونشيطة ولديها ثقة بنفسها وأمل وأرادة قد تجعلك تخجل من نفسك أمامها، والألوان المبهجة أحب إلى قلب رحمة فهي لاتمنعها إعاقتها من ممارسة هويتها المفضلة إلى قلبها، وهي الرسم والتلوين، التي تعطيك أمل في الحياة.
"أنا ربنا خلقني مميزة وإيدي رجلي".. هكذا قالت رحمة عزت لـ"البوابة نيوز"، وأحب اللون الأخضر في رسوماتي دائمًا،ورسم السمكة والفيل والبلياتشو، وأحب مادة الإنجليزي بالمدرسة، وتساعدني زميلتي وتدعي بسمه في حمل حقيبتي وغيرها من الاشياء اللازمة بالفصل.

"ربنا سبحانه وتعالى، خلق ابنتي رحمة، بدون ذراعين، لكن تمتلك موهبة الرسم والتذوق البصري في تنسيق الألوان، وتصميم أشكال ومجسمات رائعة من الصلصال".. هكذا بدأت هبة مطر والدة رحمة حديثها مع "البوابة نيوز"، وتابعت: "الحمدلله إن ربنا منّ عليّ برحمة، رحمة معندهاش مشكلة، رحمة محتاجه الرئيس عبد الفتاح السيسي يتبنى حالتها، موهبتها ليست وراثة من العائلة فقط، فأنا أعمل في مجال الديكورات، وخالتها درست بالتربية الفنية، ووالدها أيضًا مهندس معماري، لكن هي موهوبة مُنذ صِغرها، وتنمي موهبتها دائمًا، يوميًا أكتشف في رحمة موهبة جديدة.

كانت والدة رحمة تتابع الحمل مع أحد الأطباء ولم يكتشف أنها بدون ذراعيين، وكانت دائمًا ما تسأله عن حالة الجنين، يقول لها "الطفل غير واضح"، لكني تفاجئت واكتشفت ذلك بعد ولادتها أنها بدون ذراعين، فهي تعتمد على نفسها منذ أن كان لديها من العمر 3 سنوات، مشيرة إلى أن "ربنا بيعطي المحنة وعوضها بموهبتها"، واستطردت قائلة: "عند نزهتنا بالنادي كثيرا ما يقالبنا الأطفال متسألين إيه البنت الغريبه اللي مش عندها دراع دي ويسألون هل يديها مقطوعه ام عملت حادثه؟، ولم انزعج من تلك الاسئلة وهذه هديه من الله لان كل إنسان وله ثقافته ولم اعطي لأحد يوما ما فرصه أن ينظر اليها نظرة شفقة".

وعن معانتها مع التنمر والتحاقها بمدرسة خاصة، تقول والدة رحمة: "عندما عندما اردت التحاقها بالتعليم الخاص رفضت مديرات أحدى المدارس الخاصة بشدة وبتنمر وبأنها معاقه، مما دفعني كأم بالرد عليها قائلة:""أنا بنتي ليست معاقه.. إللي عنده إعاقة هي أي ست معاقه في التعامل والثقافة والتمييز"، وليس هذا فحسب بل تضامن معها مدير مجلس الإدارة قائلا: "لما تبقي سليمه أقبلها"، ومنهم من قال ليست لدي الامكانيات لها واخرين رفض اولياء الأمور وجودها بين ابنائهم خشية العامل النفسي لديهم أو التسبب في مضايقتها من البعض، ومدارس اخري رفضت قبولها ووضعها شرط الموافقة من وزارة التعليم أو وكيل الوزارة نظرا لظروفها الخاصة، مما ترك اثر سلبي ونفسي على الأسرة لقساوة وتدني الثقافة لمثل هذه الحالات، ولم يتم التحاقها الا بعد استغاثة على رئاسة مجلس الوزراء وتم الرد بتوجيهنا إلى اقرب مدرسة تختارها الطفلة واسرتها وعليه تم قبولها في مدرسة مدينة فارس بالكيمان.

وعن ازمتها مع الصحة وروتين الأجراءات، قالت أم رحمة: "لدي مشكله مع المدرسة بأن رحمة لم تأخذ التطعيمات كباقي زملائها في الصف الاول الابتدائي ورفض المدرسة اعطائها الحقنة لعدم وجود ذراعين مع العلم انسجتها سليمه"، مؤكده بأن"رحمة أخدت كافة تطعيماتها منذ ولادتها بشكل طبيعي والمدرسة تتخوف من تحمل الامر، وهي تعطي تطعيمات مخصصه للنخاع الشوكي، وقالت إدارة المدرسة والمفتشة الصحية "لما نرجع للمسئولين".

وأكملت: "بنتي تحتاج إلى اجراء عملية دقيقه ونحتاج إلى موافقة وزارة الصحة أو عرضها على الاستشاريون الذين يزورون مصر بدعم الرئيس السيسي بالسماح للسفر إلى الخارج، وطلبي وحلمي وثقتي بأن الرئيس السيسي سيقابلها قريبا ونفسي العالم كله يشوف رحمة، بالإضافة إلى تحقيق حلمي بسفرها للخارج لاجراء عملية زرع ذراعين لها علما بأن لديها الفقرات سليمه والكتف ويسهل اجراء عملية لها، وأمنية رحمة هي الخروج والتنزه والمعاملة مع الاخرين وتغيير الثقافة تجاهها".



من وسط دموعها، تكمل الأم الحزينة حديثها: ”انظروا إلى رحمة نظرة أخرى على أنها هدية من ربنا ليا ادعموها فقط بالكلمة الحلوة لو قابلتوها ذات مرة في طريقكم، حتى تثق في نفسها، وأتمنى من الرئيس السيسي أن يدعمها إذا وصل له حديثي من خلالكم”، وأنا سعيدة انها بنتي، ولكن أطالب أنها تكون أفضل حتى تستطيع تلتقي وتتأقلم مع المجتمع، لا أريد عطف من أحد، لإن العطف في قلوبنا جميعًا". 

وأضح طارق عبد الغني مدير مدرسة كيمان فارس للتعليم الأساسي، بأن المدرسة وفرت للتلميذه رحمة، “دادة” ترافقها وتتابع طلباتها، وتزور الطالبة كل ساعة لتساعدها سواء في الذهاب لدورات المياه، أو أي شيء تحتاج إليه. مؤكدا بأن المدرسة على قدر كافٍ من المسئولية لمراعاة هؤلاء الطلاب.

من جانبه كرم محمدعبدالله، وكيل وزارة التربية والتعليم بالفيوم، الطفلة رحمة عزت عبدالله، طالبة الدمج بالصف الأول الابتدائي، وذلك لموهبتها الفنية في الرسم والتلوين بالقدم، ومنحها شهادة تقدير.