بناءً على ما ورد في عدة تقاريرٍ وتحليلات خبراء
اقتصاديين في الفترة الأخيرة، فإن الانتخابات الرئاسية الأمريكية يمكن أن تؤدي إلى
حدوث تقلبات قصيرة الأجل في أسواق المعادن الثمينة، وبشكل خاص إذا تم الطعن في
نتائج هذه الانتخابات، ولكن هذه التقارير أكدت في نفس الوقت أن الانتخابات
الأمريكية لا يمكنها التأثير على سوق الذهب على المدى الطويل.
وعند تجميع الأوراق
المتراكمة التي يتمحور حديث الخبراء والمحللين حولها، نجد أنها بمختلف مصادرها تصل
بالحديث إلى نقطة مشتركة واحدة، ألا وهي أن الانتخابات الأمريكية ستؤثر على أسعار الذهب مباشر بعدة سيناريوهاتٍ محتملةٍ يتعلَّق مصيرها بالفائز
في هذه الانتخابات المرتقبة.
فيما يلي.. نذكر أهم
الآراء والتحليلات التي وردت بخصوص تأثير الانتخابات الأمريكية على أسعار المعدن
الأصفر واتجاهاتها للمراحل المقبلة.
كيف تؤثر الانتخابات الأمريكية على أسعار الذهب ؟
أكد المحلل والخبير
الاقتصادي أركاديوس سيرون على أن جو بايدن -مرشح الحزب الديموقراطي للانتخابات
الرئاسية الأمريكية- قد يكون ملائمًا بشكل أكبر لمصالح سوق الأوراق المالية، حيث
جاءت وجهة نظر المحلل سيرون متوافقةً مع الكثير من الأشخاص والخبراء داخل أسواق
الأوراق المالية وأيضًا أسواق المعادن الثمينة.
وبرر الخبير الاقتصادي
أركاديوس سيرون موقفه هذا موضحًا بأن وجهات نظر جو بايدن بشأن الزيادات الضريبية
ستتراجع بشكل كبير مع مرور الوقت، خاصةً في ظل تعافي الاقتصاد الأمريكي والعالمي
في فترة ما بعد جائحة فيروس كورونا، حتى وإن كان هذا التعافي يتم بشكل بطيء.
كما أكد الخبير الاقتصادي
أن أفضل سيناريو بالنسبة لسوق المعادن الثمينة وبشكل خاص أسعار الذهب هو فوز جو
بايدن ووصول الديموقراطيين للحكم بشكل كامل في البيت الأبيض ومجلس الشيوخ.
حيث أن استيلاء
الديموقراطيين على السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية سيتسبب في زعزعة استقرار
الاقتصاد الأمريكي، وذلك من حيث الترفيع في الضرائب والإجراءات، وهذا الأمر هو
الذي سيقوم بدفع المستثمرين مرة أخرى إلى اللجوء إلى الملاذات الآمنة مثل الذهب.
حالة من الشكوك.. وسيناريوهاتٌ متعددة
من ناحية أخرى، وضح
المحلل والخبير الاقتصادي أركاديوس سيرون أنه في حال فوز جو بايدن بالرئاسة
الأمريكية مع حفاظ أعضاء الحزب الجمهوري بأغلبية في مجلس الشيوخ، فقد يعني هذا
بالنسبة لوول ستريت الحفاظ على الإصلاح الضريبي لترامب مع التخلي عن السياسات
التجارية والخارجية الضارة، ولكنه أكد أيضاً بأنًَ مثل هذا السيناريو سيجعل هناك
احتمالاً كبيراً بتعثر أسعار الذهب خلال الفترة القادمة.
ولهذا، يرى أركاديوس
سيرون أن سوق الذهب سيشهد حالةً من التقلبات قصيرة الأجل خلال الفترة القادمة
نتيجة لحالة عدم اليقين التي يمر
بها بسبب الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وفي حين أن سوق الذهب
يرتبط مصيره بشكل كبير على نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية، أكد سيرون على أنه
لا ينبغي أن تكون نتيجة الانتخابات الأمريكية العامل الوحيد الذي يتوقف عليه
استئناف أسعار الذهب لمسارها التصاعدي.
أيضًا، أكد الكاتب على
أنه في حال وافق الإدارة الأمريكية على حزمة التحفيز المالية، فإن الدين العام
الأمريكي سيرتفع إلى مستوى غير مسبوق على مدار التاريخ، مما يتسبب بشكل مباشر في
ارتفاع أسعار الذهب بشكل ملحوظ.
ولكنه استدرك هذا موضحًا
أن في حال تمت الموافقة على حزمة التحفيز المالية فإن سندات الخزانة المتاحة لدى
الاحتياطي الفيدرالي ستعمل على توسيع الميزانية العمومية الخاصة به مرًة أخرى.
ترامب يوقف حزمة التحفيز المالية
بالرغم من أن الرئيس
الأمريكي دونالد ترامب أوقف محادثات حزمة التحفيز المالية مع الديموقراطيين، إلا
أن الخبير الاقتصادي سيرون أكد على أن الإدارة الأمريكية ستوافق على حزمة التحفيز
المالية الأمريكية في نهاية المطاف، موضحًا أن هذا الأمر سيساهم بشكل كبير في
استمرار الاتجاه التصاعدي لأسعار الذهب.
ووضح المحلل الاقتصادي أن
من أهم المؤشرات التي تشير إلى أن اتجاه أسعار الذهب الصعودية لم ينته فقط هو
تدفقات الأموال المستمرة إلى صناديق الاستثمار المتداولة للذهب.
ولكن بالرغم من أن صناديق
الاستثمار المتداولة للذهب ليست هي المحرك الأساسي لأسعار الذهب، إلا أنه حقيقة
واضحة كوضوح الشمس وهي أن المستثمرين لا يمكنهم تجاهل سوق الذهب.
كما أكد الخبير الاقتصادي
على أن التراجع الذي حدث لأسعار الذهب خلال شهر أغسطس الماضي لم يكن تراجعًا
لأسعار الذهب بالمعنى الواضح، ولكنه كان عودة أسعار الذهب للمسار الحقيقي والصحيح.
والجدير بالذكر أنه
بالرغم من تزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا
أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوقف مفاوضات حزمة التحفيز المالية الأمريكي مع
المشرعين الديمقراطيين، والتي كان من شأنها تخفيف تداعيات جائحة فيروس كورونا، إلى
ما بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية.
وبعد يوم واحد فقط من
خروجه من المستشفى الذي كان يُعالج فيه بعد إصابته بفيروس كورونا، كتب الرئيس
الأمريكي دونالد ترامب على موقع التواصل الاجتماعي تويتر:
"أمرت ممثلي بوقف
مفاوضات الحزمة المالية التحفيزية مع المشرعين الديمقراطيين إلى ما بعد
الانتخابات، وبعد فوزي مباشرة سنسن قانون تحفيز كبير يركز على الشركات الصغيرة
والأمريكيين الكادحين"
وتسببت تصريحات ترامب في
انخفاض طفيف لأسعار الذهب، إلَّا أنها عادت للارتفاع سريعًا، حيث أنها تتبلور
حالياً حول سعر 1900 دولار أمريكي.
توقعات أسعار الذهب 2020-2021
ينظر المستثمرون والأفراد
إلى المعدن الأصفر على أنه وسيلة تحوط ضد انخفاض العملة والتضخم، و تبقيهم هذه
السيناريوهات المتقلبة دون اليقين باتخاذ قراراتهم لتأمين أنفسهم من الخسارات، أو
بالمقابل اغتنام ما يمكن أن يصطادوه من الفرص لجني مكاسبٍ كبيرةٍ إثر هذا الحدث
المزلزل للسوق، وتجمل التوقعات والتحليلات ما يلي:
البنوك الاستثمارية الكبرى في جميع أنحاء العالم -على رأسها مصرف غولدمان ساكس و مصرف سيتي بنك- تراهن بشكل كبير على ارتفاع أسعار الذهب إلى 2000 دولار أمريكي خلال العام المقبل 2021، ويرجع هذا بسبب توقع المصارف العالمية الكبرى إلى عودة أداء الاقتصاد العالمي لمعدلاته الطبيعية العام المقبل، وقد جاءت هذه التوقعات بسبب ارتفاع الطلب على الذهب وتوسع الكتلة النقدية.