مرة أخرى تتحدث دول المجموعة الأوروبية عن فرض عقوبات متصاعدة في حق نظام أردوغان في تركيا، فمن المقرر وفقًا لتصريحات لمسئولين في الاتحاد الأوروبي، وإعلان ريتشارد بانج عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، بأن قمة دول الاتحاد المقرر عقدها في ديسمبر المقبل ستتخذ خطوات جديدة في هذا المسار، واصفًا الموقف التركي تجاه اليونان وقبرص، وعدد من دول الااتحاد بـ"الموقف العدواني"، ووسط تصاعد القلق الأوروبي من سياسات أردوغان في شرق المتوسط، وفي عدد من دول الإقليم أدان مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي بوضوح التورط التركي في النزاع بين أرمينيا وأذربيجان، في الوقت الذي تساءل فيه وزير الخارجية الفرنسي چان إيف لو دريان عن معنى استمرار عضوية تركيا في حلف شمال الأطلنطي.
ومن الواضح أن القلق الدولي من سياسات الرئيس التركي ودوره في إشعال التوتر في مناطق متعددة في العالم أصبح واضحًا، حيث شهدت سياساته في الداخل التركي انتقادات شديدة في وسائل الإعلام الدولية، فضلاً عن استخدام ملف الهجرة في ابتزاز العالم وخاصة الدولة الأوروبية، ويمتد هذا القلق من سياسات أردوغان الخارجية، إلى مواقع عديدة بعد أن تسبب بأطماعه في إشعال بؤر التوتر والحروب في سوريا والعراق وليبيا، والبحر المتوسط، وفي بعض المناطق الأوروبية والآسيوية. ولهذا بدا أن هناك توجهًا أوروبيًا نحو التخلي عن سياسة الحذر وعدم التصعيد تجاه السلوك التركي، والانتقال لمرحلة اتخاذ إجراءات عملية وفورية في شكل عقوبات سياسية واقتصادية لإجبار النظام التركي لتغيير سياساته. ويدور الحديث الآن عن تطوير هذه العقوبات التي لن تقتصر على الأشخاص بل ستشمل قطاعات اقتصادية كاملة، والشركات المنقبة عن الغاز، والمؤسسات الممولة لهذه الأنشطة، مع غلق الموانئ الأوروبية أمام السفن التركية وحرمانها من عمليات التموين والإصلاح وقطع الغيار، ومقاطعة البنوك ووقف التحويلات منها وإليها، وإعادة النظر في اتفاقيات الاتحاد الجمركي بما يعني الوقف الفوري لحركة تبادل السلع بين دول الاتحاد وتركيا. وهناك توجه شديد داخل الاتحاد تقوده النمسا لإعلان تجميد الطلب التركي للانضمام رسميًا للاتحاد.
سياسات أردوغان أدخلت بلاده في عزلة سياسية وأزمة اقتصادية ورغم ما يمكن أن تحدثه العقوبات الجديدة على بلاده من أزمات وكوارث، فإن الرهان على تراجعه عنها، رهان خاسر، فهو مُصّر على دفع بلاده نحو الهاوية!
"البوابة"