الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

مرضى السرطان المغتربون.. معاناة مزدوجة ودور الضيافة طوق النجاة.. "عز العرب": ضرورة إنشاء المزيد من مستشفيات الأورام وزيادة جهود المجتمع المدني

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم إنشاء عدد من المستشفيات المخصصة للأورام خارج نطاق محافظة القاهرة على غرار مستشفى أورام الأقصر ومركز أورام بمحافظة المنيا إلا أنه الملاحظ هو استمرار تدفق المرضى بالأورام من محافظات بعيدة إلى القاهرة لتلقى العلاج أو إجراء التحاليل المختلفة حيث تتركز أغلب مستشفيات الأورام فى مصر داخل نطاق محافظة القاهرة وهو ما يجعلها قبلة لحضور المرضى من شتى المحافظات.
رصدت «البوابة نيوز» معاناة مرضى ومريضات السرطان فى ظل غياب ونقص مستشفيات الأورام داخل المحافظات القاطنين بها وهو ما يجعلهم يسيرون فى رحلات علاجية صعبة تبدأ بمغادرتهم قراهم داخل المحافظات البعيدة عن القاهرة التى يقطنون بها، الأمر الذى لا يتوقف على المرضى والمريضات فحسب بل وبالنسبة إلى الأهالى الوافدين كذلك مع ذويهم لتلقى العلاج على سبيل المثال لا الحصر.
على مدى الفترة الماضية تم الإعلان عن افتتاح عدد من مراكز الأورام داخل المحافظات بل وإعلان إنشاء مستشفيات خاصة بالأورام فى الصعيد وهو ما زاد خلال الأعوام الأخيرة إلا أن ذلك لا يمنع من استمرار توافد مرضى الأورام داخل القاهرة. 
مرضى مغتربون
فوزية أحمد وهى سيدة مسنة من محافظة بنى سويف قُدِّر لها الإصابة بسرطان الثدى لتأتى للقاهرة فى رحلة علاجية مريرة ما زالت تتذوق تبعاتها وصعوبتها حتى الوقت الحالى فمنذ إصابتها بسرطان الثدى كانت على موعد مع الانتقال إلى محافظة القاهرة بصورة دورية برغم بعد المسافة من محافظة بنى سويف إلى القاهرة وعدم ملائمة ظروفها الصحية لذلك فى ظل مرضها من أجل إجراء الفحوصات وتلقى جلسات العلاج وحتى استئصال صدرها جراء إصابتها بالورم ولم يقتصر الأمر على ذلك بل وقامت باستئصال المرارة وجزء من المعدة أيضًا ليتطور الورم الخبيث معها ويصل إلى الرئة الخاصة بها.
وقالت فوزية لـ"البوابة نيوز" إن رحلة علاجها صعبة حيث واجهت الكثير من المصاعب وما زالت خاصة بعد تطور المرض معها فهى لم تستطع الاستقرار داخل بيتها بسبب المرض ما جعلها تتجه للإقامة لدى ابنها وهو يعمل أرزقى، موضحة أنها تتلقى حاليا علاج يبلغ سعره نحو ١٦٠٠ جنيه وهو ما يأتى فى ظل الأوضاع المادية الصعبة التى تعانى منها فى ظل إحالة زوجها على المعاش وتقاضيته ١٢٠٠ جنيه للمعاش وهو مبلغ لا يكفى أن يقضى احتياجاتهم الغذائية والعلاجية فى وقت واحد، مشيرة إلى أن لديها ابنين يعملان "أرزقية".
وأوضحت أنها تعانى فى سبيل توفير المعاش الخاص بها حيث لا تستطيع أن توفره فى ظل الصعوبات التى تواجهها فى إصداره بدعوى أن زوجها يحصل على معاش بالفعل الأمر الذى يجعلها لا تستطيع توفير سعر العلاج الخاص بها بصفة دورية فتضطر إلى شراءه مرة ومرة أخرى لا تستطيع توفير ثمنه من صيدلية الإسعاف فى ظل الأعباء المادية والتى تدخل فى نطاقها المواصلات، قائلة "مرة ركبت القطار وأغمى على بسبب الزحام والتعب الذى شعرت به بالمواصلات".
وتابعت أن تلك العوامل جعلت رحلة العلاج عليها صعبة خصوصًا أنها فى محافظة بنى سويف التى تقع داخل نطاق الصعيد واصطدمت بمحافظة مغايرة رغم إقامتها لدى ابنها بمنطقة شبرا.
وتقول أم رقية: اكتشفنا مرض بنتى بمرض سرطان الدم فذهبنا إلى المستشفى وهو ما تطلب المكوث فى محافظة القاهرة مدة ٩ شهور كاملة يتخللها مرات محدودة تلك التى عدنا بها إلى محافظة أسوان مرة أخرى فى ظل حاجة ابنتى إلى العلاج بالكيميائى بالمستشفى لافتة إلى أن عدد الجلسات كانت تصل إلى ٤٠ يوما داخل المستشفى ونحو أسبوع إلى ١٠ أيام بالمنزل، مشيرة إلى أن الإقامة بالقاهرة كانت أمرا صعبا للغاية على جميع المغتربين الذين جاءوا لتلقى العلاج خاصة أنها جاءت من محافظة بعيدة عن أسوان كما أنها لا يوجد لها معارف داخل القاهرة وهو ما صعّب عليها رحلة العلاج، مشيرة إلى أن ابنتها بصدد تلقى أيامها العلاجية الأخيرة بالقاهرة بعد استجابتها للعلاج رغم حاجتها إلى المتابعة الدورية والمتابعة مع الأطباء.
تدفق المرضى
يوجد نحو ٦ مستشفيات ومراكز تعد الأوسع انتشارًا والأكثر صيتًا لعلاج مرضى الأورام فى مصر وأغلبها بمحافظة القاهرة وهى المعهد القومى للأورام ومعهد ناصر ووحدة الطب النووى بقصر العينى والأورمان ومستشفى سرطان الأطفال ٥٧٣٥٧ ومستشفى بهية 
وعن استمرار تدفق مرضى السرطان من المحافظات والقرى إلى القاهرة يقول الدكتور محمد عز العرب مؤسس وحدة الأورام بالمعهد القومى للكبد وعضو اللجنة الطبية لمركز الحق فى الدواء: إن مشكلة تدفق مرضى السرطان من المحافظات إلى القاهرة لتلقى العلاج بالمستشفيات مشكلة قديمة يعانى منها مرضى السرطان فى مصر كنتيجة لضعف الاهتمام بالقطاع الطبى وخاصة مستشفى الأورام وهو ما جعل الكثير من الجمعيات الأهلية ومنظومات المجتمع المدنى تتجه إلى مساعدة المرضى بتوفير الأموال والنفقات العلاجية بجانب العلاج نفسه لوجود الكثير من المرضى غير القادرين ماديًا خاصة أن الكثير منهم يكون مغتربًا ومقر سكنه خارج نطاق القاهرة ما يصعب من الأمر فى ظل صعوبة المرضى عليهم.
ولفت عز العرب إلى أن سبب من أسباب المشكلة هو نقص المستشفيات والمراكز العلاجية الخاصة بالأورام مقارنة بعدد المرضى الذين تضاعف عددهم بصورة كبيرة خلال الأعوام الماضية وهو ما أظهرته الإحصائيات والدراسات الإكلينيكية فحسب آخر إحصاء سجلته وزارة الصحة عام ٢٠١٤ كان عدد المرضى المصابين بسرطان الكبد فى مصر ٤٣ لكل ١٠٠ ألف مواطن وهو العدد الذى ارتفع بنحو ٢٠ مرة مقارنة بفترة الثمانينيات التى سجلت ٢ مصاب لكل ١٠٠ ألف مواطن وهو ما يأتى لأسباب تختلف باختلاف طبيعة الورم فعلى سبيل المثال كان السبب الأساسى لزيادة سرطان الكبد هو مرض التليف الكبدى الناتج عن فيروس سى وفيروس بى وغيرها بينما يختلف الأمر بالنسبة لسرطان الثدى أو الرئة الناتج عن التدخين وغيرها من الأسباب.
وأكد عز العرب أنه لكى يتم حل المشكلة داخل المحافظات فهناك حاجة لإنشاء المزيد من مراكز ومستشفيات الأورام وتزويدها بالأجهزة اللازمة للعمل على خدمة المرضى لمواكبة الارتفاع فى نسبة مرضى الأورام مشيدا بمبادرة ١٠٠ مليون صحة التى أطلقتها الرئاسة لكى تتم مواجهة الأمراض السارية والحد من الأمراض الأكثر شيوعا على غرار فيروس سى الذى استطاعت مصر التغلب عليه هذا بجانب مرض سرطان الثدى الذى دخلت المبادرة فى حملة للتوعية به وبخطورة العادات التى يمكن أن تسببه عوضا عن حملات الكشف عن أمراض الضغط والسكر والسمنة.
وأشار إلى أنه يعول على دور المجتمع المدنى بصورة كبيرة حاليًا فى مواجهة مرض السرطان حيث ظهرت العديد من المؤسسات والمراكز الخيرية الواعدة فى هذا المجال مثل مؤسسة الأورمان ومستشفى بهية وهى مؤسسات قائمة على التبرعات بالفعل.
وشدد على ضرورة وجود دور لوزارة الصحة وللدولة فى عمل دراسات داخل المحافظات المختلفة لمعرفة مدى حاجة كل محافظة لمستشفى الأورام التى ينتشر المرض داخل المحافظة فيها لأن كل محافظة تتسم بارتفاع نسبة أمراض بعينها عن غيرها من المحافظات ولكى يتم ذلك فلا بد من دراسة وإحصائيات دقيقة عن نسبة المرض ومعدلاته ونوعيته فى كل محافظة، وهو ما يحتاج إلى دراسة وتوقعات لزيادة أورام معينة بمناطق معينة قائلًا "سياسة كله تمام يا فندم" لا تصلح للتعامل مع ملف الصحة الذى يجب إدارته بشكل صحيح ولعل اختبار فيروس كورونا أبرز دليل على ذلك.