مع تراجع تركيا بسحب سفينة التنقيب «أوروك ريس» من المناطق المتنازع عليها مع اليونان فى شرق المتوسط، ينتظر العالم من أنقرة أن تصدق فى نواياها، ولا تعود مرة أخرى لتدخلاتها فى حقوق وسيادة دول الجوار، ونهب الثروات.
تجارب تركيا فى السنوات الأخيرة سلبية جدًا مع دول كثيرة، وأطماعها لم تتوقف عند حدود معينة، بل إن أطماعها فى غاز شرق المتوسط، وإرسال سفينة تنقيب عن الغاز إلى المياه الإقليمية، لكل من اليونان وقبرص، وتنظيم مناورات عسكرية بحرية، كادت أن تدفع إلى نشوب حرب فى المنطقة.
الترحيب اليونانى بقرار تركيا بسحب سفينة «أوروك ريس»، لا يخفى حجم القلق من تصرفات تركيا العدائية، وهو ما أكد عليه وزير خارجية الولايات المتحدة « مايك بومبيو « خلال لقاءه مع الرئيس اليونانى «أناستاسيادس» ووزير الخارجيّة اليونانى «نيكوس خريستودوليدس»، بقوله إن «التوتّرات العسكريّة المتزايدة لا تساعد أحدًا سوى الخصوم الذين يرغبون فى رؤية الانقسام فى وحدة دول حلف شمال الأطلسى، موضحًا أهمية الشراكة الإقليميّة لأمن الطاقة الدائم».
ولا شك أن التراجع التركى جاء فى محاولة لتفادى فرض عقوبات أوروبية عليها، خلال الاجتماع المرتقب للاتحاد الأوروبى يومى 24 و15 سبتمبر الجارى، إلا أن أنقرة ما زالت تلعب بالنار، حيث خرج وزير دفاعها «خلوصى آكار»، قائلا إن انسحاب «أوروتش رئيس» لا تعنى تراجع أنقرة عن حقوقها هناك، و«لن نتراجع عن حقوقنا فى شرق المتوسط»!، بل الغريب أنه حمل السلطات اليونانية المسئولية عن تصعيد التوتر فى شرق المتوسط وتقويض الحوار، من خلال نشر أسلحة فى 18 جزيرة تابعة لها فى مخالفة للاتفاقات المبرمة مع تركيا.
وفى استفزاز تركى مستمر شن «آكار» هجوما جديدا على الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، متهما إياه بالتحريض والسعى إلى «إثارة الفتنة»، بل الأغرب دعوته اليونانيين إلى «عدم الانجرار وراء المبادرات التى يطرحها ماكرون».
من هنا ما زال الشك واضحا فى كل تصرفات تركيا، ونواياها، وأفعالها، ففى الوقت التى تقول إنها سحبت سفينة التنقيب، لا تزال تسعى إلى اللعب بالنار وتكشف عن أطماعها.