الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

تركيا تخطط لمنحه خروجا آمنا.. كواليس لعبة الاستقالة لإنقاذ "رقبة" السراج

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فاجأ فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، العالم، بإعلان استقالته من منصبه، وتسليم مهامه، إلى اللجنة التنفيذية الجديدة التي تعمل على تشكيلها لجنة الحوار، في موعد أقصاه نهاية أكتوبر المقبل.
ورغم التقارير التي تحدثت عن قرب استقالة السراج، فإن أحدا لم يتوقع أن يأتي هذا القرار سريعا، لا سيما وأنه مازال يحظى بدعم تركي غير محدود، الأمر الذي دفع المراقبين إلى الاعتقاد بوجود لعبة تدار لإنقاذ عنق السراج من الغضب الدولي المرتبط بمنحه أنقرة حق التحكم في مصير ليبيا، دون أدنى مقاومة منه أو من أعضاء مجلسه الرئاسي، أو من أعضاء مجلس الدولة الاستشاري الخاضع لجماعة الإخوان الإرهابية.
قبول تركيا وسرعة تنفيذها لفكرة استقالة السراج، فور طرحها على طاولة التشاور، سواء خلال الاجتماعات التي عقدت الأسبوع الماضي، بمدينة بوزنيقة المغربية، أو الاجتماعات الأخرى التي تزامنت معها في مدينة مونترو السويسرية، أرجعه المراقبون إلى أن أنقرة أرادت منح حليفها الأثير خروجا آمنا من الأزمة الليبية، ما يؤكد أنها قادرة على حماية أنصارها وحلفائها أيا كان دورهم في خدمتها، وأن لها تأثير على السياسة الدولية، يجعل من يتعاون معها في أمان، وهو هدف تسعى إليه تركيا، حتى لا تخسر باقي حلفائها في ليبيا، وبخاصة قادة الميليشيات المسلحة من المرتزقة السوريين والأجانب.
كواليس اللعبة
ويبدي الدكتور فتحي العفيفي، أستاذ الفكر الاستراتيجي بجامعة الزقازيق، أن استقالة السراج تعود إلى الترتيبات التي اتفق عليها طرفا المشاورات التي جرت في المغرب وسويسرا، لتوزيع المناصب السياسية في البلاد، ضمن مساعي كل طرف لإيجاد مكان له خلال المستقبل القريب على الساحة.
وأوضح العفيفي، أن القوى المؤثرة على الأزمة الليبية، لم تعد قادرة على التوافق مع بعض الشخصيات الموجودة فعلا، وفقدت الثقة بها، وفي مقدمتهم السراج، الذي أصبح غير موثوق به، خاصة من فرنسا وألمانيا واليونان، بالإضافة إلى باقي الدول التي تعلم ألاعيب السياسة التركية، التي يمثلها السراج في ليبيا.
ولفت العفيفي إلى أن هناك سببا آخر وراء الضغط على السراج، الذي أسفر عن إعلانه الاستقالة، وهو تخلي حلفاء الداخل عنه، وفي مقدمتهم خالد المشري، رئيس مجلس الدولة الاستشاري، والقيادي الإخواني المهم، الذي أشار في تصريحات سبقت مشاورات المغرب ومونترو، إلى ضرورة إبقاء أي مشاورات في نطاق السلطتين المنتخبتين في البلاد، وهما مجلسه نفسه، ومجلس النواب الذي يقوده عقيلة صالح، والموجود شرق البلاد، الأمر الذي رآه المتابعون وقتها إشارة صريحة بالتخلي عن السراج، واستبعاده بحجة أنه رئيس لحكومة معينة ولا يمثل أية سلطة منتخبة.
وألقى العفيفي الضوء على تقرير وكالة "بلومبرج" الإخبارية الدولية، التي نقلت فيه عن بعض المصادر الدبلوماسية الخاصة بها، معلومات تفيد بأن بيان السراج الذي أصدره قبل أيام، وأكد في سعيه لمصلحة الليبيين، كما دعا خلاله الفرقاء إلى العودة لطاولة المفاوضات، لإيجاد حل ينهي التدخل الأجنبي في البلاد، كان محاولة أخيرة لتفادي الاستقالة، إلا أن استمرار الضغوط، وعدم استجابة أي من الأطراف لندائه عجل بإعلانه تسليم مهام منصبه، بحلول أكتوبر المقبل. 
خروج آمن
بدوره قال عمرو فاروق، الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، إن تركيا أرادت من وراء منح السراج الضوء الأخضر للاستقالة، من أجل تمرير اتفاقات المغرب وسويسرا، أن تعطيه خروجا آمنا، حفاظا على صورته كحليف مهم لها، وحماية لصورتها أمام باقي حلفائها بالمنطقة، وخاصة داخل ليبيا.
وأشار فاروق إلى أن إعلان فايز السراج عزمه تسليم مهامه، تحمل تحمل تسويفا يشير إلى نوع من المراوغة، الذي يستهدف إيجاد مخرج يسمح له بالبقاء، لا سيما وأنه أشار إلى أنه كان يعمل في أجواء غير طبيعية، محاولا تبرير فشله بادعاء أن حكومته تعرضت لمؤامرات، داخلية وخارجية، بشكل أعاق عملها بصورة كبيرة - وفق مزاعمه.
ولفت فاروق إلى أن السراج حاول التنصل من خطاياه بحق الليبيين، بإظهار براءة مزيفة، قائلا إنه فعل كل ما بوسعه من أجل ليبيا ونهضتها، إلا أن الظروف لم تكن مواتية لتحقيق ما كان يبتغيه، مؤكدا ترحيبه باللقاءات والمشاورات التي تتم بين الليبيين، والتي ترعاها الأمم المتحدة، وتفاؤله بما يتم إعلانه من توصيات مبدئية مبشرة على حد وصفه. 
المشري وصالح 
في المقابل وضمن محاولات الجميع للبقاء في ظل التغييرات السياسية الجارية، عن طريق استقطاب التعاطف الشعبي، دعا رئيس مجلس النواب بشرق البلاد، عقيلة صالح، إلى سرعة إنهاء الإجراءات والترتيبات المتعلقة بعقد الانتخابات البلدية، معربا عن حرص مجلسه على ضمان كفالة الحقوق السياسية للمواطنين، في مقدمتها حقي الترشيح والانتخاب.

صالح أكد أن عقد الانتخابات البلدية، يضمن مشاركة المواطنين في الحياة العامة، واعتياد حسن اختيار من يمثلهم تمثيلا حقيقيا، من أبناء الشعب، الأمر الذي يمكنهم من الاشتراك في صناعة القرار، وتحريك عجلة التنمية.
ويعلق الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، على دعوة عقيلة صالح، بأنها محاولة لجذب جماهير الشعب واكتساب تعاطفها في ظل التغيرات السياسية السريعة التي تجري منذ بدء مشاورات بوزنيقة المغربية، واجتماعات منترو السويسرية، معتبرين أن هذا التحرك من قبل مجلس النواب، كان من الأجدى أن يترجم إلى قرارات واجبة التنفيذ حتى يمكن النظر إلى تلك الدعوة باعتبارها وسيلة لإحياء المشاركة الشعبية في الاستحقاقات الانتخابية، وليس مجرد أحاديث للاستهلاك المحلي.
وأشار إلى أن دعوات رئيس مجلس النواب لإجراء الانتخابات البلدية، في هذا التوقيت قد تهدف إلى بسط نفوذ حكومة شرق البلاد على الأرض، في ضوء غياب الآليات التي يمكن أن تضمن نزاهة العملية الانتخابية، وهو ما يهدد مستقبل نتائج ما يتم التشاور بشأنه من تغييرات.
ولفت بدر الدين، إلى أن خالد المشري رئيس مجلس الدولة الاستشاري، سار على النهج نفسه، إن حالة الانقسام التي ضربت المؤسسات التشريعية والتنفيذية والرقابية، تَحَمَّلَ تبعاتها المواطن، ما نتج عنه تنامي فقدان الثقة والسخط الشعبي من استمرار المؤسسات التشريعية والتنفيذية المنقسمة.
ولفت إلى وجود ترتيبات تتعلق بإعادة تشكيل الحياة السياسية وتوزيع المناصب في البلاد، خاصة فيما يتعلق بإشارته إلى وجود رغبة لدى مجلسه في إنهاء المرحلة الانتقالية، وإنجاز الاستفتاء على الدستور، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة وشفافة.
وشدد بدر الدين، على ضرورة الدفع باتجاه إتمام تلك التغييرات التي تلوح في الأفق، باعتبارها محاولات داخلية لإنهاء الصراع، لا سيما بعد أن لاحظ الجميع عدم جدية بعض الجهود الدولية الساعية لإنهاء النزاع، وبخاصة من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
وأشار إلى تجديد مجلس الأمن، لولاية البعثة الأممية في ليبيا، للتركيز على الوساطة بين الجهات الفاعلة، الليبية والدولية لإنهاء الصراع، ومساعدة الليبيين على التوصل إلى حل سياسي دائم، ربما لا تؤتي ثمارها كاملة، إذا لم يتم الدفع باتجاه التغيير الداخلي.