الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

ريتشيل ليزلي الملحقة الثقافية الأمريكية: نشارك في مهرجان الجونة منذ عام 2017.. ودرّبنا أكثر من 40 من صُنّاع الأفلام الشباب.. ونعمل على تعاون أوسع مع مهرجان المسرح التجريبي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يُدرك من يتعامل مع ريتشيل ليزلي سريعًا أنها بالفعل تُمثل الوجه الناعم للدبلوماسية الأمريكية في مصر. فتلك المرأة الودود، صاحبة الوجه المُبتسم والذهن الحاضر، والتي تتولى منصب الملحق الثقافي لبلادها في القاهرة، لا تنفك طيلة الوقت عن الحديث عن التبادل الثقافي بين الشعوب، وأهمية اكتساب الخبرات والتعاون مع الآخرين، وتوضيح رؤيتها في أن يمتليء وقتها طيلة الوقت بالفعاليات والأحداث التي يُشارك فيها مواطنيها بجانب المصريين.
لم يكن توليها منصبها قبل ما يزيد قليلًا عن العام هو لقاؤها الأول بالقاهرة، بل جاءتها عدة مرات من قبل في مهام أخرى؛ هى الآن واحدة مسئولة عن تنفيذ برنامج ثقافي متنوع، وفق ما قالت، يشمل العديد من الفعاليات التي تأتي السينما في صدارتها، مع المسرح، الموسيقى والغناء، وكذلك الفنون البصرية الأخرى. واحدة من أبرز تلك الفعاليات هي المُشاركة في برنامج منصة الجونة السينمائية، عبر ورش لصُنّاع الأفلام من الشباب، وحلقة نقاشية حول الاقتصاد السينمائي، ومنح لاثنين من أصحاب الأفكار الواعدة في تلك الصناعة الضخمة، حيث يسافران إلى لوس أنجلوس للتعلم واكتساب الخبرات من صُناع السينما الأمريكيين.
ولأن المُشاركة الأمريكية هذا العام جاءت افتراضية، حيث يستخدم المشاركين والمدربين تقنيات الفيديو للحديث مع الشباب والجمهور، وفقًا للإجراءات الاحترازية في مواجهة فيروس كورونا؛ جاء لقاء ليزلي بمجموعة من الصحف والمواقع، منهم "البوابة"، عبر أحد تطبيقات الفيديو، ليمتد الحديث إلى ما يقرب من الساعة، حول المُشاركة في برنامج منصة الجونة السينمائية، وما يتضمنه البرنامج الثقافي الأمريكي خلال الفترة المُقبلة.

في بداية حديثها، أكدت ليزلي أن الولايات المتحدة سعيدة بالمشاركة في مهرجان الجونة السينمائي منذ بدايته "حيث نعمل على التواصل بين المهرجانات السينمائية العالمية، والعمل على المساهمة في تطوير صناعة السينما؛ لذا، نحن شركاء في مهرجان الجونة السينمائي منذ انطلاقه في عام 2017، ليس فقط عبر عرض الأفلام المميزة، ولكن كذلك عبر البرنامج المهني، الذي يهدف لتواصل الخبراء والعاملين في صناعة السينما نفسهم، وتبادل خبراتهم. من المعروف للجميع أن بلدينا لديهما تاريخ كبير وثري في عالم السينما، سواء من حيث قيمة الأفلام أو قِدَم الصناعة السينمائية".
وأضافت أن شراكات الأعوام السابقة أثمرت عن تدريب أكثر من 40 من صُنّاع الأفلام المصرين الشباب على يد مجموعة من الخبراء "وهذا العدد ينمو بشكل مستمر كل عام؛ لكن هذ العام جاء حاملًا ظروفًا وإجراءات استثنائية، أرغمت دول العالم على تشديد إجراءات التباعد والعزل الصحي؛ ونحن بالتأكيد ندعم كافة هذه الإجراءات التي تحمي صحة الإنسان. هذا ما جعلنا نقوم بتحويل المشاركات في مهرجان الجونة هذا العام إلى مشاركات تتم عبر شبكة الإنترنت حفاظًا على فكرة التباعد".
أولى الفعاليات حلقة نقاشية افتراضية تضم مجموعة من الأسماء الكبيرة من خبراء صناعة السينما، والتي سوف تتناول كيفية التعامل بعيدًا عن النمط الإنتاجي الذي فرضته الشركات العملاقة في هوليود، وكذلك حول التواجد النسائي في الوسط السينمائي بشكل عام، ووسط عملية الصناعة السينمائية تحديدًا.
الفعالية الثانية هى ورشة عمل افتراضية تستمر لمدة سبعة أيام، يقدمها أحد كبار صُناع الأفلام الأمريكيين، بالاشتراك مع المخرجة المصرية آيتن أمين، والتي تتعاون مع برنامج الدبلوماسية السينمائية منذ عدة سنوات؛ وتضم الورشة عشرة مشاركين مصريين، سوف يتعلمون الكثير عن الكتابة والقصة السينمائية؛ أما الجزء الثالث من المشاركات فسوف يتمثل في اختيار اثنين من صُنّاع الأفلام المصريين عبر منصة الجونة السينمائية، حيث يسافران إلى الولايات المتحدة، ويقضيان وقتًا وسط نظراؤهم الأمريكيين، ليقضوا وقتًا كافيًا من التدريب والمُعايشة "سوف يقوم بالقطع بتغيير وتحسين قدراتهم السينمائية"، حسب تعبيرها.
وأشارت الملحق الثقافي بالسفارة الأمريكية بالقاهرة إلى أن هذا العمل يأتي بالشراكة مع مؤسسة Film Independent، وذلك للعام الثاني. تقول: " هذه المؤسسة التي تتخذ من لوس أنجلوس مقرًا لها، تعمل على تقوية صناعات السينما المستقلة، كما أن لديهم شبكة ضخمة من الشراكات مع العديد من صُنّاع الأفلام المستقلين حول العالم، سواء المؤلفين أو المنتجين أو المخرجين؛ ولقد كنت محظوظة العام الماضي بحضور الدورة الماضية من المهرجان، حيث حضرت ورش العمل منذ بدايتها وحتى ختامها، وشاهدت بنفسي ما يحدث من أساليب للتعليم والتعاون ونقل الخبرات، وكذلك إقامة شبكة من العلاقات تجعل هناك اهتمام كبير ناحية مصر وصناعة الفيلم بها". وأوضحت أنه بالنسبة لاختيار المشاركين فإن منصة الجونة السينمائية تُعلن عن استقبال المتقدمين والمشاركات قبيل انطلاق المهرجان بفترة مناسبة، والتي يشارك عبرها منظمي البرنامج بالتعاون مع فيلم Film Independent لاختيار عشرة مشاركين للدورة الجديدة، عبر تقيم ما يقدمون من أفكار واقتراحات.
ولفتت إلى أن البرنامج يُلقي تركيزًا على أصوات المرأة والمهمشين "هوليود ظلت لفترة طويلة للغاية محكومة بأصوات الأغلبية العظمى من الرجل الذين يسيطرون بقوة على صناعة السينما، لا أقول إنهم الصوت الوحيد بالقطع، لكنهم الأغلبية العظمى؛ لذا ما يجب أن يتحدث الآن هو الالتفات لأصوات النساء وخبراتهن في مجال صناعة الفيلم؛ هناك مثالًا واضحًا هو المخرجة المصرية آيتن أمين التي تشاركنا العمل في ورش منصة الجونة السينمائية، حيث صارت هي نفسها واحدة من مدربينا، والتي تم اختيار فيلمها للعرض في مهرجان كان السينمائي في فرنسا، وهي المرأة المصرية الأولى التي يحظى فيلمها بهذا الاهتمام في مهرجان عالمي؛ في الوقت نفسه هناك العديد من المناقشات في الولايات المتحدة حول الأصوات البديلة في صناعة السينما، وأبرز تلك الأصوات بالطبع هى المرأة التي تهتم بنوعية قضايا مختلفة عن الاهتمام السائد من جانب المهيمنين على هذه الصناعة".
وتابعت: "لا نقوم فقط بتدريب صُنّاع الأفلام الشباب، بل كذلك نتابع ما وصلت إليه مشروعاتهم، وكيف قاموا بتنفيذها، وما إذا كانت بعض هذه الأعمال قد حقتت الصدى أو النجاح المرجو منها، وهناك بعض الأفلام تم اختيارها للعرض في محافل دولية خارج مصر؛ كما يصير المشاركون فيما بعد جزء من تلك الشبكة التي تجمع الكثير من العاملين في مجال صناعة السينما في كل من مصر والولايات المتحدة؛ وكلا المؤسستين الشريكتين لديهما عدة برامج أخرى لمتدربيها من صُنّاع الأفلام المصريين الذين صاروا جزءًا من هذه الشبكة".
وشددت ليزلي أن البرنامج السينمائي لا يقتصر على مهرجان الجونة "بل كذلك هناك تعاون وثيق مع مهرجانات أخرى، أبرزها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وهو مهرجان عريق وكبير؛ حيث نتعاون مع مؤسسة سينمائية أخرى هي American Show Case؛ ونحن في الحقيقة نطمع إلى ما هو أكثر من ذلك، حيث نريد الوصول إلى الجمهور في الأماكن المحرومة سينمائيًا، مثل القرى والمراكز في الدلتا والصعيد، واكتشاف أفكار وصُناع أفلام جدد من تلك الأماكن. نحن كذلك نعمل على خطط طويلة الأجل بالنسبة للأفلام الوثائقية مع الجيل الجديد من المؤلفين والمصورين ومخرجي الأفلام، وقدمنا بالفعل مجموعة من تلك الورش في مدينة الإسكندرية. بالطبع نحاول التواصل في المجال السينمائي على كافة المستويات، ولكن المهرجانات لها نصيب أكبر، حيث الأفلام الكبيرة والأسماء الخبيرة، وكذلك القائمين على الصناعة بشكل احترافي".

وأضافت: "هناك كذلك مناقشات مستمرة بيني وبين زملائي للتعرف بشكل أكبر على السوق المصري الثري لصناعة السينما والمهرجانات الفنية. من أبرز ما لفت انتباهي هو أن السوق المصري يتسع للكثير من الأفلام الأمريكية، وأن التوسع في إنشاء شبكة علاقات بين صناع هذه الأعمال بين البلدين سوف يفتح مجالًا للأفلام المصرية للدخول إلى السوق الأمريكية، وإنشاء العديد من المنصات التي لا ينقصها المحتوى الجاذب للجمهور، ومن العظيم أن تعرف أنه عبر تلك الطرق يجتمع الجميع ويستطيعون تبادل الخبرات والأفكار والتجارب، والأكثر أهمية أن هذا يُتيح لهم تقديم أعمالهم وفتح آفاق أخرى للعمل والتعاون".
لفتت كذلك إلى أن هناك الكثير من أوجه التشابه بين مهرجان القاهرة السينمائي ومهرجان الجونة، أبرزها أنه يتم التعاون مع خبراء صناعة السينما في كلاهما، وكذلك هناك الكثير من الفنانين المشاركين في كليهما، وأيضًا العمل على رفع المستوى الاقتصادي لصناعة السينما "ولكن كذلك دعني أوضح أن المكان الذي يُقام فيه كلا المهرجانين مختلف، وكل منهما يحمل طابعه الخاص ومشاركاته المتميزة، وهو ما لمسته بنفسي العام الماضي مع زملائي. أرى أهمية المشاركة في أنها طريق لتبادل المعرفة وتعمق كل منا في معارف وخبرات الآخر، والاستماع لعدة أصوات ورؤى مختلفة ووجهات نظر تشاركية في كل من مصر والولايات المتحدة، ما يُساهم في بناء علاقات قوية، وفتح المزيد من أوجه التعاون في صناعة السينما وما يتعلق بها، حيث إن مصر تمثل الركيزة الأساسية لهذه الصناعة في الشرق الأوسط. خلال مسيرتي المهنية زرت وعملت في العديد من الدول في المنطقة، لهذا أرى جيدًا المقومات التي تمتلكها مصر في هذا الأمر، وفي المجال الثقافي فإن مصر تتصدر دول العالم العربي".
وأوضحت ليزلي: "يجب توضيح صورة مصر السينمائية، وكيف أنها تتمتع بالعديد من مقومات هذه الصناعة، ويُمكنها تقديم الكثير، سواء على مستوى الدولة على على مستوى القائمين على الصناعة، وعلى الصناعات الثقافية في المنطقة بشكل عام، وأيضًا ظهور الأصوات النسائية بقوة في هذا المجال بعد عقود من الاكتفاء بالمشاركات البسيطة؛ والآن صار هناك مهرجان في مصر يركز بالتحديد على عمل وصوت المرأة في مجال السينما، وهو مهرجان أسوان لأفلام المرأة".
وبالحديث عن البرنامج الثقافي الذي تقوم به الولايات المتحدة في مصر، قالت ليزلي: "نعمل في العديد من الاتجاهات، منها الفنون البصرية، ونتطلع إلى العديد من المشاركات المسرحية المختلفة بين فرق أمريكية وأخرى مصرية، ونعمل على التعاون بشكل أوسع مع مهرجان القاهرة للمسرح المعاصر والتجريبي؛ وأيضًا لدينا برنامج خاص للدبلوماسية الرياضية، وهناك البرنامج الموسيقي القائم على استضافة وتبادل الفنانين بين البلدين. هذا يجعلنا متحمسين للغاية لما تم إتمامه بالفعل وما نتطلع إليه للقيام به.
وتابعت: "نتطلع باستمرار لفتح أوجه التعاون في المجالات الثقافية والفنية المتعددة، سواء بالتعاون مع الوزارات المعنية أو مع الكيانات التي تسعى للهدف ذاته. لدينا اهتمام خاص كذلك بدعم صناعة الإبداع في مصر، فهناك الكثير من الفنانين الذين يعملون في اتجاهات مختلفة، هؤلاء يحتاجون لعدة أوجه من الدعم سواء على مستوى التدريب أو الدعم الاقتصادي أو غير ذلك، حتى يستطيعوا الاستمرار؛ وهناك كذلك الاهتمام الثابت بالأعمال الأثرية والاكتشافات المستمر للحضارة والتاريخ المصري".
وأكدت ليزلي أنه عند الحديث عن البرنامج الثقافي للولايات المتحدة، فإن بالقطع جزء كبير منه يتعلق بعمليات المنح الدراسية والتبادل الطلابي. تقول: "لدينا أكثر من أربعمائة طالب مصري في الولايات المتحدة يتبعون ما يقرب من أربعين برنامجًا للمنح الدراسية والتبادل الطلابي، بداية من طلاب المرحلة الثانوية، وحتى الذين يرغبون في تحسين وتطوير مسيرتهم المهنية؛ وهذه البرامج تتنوع ما بين برامج أكاديمية تقوم على خدمة طلاب المدارس والجامعات، وأخرى برامج مهنية تهدف إلى تحسين مستوى المشاركين في مجالاتهم وتطوير مهاراتهم".
لا تتوقف نبرة الحماس في صوتها رغم قولها "نظرًا للظروف الحالية، قام القسم الثقافي بالسفارة بتجميد عمل الكثير من الأنشطة والفعاليات التي تحتاج إلى التواصل المباشر، مثل المسرح والفنون البصرية وبرنامج الدبلوماسية الرياضية؛ ولا أعتقد أن هذه الخطوة جاءت من قبل الولايات المتحدة وحدها، بل هو أمر قامت به أغلب دول العالم في ظل تفشي فيروس كورونا، فهناك العديد من الأماكن التي تم إغلاقها، والكثير من الجهات التي كان من المفترض على المشاركين في هذه البرامج أن يقوموا بزيارتها أُغلقت كذلك؛ لكن من الأمور الإيجابية التي رآها زملائي من القائمين على هذه البرامج في العاصمة واشنطن، أن هناك فوائد ظهرت كذلك لفكرة التواصل عبر التطبيقات الرقميةالتي أثبتت أهميتها القصوى. الآن تعلمنا أهمية أن نقوم بأفكار إبداعية عبر المنصات الافتراضية وكيف نجمع الناس معًا. الآن لا تتوقف المشاركات على الحضور أو على الجمهور المصري فقط، بل يمكن لأي شخص من أي مكان في العالم التواجد والمشاركة وطرح أفكاره حول أمر ما وإثراء الحوار مع شخصيات لهم خلفيات ورؤى مختلفة؛ وإذا عدنا بالحديث إلى مهرجان الجونة، فسنجد أن المشاركين يصعب عليهم هذه المرة القدوم من لوس أنجلوس للمشاركة، لكن هذه الفكرة حول المشاركة الإلكترونية والتواجد الافتراضي جعلت من كل هذا ممكنًا، حيث سيلتقون بطلابهم والمشاركين في المهرجان، وسوف يقوموا بالمشاركة في الفعاليات وحلقات النقاش التي كان من المفترض لهم أن يحضروها".