السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

معارك المقاطعة والصناعة الوطنية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكثر ما نحتاجه اليوم أن نقف إلى جانب الصناعة الوطنية، ونعمل على تشجيع المنتج المحلي، للحد من سياسة الاستيراد العشوائي التي تثقل كاهلنا بعشرات المليارات من الدولارات سنويا.
أما وإن كان الاعتماد على الصناعة الوطنية يأتي بالتوازي مع توجيه ضربة قاصمة لاقتصاد دول تضمر لنا الشر وتترصدنا وتعمل على زعزعة استقرارنا فهو فريضة واجبة.
قبل أيام تطايرت دعوات لمقاطعة المنتجات التركية، ونجح اتحاد الغرف التجارية بالمملكة العربية السعودية في المقاطعة وهز كيان الاقتصاد التركي، ودخلت دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين على الخط، وبدأتا حملة مشابهة، ما أصاب أنقرة بالرعب لا سيما بعد خسارة 8 مليارات دولار خلال أسبوع واحد من مقاطعة الأسواق الخليجية لمنتجاتهم.
هذه الخسائر المبدئية للاقتصاد الذي يعاني أزمات متفاقمة وينتظر انهيارًا وشيكًا أثارت صراخًا ونواحًا داخل البرلمان التركي، وعلت أصوات المعارضة ورجال المال والأعمال بعبارات: "ليس لدينا القدرة على تحمل خسارة أي سوق عربي بسبب العداء السياسي، ويجب أن تحل هذه المشكلة بأقصى سرعة ممكنة"، في إشارة واضحة لضرورة الرضوخ لمطالب المملكة العربية السعودية ودول الخليج ووقف سياسة أردوغان العدوانية تجاه الدول العربية.
المقاطعة زلزلت كيان نظام أردوغان؛ لأنها جاءت بالتزامن مع تحذيرات البنك المركزي التركي من إفلاس القطاع الخاص، بعدما قفزت الديون المستحقة على القطاع إلى مستوى قياسي، فضلا عن ثبات النظرة المتشائمة للاقتصاد، وارتفاع نسب البطالة والتي وصلت إلى 17 مليون عاطل.
الاقتصاد هو عصب الحياة ومحركها، وليس هناك أقوى من ضربة اقتصادية لتركيا التي تستهدفنا بشتى الطرق صباح مساء لإلحاق الضرر بمصر وشعبها، وليس أهم من مقاطعة شعبية للمنتجات التركية في مصر حتى يستيقظ الشعب التركي على نتائج تلك السياسة العدوانية التي يمارسها نظام رجب طيب أردوغان، ويتحمل مسئوليته.
وإذا كانت القيادة السياسية ومن خلفها القوات المسلحة المصرية قد وضعت حدا لطموح السلطان الموهوم بتوسعاته وأطماعه الإقليمية لاستعادة مجد أجداده الزائف وتاريخ أسلافه الدموي بالمنطقة، فإن الشعب المصري عليه أن يدخل المعركة من باب المقاطعة وتحريم منتجات العدو الذي يستهدف إفقاره ويأوي جماعة الإخوان المجرمين ويوفر لهم الحماية ولجرائمهم الإرهابية الغطاء الإعلامي والسياسي.
لا بد أن تصل رسالة واضحة إلى الشعب التركي، مفادها أن بلادهم ستخسر الكثير جراء مواقفها المعادية لمصر، ودعمها للإرهاب.
المقاطعة كانت الوسيلة الناجعة على مر العصور ويشهد التاريخ في الكثير من صفحاته لهذا السلاح الذي حطم غرور دول وأذل إمبراطوريات ظنت أنها لا تهزم بمقاييس النار والبارود، فحسمت قذائف المقاطعة الدؤوبة المعركة.
‏مع ثقتي الكاملة في الصناعة المصرية، إلا أننا نحتاج مزيدا من العمل والإنتاج لمنافسة البدائل المستوردة، إلى جانب تحقيق التنافسية في الأسعار.
لم تبخل الحكومة على رجال الصناعة المصرية، بداية من الحصول على الأراضي بأسعار رمزية مرورا بتخفيض أسعار الطاقة لما دون غيرها على مستوى كل دول العالم وحتي منح الحوافز لرجال الصناعة على كل منتج يمكن النفاذ به إلى الأسواق الخارجية عن طريق التصدير.
الكرة الآن في ملعب اتحاد الصناعات المصرية وعلي مجلس إدارته أن يقرر إن كان يريد أن يشارك الشعب المصري معركته بإنتاج بدائل عالية الجودة بأسعار مقبولة ويحقق أرباحا مضاعفة، فعليه أن يستغل الفرصة ويبدأ فورا في الإحلال والتجديد.
لكن ليس من الحكمة أن نقاطع منتجا مستوردا ونتجه لشراء آخر مستورد، وتقف صناعتنا دون تطوير لاقتناص الفرصة.
إنها معركة مصيرية لا بد أن نتكاتف فيها جميعا لاصطياد أكثر من عصفور بحجر واحد؛ النهوض بصناعتنا الوطنية، وتوفير النقد الأجنبي، ودعس أنف كل مغرور.