جاء اتفاق جوبا للسلام بين الحكومة السودانية وتحالف الجبهة الثورية المسلح في جوبا، ليضع خريطة جديدة للأمن والاستقرار في السودان، ويفتح الطريق نحو التنمية لكل أبناء الشعب السوداني، ويضع حدًا لصراع امتد لسنوات.
ولا شك أن هذا الاتفاق سيفتح الطريق أمام دخول قوى سودانية أخرى لتنضم إلى مسيرة ممتدة نحو السلام في بلد عربي وأفريقي، وقطع الطريق أمام دعاة الحرب، وممولي النزاعات وباعة الأسلحة، والذين لا يهمهم سوى استمرار الاقتتال ليس في السودان فقط بل في كل مناطق النزاعات لتبقى مصالحهم في المقدمة.
ومن هنا جاء دور مصر والإمارات في دعم كل المفاوضات لإنجاح اتفاق سلام دائم ومستدام، من أجل مصالح الشعب السوداني بكل فئاته وطوائفه، وتوفير القاعدة لاستقرار المنطقة، وتوجيه ثروات البلاد إلى توجهات تنموية حقيقية، بدلاً من أن تذهب لأطراف أخرى لا يعنيها سوى مزيد من الاقتتال، واستمرار استنزاف ثروات البلاد فيما لايهم ويعين أفراد الشعب.
وأهمية اتفاق "جوبا" أنه قطع الطريق أمام من حاولوا تعزيز سياسة الانفصال في هذا البلد العربي الشقيق، ووقف نحو عشر سنوات من الحرب، منذ مطلع العقد الحالي، وقد وضعت البروتوكولات الـ8 الموقعة، رؤية مستقبلية لإقليم دارفور، بخلاف اتفاق خاص بمنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وبروتوكولات خاصة بشرق ووسط وشمال السودان.
ويتفق المراقبون على أن "اتفاق "جوبا"، فتح بابًا واسعًا لإشراك مختلف أطراف السلام من المعارضة المسلحة في كل مستويات السلطة الانتقالية، ودمج قوات الحركات في الجيش السوداني، وفق بروتوكول الترتيبات الأمنية، بجانب تعويض ضحايا الحرب وإعادة توطين النازحين واللاجئين، وهو أهم محاور التنمية.
ولا يقف الأمر عند هذا بل تخطاه للجانب السياسي، فخلال الفترة الانتقالية الـ "39 شهرًا"، ستمثل حركة دمج سياسي تاريخية، من خلال، إعطاء الجبهة الثورية مقعدين بمجلس السيادة و5 مقاعد بمجلس الوزراء و75 مقعدًا في البرلمان من أصل 300 مقعد.
وسيبقي هناك جهد مهم ومطلوب من الأطراف السودانية، والإقليمية ذات الصلة، بتوسيع دائرة الحوار مع مختلف الحركات المسلحة الأخرى، لإبرام اتفاقيات مماثلة، لترسيخ شعار "وداعًا للحرب" في السودان الشقيق، والانطلاق للتنمية.